|
كيف تتجسد الفلسفة التي تنظف المجتمع من العادات و التقاليد المعيقة للتقدم؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2599 - 2009 / 3 / 28 - 06:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عند دراسة اوضاع المجتمع من جوانبها المتعددة ، اول ما يلاحظ عند القاء نظرة فاحصة عليه ، هو وضعه الاجتماعي و ما يتصف به من الصفات و الخصائص و ماتُميزه من العادات و التقاليد و مستوى وعيه و ثقافته العامة و اهم الافكار المسيطرة على عقليته و عقائده الموروثة و المكتسبة و الاحداث التاريخية المختلفة المؤثرة على حياة افراده بشكل عام ، و المراحل التي مرٌ به و نسبة التطور التي وصل اليه . و لا يمكن التعمق في اي خاصية من معيشة المجتمع خلال العهود المتعاقبة الا ويجب دراسة و بحث الفلسفة التي تميزت فيه و ما غيرت فيه و اثرت بشكل ما في مسيرته . و لابد ان نعترف هنا ان الوضع الاجتماعي العام و ما وصل اليه تخلله في العصور المختلفة من العادات و التقاليد و الطقوس التي كانت مسيطرة على مسار حياة المجتمع نتيجة تجسيد بعض الفلسفات العامة و ما خلفتها من الاثار السلبية و ما اعاقت تقدم المجتمع و وصوله الى ما كافح من اجل الوصول اليه بكل ما لديه من القدرة و الامكانية و اكتسب اخلاقيات خاصة به تتضمن العديد من الصفات مستندة على اعتقادات او ما فرضها الواقع . و الصراع الدائم بين المكونات استمر بين جيل و اخر ومن زمن لاخر ، و لاسباب متعددة و مختلفة من فترة لاخرى و منها تفرضها الظروف الموضوعية المتغيرة و المؤثرة على المجتمع مع ظروفه الذاتية و بوجود العوامل المادية و الروحية او المعنوية . ان ما يهمنا هو بقاء الكثير من العادات و التقاليد و الاعتقادات التي كانت راسخة في المجتمع نتيجة ظروفها و اسبابها الموجبة في حينه لحد اليوم ، و يتمسك بها المجتمع لفترات و عهود متلاحقة لوجود العوائق و الخلل في التقدم الطبيعي في كافة مجالات الحياة ، اي عدم التكافؤ و التساوي بين مستوى تطور الشعوب و ما يجب ان يجلبها معه من المتغيرات على ارض الواقع سوى كانت مادية تخص البنى التحتية من النواحي الاقتصادية او فكرية و ثقافية و سياسية و في العقلية العامة للمجتمع . ان التغيير في الحالة الاجتماعية و معيشة المجتمع و مكانه و استقراره او تناوب معيشته بين السكن و الاستقرار و التهجير و الاحتكاك بين الطوائف و الفئات و التغيير المستمر في ظروف المعيشة ، يصعب على المتمعن ان يصف بشكل علمي دقيق ماهو عليه المجتمع و ما هي العادات و التقاليد الاصيلة المترسخة في كيانه و ماهي المكتسبة المؤقتة منها . و بتغيير الظروف المعيشية العامة تتغير نظرة العقل و الفكر البشري الى الواقع و ما يخص الانسان و جوهره و مصيره ، اي فلسفة الحياة و ما تعمم لاسباب و عوامل متعددة على المجتمع يمكن ان تغير من الواقع و تزيل العوائق امام ما يتقدم اليه الشعب من مسيرته التطورية الطبيعية . و بعد معرفة مجاهل الوجود نتيجة التوسع في اطار ما يدفع الى السمو في الفكر و العقلية ، فان الانسان يتتبع الموروثات و يحاول و ينجح بارادة صلبة في كشف ماهيتها ، عند كشف و معرفة جوهرها و منبعها و منشئها و اسباب بقائها ، اي الفلسفة و العقلانية العلمانية الدقيقة هي التي يمكنها توضيح صورة الواقع الاجتماعي و ما يتضمنه من العادات و التقاليد و لها القدرة على تصنيفها عند كشف منشاها و القصد من نشوئها و انبثاقها و التوجه العام وراء ما يمكن العمل من اجل ترسيخها و تجسيدها و فرض عوامل بقائها و مقاومتها لمتغيرات الزمن و العهود المتعاقبة ، و ان كانت مضرة و معيقة لتقدم المجتمع و امانيه . و الانسان بكيانه و عقله بالذات باحث عن الحقائق و هو في محاولة مستمرة لطلب المعرفة مهما طال الزمن و هو متابع ناجح لو تجرد من المعوقات المترسبة لااراديا في عقليته ، و هو يتوائم مع متطلبات العلم عند اتباعه الطرق الفلسفية الحقيقية في حياته ، و هو في تطور مستمر و يتوارثه جيل بعد اخر ، على الرغم من انه يرى الحقائق فيما يتصورها بانها الحقائق الى ان يكتشف بعد حين غير ذلك . و عندما تتلاشى الفلسفة الى علوم مختلفة ، و كل منها تبحث عن كشف حقيقة خاصة موجودة و عند جمعها يمكن رفع الحجاب و الظن عن الحقائق المتعددة و يمكن ان تكون مطلقة و بها يمكن ازالة الستار عن التفكير الصحيح و العقلية العلمية عن طبيعة الاشياء . و بهذا نتاكد بان الفلسفة العلمانية الحداثوية هي جوهر العوامل التي يمكن كشف الحقائق كلها بها ، و هناك عوامل متعددة لضمان توفير هذه الفلسفات و من اهمها التقدم العلمي في كافة المجالات ، و عندئذ تتصحح النظرات الى الاشياء و منها قديمة باقية مقاومة لكل الظروف القاهرة . بعدئذ يمكن ايجاد الوسائل الصحيحة و الملائمة لبيان كشف الحقائق و اعلانها و تصفيتها ، و تصنيفها حسب الاختصاصات . فمن الناحية الاجتماعية يمكن تمييز العادات و التقاليد البالية و التي بقت لحد اليوم و اشعلت جذوتها لتجدد الافكار و العقليات السلفية و الرجعية ، و بهذه العملية ، اي بتجسيد الفلسفة الحقيقية يمكن ازالة الرواسب و تنظيف المجتمع من العوائق الاجتماعية امام تقدمه ، و بها يمكن مواجهة التحديات و تصفية الوضع الاجتماعي من الموروثات السلبية ، و تتوسع الطريق امام توفير عوامل تقدم المجتمع .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من اهم واجبات المجتمع التقدمي بناء الانسان الصحي
-
لماذا المتاجرة بالسياسة من اجل المصالح الشخصية في العراق ؟
-
لماذا التملص من اجراء الانتخابات البرلمانية في اقليم كوردستا
...
-
انظمة الحكم المستبدة تحتٌم على المعارضين استغلال كافة الوسائ
...
-
المصالحة غير المشروطة مع البعث نكوث بالعهود الديموقراطية
-
الدولة المدنية تستوعب اليات ضمان الحقوق المختلفة للمجتمع
-
المدارس المختلطة تزيد فرص الابداع على المدى البعيد
-
دور المراة الهام في تحقيق دولة مدنية حديثة
-
النظام الديموقراطي ضامن لبقاء المجتمع المدني في كثير من المر
...
-
من اهم مهامات اليسار في المرحلة الراهنة، الواقعية و الاعتدال
...
-
مابين الليبرالية و اليسارية و الديموقراطية
-
المجتمع بحاجة الى المؤسسات و العقليات الثقافية التقدمية اكثر
...
-
اصرار البرلمان الكوردستاني على القائمة المغلقة للانتخابات ال
...
-
ما النظام السياسي و الحضارة التي تنصف المراة و تضمن حقوقها ؟
-
تمسك المراة بالروحانيات عادة مكتسبة
-
الشفافية تزيل الشكوك و الخوف من مجريات العملية السياسية الرا
...
-
العراق بحاجة ماسة الى اعادة التاهيل السياسي و الثقافي
-
اهمية ادارة التغيير و كيفية قطف ثمار الصراعات و الاختلافات
-
لماذا اختيار هذا الوقت لكشف تورط النواب العراقيين في الجرائم
...
-
اليسارية بين العقل والحرية
المزيد.....
-
-حماس- تُعلن رسميا مقتل يحيى السنوار: ننعى قائد معركة -طوفان
...
-
أفراد من القوات الأوكرانية يفرون من منطقة كورسك تحت ضربات ال
...
-
شيرين عبدالوهاب تحسم جدل لقب -صوت مصر- بعد مقارنتها بأنغام
-
أول تعليق من حماس على مقتل السنوار
-
كيف يؤثر انقطاع الطمث على دماغ المرأة؟
-
غداة اعترافه بمقتل 5 جنود بمعارك مع حزب الله.. الجيش الإسرائ
...
-
حماس تنعى رئيس المكتب السياسي للحركة يحيى السنوار
-
منفذا عملية البحر الميت.. من هما وما هي وصيتهما؟ (فيديوهات)
...
-
المشاركون في اجتماع صيغة -3+3- يدعون إلى وقف التصعيد في الشر
...
-
البرلمان الإيراني يفند تصريحات رئيسه التي أثارت غضب لبنان
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|