أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مازن كم الماز - لينكون في مئويته الثانية














المزيد.....

لينكون في مئويته الثانية


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 2600 - 2009 / 3 / 29 - 09:23
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لينكون في مئويته الثانية : شيء من الحقيقة

ليست القضية في تلميع صورة الرجل أو على العكس تشويهها , بل في استعادة شيئا من الحقيقة التاريخية من أسر الأسطورة التي ارتبطت به , لصالح القوى السائدة , كان فوكو يربط الحقيقة بالسلطة , بل إن السلطة عنده هي إنتاج الحقيقة , هنا نحاول إعادة شيئا من الاعتبار للحقيقة التاريخية , لكن هذه الحقيقة في النهاية ليست محايدة , إنها في حيادها عن السلطة تجد نفسها على الفور إلى جانب ضحاياها , في قصة لينكون الكثير من الأساطير , فالتاريخ قدر له أن يصبح مثالا فعليا و أسطوريا في نفس الوقت لواقع السياسة و المال في الولايات المتحدة , يمثل لينكون إلى حد بعيد حقيقة ذلك الوعد البرجوازي , وعد الطبقة الثالثة , بتحرير "الإنسان" , حيث يتسامى الإنسان بالفعل نتيجة لهذا التسلسل التاريخي لكن تتسامى معه أيضا منظومة التدجين الرسمية و شبه الرسمية , تترقى معه من سوط صاحب العبيد إلى زرع ذلك السوط داخل تفكير الضحايا و تمويهه و تحويله من مصدر للألم و للمعاناة إلى حالة محايدة مزعومة أو حتى مولدة للسعادة الوهمية , من هنا تأتي أهمية أسطورة لينكون التي تصبح بالتالي جزءا من منظومة التدجين و من القصة الرسمية عن تحرير الإنسان , بين دوره "كمحرر للعبيد" إلى انتصاره في الحرب الأهلية الوحيدة في التاريخ الأمريكي , هذا وحده كاف ليضمن له حضور طاغ حتى بعد 200 سنة من ولادته ( ولد لينكون في 19 فبراير شباط 1809 ) , في الحقيقة يمثل لينكون شكلا سائدا من الشخصيات ذات الحضور الطاغي في التاريخ التي تجد نفسها و هي تلهث وراء الأحداث أبعد مما كانت تريد , أبعد بشكل خطير أحيانا , لكنه ضروري , هكذا نجد "أبطالا بالصدفة أو حتى رغما عن أنفهم" , هكذا كان لينكون الذي لم يكن يحلم يوما بتحرير العبيد , و قد فعل هو نفسه كل ما بوسعه ليؤكد هذا على الدوام , كانت القضية المطروحة يومها أصغر بكثير و هي تشريع أو تحريم العبودية في الأراضي الشاسعة الجنوبية الجديدة التي كسبتها الولايات المتحدة بعد هزيمتها للمكسيك في تكساس و كاليفورنيا , كان لينكون يعتبر شماليا معتدلا هنا , و انتخب رئيسا على هذا الأساس في انتخابات 1860 , و كان قد أصبح رئيسا رغم حصوله على 40 % فقط من أصوات الناخبين لأن بقية الأصوات توزعت بين مرشحين منافسين , و عندما بدأت الولايات الجنوبية تنفصل بعد انتخابه كان عليه أن يجد مبررا قانونيا أو دستوريا لإعادتها بالقوة إلى الولايات المتحدة , التي تشكلت بالاتحاد الطوعي بين الولايات الأمريكية , كان عليه أن يعود إلى دستور 1776 الذي توقف العمل به عام 1789 و الذي تحدث عن "الوحدة الدائمة" , فاعتبر أن دستور 1789 هو تطوير لما سبقه , أي لدستور 1776 , و بالتالي ففكرة الوحدة الدائمة ما زالت قائمة , في البداية كان لينكون ميالا للتصالح مع الولايات الجنوبية المتمردة , حتى أنه عرض تعديل الدستور لينص على إلغاء تحريم العبودية في تلك الولايات "إلى الأبد" , دون أن يتنازل عن تحريم العبودية في الولايات الجنوبية الجديدة , لكن الولايات الجنوبية شكلت كونفيدرالية جديدة مؤكدة انفصالها عن الشمال , لكن رأي لينكون فيما يخص إعادة الجنوب بالقوة إلى الاتحاد و تفسيره للدستور لم يكن يتمتع بشعبية كبيرة حتى في حزبه الجمهوري و كان عليه انتظار هجوم الجنوبيين على قلعة سمتر ليبدأ بتحشيد القوات لمهمة إخضاع الجنوب , اختار لينكون أولا الجنرال ماكلينن قائدا عاما لقواته و توقع تحقيق انتصار سريع لتفوق الشمال العددي و الاقتصادي لكن الجنوبيين تمكنوا من اختراق الشمال و ألحقوا خسائر مهمة بقوات الشمال فاستبدله بالجنرال غرانت الذي بدأ يطبق سياسة الأرض المحروقة في الجنوب , ما سمي يومها الحرب الشاملة total war , و في مواقفه أثناء الحرب كان من الواضح لا مبالاته بالضحايا أو بحياة المدنيين أو سلامة المرافق المدنية , و في أيلول سبتمبر 1863 أصدر لينكون القرار الذي لم يفكر به حتى قبل وقت قصير و هو قرار تحرير العبيد على أمل أن يثير العبيد في الجنوب ضد أسيادهم و يضعف اقتصاد خصومه بالتالي , مستثنيا الولايات الجنوبية الأربعة التي بقيت في الاتحاد كالعادة من تحرير عبيدهم , لكن هذا القرار أدى لتصاعد المعارضة ضده في الشمال , إلى جانب الخسائر البشرية و الاقتصادية الباهظة , حيث ساد الانطباع أن الشماليين يقاتلون من أجل الزنوج و ليس من أجل توحيد الدولة , و هنا مارس لينكون , كأي سلطة أخرى , قمعا هائلا ضد كل معارضيه , فكمم الأفواه و أقفل الصحف و سجن الآلاف , حتى أنه في أحد المرات أمر بسجن أعضاء المجلس التشريعي لولاية ميريلاند عندما تناهى إليه أنهم قد يصوتون لصالح الانفصال عن الاتحاد , في 1865 بعد سقوط 600 ألف قتيل و إحراق مدن الجنوب انتهت الحرب الأهلية , لم يتردد لينكون لحظة في التأكيد أنه لم يكن يريد المساواة بين العبيد و أسيادهم و إنما , في أفضل الأحوال , إلغاء الرق من بعض ولايات الجنوب , كانت ضرورة هذا الإلغاء للصناعة الشمالية واضحة تماما , لكن سكان البلاد الأصليين لا يستحقون حتى أن يعملوا كحثالة بروليتاريا في مصانع الشمال النامية , كان يجب سحقهم فقط , الاستيلاء على أراضيهم و إبادة قطعان ثيرانهم البرية , يختلف الهنود الحمر عن السود جدا بهذا المعنى , لم يكن من الممكن لممثل برجوازية الشمال الصناعي أن يبدي أي تعاطف مع قضيتهم , كان عليهم أن يختفوا و حسب , لذلك عندما قامت قبيلة السو الهندية في مينيسوتا بالانتفاض كان رد واشنطن قاسيا , بعد إخماد الثورة بالقوة جرى إعدام 300 من قادتها بأمر مباشر من لينكون , يستحق هذا العمل أن يكون خاتمة لمآثر هذا الرجل , الأب الثاني للولايات المتحدة كما يسمى في التاريخ الأمريكي الرسمي..............



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا حاجة لتكريس سجننا , المطلوب هو فقط تحطيمه
- مناقشة لمشروع المهمات البرنامجية المرحلية لتجمع اليسار المار ...
- ما هي الأناركية الشيوعية ؟ لالكسندر بيركمان
- دفاعا عن الثورة الشعبية
- نداء أناركي شيوعي ضد قمة الناتو
- عن الإسلاميين مرة أخرى
- أي حوار فلسطيني هذا
- الثامن من آذار
- المجالس العمالية ؟ : المدخل للديمقراطية المباشرة و لبديل حقي ...
- ليبرتاد ( 1925 ) عبادة الجيف
- سواء بقي النظام السوري حليفا لإيران أو أصبح تابعا لأمريكا , ...
- حاجة هذا العالم للتغيير
- جدل مع دعاة عبودية الأمر الواقع
- كافكا و الآخر
- ليو شتراوس : الأب الفكري للمحافظين الجدد
- أنطون بانيكوك : رأسمالية الدولة و الديكتاتورية ( 1936 )
- برودون إلى ماركس
- الحكيم بعد عام على غيابه : اكتشاف الإنسان و نقد فكرة الزعيم
- هكذا تفهم الحروب و هكذا تنتهي
- عن تصاعد قمع الأكراد في سوريا و محاكمات جرائم الأكراد الفيلي ...


المزيد.....




- آخر ضحايا فيضانات فالنسيا.. عاملٌ يلقى حتفه في انهيار سقف مد ...
- الإمارات تعلن توقيف 3 مشتبه بهم بقتل حاخام إسرائيلي مولدافي ...
- فضيحة التسريبات.. هل تطيح بنتنياهو؟
- آثار الدمار في بتاح تكفا إثر هجمات صاروخية لـ-حزب الله-
- حكومة مولدوفا تؤكد أنها ستناقش مع -غازبروم- مسألة إمداد بردن ...
- مصر.. انهيار جبل صخري والبحث جار عن مفقودين
- رئيس الوزراء الأردني يزور رجال الأمن المصابين في إطلاق النار ...
- وسيلة جديدة لمكافحة الدرونات.. روسيا تقوم بتحديث منظومة مدفع ...
- -أونروا-: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال ...
- رومانيا: رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا يتصدر الدورة الأولى من ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مازن كم الماز - لينكون في مئويته الثانية