|
الأنثى والخيانة (3)
عبدالحكيم الفيتوري
الحوار المتمدن-العدد: 2605 - 2009 / 4 / 3 - 09:48
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
الأنثى والخيانة (3) المحور الثالث: خيانة حواء في العهد القديم.
يبدو لي أن متابعة قصة الحديث خاصة الشطر الثاني (...لولا حواء لم تخن أنثى زوجها) من خلال العهد القديم(التوارة) والعهد الجديد(الاناجيل) يمكن أن تساعدنا على فهم مصدر صناعة هذا الحديث وإنتاجه، خاصة أن ثمة روايات منسوبة لرسول الله تحث الناس على الرواية عن أهل الكتاب ولا حرج، وتحت مظلة حدثوا عن أهل الكتاب ولا حرج وجدت روايات العهد القديم والجديد المخالفة للقرآن سوقا نافقا خاصة منها التي تدين المرأة وتحقرها وتحملها مسؤولية معصية آدم وخيانته وخروجه من الجنة، لأن البيئة العربية بيئة ذكورية حيث كانت تفرح بالفرس وتدفن الأنثى (وإذا الموؤدة سئلت)، فهي لذلك تميل إلى ثقافة إدانة المرأة جملة سواء أكان ذلك عبر نصوص دينية أو من خلال قواعد عرفية محكمة. ويبدو أن هذه البيئة والثقافة لم تجد حرجا في صناعة حزمة من الاسانيد لمرويات العهد القديم التي تحط من قيمة المرأة منذ أن خلقت من ضلع أعوج،وانتهاء بنقصان عقلها ودينها، وبالضرورة تجريم ولايتها وقيادتها. والآن يمكننا عقد مقارنة بين ما جاء في الحديث من تخوين المرأة وتحميلها نتائج معصية آدم وما ذكره شراح الأحاديث والمفسرون وبين ما جاء في العهد القديم والجديد من سردية خيالية في ثوب اسطوري.
قصة حواء::حَوَاء:اسم عبري معناه(حياة) الاسم الذي اعطاه آدم للمرأة الأولى لأنها أم كل حي (تكوين 20: 3). حالاً بعد خلقه، أُحضرت إليه لكي تكون معيناً نظيره. وقد تكونت حوّاء من جنب آدم، وهذا يشير إلى وحدة المرأة مع الرجل في الطبيعة والحقوق والإمتيازات، مع أنه يسود عليها وهي تخضع له كما للرب في العلاقات الزوجية وشؤون الحياة العامة.وقد وضعهما الله في جنة عدن، ولكي يمتحن طاعتهما منعهما من أن يمسا أو يذوقا شجرة معينة. لكن الحية تحت تأثير شيطاني قادت حوّاء إلى الشك في صلاح الله، ثم إلى أكل الثمرة المحرمة. وبعد ذلك الحّت على آدم أن يأكل،(فسمع لقولها)،وشاركها ذنبها. وكانت النتيجة سقوط الإنسان(تكوين 1: 3_24). وبعد طرد الزوجين المذنبين من الجنة، صارت حوّاء على التوالي أم قايين، وهابيل، وشيث وبنين وبنات آخرين(تكوين1: 4 و2 و25 و26 و1: 5_5).ويشير الرسول بولس في 2 كو 3: 11 و1 تيمو 13: 2 و14 الى حواء والالى حواء والسقوط).
قصة الحية:الحية:حيوان يزحف على بطنه(تكوين1: 3 و14)لها رأس وذنب (تكوين15: 3 وخروج 4: 4)، لكن ليس لها اطراف. تسمى اسماً شاملاً في العبرية نحاش(قارن، العبرية، حنش)،(قارن تكوين13: 3 مع 2 كورنثوش 3: 11 وعدد 9: 21 مع يوحنا 14: 3).واذ تتلوى في سيرها، يكون فمها معرضاً للاحتكاك بالتراب، الذي تلحسه(ميخا 17: 7 وقارن تكوين 14: 3).ولغة بعض انواعها تصب سماً مميتاً في الجرح(عدد 6: 21 ومزمور 4: 58 وامثال 32: 23).وبعضها يمكن ان يرقى(جامعة 11: 10).والحية موجودة في البرية والمناطق المأهولة، وعلى الطرق، وفي السياجات، وعلى الصخور، وفي الجدران(تكوين 17: 49 وعدد 6: 21 وامثال 19: 30 وجامعة 8: 10 وعاموس 19: 5).
والحيات المحرقة التي لدغت بني اسرائيل في البرية وسببت الموت كانت نوعاً من الحيات الموجودة في الصحراء العربية وفي غيرها تحدث لدغته ألماً نارياً محرقاً من الالتهاب والعطش(عدد 6: 21 وتثنية 15: 8) . اية 15: 8). انظر(حية النحاس). وحية التجربة كانت في المظهر كحّية عادية ولكنها تفوق وحوش البرية في المكر والدهاء. وبعد ما تورطت في تجربة الإنسان، لعنت بين الوحوش(تكوين 1: 3 و14).
-علاقة حواء بالحية:وربما لم تبصر حواء شيئاً اكثر من حّية، لكن الشيطان كان في هذه الحية، كما كانت الارواح النجسة فيما بعد في الناس وفي الخنازير، تقودها، وتعيرها دهاء خارقاً، وتستخدمها كوسيلة بها تقترب إلى حواء(رومية 20: 16 و2 كورنثوس 3: 11 ورؤيا 9: 12)، انظر(شيطان).وقد وقع عليه القصاص،كما وقع على الحيوان البريء عندما استخدم آلة للخطية(لاويين 15: 20 و16).وقد جعلت طريقة زحفها على الارض ذكرى لانحطاطها وعلامة على دينونتها. وهي مكروهة جداً من الإنسان، الذي يهم بقتلها كلما رآها. وكلما ادرك الإنسان بوضوح أن الروح الشرير كان سيد الحية، حول عداوته إلى العدو الأكبر. وجاء في سفر التكوين:وكانت الحية أَحيل جميع حيوانات البَرِية التي عمِلها الربُ الإِله، فقالت للمَرْأَة: «أَحقا قال اللهُ لاَ تَأْكُلا منْ كُل شَجَر الجَنَّة؟» فقالَت الْمَرْأَةُ لِلحية: « منْ ثَمرِ شَجر الجَنة نَأْكل، وأَمَّا ثَمَرُ الشجَرَة التي فِي وسط الجَنة فقال اللهُ: لاَ تَأْكُلا منْه ولاَ تمسَّاه لئَلاَّ تَموتا».
-حوار بين حواء والحية:فقالت الحية للمرأة: «لن تموتَا! بل الله عالم أَنه يوم تَأْكلان منهُ تنفتحُ أَعينكما وتَكونان كالله عارفينِ الخْير والشَّر». فرأَت الْمرأَةُ أَنَّ الشَّجرَة جيدة للأَكْل، وأَنّها بهجة لِلْعيون، وأَنّ الشجرة شهيَّة للنَّظر. فَأَخذت منْ ثَمرها وأَكلتْ، وأَعطت رجلها أَيْضًا معها فَأَكل.فَانفتحتْ أَعينهما وعلما أَنهما عُرْيانان. فخاطا أَوراق تِين وصنعا لأَنْفُسهما مَآزر.
-اختبأ آدم وحواء: وسمِعا صوت الرَّبِّ الإِله ماشِيًا في الْجنَّة عند هُبُوبِ ريح النَّهَار، فاختبأَ آدَم وامرأَته من وجه الرَّبِّ الإِله في وسط شَجر الْجنَّة. فنادى الرَّبُّ الإِلهُ آدم وقَال لَه: «أَين أَنْت؟». فقال: «سمِعت صوتك في الْجنَّة فخَشيت، لأَنِّي عريان فاختبأْت». فقال: «من أَعلمك أنَك عُرْيان؟ هل أَكلت من الشَّجرة التي أَوصيتك أَن لا تَأْكل منها؟»
- آدم يتهم حواء مباشرة: فقال آدم: « المرأة التي جعلتها معي هي أعطتْني من الشجرة فَأكَلت ».
-حواء ترمي باللائمة على الحية: فقال الرب الإِله للمرأة: «ما هذا الذي فعلت؟» فقالت المَرْأَة: «الحَيَة غرَتني فَأَكلت».
-معاقبة الحية:فقال الرب الإِله للحية: « لأنك فعلت هذا، ملعونة أَنت من جميع الْبهائِم ومن جميع وحوش البَرِّيَّة. على بطنك تسْعين وترَابا تَأكلينَ كل أَيَّام حياتك.وأضع عداوة بيْنك وبين المرأَة، وبين نسلك ونسلِها. هو يسحق رأْسك، وأَنت تسحقِين عقبَه».
-معاقبة المرأة بالأوجاع وسيادة الرجل عليها:وقال للمرأَة: «تكثِيرا أكثر أتعاب حبلك، بالوجع تلدين أولادا. وإِلى رجلك يكون اشتِياقك وهو يسود عليك».
-تعزير مخافة لآدم من أجل سماعه كلام امرأته: وقال لآدم: «لأنّك سمعت لقوْل امرأَتك وأَكلت من الشّجرة التي أوصيْتك قائلا: لاَ تَأْكل منها، ملعونة الأرض بسببك. بالتعب تَأكل منها كل أيَام حياتك.وشوكا وحسكا تنبت لك، وتَأكل عشب الحقل. بعرق وجهك تَأْكل خبزا حتى تعود إِلى الأرض التي أخذت منها. لأنك تراب، وإِلى تراب تعود».
-تسمية آدم امرأته: ودعا آدم اسم امرأته «حوَّاء» لأنَها أمُّ كل حيٍّ. وصنع الرَّبُّ الإِله لآدم وامرأته أقمصة من جلد وألبسهما.
وهكذا يبدو التوافق والتناغم بين متن الحديث بشرحه، مع ما جاء في العهد القديم والجديد، من ناحية المفردات المستعملة، والسبك القصصي، والأرضية الثقافية المنتجة، والنفس الذكوري الصانع والمسيطر على زمام الأمورجملة.علما بأن هذا التناغم بين الرواية والعهدين لا يقره القرآن الكريم من حيث الأسلوب الأسطوري القصصية، ولا من حيث إسناد الاستجابة لغواىة الشيطان. فالقرآن ينسب فعل المعصية إلى آدم وحواء معا(فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ورى عنهما من سوءاتهما)، (فأزلهما الشيطان عنها)، والتوبة كانت من آدم(فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه).(*)
___________ (*) للمزيد من نقد أحاديث المرأة يمكنك زيارة موقعي http://www.a-znaqd.com
#عبدالحكيم_الفيتوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأنثى والخيانة (2)
-
الأنثى والخيانة
-
مفهوم المواطنة في تجربة النبي
-
الشورى بين الحقيقة والخيال
-
مفهوم السلطة في تجربة النبي السياسية
-
فكرة الدولة في تجربة النبي
-
الدولة في الإسلام فكرة أرضية
-
إشكالية القيمة والذات في الفكر الإسلامي
-
الخلط بين الدين وأشكال التدين في الفكر الإسلامي
-
مخاطر توظيف السياسي للخطاب الديني
-
صور من القتل السياسي باسم الدين
-
الوهابية وسبي نساء مخالفيهم !!
-
الوهابية وقتل المخالف في الولاية السياسية والدينية
-
اعتماد محمد ابن عبدالوهاب على فكر ابن تيمية في مسائل التكفير
...
-
الوهابية .. وتأصيلها لمسائل التكفير والقتل
-
الوهابية حركة سياسية وظفت الديني
-
ابن عبدالوهاب ..ونشره للفكر التكفيري
-
ابن تيمية ... والتنظير السياسي
-
ابن تيمية .. وتشييده للعقل التكفيري
-
العقل السلفي... من التفكير إلى التكفير
المزيد.....
-
جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
-
رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر …
...
-
دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
-
السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و
...
-
دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف
...
-
كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني
...
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
-
تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
-
-مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
-
اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|