من خواطر زوجة معتقل سياسي - رسالة إلى حبيبتي ..؟ - 19

مريم نجمه

الحوار المتمدن-العدد: 2603 - 2009 / 4 / 1 - 04:32
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    

من خواطر زوجة معتقل سياسي – 19
رسالة إلى “ حبيبتي “...!?
الهواء ...؟
أم الهوى ..
قرَح العينين .. ياحبيبتي ..؟ *

طال الليل يا حبيبتي
ألا تملين الإنتظار ؟
حبيبتي يا صابرة
حبيبتي .. يا هازئة
بقلوب القطران
بالقيد , بالظلم , بالقضبان ؟

حبيبتي
يا بتولتي .. يا تفاحة قلبي
ربما يطول الليل كذا (؟ ؟ ...... ) من السنين !؟
فلا تملين ..
هكذا رفيقة السجين
لينة .. كالعجين
بارود .. ضد الغزاة
والجلادين
وفولاذ .. أمام الإضطهاد
ومطرقة الصهر
والحقد الدفين .

حقد الذئاب قالقطران
قلوبهم .. سوداء كالليالي الطويلة
أمام السجين
فطر اللؤم والخيانة
نبتت على الجبين

لا تيأسي حبيبتي يا زوجتي , أختي رفيقتي
يا سمرائي .. يا قمري المنير
كنت في وحشة السجين
كوَة للنور .. وكنزاً للمحبة .. وشعاعاً للأمل
كنت ألمسه في قلبك
الذي ينام على زندي
و يصحومعي .. ويفكر
هكذا زوجة السجين ..

حبيبتي :
يا ندائي الأول .. والأخير
لا ترهقي عينيك الجميلتين يا حبيبتي
فأمامنا جسر طويل طويل
سنمشيه .. ونمشي .. ونمشي
لنبلغ شاطئ الأمان مع شعبنا المعذب
دعي النجوم تتلألأفي عينيك بدل الدموع
لكي أ هتدي بهما في ليل سجني
لا تدع أشواك الاّلام .. ورياح السياط
وبصمات الأضطهاد , تدنَس بشحوبها
قدسية وجهك .. وبريق عينيك
لأنني منهما استلهم الدفء , والنور
في برود زنزانتي .

مهما تعالت الاّلام
لا تدعيها تقف أمام عمق البحار ..
غوصي حتى أعماق بحار الظلم
واخرجي سمكة للخير .. والجياع .. والمحبة .
يا سمكتي اللذيذة .. في بحري الهائج
بحر النضال عميق .. وبعيد .. وواسع .. فكوني لي
قارباً للنجاة ..

حبيبتي .. يا ذات القلب النقي
والطموح السماوي ..
لا تعرفين للنضال محطة .. ولا للعطاء هدنة
متى تتكاتفي وتسرعي .. أيتها الغيوم
وتعقدي لاّلئ .. لقائنا ؟؟
لتروي وريقات الزهر العطشى التي عاشت خفقات حبنا
لتحمرَ أكثر .. زنابق وزهيرات خميلتنا .

حبيبتي .. يا قديستي
غطي وريقات الليلك بجمرات قلبك
لتغفو بأنفاسه .. لتتشبَع بنكهته
ليكتمل اللون .. في ربيع , ليس ككل الربيع
في ثمر .. ليس ككل الثمار
وقبل .. ليست ككل القبل
في نظرات ..تنظم شعراً وتعزف موسيقا .

حبيبتي :
غطي صغار السجين بجناحيك الدافئتين
ربما يطول البرد .. سنين وسنين
واكتبي على أكفهم الصغيرة قصص النضال
واقرئي ملء عيونهم .. قصة الرغيف
قصة الكنز والسارقين .. والجولان
قصَة القدس .. وشذى بيسان
ودير ياسين .. والغاصبين
قصة المستغلين .

حبيبتي :
هل مليَت الكتابة ؟
هل عشت قصَة لبنان ؟
قصة فلسطين ؟
قصة الوطن العربي والشرفاء فيه ؟
عشتها كما عشتها أنا بلحمي .. ودمي
بدمعي .. وعرقي ؟
نعم حبيبتي .. أقول :
أنك عشتها كما عشتها أنا
كواحد من المتمردين
لونتها بريشة الضلوع
كتبتها كما يكتب المحراث على صدر أمنا الأرض
أزهاراً ووروداَ .. وشوكاً .وقمحاً وزيواناً أيضاً.معاً .

حبيبتي
لا أريدك إلا متفائلة .. دوماً
لا تدع العصابة اللئيمة تمحي البسمة في عينيك
ولا ثغرك
هكذا , زوجة المناضل , لا تعرف الخوف ولا اليأس أبداً
دوماً شجاعة .. يعربية
دائماً .. سيفاً سمهرية
خيمة في الصحراء .. ونجماً في البوادي الرملية ..
يهدي التائهين
يا رفيقتي يا أم أطفالي
لقد اقترب ( النيروز ) .. ومن نافذة شروقه وألوانه
تتدفق أولى أيام الربيع
نيروز .. عيد " كاوا الحداد " .. والكادحين
عيد الثورة ... والأرض
عيد الجمال والعبادة
عيد الطبيعة
فهل يمثل اليوم الحرية ؟
يمثل النور
يمثل الإنفتاح .. والشروق ؟

فهلمي يا حبيبتي
وانسجي من أشعته القزحية
ومن كبد الليالي التي عصرها صبرك
وانتظارك
وحولي ليلها وسوادها إلى ألوان زاهية
بما طفح قلبك .. ولوّنه ومعدنه
من نفسك – تسكين الفاء - ... ونفسك – بفتح الفاء –
أنسجي لي وشاحاً مطرزاً كما ترغبين .. وتفضَلين
أن تهدي حبيبك في ليلة الزفاف ..
والاّن ,
بالرغم من تقرَح العينين وصديدها
تجلدَت لأكتب
رغم الألم
رغم السهر ..!؟

حبيبتي .. أنا لا أكتب إليك إلا في ألمي
لا يحرَك قلمي .. ومشاعري
سوى الاّلام .. سوى التجربة ..
حبيبتي
أنا لا أكره الليل لأنه رفيقي الدائم
لأن منه .. يولد النهار
لا أكره الليل .. لأن فيه ولد العباقرة
ويولد الشعر
والجمال
والحب
والسعادة
وتولد .. وتولد .. وتولد ...
فمن لم يعش الليل
لم يعش التناقض
لا يؤمن بالتطوَر .. والديالكتيك
فأنا أحبك .. يا ليلي
لأن فيك أصلي
فيك أكبر
فيك .. أفكر
فيك حبي يكبر .. ويكبر
ويكبر ويكبر ..!!.. ...........دمشق / .اّذار / 1976 ........ ( * ) أسبوع وعيناي ملتهبتان ومنتفختان من البكاء الصامت -

#مريم_نجمه (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات