|
الثامن من آذار هو يوم تاريخي وهو بمثابة صرخة لازالة الخطأ الفكري الكبير ضد المرأة ولتجاوز مجتمع الرجال
هيفاء دلال ضاهر
الحوار المتمدن-العدد: 2588 - 2009 / 3 / 17 - 09:22
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
في يوم المرأة العالمي الثامن من آذار من كل سنة تترقب ونراقب اذا ما حصل تغيير ما في وضع النساء او أي تقدم يذكر، قيل الكثير وطرح الكثير من النقاشات حول وضع المرأة ومشاركتها اجتماعيا وسياسيا في الدخول الى مواقع اتخاذ وضع القرار، كل ذلك لم يؤد الى أي نتيجة تذكر ومعاناة النساء المحرومين من اقل الحقوق الاجتماعية والسياسية ما زالت مستمرة. الا تعتبر من خلال وضع كهذا معزولة عن مجتمعها ما دامت مجهولة بين القيادات؟ لطالما قيل بان على المرأة الاشتراك في بناء مجتمعها، والانكى من ذلك مع انها فعلا تساهم في بناء مجتمعها وبناء البنية التحتية بل هي الاساس لدعمها، لكن لا احد يقدر لها ذلك، فمن خلال العمل الاسود والشاق الذي لا تعطى فيه حقوقها كاملة حين اجتذبتها الرأسمالية والعولمة المتوحشين لسوق العمل دون ان تعطيها المساواة، بل استغلتها كأيد رخيصة ابشع استغلال من اجل زيادة ارباحها. اما اذا حصل واعطيت احيانا بعض الحقوق فما هي الا للتستر على واقع ازدياد اللامساواة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية العنصرية. اضافة لمعاناتها خارج البيت ورغم ان العمل بقدر ما هو انصافا لها الا انه ارهاقا مضاعفا لأنه اضيف للعمل المنزلي وتربية الاطفال وخدمة افراد العائلة، وليس هناك من يساعدها لأن الاغلبية الساحقة من الازواج يحملون فكرا وعقيدة قديمة منذ الازل، بان العمل المنزلي هو خاص بالمرأة ويدعون بانه يتناسب مع طبيعتها، كذلك مساعدة الرجل لها تنقص من رجولته وكرامته، واذا حصل وساعد مرة فيتجاهل ذلك مرات عديدة، لانه من خلال عقيدته هذه لم يكن لديه أي شعور بالمسؤولية تجاه العمل المنزلي. اما وان كان هذا الامر بمثابة "توزيع العمل المنزلي" وليس المساعدة وكل فرد في العائلة تقع عليه المسؤولية بان يقوم بدوره، سيكون استقرارا في العائلة، بل ويكون بمثابة دروسا تلقائية للاطفال حين يكبرون وتترسخ لديهم عقيدة بان يكون لكل فرد دور ملقى على عاتقه وتحمل مسؤوليته وليس الامر مجرد مساعدة متى شاء. لكن يبقى السؤال: مَن من الرجال يرغب في تحديد سلطته؟ والعوامل الذاتية ايضا تكون ناتجة عن مخلفات الاحكام المسبقة تجاه المرأة، او الرغبة الخاطئة في حمايتها، أي عدم تكليفها باعمال يمكن ان يؤديها غيرها وان عليها ان تهتم بالاعمال المنزلية وتربية اطفالها ورعاية العائلة. فمجرد تفكير كهذا يعتبر خطأ فكري كبير يجب القضاء عليه. كم من الرجال في مجتمعنا اليوم لا يفكرون بان المرأة كيان ناقص ومتدن وان ذكاءها وقدراتها اقل مستوى من الرجل والقليلون هم من يجرؤون على التصريح بانها تساهم في بناء المجتمع بل وتفيده ايضا، من هنا تبدأ الاوضاع المجحفة بحق المرأة وتحد من عملية تطويرها وتأهيلها وتؤثر سلبيا على دعمها ورفع مكانتها في أي اقتراح لترشيحها لاي موقع اداري مسؤول رغم توفر الشروط المطلوبة فيها حينها يطرح السؤال المتعلق بواجباتها تجاه الاطفال والعائلة، مثل اغلبية مدراء مجتمعنا في مدارسنا العربية حين صرحوا بانهم يفضلون ان يوظف استاذ لوظيفة نائب مدير مدرسة وليس امرأة معلمة حتى لو كانت مؤهلاتها اعلى، الا يعكس هذا تفكيرا تقليديا نموذجيا يؤدي بالنتيجة الى الاضرار بالمرأة والى تبرير استغلالها. تم الاستخدام البشع للمرأة ولصورتها في الاعلام ايضا اليس استغلالاتها والهدف الوحيد هو المصلحة في زيادة الارباح ان ذلك ما يجعلها تقع كل يوم في اسر جديد، وذلك ما يجعلها بحاجة ماسة لتجديد المطالبة بتحريرها والمزيد من نضالها في مواجهة تيارات تهدد تقدمها وتطورها سواء كانت من الشرق او من الغرب، فتارة تهب تيارات اصولية دينية تأسرها وتجرفها من خلال قدسية التمييز، واخرى رجعية ويمينية لترسخه، كذلك غريبة احتلالية وحربية استغلالية لا تجلب الا الدمار والموت. فإصلاح المجتمع لا يمكن انجازه دون اصلاح وضع المرأة ورفع مكانتها فنتساءل: كم هو مقدار الوعي فينا عن التمييز الممارس داخلنا؟ يجب ان يدرك الرجال بان النساء ينظرن الى الحياة اليومية بمنظور آخر لأنها تمسهم بشكل خاص. فالحرية بكل جوانبها ان كانت تحرر الرجل من الافكار القديمة والعقيدة المعقدة البالية، وتحرر المرأة من المعاناة والتسلط، وهضم الحقوق، انما هي الشرط الاول والاساسي لتقدم المجتمع. اذا، بما ان المرأة تشارك في جميع مجالات النضال وعلى جميع المستويات ضد مصادرة الاراضي، وضد الهجمة الشرسة والعنصرية على قياداتنا وضد شعبنا، ضد العولمة والخصخصة والبطالة، ضد التمييز اللاحق بها سواء من قتل على خلفية شرف العائلة واجحاف الحكومات الاسرائيلية المتتالية ومؤسساتها لهضم حقوقها وشعبها، ضد التمييز الممارس داخلنا كمجتمع في العائلة، وضد الحروب وقراراتها التي تتخذ في الكنيست الخ، الا يجبرها ذلك بان تمارس ضغوطها من اجل ان تمثل في جميع مواقع اتخاذ القرارات؟ لعلها تحدث تغييرا في المجتمع، فالتمثيل حق انساني يجب ان تجد المرأة طريقا لتطبيقه فمثلا، عندما طرحت قضية تمثيل المرأة في لجنة المتابعة سنة 2008، ونتيجة للضغوط اقر بان تمثيل النساء في اللجنة سيكون من خلال زيادة عضوية الحركات السياسية والاحزاب الى اثنين بحيث يكون الثاني امرأة. وها نحن ننتظر ونراقب اذا كان هذا الانجاز التاريخي سيتحقق. ان نضال حركة النساء الدمقراطيات التي تأسست سنة 1945 من اجل تحرير المرأة يعتبر جزءا من النضال في سبيل السلام العادل والدمقراطية، ونشاطها الدؤوب بين النساء من اجل حدوث التحولات الاجتماعية والتغيير. هناك من يحاول صرف النساء عن نشاط الحركة من خلال نقاشهم عن المساواة واتباع اسلوب تأجيج العداوة بين الجنسين او لغايات اخرى في نفوسهم، في حين لم يتطرقوا بالمس لأسس النظام الرأسمالي العنصري والمجحف بممارساته الحربية واستراتيجياته المبنية على العنف والقتل والدمار، او اقتصاده المتدهور والمتجه نحو الخصخصة والتي اول من يعاني منه المرأة، فعلى ماذا يدل ذلك؟ ألا يدل على الجهل المطبق الذي تعرف فيه الحركة النسائية تطالب بالمساواة التامة بين الجنسين، سواء بفرص العمل والتعليم وازالة التصورات الخاطئة حول دور المرأة الخ، وبحق المرأة في العمل الذي هو حق من حقوق الانسان وليس امتيازا للرجل. كذلك الامر بالنسبة للمهن لا يوجد مهن رجالية ومهن نسائية، لان المرء يكتسب قدراته ولا يرثها. كذلك لم تولد هي لكي تتقاضى اجرا منخفض، او لاعمال مملة ولاوقات محدودة. فمن لديه الوعي لجميع هذه الامور يكون مضطرا للمثابرة في النضال الى حين ازالة الخطأ الفكري الكبير وتجاوز مجتمع الرجال، ولازالة الوضع السياسي العنصري المبني على العنف والقهر والظلم والاحتلال.
#هيفاء_دلال_ضاهر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أول امرأة تنضم إلى الحكومة السورية الجديدة
-
فرصة عظيمة لن تتكرر للمقبيلين على الزواج … خطوات التسجيل فى
...
-
المرأة الإيرانية بين الأمومة وريادة الأعمال
-
-إسرائيل- تتهم بابا الفاتيكان بازدواجية المعايير اثر تنديده
...
-
عائشة الدبس للجزيرة: المرأة السورية سيكون لها دور مهم في سور
...
-
مين اللي سرق الجزمة.. استمتع بأجمل اغاني الاطفال على قناة ون
...
-
“بسهولة وعبر موقع الوكالة الوطنية للتشغيل”… خطوات وشروط التس
...
-
الشرع يرفض الجدل بشأن طلبه من امرأة تغطية شعرها قبل التقاط ص
...
-
-عزل النساء- في دمشق.. مشهد يشعل الغضب ويثير الجدل
-
سجلي الـــآن .. رابط رسمي للتقديم في منحة المرأة الماكثة في
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|