أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - د- عامر عبد زيد - النقد السفسطائي بين الافتراء والحقيقة















المزيد.....


النقد السفسطائي بين الافتراء والحقيقة


د- عامر عبد زيد

الحوار المتمدن-العدد: 2608 - 2009 / 4 / 6 - 09:44
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



كانوا بقدومهم المدوي أحدثوا خرقاً وأعادوا ترسيم حدود المعنى والتأويل .لقد جاءوا في فسحة جديدة من النمو والازدهار فأشاعوا المعرفة فما كان من الآخرون أن وسموهم بالسفسطائية ؛ هذا المعنى الذي كان له دلالة تتفق مع فعلهم المعرفي كون المعنى الدلالي لفظ سفسطائية يعطي ل " سفيسطس" معنى المعلم في أي من العلوم وخاصة علم البيان . ثم أصبح يعني "الحكيم" ( )
آذ كان يعني الرجل الحكيم الذي أثبت أمام الجمهور قوة بارعة في الأمور العقلية أو أظهر مهارته في جانب من جوانب النشاط. وهكذا كان سولون وفيثاغورس يلقبان بهذا الاسم ، وكذلك بيريكليز ، بل أن سقراط نفسه يأخذ هذا الاسم عند ارستوفانيز وعند إيزوقراط كاتب الخطب كذلك . هذا هو المعنى الأصلي . ولكن بدأ يظهر معه شيئا فشيئا اتجاه نحو الغيرة من هؤلاء " الحكماء" المتفوقين إلى جانب المعني الأصلي والعام للاسم.
وقد يكون هذا عائد إلى ما احدث السفسطائية بهذا النمط الجديد من التعليم الذي يعد خروجا عما كان سائد داخل المدارس السائدة مثل الفيثاغوية أي مثل خروج على الخطاب الديني والعلمي القائم على احتكار المعرفة وجعلها رهينة ذلك النمط الكهنوتي الموروث من المصرين والبابليين المرتبط بالبعد الغيبي – الأخلاقي .وجاء التحول إلى الفعل التربوي يمارس المعلم بكل حرية بعيدا عن الغايات الماورائية أو الأخلاقية ولعل هذا ما دعا خصومهم إلى اتهامهم فتطلق هذه التسمية "السفسطائي"على معنيين :
الأول : تلك الحركة الفكرية التي ازدهرت في بلاد اليونان عامة ، وفي أثينا خاصة إبان الخمسين سنة الأخيرة ، من القرن الخامس قبل الميلاد والتي كان من زعمائها المبرزين بروتاجوراس، وجورجياس، وبروريكوس. السفسطائية أسم " السفسطائي " نفسه . كان هذا الاسم معروفا قبل عصرهم بوقت طويل بدأ هذا اللفظ في النصف الثاني من القرن الخامس يشير إلى المجموعة إلي ستحتفظ بهذا الاسم لنفسها ، وهي مجموعة " السفسطائيين".
والمعنى الثاني : ذلك النوع من الفلسفة القائمة على أقاويل لفظية خالية من الجد والرصانة .( )
لاشك أن هذان المعنيان لهما أبعاد الأول منهما أن تلك الفترة كانت فترة ازدهار لهذا ظهرت الحاجة إلى توسع في التعليم كان للسفسطائية دور في هذا ولعل هذا يظهر في المعنى الذي يحمله اسمهم إذ يعرف السفسطائي "sophiste" هو الحكيم ألا انه أصبح مختلط بمعنى أخر يمثل إزاحة في المعنى الأصلي التداولي فأصبح صوره نمطيه سلبية مرتبطة بالسلب فالسفسطائي بفعل النقد أصبح هو المموه يلجأ إلى المغالطة ويستخدم قياساً ظاهرة الحق ، وباطنه الباطل ، يقصد به خداع السامعين ، وربما خداع نفسه ، ومن ثم فالسفسطائية كخطاب "في صورتها التي فرضها النقد الأرسطي والأفلاطوني لفكر أصحابها وسلوكهم، عمت الفكر القديم والوسيط فلسفياً وكلامياً. فقد حصر مدلولها في تهمتين استهجانيتين هما فسادهم الخلقي وفساد قولهم المنطقي، وفي بعض الأعلام البارزين الذين ألصقت بهم التهمتان مثل بروتاغوراس وكراتيلوس حتى سميت محاورتان أفلاطونيتان باسميهما؛فأفلاطون ألح بلسان سقراط على نقد الفساد الخلقي معتبراً السفسطائيين قوماً يتاجرون بالمعرفة ويعلمون الخطابة للسياسيين حتى يمكنوهم من مغالطة الرأي العام نيلاً لرضي الناس على حساب الحقيقة. من هنا احتقاره للديمقراطية وهو الجانب المسكوت عنه في نقد أفلاطون وهنا يكمن تمركزه السياسي والطبقي فيعمل على إقصاء الخصوم وتنميط صورهم ولعل هذا ظهر في الشباب وخصوصا وقد حاول تداركه في السياسي والقوانين فيما بعد.(وأرسطو بلسانه الشخصي شدد على نقد الفساد المنطقي معتبراً السفسطائيين مغالطين يستعملون المنطق بوجوه سقيمة ولما كان استعمالهم ليس في الغالب استعمالاً على جهل فإنه ينسبه إلى التجاهل. لذلك فنقده يفترض المعنى الخلقي الذي اهتم به أستاذه شرطاً في وجوده. أما النقد الأفلاطوني فيفترض عكس ما يراه أرسطو إذ أن أدواتهم التعبيرية لها عنده من الفاعلية ما قد يفوق فاعلية المنطق الأرسطي.ولعل الفارق بين الموقفين علته أسلوب الرجلين: أسلوب الأدب التأويـلي الـذي اختـاره المعلم وأسلوب العلم التحليلي الذي اختاره التلميذ. فأفلاطون يسلم بخطر الأسلوب السفسطائي حتى انه اعتـبر إصلاحه السيــاسي والخـلقي رهـين التخلص من نمط التربية السفسطائية المستندة إلى أدوات التعبير الأدبي حيث للخـطـابـة والشـعر دور التخـديـر الإيديولوجـي والتمويه الخلقي اللذين يقـابـلان أسلوب أستاذه التوليدي صاحب التوعية الفلسفية والتنوير الخلقي: تلك هي علة نفي الشعراء من جمهوريته.)( )
يبدو أن النقد الذي يقدمه أفلاطون على لسان سقراط له أسباب كثيرة منها انه مازال خاضع لطيف فيثاغروس وذلك المزج إلي أقامه بين الدين والعلم عبر السرية ذات البعد الأخلاقي مما جعل من تعالمهم نخبوية للخاصة من جهة ومن جهة أخر ذلك المزج بين الأسطورة والعلم الطبيعي أما السفسطائية فقد رفضت هذه النخبوية عندما أشاعت التعليم أمام الكل مقابل ثمن وهذا خرق أخر يرفض الطابع الأخلاقي للمعرفة التي لا يمكن إباحتها للعامة .لقد قدمت السفسطائية تأويل جديد يرفض تعالي الحقيقة بل جعلت الإنسان هو المقياس( فهذا بروتاجوراس القائل: أن الإنسان مقياس كل شئ الأشياء الموجودة على أنها موجودة ، والأشياء غير الموجودة على أنها غير موجودة )( ) يبدو جليا أن الإنسان هو الغاية والمركز في المعرفة والوجود لان الإنسان في حالة عدم انسجامه مع الوجود يعني عدم مع أي شئ أخر؟ وهذا ما أدركه السفسطائيين الحكماء
فقد كان السفسطائيين معلمين متجولين وتحتل الخطابة مكانا رئيسيا في نشاطهم ، حتى أنهم في نظر البعض معلمو خطابة ولا شكل أنهم انتقلوا من الاهتمام بالتعليم على وجه العموم إلي تعليم الخطابة على وجه الخصوص : من جهة لاهتمام تلامذتهم بأن يتهيئوا للعمل السياسي ، وأداته الأولي ربما كانت التأثير في الجماهير عن طريق الخطابة ، ومن جهة أخرى فإن الخطابة ترتبط بمفهوم " الإقناع " الذي أهتم به السفسطائيون بعد أن نقلت المعرفة من البحث في الطبيعة إلى البحث في الإنسان وقد كانت اللغة هي الأداة المعتمدة لدى السفسطائيين في بناء تأويلاتهم التي تقوم على الجانب العملي إذ كان أكثر نشطتهم احتراما هو تقديم تعليم أدبي ،كان آخرون يعلمون أشياء أخرى مثل إدارة شئون المجالس والخطابة حيث
وابتداء من الخطابة أهتم السفسطائيون باللغة أكبر الاهتمام . ورغم أهمية الخطابة في نشاط السفسطائيين إلا أن القسم الأكبر من هذا النشاط كان موجها نحو " تعليم الفضيلة " وهي سمة عامة لأغلب السفسطائيين ففي محاورة بروتاجوراس " لأفلاطون نجد هذا السفسطائي بعرف نفسه بأنه يعلم التلميذ الذي سيأتي إليه " علم النصيحة الصائبة ( الحكمة ) الذي سيعلمه أفضل وسيلة لإدارة منزله ، وسيجعله فيما يخص شئون المدنية في أفضل مركز ليعمل وليتكلم من أجلها " ( 318 – 319 هـ) وهذه الوظيفة سنجدها كذلك عند سفسطائيين من الجيل الثاني التالي على جيل بروتاجوراس ، هما أوثيديموس وشقيقة اللذان يسألها سقراط في المحاورة المعروفة باسم الأول منهما عن مهنتاهما الحالية الآن سقراط كان يعرف أنهما كانا يعلمان فن الحرب ) فيقولان له : " هي تعليم الفضيلة.
ألا أنهم أيضا عكسوا ذلك التحول الاجتماعي الذي مثله بزوغ الخطاب الديمقراطي فالاختلاف ليس معرفي فحسب بل طبقي وإيديولوجي فكان خطابهم يمثل خروجا عما هو سائد مما جعله يتعرض إلى النقد فسلوكهم البرغماتي ألذرائعي جعلهم يمثلون خروج على السلوك المثالي الأخلاقي – الديني- إلا انه جزء من أطروحات الديمقراطية التي تدفع الفقراء إلى الاشتراك في الحياة السياسية مقابل اجر وهو أمر لم يكن موجودا الدال الطبقة الغنية التي كان أفلاطون ينمي لها –
أما على مستوى المنهج والرؤية إذ طرح السفسطائية تصور جديد على صعيد المعرفة يجعل من الإنسان هو المقياس للوجود والمعرفة فهذا يمثل تحول معرفي من خلال القول بالنسبية المعرفي والأخلاقي من خلال ربطهم قيمة الشئ بالمنفعة التي يجلبها وهو بعد ذرائعي عملي ونقلهم البحث الفكري من حيز الطبيعة إلى الإنسان بوصفه مقياس كل شئ .وهذا تمثل من خلال التعليم الذي اتبعته والقائم :
1. على أنهم يقومون بتعليم الشباب فن النجاح وهو أمر أدى إلى التهاون –حسب الخصوم –في القيم العليا ( )واتهموا باستخدام العلم في سبيل التجارة . وهذا الاتهام قد يعود إلى اختلاف ديني وطبقي مرده إلى اختلاف القيم بحسب الطبقة من خلال البعد الطبقي والمعرفي مما يجعل من الفن والأخلاق ليس ذا بعد إطلاقي بل نسبي متغير بحسب الزمان والمكان والمنحدر الثقافي والطبقي ، وهو امر مختلف عن التصور الأفلاطوني الذي يجعل من سلوك طبقته السلوك الصالح لآخرين بل يعمد إلى تأبيد هذا البعد الأخلاقي مما جعله يفرضه على انه المعيار الكامل ؟
2. وتهموا بتحريفهم الحقيقة في سبيل الفن مما نعتهم البعض بالمغالطين .( ) من الملاحظ أنهم اعتمدوا في بناء استدلالهم على اللغة لهذا كانوا يعلمون البلاغة وفن الفصاحة التي تجعل التلميذ قادر على التأثير في خصومه من حسن البيان والقدر على بناء الدليل القادر على التأثير في المحلفين في المحاكم أو في الاجتماعات الديمقراطية العامة.هذا الأمر جعل اللغة والمنطق هي الرهان الرابح في بناء الفكر من خلال الاهتمام باللغة والمنطق الذي ذو صلة قوية باللغة اليونانية (ولعل بروتوغراس أول من ميز بين المذكر والمؤنث والمحايد، وقسم الكلام إلى أسم وصفة وفعل ، وحدد أجزاء الخطاب المتين والبيان من مقدمة ،ومدخل، وترتيب وعرض، ونقاش، وتفنيد، وخاتمة . ولعله أول من وضع أسس المنطق والصرف والنحو )( ) ولعل هذا أهمية اكتشافهم البلاغة و للغة في صناعة الحقائق ودورها في خلق المفاهيم وهي التي جعلة التفلسف ممكن . إلا أن بين الاثنان(إي أفلاطون والسفسطائية ) اختلاف من حيث المنهج وهذا نتبع من خلال اختلافهم من حيث الغاية والمتلقي الذي يوجه له كل منهم إي السفسطائية من ناحية ونقادها من ناحية أخرى وهذا ما أجذب "رسل "إلى الفرق بين الجدل الخطابي والجدل الفلسفي (الديالكتيك) فالذين يمارسون الأول يضعون الفوز نصب أعينهم ، أما أصحاب الثاني فهدفهم الوصول إلى الحقيقة .وهذا هو الفرق بين المجادلة والمناقشة ، ( ) قد تبدو المجادة خطاب صراعي دعوي إلا أن المناقشة على طريقة أفلاطون أيضا هي الأخرى تغيب الأخر وتعمل على اقصاءة لأنها أيضا إلا تبحث عن الحوار مع الأخر بل هي منولوج ذاتي مع الذات يتمثل الأخر من اجل استنطاقه .
3. لعل السفسطائية مثلت عتبة مهمة في تطور الفلسفة والتأويل عبر طرحهم الشك المعرفي فكان يمثل خروج عما هو مهيمن وسائد ولعل هذا سيجعل من الشك احد الوسائل التي سوف تعاود الظهور عبر تاريخ الفلسفة والتأويل كلما تحولت المعرفة سلطة غير قابلة للنقد إلا انه من ناحية آخر سوف يحفز الآخرين في الرد والدفاع وهذا ما حصل وأدى إلى المزيد من عقلنه التأويل.



#د-_عامر_عبد_زيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -ساعد نساء سعوديات على الفرار وارتد عن الإسلام-.. صورة ودواف ...
- ماذا تكشف الساعات الأخيرة للسعودي المشتبه به قبل تنفيذ هجوم ...
- الحوثيون يعلنون حجم خسائر الغارات الإسرائيلة على الحديدة
- مخاطر الارتجاع الحمضي
- Electrek: عطل يصيب سيارات تسلا الجديدة بسبب ماس كهربائي
- تصعيد إسرائيلي متواصل بالضفة الغربية ومستوطنون يغلقون مدخل ق ...
- الاحتلال يقصف مدرسة تؤوي نازحين بغزة ويستهدف مستشفى كمال عدو ...
- اسقاط مقاتلة أمريكية فوق البحر الأحمر.. والجيش الأمريكي يعلق ...
- مقربون من بشار الأسد فروا بشتى الطرق بعدما باغتهم هروبه
- الولايات المتحدة تتجنب إغلاقاً حكومياً كان وشيكاً


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - د- عامر عبد زيد - النقد السفسطائي بين الافتراء والحقيقة