|
الازمة المالية العالمية صعقت الراسمالية و اوقعتها عن برج غرورها
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2603 - 2009 / 4 / 1 - 04:28
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
عندما يركز اي منا فيما هي عليه الراسمالية الان ،و ما كانت قبل الازمة المالية العاصفة التي اودت بعديد من الاعتقادات و التصورات و الافكار و الفلسفات التي بنيت في فترة اعتبرتها الراسمالية بداية نهاية كافة الفلسفات و الافكار الاخرى ، و اعتبرت نفسها انها هي التي تبقى و مستمرة الى الابد دون منازع و هي معتلية برجها العاجي ، و بغرور و عدم الاكتراث بما يخص الاخرين و ما لديهم و ما يمس مصالحهم الى ان صدمت بما وقعت فيه و كنتيجة طبيعية لتطور المراحل التقدم الاجتماعي الاقتصادي الانساني الطبيعي و ما يمر به العالم من التطور و ما يفرضه مهما طال الزمن في اية مرحلة منها . و تفهمت الراسمالية اليوم مهما انكرت الوضع بجوهره و ما يرافق نظامها و فلسفتها صعب جدا و تعلمه اكثرية الناس و لا يمكن ادراك ما يتضمنه جوهر القيمة و تحليل كميتها و عرضها و لن يكون واضحا الا اذا تلمستها هي بنفسها و الفرد معها في مسيرتهم الاقتصادية و ما تصل اليه عبر المراحل المتلاحقة ، و ما يسرق من فائض القيمة و يدخل جيوب القلة القليلة و كما راته بام عينيها ، مما تتحسس من المنازعات الاجتماعية كتحصيل حاصل لما تولدها القوانين الطبيعية للانتاج الراسمالي ، و كما هو المعلوم ان البلد الصناعي المتقدم هو الاَولى بظهور بوادر الازمات و كما هو الذي ينحدر فيه الوضع نحو بداية نتاج وضع و مرحلةجديدة ، و البلد الصناعي الاكثر تطورا هو الذي يبين للبلدان الاخرى التي تتبعه صورة مستقبلهم الخاص . و من المعلوم ان البلدان الراسمالية تتاثر اوضاعها من كافة جوانبها بعد التغيير في حالها على الصعيد الاقتصاد السياسي الذي يلاقي البحث العلمي و ما يدرس في هذا الشان من عوائق و اضداد تناقضات نتيجة ما تولده من الهيجانات لتتاثر الافراد بالمتغيرات التي تكون لصالح الاكثرية . و التغيير الطبيعي و الانتقال الحتمي و فتح الطريق امام الدوافع الاسمى التي هي لصالح التقدم و الانسانية جمعاء ، و يمكن الوصول الى المرحلة التي هي المبتغاة في حياة البشرية و يستمر التطور ، و قبل ذلك يمكن ابعاد المعوقات للانتقال السلس و التي تولدها حزمة من المنافع الخاصة ، و يمكن تحويلها الى ما تفيد الطبقات و المجتمع بشكل عام ، و من ضمن هذه العقبات التشريعات و القوانين و الاليات و الوسائل القديمة التي مرت عليها الزمن و نفذ تاريخها ، و يمكن تجسيد الارضية الملائمة لمرحلة مقبلة اي ما بعد الراسمالية و بتدرج ، و به يمكن توفر الوسائل و تنعش الامال امام النمو الطبيعي للمجتمع استنادا على تحقيق العدالة الاجتماعية و المساواة. لم تعترف القوى الراسمالية حتى الامس القريب بالتناقضات التي تتصف بها و تعيشها بل اصرت على انها الاوفر حظا لتعميم فلسفتها في كافة بقاع العالم وفق نظامها الخاص و انها هي النهاية الحتمية لكل الفلسفات و الانظمة و الافكار كما اعتقدت ،و سخرت كل قواها و امكانياتها من اجل اذلال المعوقات الطبيعية امام طريقها ، و من اجل اذلال الفلسفات و الانظمة الاخرى و حاولت سحب البساط من تحت ارجل من قاومها و نجحت احيانا و اخفقت في اخرى ،و هذا مايبين مدى الغرور الذي اصابها في الوقت التي لم تصل الى شاطيء الامان و لم تنجح في مسعاها ، فان وصلت الى مرحلة متقدمة ماذا عساعا ان تفعل ، و حتى لم تتحقق نسبة مقنعة من صحة القانون الاقتصادي و الفلسفة السياسية الاقتصادية التي ادعتها و عملت من اجلها و هي في منتصف الطريق و خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، و اثبتت الاخطاء الفاضحة لها من خلال المسيرة الذاتية لتطورها و من خلال حركة المجتمع الحديث و ما فرضته العلاقات الاجتماعية و الجدلية بين القانون و الفكر الراسمالي و ما يتصف به الفرد و مميزاته و صفاته مهما بلغ من الثقافة ، و القانون الطبيعي للمراحل التطورية سيفرض نفسه و لا يمكن لاية مرحلة اجتياز الاخرى او القفز عليها او تخطيها مهما حاول البعض تبرير ما يمكن ان يحدث، و ربما من المتوقع ان تمر بعض منها بمخاض عسير و الام شديدة قد تقصر من مدتها ، و لكن يجب المرور بها .هنا لا اريد ان ادخل بالتفصيل الممل فيما ابدع فيه العماء و الفلاسفة المختصين و بامكانياتي المتواضعة ، فان الكتب و الاصدارات التي حللت و فسرت ما يجب ان يمر به العالم و كيف تتطور الحياة غني و كثير جدا ، و انني لست هنا في مناقشة استنتاجات القيمة و ما هي المرحلة الراسمالية بشكلها العلمي الدقيق ، و لكن بتحليل المعادلات الواقعية و ما تلمس على ارض الواقع و من السياسات الراسمالية العالمية و ما اوقعت فيها من الازمات و التراجعات التي فرضت نفسها عليها و كحلول جذرية لما هي فيها تؤكد نسبة نجاح الفكر الذي يدعي حتمية التطور الطبيعي للمراحل الاجتماعية نتيجة الانتقال من مرحلة الى اخرة و ما تتطلبها و ما يجب ان يكون عليها بعد مرحلة و اخرى ، و بتحليل بسيط للمعادلات التي يتم فيها التعبير عن الفلسفة اليسارية التقدمية يمكن توضيح ما نحن نؤمن به و هو خير وسيلة لبيان كل القيم و ما تصل اليه الحالات ، و يمكن ان نوضح كيف اثبت العلماء و الفلاسفة بصراحة علمية عظيمة ما نتكلم عنه و بدلائل محسوسة واقعية . و لست هنا ايضا لبيان الضرورات الاجتماعية و كيف تفرض ما تتطلبها بشكل دقيق من الوضع الاقتصادي و ما تفرضه الفلسفة الاقتصادية العلمانية الصحيحة على الوضع الاجتماعي ، و ها نحن نلمس ما ابرزه الواقع المحسوس في العالم الراسمالي اليوم و كيف توصلت حالها الى ازمة خانقة طويلة الامد لا يمكن الخروج منها بسهولة و لا تفيد الترقيعات هنا و هناك دون اتباع خطوات اصلاحية جذرية للانتقال الى مراحل اخرى سوى كانت متنقلة او مستقرة لبعض الوقت و هي مرحلة ما بعد المرحلة الحالية لحياة الراسمالية ، و يمكن ان تسمى بالمرحلة الجديدة او كما تعتقد اليسارية بداية نهاية الراسمالية مهما طال الزمن او حاول الملمون اطالة المرحلة لابقائها في غرفة الانعاش دون اعادة نظر و تقييم عام و الرضوخ للتغير من اجل ازالة السلبيات و التي تكون في مصلحة الجميع ، ان لم نكن اسفتزازيين في شروحاتنا . لايزال الاقتصاد علما تهتم به كافة الفلسفات و من اولى الاهتمامات ، و الاقتصاد السياسي غريب لحد كبيرعن العديد من الانظمة و الافكار السطحية، و هناك علاقات متينة و متبادلة بين الظروف التاريخية الخاصة و الوضع السياسي الاقتصادي و ما يتاثر به ، و عندما يكون المسار صحيحا سينمو المجتمع بشكل طبيعي دون ازمات الا اذا انحرف عن حالته الطبيعية ، و سيكون الانتقال الى المراحل الاخرى عند نضوج كافة مقومات بدء المراحل الجديدة ، و حتما يكون في حال توفير البيئة الضرورية و ما يتطلبه الوضع الجديد. ان ما تمر بها الراسمالية العالمية اليوم لن تكون مرحلة عابرة او مؤقتة و ستبقى مؤثراتت هذه الازمة فعالة الى حد ستفرض تغييرات جذرية و هي ما يتطلبه الانتقال الى المراحل الاخرى ، و يمكن للراسمالية اعادة النظر في جوهر فلسفتها ، و هذا هو جوهر الانتقال الى مابعدها مهما قاوم من يُضرب في جوهر مصالحه ، و انها الازمات و التناقضات التي ضربت في الصميم و خففت من غرور الراسمالية و اوقعتها ارضا و انزلتها من برجها المهزوز .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من له المصلحة في اعادة نظام قمعي اخر الى العراق
-
الارادة و العقلانية في العمل ستنتج ما يهم مستقبل الشعوب
-
كيف تتجسد الفلسفة التي تنظف المجتمع من العادات و التقاليد ال
...
-
من اهم واجبات المجتمع التقدمي بناء الانسان الصحي
-
لماذا المتاجرة بالسياسة من اجل المصالح الشخصية في العراق ؟
-
لماذا التملص من اجراء الانتخابات البرلمانية في اقليم كوردستا
...
-
انظمة الحكم المستبدة تحتٌم على المعارضين استغلال كافة الوسائ
...
-
المصالحة غير المشروطة مع البعث نكوث بالعهود الديموقراطية
-
الدولة المدنية تستوعب اليات ضمان الحقوق المختلفة للمجتمع
-
المدارس المختلطة تزيد فرص الابداع على المدى البعيد
-
دور المراة الهام في تحقيق دولة مدنية حديثة
-
النظام الديموقراطي ضامن لبقاء المجتمع المدني في كثير من المر
...
-
من اهم مهامات اليسار في المرحلة الراهنة، الواقعية و الاعتدال
...
-
مابين الليبرالية و اليسارية و الديموقراطية
-
المجتمع بحاجة الى المؤسسات و العقليات الثقافية التقدمية اكثر
...
-
اصرار البرلمان الكوردستاني على القائمة المغلقة للانتخابات ال
...
-
ما النظام السياسي و الحضارة التي تنصف المراة و تضمن حقوقها ؟
-
تمسك المراة بالروحانيات عادة مكتسبة
-
الشفافية تزيل الشكوك و الخوف من مجريات العملية السياسية الرا
...
-
العراق بحاجة ماسة الى اعادة التاهيل السياسي و الثقافي
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|