رياض خليل
الحوار المتمدن-العدد: 800 - 2004 / 4 / 10 - 10:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
علينا ألا نقف وراء الواقع والحدث, بل في مقدمته, وألا نكون مجرد منفعلين سلبيين بما يجري, بل فاعلين إيجابيين ومؤثرين في ما يحدث من تطورات. نحن نتحمل مسؤوليات أكبر يكثير من غيرنا حيال الحاضر والمستقبل, ومن واجبنا أن نحتاط لكل الاحتمالات منذ الآن. التاريخ يتحرك ونحن لسنا جمهوراً متفرجاً. نحن جزء حيوي من حركة التاريخ لا مجرد شاهد عليه. نحن من يجب علينا المبادرة لمواجهة المرحلة الصعبة التي تحمل في طياتها قلق المخاض, ومخاطر التغيير.
المسؤوليات كبيرة, والوقت يداهمنا, والتيارات الأصولية تهدد حاضرنا ومستقبلنا. ولا يمكننا الوقوف على الحياد. ولو حاولنا فلن نفلح ولن يسمحوا لنا, ولن يقبلوا بغير إقصائنا بالوسائل المادية والمعنوية كافة.
نحن نعمل من أجل المستقبل الذي لا يمكن التكهن بمآلاته. نحن لا نعمل ضد الدولة ولا الوطن. بل من أجل الوطن والشعب والدولة, وهذا حق وواجب ومسؤولية سياسية واجتماعية وأخلاقية..
لنجتمع, ونتلاقى ونتحاور, من أجل التوصل إلى رؤية مشتركة وخطة عمل مدروسة. وليفكر كل منا بعقل الآخر مثلما يفكر بعقليته الفردية, لنتفق على المشتركات, لندخل اختيار الديمقراطية بأنفسنا قبل أن نطالب بها, لنمارس الديمقراطية مثلما نتكلم عنها. لنتحول من منظرين إلى ممارسين, فالديمقراطية ليست فكراً وحسب, بل هي سلوك وعادات وتقاليد وأخلاق... لنجرب أنفسنا, ولنخض تجربتنا الديمقراطية الخاصة في امتحان نجاحنا وصدقيتنا فيما نقوله ونفعله.
في كل منا ما يخص الآخر, والعكس صحيح, فلنتوصل إلى العام الذي يجسد مشتركاتنا الفكرية الديمقراطية, ولا سيما ما يتعلق منها بالشأن الوطني العام..
لا قيمة للفرد بدون الجماعة, ولا قوة للجماعة إلا في تنظيم نفسها.. كفانا انعزالاً وفردية, علينا أن نتواصل ونتحاور ونختلف ونتفق, ففي ذلك مصلحة حيوية لكل منا, لنواجه المستقبل بموقف جماعي تتحقق من خلاله إرادتنا, وطموحنا للمشاركة في تقرير المصير العام..
لنعمل في وضح النهار, لأننا على حق, ولأننا لا نضمر غير الخير للوطن والشعب, لا نضمر غير الخير حتى لمن يخالفنا الرأي والمعتقد, نحن ديمقراطيون لا نؤمن بالإقصاء ولا نعمل به, نحترم المختلف والمتباين, وندافع عن حريته قبل الدفاع عن حريتنا.
المستقبل للديمقراطية, والمخرج والحل لا يكون إلا بالديمقراطية, ونحن حملة مشاعل الديمقراطية, نحن المستقبل الديمقراطي, الذي بدأت تباشير فجره تظهر في الأفق.. والجميع يتوجهون بأنظارهم إليه, رضي البعض بذلك أم لم يرض.
لا يجوز لنا التقاعس, والتخلف عن الركب, وعلينا الإسراع في حزم أمرنا واتخاذ قرارنا من أجل العمل الديمقراطي.
أيها الأصدقاء:
قوة السلطة بالديمقراطية وضعفها بالاستبداد.
لتجتمع كلمتنا, ونثبت وجودنا كفريق عمل واحد لا كأفراد. ولنحاور السلطة ونطالبها علناً بحقنا في الوجود والمشاركة في الحياة السياسية أسوة بغيرنا. هذا حق دستوري لنا كما لغيرنا من القوى السياسية الرسمية أو المعارضة.
نحن لا نعمل ضد السلطة, بل من أجل إنعاش مضمونها الديمقراطي, وتشجيعها على التحالف معنا في معركة الديمقراطية, وعلى السلطة أن تدرك حقيقة أننا وإياها في خندق واحد ضد أخطار التمدد الأصولي الإقصائي الإرهابي الهمجي, الذي لن يتورع عن غرز أنيابه وأظافره في عنق السلطة قبل أعناقنا.
علينا وعلى السلطة أن ننحاز للديمقراطية, ففي ذلك مصلحة حيوية واستراتيجية لنا ولها من أجل مستقبل الوطن والشعب, ومن أجل السير في طريق التمدن والتحضر والارتقاء والرخاء والحرية.
نحن الديمقراطيون الضمانة الوحيدة للسلطة والقوة الحقيقية التي تحميها وتخصيها وتثريها, وتحصنها ضد الأخطار الأصولية.
كلانا مستهدف ........... وعدونا واحد..
وعلى السلطة أن تبادر وتقترب منا خطوة.. لنقترب منها خطوات, ولنسهم وإياها في إنقاذ الوطن والمجتمع من براثن الهمجية والجهل والخوف والفقر.
الديمقراطية هي أمن السلطة الحقيقي, كما هي أمن المجتمع والوطن. وقوة السلطة تأتي من مضمونها الديمقراطي, وضعفها يأتي من غياب هذا المضمون, فلماذا نخشى الديمقراطية؟
على السلطة أن تتقوى بالديمقراطية, لا أن تستقوي عليها, وأن تشجع العمل الديمقراطي, في أي مجال من المجالات.. وعليها أن تبدأ الديمقراطية بنفسها وأحزابها, وإصلاح قوانينها, وعليها الترخيص للأحزاب العلمانية والديمقراطية, وإطلاق طاقاتها, لملء الفراغ السياسي المرعب الذي تعشعش فيه فيروسات الأصولية القاتلة, والتي إن أفلتت عقالها, فسوف تهدم كل شيء في طريقها.
إن إعطاء الفرصة للقوى الديمقراطية والعلمانية هو صمام الأمان الوحيد لمستقبل آمن ومشرق للوطن والشعب, وتلك أولوية لا مناص منها, لأنها تقطع الطريق على تنامي قوى الهمجية الأصولية السلفية المتوحشة العمياء.
وعلينا أن نفهم المعارضة بلغة الديمقراطية, أي بلغة الاختلاف والتشارك والتعددية, لا بلغة الإقصاء والتخوين والتآمر.
وفي ظل الديمقراطية, لا تعتبر المعارضة عدواً, بل شريكاً مختلفاً في الرأي والموقف ليس أكثر.
احذروا الأصولية؟
إن لدى المعارضة ما تقوله وتود فعله, ولديها ما تتحاور حوله بلغة العقل والمنطق والحس العالي بالمسؤولية الوطنية. وعلى السلطة أن تعطي الفرصة لها كما تأخذ هي فرصتها.
لننتبه جميعاًَ إلى الخطر الداهم: خطر اجتياح القوى الظلامية الأصولية السلفية, لحياتنا وعقولنا, وحريتنا وكرامتنا, وسعيها لدوس قيم الحق والخير والحرية والمساواة والعدل والسلم.
احذروا الأصولية! فهي الشيطان الذي يلبس لبوس الدين, ليقضي على إنسانيتنا ويحولنا إلى وحوش, بلا ضمير, وليفرض قانونه الهمجي البرّي, على حياتنا وهويتنا وحضارتنا.
أيها الأصدقاء الديمقراطيون
لنبادر ونعمل من أجل لعب دور وطني ديمقراطي إيجابي, ولنفتح ملف الديمقراطية للحوار بعيداً عن الحساسيات والمواقف المسبقة ولنبدأ صفحة جديدة في تاريخ الوطن والمواطن على أسس التسامح والمصالحة والعفو المتبادل. ولنحزم أمرنا على السير في طريق الديمقراطية دون إبطاء أو تباطؤ.
وطريق الديمقراطية هي سفينة نوح التي سوف تنقذنا من طوفان الفوضى والعنف والانفلات الشامل..
سوريا, دمشق
7/4/2004
#رياض_خليل (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟