أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى حقي - الهدية ...؟ قصة قصيرة















المزيد.....


الهدية ...؟ قصة قصيرة


مصطفى حقي

الحوار المتمدن-العدد: 2598 - 2009 / 3 / 27 - 05:12
المحور: الادب والفن
    


لم يكنْ يتوقعُ أن يوجدَ في هذا المكانْ النائي البعيد .. انها هوايةُ الصيدِ تلك المصيبةُ التي ابتليَ بها.. هي مغامرةٌ ممتعةٌ ولكنها محفوفةٌ بالمخاطرِ .. البندقيةُ بذاتها خطرٌعلى حامِلها قبل الآخرين .. ومجردُ ضغطةٍ على الزنادِ بحركةٍ خاطئةٍ كافيةٌ لإحداثِ كارثةٍ ... لقد حطّ بهِ الترحالُ هذه المرّةَ في متاهةِ الباديةِ الشاسعةِ وفي وادٍ منعزلٍ يطاردُ بقيةَ غزلانٍ قيل أنَ بعضَهم شاهدَ فلولَها في هذا المكانِ .. ولكنّ الذي حدثَ لم يكنْ في الحسبانِ .. ان كلَّ سائقي العالمِ يحملونَ عجلةَ احتياطٍ واحدةً ..لكن ماحدثَ معهُ .. انه بعد أن أبدل العجلة المعطوبة بالاحتياط وسيره مسافة قصيرة انفجر دولاب آخر .. لينقطع عن العالم في وادٍ يكاد يكون مجهولاً .. وليزداد الطين بلة ، أنه في آخر لحظة نسي هاتفه الجوال في المنزل.. مع انه تذكره بعد حوالي العشر كيلو مترات ولكنه تكاسل العودة .. ولأنه لم يكن يتوقع أن يوجد في مثل هذه الورطة ، ولا حتى في الأحلام . ومن محاسن الصدف انه في اللحظة الأخيرة ملأ زجاجة ماء .. فكر أن يصرخ بأعلى صوته طالباً النجدة .. سخر من الفكرة ..أيةُ نجدة هذه التي يطلبها وهو في قاع واد خال من الأحياء حتى محيط خمسين كيلو متراً حسب تقديره .. والمشكل انه إذا ترك السيارة وغادر الوادي فإنه يجهل إلى اين سيتوجه دون اتباع آثار العجلات التي لن ترى بعد ساعة من الآن لقرب حلول الظلام ولم يكن مزوداً بمصباح يدوي .. أخيراً رضخ لحكم الواقع والبقاء محصناً في كابينة سيارته طوال الليل مكتفياً بزجاجة الماء وبندقيته .. لأول مرة في حياته أحس بتباطؤ الزمن وملل الوقت .. ان الدقيقة تمر هنا كعام .. وثالثة الأثافي ان مذياع السيارة كان معطلاً ولينقطع عن العالم كلياً .. سجن الوقت يحاصره في محبسه وقد رفع الزجاج وأحكم إغلاق الأبواب وجهز بندقيته .. والظلام الحالك يزيد من شجنه .. ولكن بعد وقت ابتسم له الحظ عندما آزره القمر ونشر نوره الفضي على المكان ، ليفتحَ أمامَهُ ساحة واسعة .. وإذا بعشرات من الظبية يتراكضون وكأنهم يرقصون .. سر كثيراً لرؤية تلك الحيوانات الأليفة الجميلة التي آنست خلوته و أحس بعطف نحوها ، وقرر أن لا يوجهَ بندقيتَهُ إليها بعد اليوم ... وفجأة حدث ما جعل تلك الكائنات الأنيسة تجفل في مكانها وتتعثر في جريها يميناً وشمالاً وهي جزعة تطلق صرخات رعب .. ثم ليظهرذئب ضخم مهاجماً وينقض على إحداها ويعمل أنيابَهُ فيها تمزيقاً وصوتُ الضحية يمزق القلوب .. ولم يشعر بنفسه إلا وهو خارج السيارة مصوباً بندقيته باتجاه الوحش الكاسر ويطلق النار ... ويسقط الوحش المفترس مضرجاً بدمه ... وتعلو صرخات الفرح وصدى زغاريد ... نعم انها زغاريد ترددت أصداؤها على جنبات الوادي السحيق .. عاد إلى سيارته و هو في أوج غبطته وسروره وفخوراً لإنقاذه تلك الحيوانات الأليفة من شر ذئب كاسر ولكن ما حيّره هو صوتُ الهلاهلِ ،التي لا تصدرُ إلاعن إنسانٍ وليس حيوان .. وفي قمة حيرته .. فإذا بالساحة أمامَهُ تضج بالحركة وأشباح تتحرك هنا وهناك وبنشاط وماهي إلا دقائق حتى أضيء المكان بنيران حطب مشتعل موزع في كل الجوانب ... وقبل أن يصحو من حيرته واندهاشه إذ بعبدين عملاقين أسودين يحملان محفةً بهودجٍ حريري يدنوان من مكان وقوفه ... وكم كانت مفاجأة مذهلة وهو يرى امرأة تترجل من داخل الهودج برشاقة .. وتتقدم نحوه ورائحة شذى رائع يسبقها .. وصعق لدى اقترابها منه لحسنها وقدها الممشوق ... وقفت أمامه بحسنً يشع جمالاً وبهاءً .. وصُلب لسانه للأحداث غير المتوقعة وغير المعقولة ..ان ما يشاهده حلم ولا شك .. امرأة حسناء في هذا المكان المقفر .. ولا يعرف كيف تحرك لسانه ونطق : اعذريني .. أنت أنسية ...أم جنية ...؟
وسمع ضحكتها الرائعة تتردد أصداؤها في المكان وردت عليه بغنج ودلال
: وهل أبدو لك عفريتة أيها الشاب الجميل الشهم ... ..؟ وقهقهت بدلال وهي تردد
: هيا امسك بيدي وتلمسني لتتأكد من اني ملاك ..! وبعد أن استعاد روعه أمسكت بيده وسحبته إلى داخل خيمة من الديباج نصبت بسرعة وقد أثثت بفرش وثير وأجلسته بجانبها وهو غير مصدق ما يشاهد وما يرى وتوسلها
: أرجوك أيتها الجميلة فسّري لي ما يحدث هنا .. ؟ وقبل أن ترد أقبلت زنجية تحمل طبقاً عليه كأسان من شراب لذيذ وبارد وراح يرتشف من كوبه بعذوبة وهو غير مصدق وجود شراب بارد في هذا المكان النائي ... ولم يكد ينتهي من ظنونه .؟. حتى دخل الخيمةَ عددٌ من الرجال يحملون طبقاً كبيراً من الرز المتوج بخروف مشوي ورائحة البهارات تثير الشهية ... ؟ وأغمض عينيه واستلقى على ظهره مستسلماً بصمت... دنت منه المرأة توشوشه ..
: ما بك أيها الشاب الوسيم ، أترفس النعمة بقدمك ... ! وردّ وهو لازال مغمض العينين ..
: هل أنا في حلم أم ....
: أنت في الحقيقة .. ولكن لنفرض انه حلم .. هيا استمتع به .. الحياة فرص أيها الشاب عليك أن تستغلها ..
: أولاً من أنت .. من تكونين ..؟
: أنا وصيفة الملكة شاهناز ... وهدية بلا مقابل منها لك .. ؟ وفغر فاه وفتح عينيه على سعتهما !
: ملكة وشاهيناز .. وفي هذا المكان المقفر يوجدُ ملوكٌ ! وتريدين مني أيتها الوصيفةُ الفاتنةُ أن أصدقَ ...؟ وفجأة تناهي لسمعه دويُ قرعِ الطبول وأنغامُ مزاميرَ واصواتٌ تنادي .. افسحوا الطريق للملكة المعظمة شاهيناز .. ؟ وتدخل امرأة متوجةٌ حسناءُ الخيمةَ على رأس شلة من الرجال والنساء والعسكر .. وترمق الصيادَ بابتسامةٍ
: نشكرك ومملكتي أيها الشاب الشهم ، لقد أنقذتنا من عدونا اللدود الذئب الكاسر الذي كاد يفني شعبنا . وهذه وصيفتي الأولى الجميلةُ هديتي لك طالما أنت باستضافتنا ’ كما ندعوك أن تنضم إلى مملكتنا بمرتبةِ وزيرٍ إنْ رغبتَ والآن أتركك والحسناء وليلة سعيدة وإلى اللقاء صباحاً وقد أمرت بإصلاح عجلة سيارتك فوراً... وتغادر الملكة على قرع الطبول وصدى المزامير .. ويخلو المكان على الفتاة والرجل ويشتبكان في عناق طويل طويل .. ليغيب الصياد في متاهات السعادة وهو يحتضن الملاك الهدية .. وعلى أشعة شمس الصباح الحارقة يفتح عينيه وهو مستلق على الرمل بجانب سيارته ولا أحد في المكان ولا خيمةٌ ولا غزلانُ ولا امرأةٌ .. وكم كانت دهشته كبيرة عندما وجد أن إطارات سيارته جميعها سالمةٌ ، وأشغل المحرك وقاد سيارتَهُ وهو لازال يحلم في وصيفة الملكة شاهيناز .. ولكن كانت هناكَ جثةُ ذئب تنهشه العقبانُ ...؟





#مصطفى_حقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واقع المرأة العربية في بداية الإسلام لم يعد بداية ....؟
- زوال التخلف رهن بتطبيق العلمانية ولا خيار..؟
- الهام لطيفي تحاورالاستاذ مصطفی حقی
- ليستمر منبر الحوار المتمدن متمدناً .. ؟
- تعدد الشخصيات وشم تراثي في مجتمعنا العربي ..؟
- كل صباح وأنتم بفتوى .. ويحق للجيران طلب تطليق زوجين متشاجرين ...
- معركة الأحذية في العالم العربي يتوجها البشير ..؟
- الرجال محجوبون قبل النساء في هذا الشرق السعيد...؟
- عيد الأم عيد الأرض الوطن...؟
- نظام (الكوتا) خط عبور ذكي لأنصاف المرأة ...؟
- عندما يكفّر المسلمون بعضهم البعض ,,؟
- هل السجود للأقوياء دليل احترام أم إذلال للساجد ..؟
- أردوغان والعوم في بحر السياسة الهائج .. ؟
- نظام الخلافة الإسلامية مستمر في البلاد العربية وبجدارة ..؟
- من هو المسؤول عن قتل ليليان ووالدتها المقعدة وبوحشية ..؟
- القومية والدين في البلاد العربية ..؟
- مستقبل القضية الفلسطينية تركها فلسطينية بلا عربية ...؟
- الكاتب المسرحي وورطة الإخراج ...؟
- لماذا لانثير اهتمام الآخرين ..؟ !
- مابين القمم العربية ضاعت (لحانا) والقضية ..؟


المزيد.....




- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...
- “تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش ...
- بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو ...
- سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى حقي - الهدية ...؟ قصة قصيرة