|
-الاحترام-.. حلال على حكومة نتنياهو وحرام على الحكومة الفلسطينية!
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 2597 - 2009 / 3 / 26 - 09:47
المحور:
القضية الفلسطينية
وكأنَّ "اتفاق مكة" لم يفشل فلسطينياً إلاَّ لينجح إسرائيلياً، فها هو نتنياهو وباراك يتَّخِذان من كلمة "احترام" مفتاحاً يفتحان به باباً لتحالفهما الحكومي.. وها هي تجربة الحوار، أو التفاوض، بين "الخصمين" الإسرائيليين تذلِّل، بما تمخَّضت عنه من نتائج، عقبة كبيرة من طريق نجاح تجربة الحوار، أو التفاوض، بين "الخصمين" الفلسطينيين، إنْ هما أرادا النجاح لها، أو كانت لهما مصلحة مشتركة في جعل الأوَّل من نيسان المقبل، الذي يحلُّ فيه الكذب، يوماً للصدق الفلسطيني.
باراك غير المحترَم، حتى بحسب المعيار الإسرائيلي، تنازل عن مطلب أنْ تلتزم حكومة نتنياهو اتفاقيات إسرائيل السابقة مع الفلسطينيين، والمبادئ والأفكار والمقترحات التي قَبِلَت أنْ تكون جزءاً من المرجعية الدولية لتفاوضها معهم، مكتفياً بأن تلتزم هذه الحكومة احترام تلك الاتفاقيات مع البنية السياسية والقانونية التحتية لتلك المرجعية؛ ولسوف يُظْهِر نتنياهو هذا الاحترام من خلال إظهاره مزيداً من الاستمساك بخيار "السلام الاقتصادي"، الذي يقوم على "الاقتصاد" في "السلام السياسي"، ووقف العمل التفاوضي بمبدأ "الأرض في مقابل السلام" إلى أن يتحقَّق للفلسطينيين من "الازدهار الاقتصادي" ما يكفي لقبولهم هذا المبدأ، بعد مسخه إسرائيلياً، وإفقاره من معانيه التي تحظى بالشرعية الدولية.
وإنِّي لأنصح الفلسطينيين والعرب من المؤمنين بـ "مبادرة السلام العربية"، ولو كفر بها السلام نفسه، أنْ "يقتصدوا" في إظهار غضبهم على حكومة نتنياهو المقبلة؛ لكونها التزمت الاحترام، ولم تلتزم الالتزام؛ فباراك يمكنه وينبغي له أن يُقْنِعهم بأنَّه هو ذاته خير دليل على ضآلة، بل انعدام، الفرق بين حكومة إسرائيلية "تلتزِم".. وحكومة إسرائيلية "تحترِم"..؛ ألَمْ يكن هو نفسه وزيراً للدفاع في حكومة اولمرت "الملتزِمة".. قبل أن يصبح وزيراً للدفاع أيضاً في حكومة نتنياهو "المحترِمة"..؟!
ولقد رأينا، والعالم كله رأى، كيف تُتَرْجِم الحكومة "الملتزِمة".. التزامها، وكيف تؤسس لـ "السلام السياسي"، وتَنْبُذ وهم "السلام الاقتصادي"، في مفاوضاتها السياسية العبثية مع الفلسطينيين، وفي تشديدها الحصار على قطاع غزة، وفي جرائم الحرب التي ارتكبتها في حقِّ أهله.
وأحسب أنَّ تلك الحكومة "الملتزِمة".. قد أرَتْنا من التزامها، وقوَّته، ما ينبغي له أن يجعلنا نخجل من التظاهر أمام العالم بالغضب على حكومة نتنياهو، أو على "الخائن" باراك.
الآن، ليس لـ "السلام" من مرجعية إلا "مرجعية نتنياهو"، التي التزمها باراك إذ "اكره" نتنياهو على ستر بعض عوراتها بحجاب كلمة "احترام"، التي لن يجد "السلاميون" في "حكومة نتنياهو ـ ليبرمان" صعوبة لا يمكن تذليلها في سعيهم إلى إقناع إدارة الرئيس أوباما بأنَّ "الاحترام" لن يُتَرْجَم مستقبلاً، أو عمَّا قريب، إلاَّ بما يؤكِّد أنَّ هذه الحكومة ملتزِمة فعلاً أنابوليس، مرجعيةً ومساراً، و"مبدأ حل الدولتين"، فالرئيس أوباما شرع، على ما يبدو، يفهم "التغيير"، الذي اتَّخذ منه شعاراً يُتوِّج به حملته الانتخابية، على أنَّه تجديد للقديم ذاته، وفي الموقف من النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين على وجه الخصوص.
نتنياهو سيُحدِّث الفلسطينيين والعالم، من الآن وصاعداً، عن "السلام الاقتصادي"، ومزاياه؛ ولكن من غير أن ينسى "الأمن" وأهميته، فالفلسطينيون ينبغي لهم، إذا ما أرادوا قطف "الثمار الطيبة" لهذا السلام، وتحسين عيشهم الاقتصادي، أنْ يوقفوا كل "أعمال العنف"؛ وينبغي لهم أيضاً أنْ يفهموا "السلام الاقتصادي" على أنَّه تأسيس لـ "البنية التحتية الاقتصادية" لـ "السلام السياسي"، الذي لن تقوم له قائمة إذا لم يجنح الفلسطينيون إلى الاعتدال والاقتصاد في مطالبهم السياسية؛ وإنَّهم، على ما يتوهم نتنياهو، سيجنحون عندما يدركون، بفضل "السلام الاقتصادي"، أنَّ لديهم الآن ما يخسرونه إذا ظلوا مستمسكين بمطالبهم السياسية والقومية ذاتها.
وهذا "السلام الاقتصادي"، والذي هو حجاب يستر به نتنياهو عداءه التلمودي لمبدأ "الأرض في مقابل السلام"، في معناه المقر دوليا، يمكن أن يسعى رئيس الحكومة الإسرائيلية الجديدة في "أقلمته"، فالتطبيع للعلاقة الاقتصادية بين إسرائيل والدول العربية يمكن أن يساعد كثيراً في إنهاء النزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين، كما يمكنه أن يؤسِّس لـ "سلام سياسي" في المستقبل بين إسرائيل والعرب جميعاً!
التزام حكومة نتنياهو احترام الاتفاقيات (مع الفلسطينيين) يمكن ألاَّ يكون كافياً لتحقيق "السلام السياسي"؛ ولكنه يمكن ويجب أن يكون كافيا، على ما يريد نتنياهو أن يوهمنا، لبدء مفاوضات مع الفلسطينيين، توصُّلاً إلى "السلام الاقتصادي".
أمَّا الفلسطينيون فينظرون إلى تأليف حكومة جديدة لهم، تلتزم تلك الاتفاقيات، ولا تحترمها فحسب، على أنَّه طريقهم الدولية إلى إنهاء الحصار المضروب على قطاع غزة، وبدء إعادة الإعمار هناك، فالسلام أكان اقتصادياً أم سياسياً ليس بالهدف الذي ترجح فيه، وفي السعي إليه، كفة الحقيقة على كفة الوهم.
وإذا كان "السلام السياسي" هدفاً بعيد المنال، والآن على وجه الخصوص، وإذا كانت الحكومة الإسرائيلية المقبلة لا تملك من شيء تحدِّث الفلسطينيين عنه، وعن مزاياه ومستلزماته، سوى "السلام الاقتصادي، أو طوباويته، فإنَّ "السلام الأخلاقي والإنساني" هو ما ينبغي للفلسطينيين أن يولُّوا وجوههم شطره، بعد تسوية النزاع بين "فتح" وحماس"، بما يسمح بتأليف حكومة فلسطينية جديدة، لا تختلف، إنْ أمكن، عن حكومة نتنياهو لجهة الطريقة التي حلَّت بها مشكلة "احترام أم التزام".
وقوام هذا "السلام الأخلاقي والإنساني" هو المحاكمة الدولية لمجرمي الحرب في إسرائيل، فالسعي الفلسطيني إلى "السلام السياسي" لن يصبح في حُكْم "الحلال" قبل أن يستوفي شروطه الأخلاقية والإنسانية، أي قبل أن يلقى مجرمو الحرب في إسرائيل الجزاء الذي يستحقون.
إنَّ إنهاء الفلسطينيين للنزاع بينهم، واتفاقهم على ما من شأنه أن يرفع الحصار، ويفتح المعابر، ويطلق جهود إعادة الإعمار، وتنظيمهم السعي لمحاكمة مجرمي الحرب في إسرائيل، هي وحدها الأمور التي يجب أن تستأثر باهتمامهم، فالسلام مع إسرائيل الآن إنما هو خيار من لا خيار لديه؛ وليس في كل التجارب الواقعية لمفاوضات السلام ما يقيم الدليل على أنَّ فاقد مقوِّمات "الخيار الآخر" يمكنه أن يصنع سلاماً!
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أوباما ينفخ في -وول ستريت- ما يشبه -روحاً إسلامية-!
-
التَّحدِّي اللغوي!
-
-الخطاب النيروزي-.. معنىً ومبنىً!
-
في الأردن.. يجادلون في -الأقاليم- وكأنَّها -أقانيم-!
-
-أُمُّ اللجان- يجب ألاَّ تكون ل -الحكومة-!
-
شيء من -الأيديولوجيا الإعلامية-!
-
على هذا فَلْيَتَّفِق -المتحاورون-!
-
وخلقناكم -فصائل- لتحاوروا..!
-
-الغلاء الأردني-.. مات -سبباً- وبقي -نتيجةً-!
-
أزمة -مقالة الرأي-!
-
-العدالة الدولية- بين إقليمي غزة ودارفور!
-
حلٌّ تتوفَّر على إبداعه -حكومة نتنياهو ليبرمان-!
-
رواتب الوزراء والنواب في الأردن تعلو ولا يُعلى عليها!
-
أزمة العلاقة بين -السياسة- و-المبادئ-.. فلسطينياً!
-
-إعادة إعمار- من طريق -الهدم السياسي-!
-
-تحرير- المصالحة بين الفلسطينيين!
-
أهي بداية تعافٍ في السياسة العربية؟!
-
على نتنياهو أولا أن يلتزم ما التزمه عباس!
-
أوباما يطلب -الترياق- ولو في السويد!
-
تهويد -مبدأ كلينتون- بدءاً من حي سلوان!
المزيد.....
-
كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟
-
فيديو مروع يظهر هجوم كلب شرس على آخر أمام مالكه في الشارع
-
لبنان.. عشرات القتلى بالغارات الإسرائيلية بينهم 20 قتيلا وسط
...
-
عاصفة ثلجية تعطل الحياة في بنسلفانيا.. مدارس مغلقة وحركة الم
...
-
مقتل مسلح وإصابة ثلاثة من الشرطة في هجوم قرب السفارة الإسرائ
...
-
اتفقت مع قاتل مأجور.. نائبة الرئيس الفلبيني تهدد علنا باغتيا
...
-
العثور على جثة الحاخام المفقود في الإمارات وتل أبيب تعتبر ال
...
-
سكوت ريتر: بايدن قادر على إشعال حرب نووية قبل تولي ترامب منص
...
-
شقيقة الملك تشارلز تحرج زوجته كاميلا وتمنعها من كسر البروتوك
...
-
خبير عسكري روسي: واشنطن أبلغت فرنسا وبريطانيا مباشرة بإطلاق
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|