أبو الحسن سلام
الحوار المتمدن-العدد: 2598 - 2009 / 3 / 27 - 09:02
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
د. أبو الحسن سلام
صناعة الأعداء فن هذا العصر في السياسة الدولية الغربية ، وهو فن كل العصور في توجهات حكام الأنظمة العربية الإسلامية على وجه الخصوص. وما من حاكم عربي إلاّ ويجيد ذلك الفن . إن الطغاة بلا استثناء يجيدون صناعة الأعداء ، ذلك أن الحاكم الديكتاتور يعيش حالة رعب دائم من عدو موهوم يصنعه لنفسه بنفسه إن لم يصنعه له مستشاروه وزبانية سرير حكمه ، كما يصنعه لشعبه ، ليصبح قائما في الناس شبحا مخيفا مرعبا على مدار يومه ليل نهار إن خرج على شعبه نهار – والسؤال لماذا لا يجيد حكام –العرب شيئا سوى صناعة الأعداء؟!
ترى الواحد منهم يفكر بالخنجر، متوجا به خاصرته ، أو تراه ملقما فمه بغليون ينفث من خلاله قرفا مكبوتا في مواجهة مسؤوليات يواجهها دون الرجوع إلى شعب لم يختره أصلا أو صكت ورقة الاستفتاء عليه بنعم أو لا أو هبط على البلاد كما هبط ملاك "دورينمات" على" بابل" بدون" براشوت " أو تراه متأبطا مسدسه في نهاره ومتوسدا به في نومه ومنامه أو تراه محاكيا موسي بعصا أغلظ وأطول من أن يهش بها على غنم ، وإنما هي صالحة لمآرب أخرى ، قد لا تبتعد عن فكرة الراعي والرعية لاعتقاد رسوبي في تراثنا العربي ، شهده أجدادنا في مشهد الواعظ على منبر المسجد في صلاة الجمعة والعيدين يصعد المنبر متكئ على سيف خشبي ، يركزه بجانب قدمه اليمني وهو ممسك بمقبضه في أثناء خطبته الدينية ، ربما كانت دليلا على فكرة الحد أو ثقافة الغزو والإغارة التي بني عليها تاريخ ثقافة البيداء .
ولا شك في أن صناعة معاداة حاكم دكتاتور لشعبه اعتمادا على شعار ( الكل في واحد ) استنادا إلى الحديث النبوي " إذا كنتم ثلاثة فأمروا أحدكم" التي أورثتنا طاعة ولي أمر علينا - من تلقاء نفسه أو بحض من نخبة اقتصادية ، تجيد فنون بناء رأي عام - منذ شرع شيخ العباسيين في وضع شعار ( المهدي المنتظر - المستبد العادل ) – الذي يتهيأ لشعبه بسيف مشرع أو بمسدس موجه أو بغليون يوهم بمدنيته أو بعصا يهش بها على شعبه أو يردع بها مطامع الغرب ، ظنا منه أو استشفافا لواقع فعلي بأن هناك مؤامرة تحاك ضد نظام حكمه ، وهنا يحشد قوى نظامه الإعلامي البائس بشن حملات هجوم استباقي ، يؤكد تفوقه ومهاراته في صناعة المزيد من الأعداء ، متخيرا من قاموس صناعته الشعاراتية العنترية ما يزود به عما وقر في رأسه ، دون أن يمسك بزمام مشكلات شعبه الحقيقية ويشرع في إيجاد حلول حقيقية واقعية تحفظ لشعبه ولبلده وللعرب كرامتهم الإنسانية ، وهو (لو) كان قد فعل ذلك أو شرع في فعله ؛ لما استطاع الغرب أو الشرق أن ينبس ببنت شفة ، لا أن يصدر حكما دوليا بتقديمه لمحكمة عدل أو ظلم .
تلك وجهة نظر ، حاولت تجنب الإفصاح عنها غير أني لم أفلح فالمسالة الحرقانية التي قال بها علماء النفس فاعلة في نفس كل مفك، ذلك أن كل حكامنا في الهم شرق ، وكل أنظمتنا السياسية بلاء وبلى ، وشر البلية ما يحض المفكر على الكتابة.
#أبو_الحسن_سلام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟