|
شريط الحياة
صباح الشرقي
الحوار المتمدن-العدد: 2598 - 2009 / 3 / 27 - 07:33
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
مقدمة
لقد انتقيت هذه السلسلة من المقالات بعد تفكير عميق استنبطتها من انفعالاتي وأحاسيسي و تجاربي كذلك من خلال محاكاتي لتجارب بنات حواء سواء أكانت عن قرب أو بعد، فتوفر ت لذي الكثير من المعلومات في هذا الحقل الشاسع ولهذا فكرت أن أعرضها على المتلقي بعد أن سكبت عليها جهدا وبحثا مضنيا لأتمكن من نقل صورته الرمزية المعينة التي بدورها تحتوي على العديد من المواقف و المشاكل سيما أنني أعتبرها عملية مرنة تسهل الولوج لتحليل قلب الإنسان الخاضع لضغط الحداثة الذي انقلبت فيه كل الموازين ومعاييرها حتى أصبحت الحياة تفيض بالمآسي والآلام كما هو الليل راصد لشعاع الشمس والموت يحصي على الفرد أنفاسه، ومن خلال اهتمامي واقتناعي بطرح آراء معينة وجدت نفسي مجرد امرأة تنقل عن قناعة عدة نماذج من نظرتها الفردية للحياة ، قد تكون سعت ولازالت تسعى وراء سعادة إنسانية تمتاز بوهج ينير ومعنى تحيي.
الفصل الأول
هل هو حب من النظرة الأولى أم مجرد رغبة من أول نظرة؟
نجد من يقول أن الحب يقع من أول نظرة، وآراء أخرى تختلف وفئة ثالثة محايدة تقول لا وجود للحب إلا بعقد زواج ولو أن رؤيتي للأمر ليست لا مع هذا أو ذاك ، لماذا ؟ لأنني شاهدت بل عايشت بنفسي صورا متناقضة كل التناقض يكفي أن أوريد واقعة واحدة فيها كل الدلالة والمغزى دون إغلاق باب البحث والحوار والاجتهاد لأن أي مجتمع يفقد معايير أخلاقه ومعتقداته يحاول صد الباب المزعج بأقفال من حديد ولأن المعايير هي دوما قابلة للتجديد من اجل تحقيق أهداف تتماشى مع الواقع و لأن واقع الحداثة أصبح لا يسمح لأي حي أن يرجع إلى الوراء كورقة فوق تيار جارف دون أن ينظم لنفسه جسورا وسدودا تحميه من الخطر ، لهذا خضت هذا البحث المتواضع لأنني لمسته أمرا مطلوبا لحد ذاته بل شعورا يختلف لدى الإنسان ليقف في وجه الظلم والقمع باعتبار مشكلات الحب مجرد مشكلات إنسانية قد يتعرض لها أي كان من بني البشر وهي قابلة للحل وليس قدرا محتوما.
سوف أتطرق لسرد الواقعة بتفاصيلها وأعرج لاحقا على تحليلها من اجل الوصول إلى خلاصة قد تحقق أهدافا تبدو لا مفر منها لإصلاح وتحسين النظرة بل الوضع الاجتماعي للحرية الفردية المتزنة في حدود نظامها والحق والواجب.
في إحدى الليالي المقمرة، انتفضت تلك المرأة عن سريرها كأن جسدها أصابته لدغة عقرب ، فتوجهت مباشرة على شرفة غرفة نومها، وهي تتمتع بكامل سعة صدرها وبصيرة عقلها لتلقي نظرة على مختلف الأماكن والشوارع المحيطة بسكنها، لحظة زمجرت من حلكة المكان وبرودته كشبل جريح حتى تصاعد الدم إلى وجنتيها ، ولا زال نظرها يحوم في كل بقعة من الشارع العريض الذي يقابلها وكأنها تبحث عن شيء ضائع منها وسط السواد وعتمة المكان إلا من أعمدة إنارة ضئيلة متناثرة هنا أو هناك، وبعد تنهيدة عميقة تمتمت مخاطبة روحها ، مبروك عليك يا رقية الحرير وهي تتحسس ثوبها الذي ينساب فوق جسدها الذي يفيض بالانتماء للأرض و الإنسان.
في تلك اللحظة تملكها شعور غريب حتى تضاعفت دقات قلبها مما جعلت كيانها متأهبا منتظرا حدثا ما، ساورها شريط حلم نائم بداخلها وبدأت تتمنى لو يتحقق وانطلق بحثها عن طيف رسمته في ذاكرتها وجعلته أساسا يتمخض عنه تحقيق أهدافها ورغباتها المسجلة في مختلف وجهات نظرها المدونة على لائحة معتقداتها التي تتوجب أن تكون على رأس الأولوية الكفيلة بتحقيق توازنها الأساسي، ولأنها تعتبر نفسها من الفئة التي لها رؤى خاصة تواجه غالبا سيناريوهات بديلة قد لا تمنح روابط مشتركة تتقاسم الشعور بالألم والاحتقار التي قد تتعرض لها من قبل أفكار متحجرة أو من غزاة متطفلين محتملين.وهي تحاول أن ترتب عدة أفكار متناحرة في ذهنها شد نظرها ذاك المصباح المتآكل وقد أضاء شعاعه نصف محيا شخص ما ... .
تسمرت في مكانها دون أدنى حركة، إلا أن الطيف حام ببصره في كل الجهات كأنه سمع صوتا خافتا يناديه باسمه رغم أن الشارع كان خاليا حتى من القطط ، فاغتنمت الفرصة وألقت عليه نظرة متفحصة، فوجدته رجلا ناضجا، حارا والحياء ينبعث من أسارير وجهه، بل كل شيء فيه ينطق بالوقار والجدية أما معطف السهرة الذي كان يلقيه بإهمال مقصود على كتفيه يوحي عن سعره المرتفع ، إلا أن وحدة المكان وسكونه يسرت أول نظرة خفية للملائمة الذاتية التي تغطي مساحة الذاتيين فشعرا الاثنان بشيء رهيب هزاهما عنيفا بل تقاسماه من قبل حتى أن يتعرفا على بعض .
شعور غريب جدد أملها في تحقيق حلمها الدفين خصوصا حين داعبتها بقوة تلك اللحظة المسؤولة وهي تمعن التصفح بجدية فائقة في قامته المتوسطة ولحيته المصففة بلمسة فنان وعينيه العسليتين ووجهه الناصح البياض فاعتبرته شأنا هاما اخترق طيفه مسافات طويلة من كينونتها بعبقرية جد مميزة وخاصة، وفي تلك اللحظة كان قد اقترب كثيرا من مكانها فألقت عليه التحية دون تردد وكأنها تعرفه مند زمن رغم انه كان يساورها تخوف من أن لا يبدي نحوها أي اهتمام .
شاءت الأقدار و اكتملت الأحلام وتحققت، حتى أثارت سكون المكان والأرواح إذ لا الأوصاف ولا اللباس ولا الجمال ولا الغنى يكون سببا في ارتباطيهما وما هو مؤكد شيء آخر استولى على مهجتيهما واعتقل مجامح قلبيهما فانشقت روحها ولاقت من روحه استجابة جمعتهما برباط متين شكل نبضا وضمانة ميزت مخزونيهما العاطفي في أوجهه الواضحة والصريحة و التي تتجلى في ثمرات من الثمار الطيبة التي لا يمكن تذويبها أمام العقبات والتحديات.
الخلاصة
سوف أدلو بدلوي في شق بسيط من سر وسحر انجذاب الأرواح ،إذ قال رسول الله عليه الصلاة والسلام ((( الأرواح جنودا مجندة ما تعارف منها ائتلف، وما تنافر منها اختلف)))
وهذا الحديث المبارك سهل علينا عناء البحث والتقصي في المحبة التي يلقيها الله بين قلوب بني البشر ، وان عدنا لتسمية الإنسان نجدها مشتقه من كلمة الإنس يعني آنس الشيء لهذا وصف الإنسان بمستودع سر الله العظيم فهو الجسد والروح معا، والروح هي الطاقة وتلك الطاقة تحتوي على قوة الجدب الإرادية ولاإرادية لأن الروح هي الأساس وهي الطاقة المستوطنة في الجسد وهي سر الله وبالتالي هي القوة الجد بيه ، فهي قوة الجدب الإنسانية و الكون، بحيث تتجسد في طاقات مختلفة تتجاذب مع بعضها فتجعل التحكم في بعض الأمور بالاستعانة على الكواكب و أمور أخرى للتأثير على تلك الطاقات ولم يصل العلم الحديث رغم تقدم أبحاثه للوصول إلى حقيقة شاملة توضح التعامل مع تلك الطاقات والتحكم فيها .
وإذا عرضنا رأي الشق العلمي حول موضوع الانجذاب، فنجد الإنسان مكون من عدة ذرات مترابطة ومتشابكة تحمل داخلها كهربة مزدوجة الشحنة ((( سالبة و موجبة ))) فجزئيات الذرة ينتج عنه مغناطيس متنوع الشحنات يكون له أثر واضح على الإنسان والنبات والمعادن من خلال موجات كهربية يكون مصدرها العقل الذي يستغل مفعول تلك الشحنات بين خلايا المخ في التفكير والذاكرة والربط بين الأحاسيس التي تصل إليه عبر الحواس فيصدر تعليماته للأعضاء لقبولها أو رفضها ، فلكل فرد من البشرية طاقة تحيط بجسده على شكل إطار أبيض اللون يحمل اسم أورا ، الذي اجمع العلماء على أنه إطار المضيء له تأثير على نفسية وصحة وانفعالات الفرد بحيث لا يمكن تجاهل نتائجه.
و يمكن كذلك أن يكون الانجذاب مجرد عاطفة إنسانية تحصل تباعا لتغيير نسبة الهورمونات الحيوية في جسم الإنسان، لكن لكل قاعدة استثناء لأن القلوب بين يدي بارئها يقلبها كيفما شاء ووقتما شاء، لهذا سيظل الحب مجرد كلمة غامضة المعاني ، فالقلب إذا أحب بصدق لا يكل ولا يمل لا ينسى ولا يتخلى و لا يكترث إلى المظهر أو الشكل وإنما هو إحساس صادق ونبيل ووجدان وشهامة وعاطفة تجعل القلوب تترنح ، تشكوا ، تغار وتنتفض، وإذا اقتبسنا القليل من مسلسل باب الحارة الشهير نجد أن الحب قد يقع أحيانا قبل النظر إلى طيف الحبيب، فبطل المسلسل معتز سهر الليالي باكيا (( خيرية )) حبه الضائع إذ انه لم يعرفها ولم ترها عينيه في زمن أباح كل شيء إلا رؤية وجه الحبيبة بل جعل من هذا أفظع المحرمات وأقساها.
إن الحب الحقيقي حسب ما ورد عن خبراء الاختصاص وعلم النفس لا يرتكز على النظرة الأولى كما هو متداول عند أغلبية الآراء، وإنما ينصهر عن الاقتناع الشامل والكامل بشخصية الشريك الذي يحدد معالمه الواضحة في ذهنه، فالتعريف بانجذاب الحب صعب على أي فرد سواء كان عادي أو عالما أو شاعرا أو مفكرا أو حتى فيلسوفا إلا أنهم أجمعوا على أن الحب الحقيقي يحرر ألذات من ضغوط متعددة قيدت النفس البشرية، وهذا ما أكده إزيك فروم في كتابه الشهير ((( فن الحب ))) الذي ابرز بوضوح على أن الإنسان يستطيع الإحراز بالحب الصادق ذات المعاني السامية إن هو وصل لتحقيق ذاته وثقته بنفسه ، ووصف الباحثون المتمكنون في الاختصاص على أن الحب الذي يقع قبل النظر بالمبدع الفنان ذات الدرجة السامية من الإحساس إذ أنه مثل جهاز رصد الزلازل والبراكين لأنه يتسم بدرجة جد حساسة ودقيقة تلتقط الذبذبات والارتعاش في قشرة الأرض حتى ولو كانت واحد على عشرة في سلم ر يجتر وبهذا سيظل الحب متوهجا إلى ما شاء الله.
أختم مقالتي ببعض الأبيات من كتاب طوق الحمامة للإمام ابن حزم وهو عالم جليل
ويا من لامني في حـــــــــب من لم يره طرفي لقد أفرطت في وصــفــــــك لي في الحب بالضعف فقل هل تعرف الجنـــــــــة يوما بسوى الوصف؟
إلى اللقاء في الجزء الثاني
#صباح_الشرقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تائهون بين إنجازات علمية مفرحة وفتاوى مرعبة
-
متى أصلي في محرابك يا وطني ؟؟؟
-
هل يمكن إصلاح صورة أمريكا المكسورة؟
-
تداعيات الاقتصاد العالمي أحد الأسباب الموضوعية لموجة للغلاء
-
الفقر أكثر قسوة في يوم الفقر العالمي
-
المخدرات وتأثيرها على الشباب والمجتمعات
-
نساء عربيات غزون عالم مهن الرجال الشاقة
-
مؤسسة عسكرية أم ملكية استثمارية ؟؟؟؟؟؟
-
مآسي البشرية (( خصوصا المرأة والطفل)) مع فيروس ومرض الإيدز
-
من يحمي الأم العازية ويتكفل بحقوق مولود ها؟؟؟
-
التعبئة الأمنية القصوى في المغرب ضرورة لاحتواء تحدي الإرهاب
...
-
لا للغبن ... لا للظلم ... لا للتجويع من اجل التركيع
-
ماذا نعرف عن السوق العالمية لتجارة اللحوم البشرية ؟؟؟
-
عنوسة الشباب العربي : عزوف، أم هروب، أم ظروف، أم عجز!!!!
-
ذكرى اليوم العالمي للاجئين في شتى أنحاء العالم
-
لحظات غضب...ألم...وحزن... عابرة
-
أفيقوا يا أصحاب القرار من جنون عظمتكم...
-
ظاهرة تضارب البيانات... من المسؤول عنها ؟؟؟؟
-
البطالة في فلسطين برميل بارود قوي الانفجار
-
المرأة الفلسطينية عطاء بلا حدود والأكثر تضررا من الاقتتال ال
...
المزيد.....
-
-أكسيوس-: وزراء عرب يعارضون في رسالة إلى واشنطن إجلاء الفلسط
...
-
4 احتمالات.. سيناريوهات -اليوم التالي- في غزة تتصدر لقاء نتن
...
-
البعثة الأممية تكشف عن تشكيل لجنة استشارية تمهيدا لجولات حوا
...
-
الدوحة: إسرائيل لم ترسل وفدها المفاوض لإجراء محادثات المرحلة
...
-
الخارجية الروسية تتهم USAID بالتلاعب الإعلامي وتجاهل جرائم ا
...
-
الشرع: إجراء انتخابات رئاسية بسوريا سيستغرق 4-5 سنوات
-
ملامح المرحلة الجديدة من الصراع بعد الطوفان
-
ترامب يعتزم توقيع أوامر تنفيذية جديدة
-
مهرجان للأضواء في كوبنهاغن.. المدينة تشعّ نورا يكسر رتابة ا
...
-
حادث عرضي وليس تخريبًا: السويد تكشف أسباب قطع كابل بحري في م
...
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|