|
المفقود امير بابكر عبدالله والمعتقل لسان الدين الخطيب
عادل عبدالعاطي
الحوار المتمدن-العدد: 799 - 2004 / 4 / 9 - 10:42
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
إلى صديقي أينما كان امير بابكر عبدالله *
وصلتني الانباء؛ من اصدقاء اعزاء؛ ان امير بابكر عبدالله مفقود.
ولمن لا يعرف اميربابكر عبدالله؛ فهو شاب وسيم الطلعة والدواخل؛ اختار طريق الادب؛ ثم طريق الثورة. هو من عروس الشرق بورتسودان؛ عرجت به الدنيا في مساراتها؛ فحملته الي اصقاع الاتحاد السوفيتي سابقا؛ طالبا للعلم؛ ثم رجعت به الي هضاب الشرق مقاتلا من اجل الحرية؛ واستقرت به في اسمرا البلد الجميلة. امير بابكر عبدالله؛ احد الاصوات الشابة المتميزة في الادب السوداني؛ وقد كانت روايته "فقاعات زمن التصحر"؛ والتي صدرت عن دار الكاتب السودانى في القاهرة - خريف 2001؛ اعلانا بموهبته العارمة؛ ولأمير رواية اخري تحت الطبع؛ ان لم تكن قد طبعت؛ والعشرات من القصص القصيرة؛ والمقالات والكتابات الادبية والسياسية؛ ومساهمات لا تحصي في اذاعة صوت حرية والتجديد. انضم امير بابكر في منتصف التسعينات الي تنظيم قوات التحالف السودانية؛ وعمل في مواقعها المختلفة؛ ومن بينها امانة الثقافة والاعلام؛ وتدرج نتيجة نشاطه واخلاصه؛ حتي تم اختياره في المؤتمر الثاني للتحالف؛ في عام 2001؛ امينا عاما لامانة الثقافة والاعلام؛ وناطقا رسميا باسم التحالف الوطني السوداني/ قوات التحالف السودانية. تعرفت علي امير في السنوات الاخيرة؛ من كتاباته وعبر النشاط المشترك؛ حيث كنت عضوا بتنظيم قوات التحالف؛ واؤدي اعمالا تابعة لامانة الثقافة والاعلام؛ ووجدت فيه ذلك الانسان المجتهد المتواضع المحب للناس؛ ووجدت فيه الاديب ذو القلم الرشيق؛ ووجدت فيه الصديق والانسان. استقال امير بابكر من مسؤلياته كامين للثقافة والاعلام؛ في العام السابق؛ جراء اختلافه مع رئيس الدائرة السياسية؛ بروفسور تيسير محمد احمد؛ وهي الدائرة التي تتبع لها امانته. وقد كان في موقف الخلاف مع اطروحات البروفسور؛ طوال ذلك العام والعام الحالي. ورغم الهنات في خلافه هذا؛ فقد تميز امير بانضباط تنظيمي عال؛ واحترام للجميع؛ ونشاط ثر تمثل في تنظيمه لسمنار ناجح حول اعلام التحالف؛ واصل فيه رغم استقالته من مهامه؛ والتي لم يبت فيها من قبل قيادة التنظيم. بعد استقالتي من تنظيم قوات التحالف السودانية؛ في مطلع سبتمبر من العام الماضي؛ اتصل بي امير بابكر حزينا؛ وتحاورنا مليا؛ واكد لي من جديد ان الاختلاف السياسي لا يفسد الصداقة الحقة؛ وان رفقة السنوات في مشروع مشترك؛ لن تتبدل الي عداء او مشاعر سلبية. منذ ذلك الوقت كنا محافظين علي التواصل الانساني؛ وكان امير بابكر يرسل لي باستمرار؛ متفقدا احوالي في كل المناسبات الدينية والوطنية؛ سائلا عن احوال اسرتي؛ ومخبرا لي عن احواله ورفاقه؛ وكانت آخر رسالة منه الي؛ في بدايات مارس السابق.
الان علمت ان امير بابكر عبدالله مفقود؛ منذ اكثر من تسعة ايام.
لم يفقد امير بابكر في هضاب الشرق؛ ولا في اصقاع بلاد الجليد. لم تكن به علة؛ حتي تخرجه من منزله؛ فلا يعود. لم يكن مشاركا في معركة في الفلاة؛ فيضيع فيها. لا يسكن هو مدينة ضخمة مترامية صاخبة؛ فيفقد اثره في حواريها وامتداداتها. ليس هو شخصا مستوحشا لا اصدقاء له ولا اصحاب؛ حتي يضيع بالنسيان؛ فكيف يفقد؟ يقول رفاق امير بابكر انه مفقود. واقول انا انه ليس مفقودا؛ بل هو معتقل دون شك من قبل النظام الارتري؛ الذي يعتقل لسان الدين الخطيب لمدة عام؛ ولا نعرف شيئا عن مصيره؛ واعتقل ويعتقل الكثيرين؛ ممن لا نعرف شيئا عن مآلهم؛ من سودانيين واثيوبيين وارتريين وغيرهم؛ وليس امير الا اخر العنقود. ومن المؤسف لي ان اقول ان امير ضحية جديدة؛ من ضحايا السياسة السودانية؛ ومن ضحايا تنظيمه بالذات؛ ففقده او اعتقاله؛ مربوط حتما بالصراعات الدائرة في تنظيم قوات التحالف السودانية؛ ودخول او ادخال بعض الاطراف الخارجية؛ ليدها في هذا الصراع الحزبي الداخلي؛ بدعوي ان البعض يهدد امنها القومي. لا يشكل امير تهديدا للامن القومي لارتريا؛ ولا يمكن له ان يشكل. هو انسان مخلص لاقصي حد؛ وهو محب للشعب الارتري؛ وممتن لما قدمته السلطات الارترية من دعم لقضية المعارضة السودانية؛ وقوات التحالفتحديدا. ولكنه كذلك شجاع يقول رايه؛ ويبدو ان رايه في الصراع في حزبه؛ قد وقف خلف واقعة "فقده"؛ وليس اي مزاعم كاذبة؛ عن تهديده لامن البلد التي اقام بها واحبها.
ولسان الدين الخطيب معتقل في السجون الارترية منذ حوالي العام.
انني اطالب هنا كل المثقفين الوطنيين؛ ومنظمات حقوق الانسان السودانية؛ بالمناداة العاجلة؛ والانخراط بالبحث عن امير بابكر عبدالله؛ ومعرفة مصيره؛ وهل هو مفقود ام معتقل؛ حي ام ميت؛ ومن المسؤول عن واقعة فقده؛ وايصال هذه المعلومات الي اسرته ورفاقه واصدقاؤه؛ والي الراي العام السوداني. كما اطالب كل القيادات والاحزاب والتنظيمات السياسية السودانية؛ ممن لها وجود في اسمرا؛ ان تتصل بالسلطات الارترية؛ لتسال عن مصير امير بابكر عبدالله؛ وان تدعوها لاطلاق سراحه لو كان معتقلا؛ وكذلك اطلاق سراح الاستاذ لسان الدين الخطيب؛ ويمكن لها ان تبعدهما من اراضيها؛ اذا ما كانت تصدق حقا؛ انهما يشكلا تهديدا لامنها القومي. كما اطالب بصورة شخصية؛ البروفسور تيسير محمد احمد؛ رئيس الدائرة السياسية للتحالف الوطني السوداني؛ والتي كان امير تابعا لها؛ ان يتجاوز عن مراراته الشخصية؛ وان ينخرط في البحث عن امير بابكر؛ واستجلاء مصيره؛ وضمان حريته وسلامته. هذه مسؤولية ثقيلة لن يغفر التاخر فيها او التقاعس عنها التاريخ؛ وهناك من اقلام الشرفاء من يكتب ويسجل؛ وللبروفسور مسؤولية خاصة؛ كون اصابع الاتهام تتجه اليه؛ حقا او زيفا؛ فيما حل او سيحل بامير؛ وهنا هو المحك؛ لمعرفة الوطني السوداني والقائد الحقيقي؛ من اشباه القادة. كما اطالب كل من عرف امير بابكر؛ وكذلك كل من لم يعرفه؛ ولكن يهمه مصير انسان شريف مخلص موهوب؛ بالانخراط في حملة واسعة؛ من اجل استجلاء مصيره؛ وان تتوحد هذه الحملة مع الحملة من اجل اطلاق لسان الدين الدين الخطيب؛ واستجلاء مصير الشاعر ابوذر الغفاري؛ وغيرها من الحملات؛ من اجل معرفة مصير واطلاق سراح كل مثقف وكاتب وناشط سوداني مفقود او معتقل؛ فانما هؤلاء جزءا من ضمير الشعب؛ والشعب لا يمكن ان يسمح بفقدان او اعتقال ضميره؛ او بعضا منه. كما اطالب في النهاية؛ السلطات الارترية؛ باصدار تصريح رسمي حول الامر؛ وتاكيد او نفي ان لاجهزتها علاقة ب"فقدان" امير؛ والاعلان عن لو كان معتقلا او لا ؛ واعلان التهمة التي تم بها اعتقاله؛ وتقديم ضمانات بصيانة حياته؛ وتقديمه لمحاكمة عادلة بمراقبين دوليين ومحاميين؛ او اطلاق سراحه الفوري اذا لم تكن هناك تهمة ضده؛ وليس لها من شيئ تجاهه؛ الا موقفه من الصراع الداخلي في حزبه. كما اجدد هنا المطالبة باطلاق سراح الاستاذ لسان الدين الخطيب؛ والذي يقبع في المعتقلات الارترية منذ قرابة العام؛ وهو انسان مصاب بالعديد من الامراض الخطيرة؛ وستكون مسؤولية استمرار اعتقاله؛ واي تدهور في صحته؛ او موته؛ معلقة علي عنق النظام الارتري؛ لن تنفك عنه مدي الدهر.
معا فلنطالب باطلاق سراح لسان الدين الخطيب. معا من اجل الكشف عن مصير امير بابكر عبدالله.
عادل عبدالعاطي 8 ابريل 2004
* صيغةالاهداء مقتبسة من اهداء امير بابكرلروايته "فقاعات زمن التصحر" لصديقه بيتر قرنق ديكويك.
#عادل_عبدالعاطي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق
...
-
محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا
...
-
ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة،
...
-
الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا
...
-
قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك
...
-
روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
-
بيع لحوم الحمير في ليبيا
-
توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب
...
-
بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
-
هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|