سعد هجرس
الحوار المتمدن-العدد: 2591 - 2009 / 3 / 20 - 10:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الأفكار الدراجة تصور الشعراء على أنهم أناس غريبى الأطوار، يتبنون أفكاراً خيالية بعيدة عن الواقع والمنطق والحقيقة.
وقد ينطبق هذا الكلام الفارغ على أقلية من المنتسبين إلى إمبراطورية الشعر. أما الشعراء الحقيقيين الذين تركوا بصمات خالدة على وجدان الشعوب فقد كانت أشعارهم تكثيفاً عبقرياً للحقيقة، وكشفاً مذهلاً عن المستور والمسكوت عنه، ونفاذا مدهشاً إلى أغوار الكون والنفس البشرية والصراعات الدرامية والتراجيدية بين الأفراد والجماعات والشعوب.
وعلى الأرجح أن أولئك الذين ينتمون إلى الفئة الأولى، التى تتطير من "شيطان" الشعر وتحذر من صحبة الشعراء "الذين لا يتبعهم إلا الغاوون"، هم الذين اندهشوا أن تأتى مبادرة "حلم العلم" من الشاعر جمال بخيت، ففى ظنهم أن الشعر قد ينسجم مع "الحلم"، لكنه هو و"العلم" – فى رأيهم – نقيضان لا يلتقيان.
وهؤلاء لا يعرفون من "أغراض الشعر" – فيما يبدو – سوى المديح والهجاء – المدفوعا الثمن على الأرجح – أو الغزل العفيف أو العنيف. لذلك أدهشهم أن تأتى مبادرة الانتصار للعلم من جانب أحد هؤلاء الذين يقرضون الشعر الذى "أعذبه أكذبه"!
ولعل الشاعر الجميل جمال بخيت قد رد على مثل هذه التخرصات السخيفة بشكل غير مباشر بقوله البليغ "إن فكرة هذا المشروع ليست اكتشافاً جديداً. ولا أطلب عليها حكما ببراءة الاختراع. إنه "جين العلم" الكامن فى ضمير المصريين. فالمصريون هم الذين استقبلوا نسمة العلم الأولى على وجه البشرية، ففتحوا لها أبواب العقول والقلوب وذوبوها فى خلاياهم ليحتفظوا بها نقية شفافية تتنقل من جيل إلى جيل..".
وجمال بخيت يستحق التحية، والتشجيع، والتأييد، والمساندة، من أجل تحويل "الحلم" إلى "علم" وتحويل المبادرة إلى حقيقة، فهذه خطوة ايجابية هائلة بعيداً عن سطوة البيروقراطية وتعقيداتها وعقمها فى مواجهة مملكة الخرافة التى تنشر ظلامها وجهالتها فى ربوع الوطن، وفى كافة مرافقه وأعصابه الحية، بما فى ذلك مؤسسة التعليم ذاتها.
وغير خاف على أحد أن مؤسسة الخرافة الرهيبة هذه هى التى تغذى مؤسسات الفساد والاستبداد، وهى المسئولة كذلك عن التشوهات المزمنة فى السياسة والاقتصاد، لأنها تضرب أهم قيمة وأقوى سلاح ألا وهو العقل.
وقد آن الأوان لتحرير العقل المصرى من اللاعقلانية. وإذا كانت الأجهزة الحكومية المتعاقبة قد فشلت فى الانتصار للعلم بحيث مازلنا نعيش فى عار الأمية بينما العالم يعكف على تنفيذ "الإنترنت بين الكواكب"! فلماذا لا نجرب دعم مبادرة "أهلية" كتلك التى دعا إليها الشاعر الجميل جمال بخيت؟!
#سعد_هجرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟