|
صباحكم أجمل/ بهية يا مصر - يوميات من القاهرة 4
زياد جيوسي
كاتب واعلامي
الحوار المتمدن-العدد: 2613 - 2009 / 4 / 11 - 10:03
المحور:
الادب والفن
ابو الهول حارس التاريخ والأهرامات
بعدسة: زياد جيوسي
[url=http://www.servimg.com/image_preview.php?i=149&u=12018225][img]http://i81.servimg.com/u/f81/12/01/82/25/dscf3510.jpg[/img][/url]
صباحكم أجمل/ بهية يا مصر
يوميات من القاهرة 4
بقلم: زياد جيوسي
أغادر عمّان الهوى ، أشعر أني أترك روحي فيها، متجهاً إلى رام الله صبيحة الأحد الماضي لاسترداد الروح هناك، بعد أن اختتمت وجودي في عمّان مساء الخميس مع زوجتي بحضور فيلم "عودة الحكي" للمخرج الشاب أصيل منصور في قاعة المركز الثقافي الملكي، ولقاء العديد من المخرجين الشباب وفي مقدمتهم هناء الرملي، والتقي بالمصادفة الجميلة الصديقة أمل التي لم التقيها منذ ثمانية عشر عاماً، وأحظى بالحصول على عدد من النسخ لأفلام سمعت بها ولم يتاح لي أن أحضرها، للمخرج الشاب أصيل منصور وفيلم الأيقونة للمخرجة هناء الرملي، مما سيتيح لي الفرصة للاطلاع على هذه التجارب والكتابة عنها، لنواصل الحديث بعد الفيلم بجلسة في مقهى جميل في شارع المدينة المنورة، جلسة غمرتني بالفرح والجمال. وفي مساء السبت كنت التقي في قاعة المدينة في قلب عمان إبداع على شكل لوحات مطرزة بالتطريز الفلسطيني الأصيل تحكي حكاية فلسطين منذ الأزل، صاغتها روح وأصابع الفنانة الصديقة زهيرة زقطان تحت اسم "كنعانيات" برفقة زوجتي والصديقة الرائعة أسمهان والشاعر الجميل زهير زقطان، لنكمل جلستنا في مقهى لطيف في جبل عمان، وبعدها أغادر وزوجتي لارتباط بدعوة عشاء في مطعم جميل ومتميز في أم أذينة، لنعود للبيت وأبدأ بتجهيز نفسي للسفر ومعانقة رام الله من جديد.
مصر.. ليس من السهل لإنسان أن يزور أرض مصر ولا يسحر بجمالها وبهائها، وليس من السهل أن لا تحيط القاهرة بكل جوانحها ودروبها وسحرها روح كل زائر، بحيث يصبح لديه حالة وجدانية من العشق أن يبقى فيها ولا يغادرها أبداً، كانت هذه مشاعري وأنا أتوجه لزيارة الأهرامات صبيحة الجمعة العشرون من آذار/ مارس، فالأهرام من أكثر ما عرفنا عن مصر وأرض الكنانة من خلال الدراسة والصور، وما زلت أحتفظ بالعديد من المقالات عن أسرار الأهرام قرأتها عبر سنوات من الزمن، فلذا كانت زيارة الأهرام مسألة أساسية لا يمكن أن أفوتها أبداً، وحين أخبرني صديقي الرائع خالد عن نيته بالسفر انتابني شعور بالوحدة وأني إن زرت الأهرام قد أكون وحيداً، ولكنه أعلمني باليوم الثاني أنه قرر تأجيل الرحيل كي يرافقني للأهرامات ثم يسافر، فسعدت لذلك أيما سعادة، فكان صباح الجمعة موعدنا فأفطرنا إفطاراً شهياً أعدته طيبة الروح والقلب توأمه ياسمين، لنمتطي السيارة متجهين للهرم، مبكرين كي نكتسب بعضا من الهدوء في التجوال وقبل أن تسيطر على الجو حرارة الشمس.
حين رأيت الهرم الأكبر من بعيد شعرت بإحساس غامض، فها أنا التقي أحد أعظم الحضارات في تاريخنا وتاريخ مصر، حضارة حيرت عقول العلماء وما زالت أسرارها لم تكشف بالكامل، فسادني صمت كبير ودهشة، وحين همست لي ياسمين: ما رأيك وانطباعك الأولي، قلت لها: يقفز لذاكرتي عبارة لأم كلثوم في أحد أغانيها تقول فيها: "وحديث في الحب إن لم نقله أوشك الصمت حولنا أن يقوله"، فالكلام يصمت أمام هذا الإبداع والحضارة العظيمة، هذا ماضي أمة أبدعت وتسامت، فلماذا لا يواصل الأحفاد المسيرة ويبنوا على أسس ما سبق ليبدعوا حضارة أخرى معاصرة مميزة.
جولة طويلة في الأهرام لا يمكن أن تنتهي بدون لقاء أبو الهول، كنت قد قلت لأصدقائي ونحن في الطريق: لا تنسوا أن أرى أبو الهول فلدي موعد معه، وحين نظروا باستغراب قلت لهم: هو صديقي ولدينا موعد قديم آن الوقت للوفاء به، وحين وقفت أمام أبو الهول كنت أشعر أني أقف أمام حارس التاريخ في مصر، الصامت الشاهد على مر العصور، شعرت به يهمس لي ويتحدث عما رأى، يقول لي: لم تكن الأهرام معجزة ولكنها إبداع شعب حضاري تسامى بقوة في ظل ظروف صعبة، فواصلوا المسيرة أنتم الأحفاد فليس هناك من معجزات أمام قوة الإرادة والتصميم.. وشعرت بنفسي أهمس له وأسائله حتى انتبهت ياسمين فتساءلت عما أتمتم، فقلت لها: أبو الهول صديقي ويحدثني، ألم تسمعي ما يتحدث به؟ فدهشت وقالت: انتم الكُتاب مجانين..
بعد استراحة في مقهى عدنا للتجوال وعدت لالتقاط الصور قبل أن نغادر وساهمت الريح التي هبت وأثارت عواصف من الغبار في أن نغادر أسرع، لنعود للقاهرة للجلوس والحديث عن الأهرامات وحكاية التاريخ، نتناول الغداء ونجلس جلسة لا تنسى بروحانيتها وجمالها، وحين استأذنت بالذهاب.. لم اعد للراحة بل ذهبت لوسط المدينة وجولة على الأقدام ولقاء أصدقاء وعشاء وجلوس على مقاهي شعبية جميلة، حضور معرض في شارع بولاق في قاعة بورتريه لمجموعة من الفنانات بمناسبة عيد الأم، لفت نظري فيه عدة لوحات للفنانة التشكيلية الفلسطينية لطيفة يوسف، ومنها لوحتين شدتا روحي ووقفت مطولاً أمامهما وشعرت أني أقف أمام إبداع متميز لفنانة متميزة، فهنأتها وتمنيت أن يتيح لي الزمن أن أحضر معرض متكامل لها.
السبت وهو عيد الأم كنت أصحو من نومي وصورة أمي لا تفارقني، فترحمت عليها وهي تفارقنا قبل أن يتاح لي الاحتفاء بها بهذه المناسبة، ففتحت حاسوبي المتنقل وقرأت رثائي لها حين كتبت: صباحكم أجمل/ وداعا يا أمي.. وداعا أيتها الياسمينة، فلم أغادر البيت الذي أقيم به حتى الظهر حين تجولت في وسط المدينة وزرت منـزل صديقي أبو أحمد الجمل، الفنان الفلسطيني الذي لم ألتقيه منذ زمن، ومن ثم أعود إلى جروبي في ميدان طلعت حرب للقاء المبدع والصديق الكاتب سيد نجم بجلسة امتدت إلى حوالي الخمسة ساعات لم نشعر بها أبداً، تحاورنا بالكثير من القضايا بها، ليهديني في نهاية اللقاء كتابه الذي يحتوي على روايات قصيرة تحت اسم: "يا بهية وخبريني"، فأمتعني وحلق بروحي بقراءة هذه الجمالية خلال وجودي بالقاهرة التي ما زال لها حديث سأواصله.
أصل لرام الله وأحتضنها بكل الحب والعشق بعد رحلة متعبة زادت عن التسعة ساعات، فالاحتلال يستغل كل مناسبة لممارسة قرفه وإزعاجه للمواطنين، ومع هذا فلن نرحل وسنبقى كالسنديان متجذرين في الأرض، فقبل الهزيمة الحزيرانية لم تكن تأخذ المسافة أكثر من ساعتين مع سائق هادئ، لتصبح الآن تأخذ النهار بكامله، ومع هذا لم أشعر من شدة الشوق لرام الله بالتعب، وحين وقوفنا لساعات فوق الجسر كنت أتأمل نهر الأردن وأستمع لهمساته وحكايته عبر التاريخ، فأصل رام الله وأجول بها رغم إرهاق السفر، وأحضر مساء الاثنين مسرحية مغربية تحمل اسم: "واش فهمتني" للمبدع المغربي عبد الحق الزروالي، حظيت على إعجاب الجمهور، وقبلها معرض كاريكاتير لفنان أجنبي اسمه غي دليل في المركز الثقافي الفرنسي الألماني، وفي مساء الأمس مسرحية المغتربان للمخرج الفلسطيني منير بكري وتمثيل الفنانين إيهاب سلامة وصالح البكري، وهذه المسرحيات جزء من أيام المنارة المسرحية التي يتولاها مسرح وسينماتك القصبة في رام الله والقدس وبيت لحم، أتجول في رام الله بهذه الصباح الباكر، أعانق دروبها والجمال وعبق الياسمين، احتسي وطيفي قهوتنا على شدو فيروز: "يا ربع لي في حماك الغض عِشرة صِبا، غنيت في واحتك الحان حب وصَبا، بنطر علينا من رياضك صَبا عيوني، بذكر ملاهيك يا العشب بيها وَرد، بذكر غدير الهوى بطيب منه وَرد، يا سالب القلب اسمع ما نغني ورِد، ورِد لعيوننا النوم يلي القلب نحوك صَبا"
صباحكم أجمل.
"رام الله المحتلة- الأربعاء في 8/4/2009"
http://ziadjayyosi1955.maktoobblog.comh
ttp://www.arab-ewriters.com/jayosi
#زياد_جيوسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صباحكم أجمل/ وللقاهرة عبق وجمال آخر.. يوميات من القاهرة 3
-
صباحكم أجمل/ سحر القاهرة
-
صباحكم أجمل/ عبق النيل
-
صباحكم أجمل/ عمّان ثريا ومطر
-
قصة ساحة الورد
-
صباحكم أجمل/ قلبي له
-
الجسد الموشوم
-
صباحكم أجمل/ وأنا الطير المشرد والأقاح
-
مع كلام غير مباح للقاصة ميسون أسدي
-
صباحكم أجمل غزة وجراح في القلب
-
الذاكرة المثقوبة حقل من الألغام
-
صباحكم أجمل/ سائليني يا شآم - يوميات دمشقية 2
-
لوحة ذكريات الروح للفنان: د محمود صادق
-
صباحكم أجمل آه يا شام - يوميات دمشقية1
-
صباحكم أجمل / سماح.. يا بلد
-
من وحي -خميلُ كَسَلِها الصّباحيّ-
-
صباحكم أجمل/ هوايا الأرقا
-
زياد جيوسي بذاكرته يوثق اللحظة في الصورة
-
صباحكم أجمل الطيبة ورفقة وطن ومطر
-
صباحكم أجمل/ أرصفة رام الله والعشاق
المزيد.....
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
-
شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
-
حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع
...
-
تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|