أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - رمضان متولي - عفة زائفة ودعارة مقدسة














المزيد.....

عفة زائفة ودعارة مقدسة


رمضان متولي

الحوار المتمدن-العدد: 2591 - 2009 / 3 / 20 - 10:07
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


لا نقول جديدا إذا أكدنا أن النفاق الأخلاقي في مجتمعنا بلغ ذروته مع تزايد مظاهر التدين في الملابس وممارسة الطقوس الدينية وغير ذلك من إضفاء المسحة الدينية على كل جانب من الجوانب التافهة في نشاطنا اليومي.

ولا نقول جديدا إذا أشرنا أيضا إلى أن هذه المظاهر الدينية المغالية في تشددها طرأت على مجتمعنا عندما ساد الإحباط وفقد مجتمعنا الأمل في الرقي والتقدم وتحقيق الطفرة في العلوم وفي الصناعة والاستقلال السياسي والاعتماد على الذات، ذلك الإحباط الذي ترتب على هزيمة المشروع القومي الذي قادته الناصرية في أواخر ستينيات القرن الماضي.

الاهتمام بالشكل والمظاهر على حساب المضمون الأخلاقي يأتي ملائما تماما لثقافة المجتمع المهزوم أمام طغيان القوة والثروة، لأن المجتمعات المهزومة والمحبطة تعجز عن الإبداع سواء في المجال المادي أو في المجال الأخلاقي، وكل ما تفعله لشرعنة سلوكها أن تضفي عليه عددا لا يحصى من الإجراءات والممارسات الشكلية لتجنب الشعور بالذنب حتى في ممارسة أبسط حقوقها، فالمهزوم لا يملك حتى الدفاع عن حقه أمام نفسه والآخرين.

شاهدت نموذجا لذلك في أحد برامج "التوك شو" على قناة "أون تي في" يوم الأربعاء الماضي الذي تناول فكرة العلاقة بين غشاء البكارة والعفة أو الشرف، ورغم أن ضيوف البرنامج حرصوا على تأكيد اعتقادهم بأن الشرف لا علاقة له بذلك الغشاء، بل إن بعضهم أكد الحقيقة البسيطة بأن الفتاة والمرأة هي المالكة الوحيدة لجسدها وأن لا أحد غيرها له أي حقوق على هذا الجسد، فقد حرصوا جميعا أيضا على تأكيد رفضهم لممارسة الجنس خارج إطار الزواج، وأكدت مقدمة البرنامج أكثر من مرة على هذا الرفض وكأنها تنفي اتهاما ولا تناقش قضية.

لم يلاحظ أي من ضيوف البرنامج هذا التناقض الصارخ بين تأكيد حق المرأة على جسدها وبين تقييد أهم ما يخص جسد هذه المرأة بإطار قانوني لا يستطيع أحد أن يزعم أنه إطار عادل أو رباط صحي بين الرجل والمرأة. جميع الضيوف ركزوا على المعايير المزدوجة في مجتمعنا الذكوري، وطالبوا ببرامج تربوية تهدف إلى إلزام الرجل أيضا بنفس القيود في ممارسة العلاقة الجنسية. لكن لم يرفض أحد فكرة أن للآخرين حق منع الرجل والمرأة من اختيار شكل العلاقة بينهما خارج إطار تلك المؤسسة العتيقة والقمعية – مؤسسة الأسرة.


وأنا أشاهد البرنامج تذكرت حالة نموذجية لهذا النفاق الأخلاقي في مجتمعنا والتي أدركت بعد ذلك أنها ليست الحالة الوحيدة، بل هناك الآلاف من الحالات المماثلة – وهي ممارسة الدعارة في إطار شرعي. لا تتعجب أيها القارئ من هذه الصياغة، فالحالة التي سأحكي عنها لا يمكن وصفها بغير ذلك. ففي أوائل تسعينيات القرن الماضي شكت لي زميلة في العمل مر الشكوى من استغلال المحامين لها ماديا وجنسيا، وعندما سألتها عن حاجتها للذهاب إلى المحامين قالت إنها تزوجت من أحد الشبان العرب من منطقة الخليج خلال زيارته لمصر. كانت تنتمي إلى أسرة مصرية فقيرة وتتمتع بقدر من الجاذبية والجمال، وقالت لي أن زوجها استأجر لها شقة بحي العجوزة الراقي كما استأجر سيارة ودفع لأهلها مهرا كبيرا وقضى معها في هذه الشقة فترة طويلة أنجبت منه ولدا وأصبحت حاملا في الثاني. وسرعان ما اكتفى زوجها من مصر ومنها ومن الشقة والسيارة، فتركها وعاد إلى بلاده دون أن يترك لها ما يكفيها ذل السؤال والإنفاق على ابنيهما.

وعندما سمعت قصتها أفلتت مني العبارة رغم قسوتها، قلت لها لقد استأجر الرجل شقة وسيارة وامرأة حتى وان اتخذت علاقته بك شكلا رسميا. اكتئبت زميلتي قليلا ولكنها أقرت بتلك الحقيقة، وكان قانون الجنسية آنذاك لا يعطي المرأة المصرية حق منج جنسيتها لأبنائها من الأجانب، مما كان يضطرها لقبول أي شكل من أشكال الاستغلال، بما في ذلك الاستغلال الجنسي لها، من أجل الإنفاق على الأولاد الذين كانوا يعاملون معاملة الأجانب.

لا أعرف ما حدث لهذه المرأة بعد ذلك، لكنني عرفت أن هناك نساء كثيرات غيرها مارسن الدعارة أو تم بيعهن في هذه السوق تحت ذلك الإطار الشرعي المقدس الذي تباح من خلاله تلك الممارسة القذرة. والحقيقة أن أي مقارنة بين هذا الزواج وممارسة الجنس في إطار العلاقة الحرة بين الرجل والمرأة، سوف تكون في صالح العلاقة الحرة، فهي أكثر قدسية وأكثر احتراما لحقوق الرجل والمرأة في التصرف في جسديهما بحرية وفي نفس الوقت لا تعامل هذا الجسد على أنه سلعة تباع لمن يدفع أكثر حتى وإن كان ذلك في إطار "شرعي".





#رمضان_متولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحضير أرواح الموتي … هل يصلح ما أفسده الجشع؟
- أمامنا مستقبل لنكسبه
- الخروج من الأسر
- واقعية سياسية أم استسلام للأمر الواقع
- آلام المخاض لأجمل أطفال العالم
- انتهاز فرصة الأزمة للانقضاض على الدعم
- اقتصاد السوق وخرافة الكفاءة
- الفقراء لا يستفيدون من الرخاء ويدفعون ثمن الأزمة
- لا تنتحر ولا تذهب إلى المملكة!
- اقتصاد الفقاقيع
- الأزمة والفوضى … جوهر اقتصاد السوق
- أوهام الإصلاح من أعلى وحلم الثورة الواقعي
- مرجريت في الإسكندرية
- معركة المعارضة الضرورية: سيناريو التوريث أم مواجهة النظام؟
- مواجهة الفساد أم مناورة لامتصاص الغضب؟
- أبو الغيط يغيظ المصريين
- مالي أنا والشورى؟
- بورصة ، بورصة – ولا عزاء للفقراء
- بربرية وأمل في عصر التطرف
- أصرخ يا نور


المزيد.....




- بي بي سي 100 امرأة 2024: من هن الرائدات من المنطقة العربية ع ...
- البرلمان الأوكراني يقترح تسجيل النساء كمتطوعات بعد خدمتهن ال ...
- ضحيتها -الطالبة لالة-.. واقعة اغتصاب تهز الرأي العام في موري ...
- الاغتصاب: أداة حرب في السودان!
- غوتيريش: غزة بات لديها الآن أكبر عدد في العالم من الاطفال ال ...
- -المانوسفير- يصعّدون هجماتهم ضد النساء بعد الانتخابات الأمير ...
- حجاب إلزامي وقمع.. النساء في إيران مقيدات منذ أكثر من 45 عام ...
- أيهم السلايمة.. أصغر أسير فلسطيني
- سابقة في تاريخ كرة القدم النسائية السعودية
- سجل وأحصل على 800 دينار .. خطوات التقديم في منحة المرأة الما ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - رمضان متولي - عفة زائفة ودعارة مقدسة