|
من اهم واجبات المجتمع التقدمي بناء الانسان الصحي
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2600 - 2009 / 3 / 29 - 09:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ وصول الانسان الى وضعه الحالي من الناحية العقلية و المعيشية في تسيير حياته الاجتماعية وحسب ثقافته العامة و افكاره و اعتقاداته و ايمانه ، فان تفكيره تركٌز بشكل عميق في كيفية تحسين حاله و تقدمه و سمو افعاله و دوره و استغلاله لكافة الوسائل لخدمة مستقبل البشرية ، و خاصة بعد ان استقر و امٌن ظروف معيشته الاقتصادية و استفاد من تجمعه و احتكاكه و علاقاته مع البعض، الى ان وصل الى عصر العلم و المعرفة و التكنولوجيا و استخدام الالكترونيات ، و تغير مع المستجدات ما له العلاقة بحياته و ظروفه من كافة المجالات . ومنذ وصول الانسان الى المعيشة التجمعية و التكتلات الاجتماعية و تدرجات من العائلة الى القبيلة و العشيرة و من ثم القومية و الامة ، اصبحت المستلزمات الضرورية لمعيشته نقطة ارتكاز تفكيره و عقليته و مستند نظرته الى الحياة و ما فيها من انواع المعيشة المختلفة . و نظرا لاختلاف الظروف التي مرت على الشعوب المختلفة العديدة في العالم ، اختلفت اوضاعه و صفاته و خصائصه ، ولكل ما جرى في التاريخ و ما حدث فيه له ترسباته الباقية على كيان المجتمعات و مكامن شخصية الانسان المختلفة من واقع لاخر و من وضع سياسي اجتماعي ثقافي اقتصادي مختلف لاخر . و دخلت التربية و التعليم الى الحياة البشرية بعد التقدم الذي حصل لها ، و تنوعت المؤسسات الخاصة من العائلة الى المجتمع و المدرسة و الجامعات في تاثيراتها على تربية الانسان و صحة بناء كيانه الحيوي و الفكري . و بسبب المتغيرات التاريخية نتيجة المؤثرات العامة كالظروف السياسية من القمع و الاحتلال و الغاء الانسان و النظر اليه كالة في فترات متعددة الى تدني مستوى التعليم و التربية و الثقافة العامة للمجتمع و من ثم عدم تلائم النظام التربوي و تخلفه ، اضافة الى النظم السياسية القمعية و تاثيراتها على نفسية و كيان و طبيعة و اخلاق الانسان ،و التي كانت لها تداعياتها مما نتجت افرازات سلبية على عملية بناء الانسان الصحيح . العائلة و العملية التربوية و المجتمع بشكل عام لم تتوفر فيهم مستلزمات بناء النسق الكامل و العقلية العلمية التقمية في الانسان الشرقي بالذات ، مما رسخ العلاقات الاجتماعية على ماهو عليه، بحيث انتجت ما يعيق خلق كيان بشري صحيح نتيجة الخلل الواضح في العلاقات بين الافراد و المجتمع و بين العائلة و المدرسة و المؤسسات التربوية بشكل عام . ان العملية التربوية الصحيحة لاي انسان تحتاج الى اليات و وقت و مؤسسات و مناهج و عقليات لترشده الى الطريق السوي في تفكيره و حياته الخاصة و العامة ، و اية عملية تحتاج الى صبر و وقت و اصرار و ارادة لنجاحها ، و اصعبها هي العملية التربوية الصحية لبناء الفرد ، و قبل ذلك من الواجب ازالة العوائق امام المسيرة الذاتية و توفير حقوقه ، و تعليمه على اداء واجباته . و هنا من الاولى ان تبادر المؤسسات و الباحثون الى ايجاد الوسائل الضرورية و من ثم ارادة الفرد و بمساعدة النظام السياسي و البلد بشكل عام . و من واجب المؤسسات تعليم و تدريب و ترشيد و تهيئة و تاهيل الفرد للتمسك بالقيم و المباديء التي تفيده و ترشده و تنظم له حياته و نوسع له القدرة و الامكانية و العقلية لبناء نفسه بشكل صحيح ، و تلزمه التمسك بالفكر و العقلية التقدمية و احترام الاخر و ترغبه على السلوك و الايمان العميق بالمباديء الديموقراطية الحقيقية التي توصله الى بناء نفسه و مجتمعه بشكل علمي صحيح . ان عملية بناء الانسان بذاته و بشكل صحي استنادا على العوامل و الاليات العلمية الدقيقة ليست بمشروع و كما هو و يجب ان ينتهي مدته بل هي عملية مستمرة و لها اصداء و اضواء و افرازات على المجتمع و العلاقات الاجتماعية الثقافية فيه . مما تحصل متغيرات و هذه ما تحتاج الى عملية تربوية طويلة الامد و مستمرة ، بحيث تثمر و تتكون بينهما علاقة مباشرة و جدلية ، و العوامل الهامة فيه هي البيت و المجتمع و الفرد و المؤسسات و البنى التحتية و الفوقية والعلاقات المتينة بينهم . و ان اية عملية بنيوية و تربوية تخلق مجتمع متغير في المدة التي تصل الى طور الانتاج ، و انها تعكس قيم جديدة و التي تؤثر بدورها على بنية الانسان العقلي و الفكري ، و يتحدد النظام و نوعه حسب المباديء الاساسية المعتمدة في تلك العملية ، و اكثرها تكون وفق نظام ديموقراطي ملم بمصالح الانسانية و ما يخص البشرية ، و للمؤسسات الاجتماعية و الثقافية و السياسية دور هام في بناء كيان الانسان الصحيح ، و يجب قطع الطريق و بشكل علمي فعال امام الافكار التضليلية الرجعية في العملية التربوية الصحيحة .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا المتاجرة بالسياسة من اجل المصالح الشخصية في العراق ؟
-
لماذا التملص من اجراء الانتخابات البرلمانية في اقليم كوردستا
...
-
انظمة الحكم المستبدة تحتٌم على المعارضين استغلال كافة الوسائ
...
-
المصالحة غير المشروطة مع البعث نكوث بالعهود الديموقراطية
-
الدولة المدنية تستوعب اليات ضمان الحقوق المختلفة للمجتمع
-
المدارس المختلطة تزيد فرص الابداع على المدى البعيد
-
دور المراة الهام في تحقيق دولة مدنية حديثة
-
النظام الديموقراطي ضامن لبقاء المجتمع المدني في كثير من المر
...
-
من اهم مهامات اليسار في المرحلة الراهنة، الواقعية و الاعتدال
...
-
مابين الليبرالية و اليسارية و الديموقراطية
-
المجتمع بحاجة الى المؤسسات و العقليات الثقافية التقدمية اكثر
...
-
اصرار البرلمان الكوردستاني على القائمة المغلقة للانتخابات ال
...
-
ما النظام السياسي و الحضارة التي تنصف المراة و تضمن حقوقها ؟
-
تمسك المراة بالروحانيات عادة مكتسبة
-
الشفافية تزيل الشكوك و الخوف من مجريات العملية السياسية الرا
...
-
العراق بحاجة ماسة الى اعادة التاهيل السياسي و الثقافي
-
اهمية ادارة التغيير و كيفية قطف ثمار الصراعات و الاختلافات
-
لماذا اختيار هذا الوقت لكشف تورط النواب العراقيين في الجرائم
...
-
اليسارية بين العقل والحرية
-
ماذا يحل بالمنطقة بعد نضوب النفط فيها ؟
المزيد.....
-
مشاهد توثق انفجار أجهزة -البيجر- اللاسلكية في عدد من المتاج
...
-
مصادر عسكرية رفيعة: تناقض شديد بين الجيش ونتنياهو ونخسر حرب
...
-
ألمانيا تتعهد بتقديم 100 مليون يورو إضافية لأوكرانيا في الشت
...
-
مصرع 4 أشخاص وإصابة 40 جراء حرائق الغابات في البرتغال
-
وزير القوات الجوية الأمريكية: روسيا ستواصل تهديدنا بغض النظر
...
-
قيس سعيد: جهات أجنبية تسعى لإفشال حركة التحرر الوطني في تونس
...
-
البرلمان الجورجي يتبنّى مشروع قانون حظر الدعاية للمثلية وتغي
...
-
مالي: مسلحون يهاجمون مقرا للقوات المسلحة في العاصمة والجيش ي
...
-
عاجل: عدد من الإصابات في حدث أمني غير واضح في الضاحية الجنوب
...
-
تطوير صمام قلب جديد لتفادي مشاكل عمليات استبدال الصمامات
المزيد.....
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
المزيد.....
|