أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - جمال محمد تقي - عزيز محمد سيرة متفردة بالتثبت في الموقع !















المزيد.....

عزيز محمد سيرة متفردة بالتثبت في الموقع !


جمال محمد تقي

الحوار المتمدن-العدد: 2606 - 2009 / 4 / 4 - 02:52
المحور: سيرة ذاتية
    


شاب يتيم من عائلة ريفية فقيرة ، ينزح برفقة أمه الى مدينة اربيل بحثا عن العمل والعيش الكريم في ظروف الضنك العامة التي ميزت مطلع الاربعينيات من القرن الماضي ، حيث الحرب العالمية الثانية وانعكاساتها على المال والاعمال حول العالم ، اضافة الى قساوة الحياة في الريف الذي تتسيد فيه انظمة واعراف الاغوات والمشايخ !
لم يكن محظوظا ليكمل دراسته المتوسطة ، وراح يتنقل بين مختلف المهن ومعها يتعرف على الاهواء السياسية السائدة في المدينة والتي اخذت تستهويه طموحاتها ، حتى وجد فيها نوعا من التعويض عن مركبات النقص التي بدأ يشعر بها كلما شعر بتعاسة حاضره ، كان خجولا ، ويحسب الف حساب قبل ان يعبر عن مكنوناته ، كي لا يقع باحراجات اومشاجرات او خصومات ، قد تعرض سيعيه وأمه للعيش بسلام في مدينة لم تستوعبهما بعد !
وجد ضالته بداية في التنظيمات القومية الكردية ، مثل شورش ، وهيوا ، وكان يتقرب للجميع ، حتى تعرف على تنظيم الحزب الشيوعي فوجده اكثر حميمية ، واكثر تواضعا وسعة في الافق ، انظم اليه عام 1946 ، كأن قدرا ما كان بانتظاره ليتدبر امره ، بعد اقل من سنة على انتسابه ، طلب تنظيم المركز من تنظيم الشمال ان يختار عائلة غير معروفة حزبيا لتأتي الى بغداد وتسكن احد البيوت الحزبية للتغطية على مطبعة الحزب التي ستنقل اليه ، وفعلا وقع الاختيار على العضو الجديد في الحزب عزيز محمد علي وأمه ، وسكنا في ـ بيت المطبعة ـ كعائلة عادية للتمويه على الكادر الذي يمارس مهمة الطباعة ، واستمر الحال دون مشاكل حوالي عشرة اشهر ، حتى حصل ما لم يكن في الحسبان ، تم القاء القبض على مالك سيف ويهودا صديق عام 48 وهما من يقود الحزب بتكليف من الرفيق فهد الذي مازل محكوما بالمؤبد ، اي قبل اعادة محاكمته واعدامه ، لقد اعترف مالك سيف على الجميع ولم يستثني احدا من المعروفين لديه بما فيهم عزيز محمد وامه !
كان السجن ـ بغداد المركزي ، الكوت ، . . . ـ مدرسة اجبارية للفتى عزيز استمر في متابعتها وبشكل متواصل ، عشرة سنوات ، حيث لم يطلق سراحه الا بعد قيام ثورة 14 تموز 1958 مع المئات من الشيوعيين والوطنيين الاخرين ، رفاق السجن ايام زمان كانوا على تواصل مع الرفاق خارجه ، وكانت لهم تنظيماتهم الحزبية ولهم الثقل في حسم الاوضاع الحزبية خارجه ، وبعد الضربات المتلاحقة للتنظيمات الحزبية وخاصة بعد اعدام فهد وحازم وصارم ، انفرط عقد المركز الواحد ، وتعددت الجهات التي تنادي بنفسها ممثلة للحزب ، انشقاقات راية الشغيلة من داخل السجن التي ساهم بها عزيز محمد بشكل واضح ، ووحدة الشيوعيين تنظيم كان قد شكله عزيز شريف خارج السجن ، هذا اضافة الى بقايا التنظيم الاصلي الذي كان يخوض غماره بهاء الدين نوري ـ راجع كتيب ايام صعبة من حياة شيوعي عراقي لبهاء الدين نوري ـ وفي السجن تقرب عزيز محمد من حميد عثمان وهو احد الذين قادوا الحزب لفترة قصيرة مطلع الخمسينيات ، وعلى صالح الحيدري ، واغلب الوجوه التي سيصادفها لاحقا ، لقد تمرس على الصراعات المستترة والعلنية ، وعلى كيفية التعامل معها دون خسائر ، واتقن فن التمويه على الميول والاتجاهات ، ونهل من المشاحنات الناعمة والخشنة داخل السجون ما سيساعده لاحقا على البقاء اطول وقت ممكن في الموقع الحزبي الذي تحول لديه فيما بعد الى مايشبه الوظيفة التي لا انفكاك منها مدى الحياة !
كانت جهود الشهيد سلام عادل قد اثمرت تماما في منتصف الخمسينات على بلورة كيان حزبي موحد جمع كل الشتات داخل وخارج السجون ، وبذلك ضمن الجميع بعد نجاح ثورة 14 تموز موقعا في البيت الكبير ، وعندما خرج عزيز محمد من السجن اصبح عضوا في لجنة الحزب المركزية ، لم يكن لعزيز موقف معارض او مساند لمحاولة استبعاد سلام عادل وجمال الحيدري من قيادة الحزب ، ولم يكن كذلك عندما عاد سلام عادل من موسكو ووضع اللجنة المركزية بصورة حقيقة ما جري ثم اقتراحه بمعاقبة عامر عبدالله وزكي خيري وحسن عوينة !
تولى عزيز محمد مسؤولية تنظيم كركوك ، واثناء احداث 59 الدامية فيها ، طلبت اللجنة المركزية تقريرا مفصلا عن الاحداث ودور الرفاق فيها ، خاصة وان قاسم قد وجه اصابع الاتهام للحزب في اثناء خطابه الشهير في كنيسة المار يوسف ، فراح عزيز وبطريقة ملفتة يقول : كل الذي قاله الزعيم صحيح وانا لو كنت مكانه لما قلت الا ما قاله ، فالوضع خرج عن السيطرة ، ولم يكن باستطاعتنا فعل شيء !
بعد انقلاب 63 كان عزيز محمد من ضمن عناصرالقيادة الناجية ، فكان هو برفقة كريم احمد في كركوك وقت وقوع الانقلاب مما سهل عليه مهمة الاختباء والتملص من الملاحقة !
نقل عن سلام عادل قوله : في قيادة الحزب الرفيق الوحيد الذي ليست له ميول واتجاهات واضحة هو الرفيق عزيز محمد !
بعد انتقال مركز الحزب الى براغ نتيجة تواجد اغلب رفاق القيادة هناك ومن ثم التحاق المتسربين من الداخل اليها ، تداعى الجميع لعقد اجتماع ل.م كامل ، فسافر عزيز محمد والاخرين خفية الى براغ لحضور الاجتماع الذي يعتبر اول اجتماع كامل للجنة المركزية بعد الضربة القاصمة التي وجهت للحزب ، وكان تاريخ هذا الاجتماع آب 1964!
جرى مناقشة اوضاع الحزب والمخارج الممكنة من التداعيات المدمرة للمجزرة ، ووضع التدابير لانقاذ ما يمكن انقاذه ، كانت الاوضاع مشحونة خاصة وان المكتب السياسي قد فقد ابرز نجومه بما فيهم السكرتير ، اي ان من اولويات مهام الاجتماع هو اختيار سكرتير جديد للحزب ، وقتها لم يكن سوى عزيز محمد وعبد السلام الناصري عضوين متبقيين من المكتب السياسي فالبعض استشهد والاخر معاقب والبعض لم يستطع الحضور ، وقد سبقت عملية الاختيار طرح تقييمات على هامش سيرة دور السكرتير تنتقد اسلوب قيادة سلام عادل للحزب ـ تمسكه الشديد برأيه ، التنكيل بالرفاق المخالفين ـ طبعا جاء هذا الطرح بعد مقدمة من التمجيد والاعتزاز بالموقف البطولي للشهيد ، في النهاية تم اختيار عزيز محمد كونه اكثر قدما من عبد السلام الناصري الذي مازال عضو مرشح للمكتب السياسي ، وكانت الرؤية السياسية للاجتماع قد اقرت سياسة تجنب المواجهة مع النظام ومهادنته حتى يتنفس الحزب الصعداء ، هذه السياسة التي ادانتها القاعدة ووصمتها بالسياسة اليمينية المتخاذلة ، لقد تملص عزيز محمد لاحقا ، وخاصة بعد عودته المتاخرة للداخل من مسؤولية بيان آب وجرى تحميل الغائبين مسؤوليته ثم سرعان ما تم تبني توجهات شعاراتية لامتصاص نقمة السجون ورفاقها وتنظيمات الداخل التي بدأت تتململ ولا تثق بما ينزل اليها ، كانت القيادة السوفياتية تشجع على تبني خطا متماشيا مع خط آب الذي اقرته القيادة بعد التعديلات !
كان يستخدم اسلوب الابتعاد الحسي عن الداخل في الحالات المتأزمة لينظر اليها من بعيد ، ويعود بما يلائم السائد وهو قد أمن ظهره بالدعم الخارجي ، اما مسانده التي راح يعتمد عليها تدريجيا كثقل حزبي مضمون وقت الشدائد هم قادة تنظيم الاقليم اضافة الى المقربين من ايام السجون ، وهذا ما يفسر كثرة اسفاره الطويلة الى عواصم الحلفاء في المعسكر الاشتراكي ـ كما جرى ذلك في اعوام 65 ، 71 ، 74 ، 77 ـ !
الحقيقة ان العزيزين الحاج ، ومحمد علي كانا قد تقاسما الحزب وافلساه ، الحاج ركب موجة الداخل والثأر من قتلة شباط ، وعزيز محمد ركب موجة الرفاق السوفيات والامر الواقع !
استمر الحال حتى مجيء البعث ثانية عام 1968 ، وكانت نتائج المؤتمر الثاني 1970 ووثائقه التي تتجاوز خط آب فيما يتعلق باستقلالية الحزب لكنها واصلت طريقه في امكانية التحالف مع سلطة يقودها بعث محسن بعلاقات تحالفية مع السوفيات، وجاءت مقررات المؤتمر الثالث لتذهب الى ابعد من آب ولهيبه ، الى الاشتراكية بمعية البعث نفسه !
واذا كان الحاج والقيادة المركزية وقاعدتها ، ذهبت ضحية لتحالف جديد بين البعث واللجنة المركزية ، فان عزيز محمد ولجنته المركزية قد جعلا الحزب برمته ضحية للمشروع الامريكي الذي ضرب البعث ودمر العراق كله واحتله ، واعطى الحزب وزارة وعضوية بمجلس الحكم !
عزيز الحاج حيدر اعلنها امام محمد سعيد الصحاف وعلى رؤوس الاشهاد ـ لقد خربناها ، وخربت ـ وعزيز محمد علي اعلنها بينه وبين ابريمر بان القضية ـ خربت ـ والسبب يكمن في خراب الحالة عند الرفاق السوفيات ، لقد اجادوا في تحقيق شروط هذا الخراب . . . !

لقاء عزيز محمد ببول بريمر يعكس الامية السياسية عند من قاد حزبا كان واحدا من اخطر احزاب العالم النائم من حيث تفاني كوادره وشعبيته ، ولمدة ثلاثين سنة منذ 64 وحتى منتصف التسعينات !
لم ارى صورة لعزيز محمد بالزي القومي الا عندما جرى افلمة تسليم قيادة الحزب الى وريثه المضمون السيد حميد مجيد موسى ، وبعد ان قسموا الشيوعي العراقي الى حزبين شيوعيين ، كردي وعربي ، وكأن شريط الزمن يعود الى الوراء حيث يعيد عزيز محمد انتسابه الى ، شورش او هيوا !

سالني احدهم هل قرأت كتابا او كتيبا من تاليف عزيز محمد ؟ فاجبت لا !
فقال ثلاثون عاما والخطابات تكتب له فهل تتوقع من هكذا قيادة اداءا افضل ؟ قلت لا طبعا لا !
ثلاثون عاما يعني شبكة منظمة من السلطة السرية ، ويعني ترهل مزمن طارد لاي شحنات ثورية ، انها روح متخمة بالفساد السياسي والحزبي !

الخلاصة :
عزيز محمد لم يأتي من السماء ، انه ابن شرعي من هذه الارض بكل خصبها وتصحرها ، وابن لهذا التاريخ بكل شروقه وظلمته ، ومع كل الذي ذكر بحقه فهو قد علم نفسه بنفسه ، وعليه فهو وان كان غير مثقف لكنه متعلم بالتكرار او بالتقمص او بالاثنين معا وهو ذكي في جوانب تخزين المواقف واستحضارها للاستفادة منها واستثمارها ، انه معمر وله حاسة مرهفة نحو اكتشاف المظلات الواقية !
عزيز محمد ترجم خجله الى تواضع ، وترجم تردده ـ ليشتري منك ماسيبيعه عليك ـ الى كياسة واتزان وحصافة !
عزيز محمد شخصية تستحق الدراسة من داخلها لانك امام عينة لا تمنحك فرصة للوصول الى معرفة حقيقية بها من خلال معاينة ظواهرها الشاخصة ـ دراسة لكيمياء تكوينه الشخصي وليس فيزياء هذا التكوين ـ !
المصادر :
مذكرات حسين سلطان ، مذكرات باقر ابراهيم ، مذكرات زكي خيري ، وثائق المؤتمر الثاني والثالث والرابع والخامس ، حنا بطاطو ـ الكتاب الثاني ، جرجيس فتح الله ـ العراق في عهد قاسم ، بول بريمر ـ عامي في العراق ، بهاء الدين نوري ـ ايام صعبة !



#جمال_محمد_تقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عالم مزدحم بالاسلحة !
- مكرم الطالباني سيرة لا تنقطع في الدفاع عن المباديء الحية !
- وصايا ليست يسوعية !
- سعادين في رحاب اليمين !
- عامرعبد الله رحلة الى جزيرة الحرية !
- لاخير في قيادة لا تميز بين يمينها ويسارها !
- البوك ممنوع والعتب مرفوع والرزق على الله !
- اشهر العناوين الارهابية في القرن العشرين !
- حسين مروة ومهدي العامل والتحليق عاليا !
- الافلاس السياسي سبق الافلاس الانتخابي !
- الراسمالية نهاية طريق لا نهاية تاريخ !
- الفكر الفاعل اكثر خطورة من جيوش جرارة !
- كوتا ام ارستقراطية مطلوبة لاستكمال اكسسوارات المشهد ؟
- روجيه غارودي تجاوز فلسفة الكورس !
- الحزب الذي لا يشور يدعى ابو الخرك !
- علي بابا والاربعين حرامي !
- يا عمال العراق صلوا على النبي وال بيته !
- برلمان العراق لا يسير نفسه بنفسه !
- بودلير زجج ازهار الشر داخله وغادرها !
- تعزية ليس لها عنوان !


المزيد.....




- وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
- مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي ...
- ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
- -تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3 ...
- ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
- السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
- واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
- انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
- العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل ...
- 300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - جمال محمد تقي - عزيز محمد سيرة متفردة بالتثبت في الموقع !