أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق - اسماعيل علوان التميمي - توزيع السلطة والثروة وكركوك...مشاكل كبرى...البرلمان الحالي عاجز عن حلها















المزيد.....



توزيع السلطة والثروة وكركوك...مشاكل كبرى...البرلمان الحالي عاجز عن حلها


اسماعيل علوان التميمي

الحوار المتمدن-العدد: 2589 - 2009 / 3 / 18 - 05:49
المحور: ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
    


أثار دستور 2005 الذي يُعد ثاني دستور دائم في البلاد بعد دستور 1925 الذي يطلق عليه ( القانون الأساسي ) جدلاً سياسياً عنيفاً منذُ المباشرة في إعداده مروراً بعرضه على الجمعية الوطنية ومن ثم الاستفتاء عليه وإقراره و المشاكل التي أثيرت بعد سريانه و ما قيل و يقال حول لجنة التعديلات الدستورية التي تشكلت بموجب المادة ( 142 ) و ما واجهته هذه اللجنة من خلافات لم تتمكن من تجاوزها حيث تمكنت من انجاز عدد من التعديلات في المواضيع غير الخلافية وأحالت المواضيع الخلافية إلى مجلس النواب بتاريخ 21/ 5/ 2007 بعد ان تجاوزت المدة الدستورية المحددة لها بأكثر من ثمانية أشهر ومازال هذا الجدل محتدماً وسيبقى 0
والحقيقة للأسف الشديد ان السياسيين العراقيين ومنذ تأسيس الدولة العراقية الى يومنا هذا فشلوا في انجاز منظومة سياسية جامعة عادلة ديمقراطية توزع السلطة بين العراقين وترسخ مبدأ التداول السلمي للسلطة من خلال انتخابات عامة شفافة ونزيهة وترسخ كذلك مبادئ حقوق الإنسان وتصون الحريات العامة والخاصة وتحافظ على وحدة العراق ارضاً وشعـباً
وهكذا ولد دستور 2005 وهو يعاني من ثلاثة عيوب ( ولادية ) اذا جاز التعبير ، أولها مشكلة توزيع السلطة و ثانيها مشكلة توزيع الثروة و ثالثها مشكلة كركوك و سنتناول هذه المشاكل تباعاً بأيجاز شديد .

أولاً :_مشكلة توزيع السلطة :
إن مشكلة توزيع السلطة بين العراقيين بالتراضي تعد من أعقد المشاكل السياسية على الإطلاق ومن أكبر التحديات التي واجهت العراقيين في تاريخهم الحديث فهم رفضوا أن يختاروا عام 1921 حاكماً من بينهم يتولى أمرهم بينما قبلوا أن يتولى أمرهم حاكماً ليس عراقياً استعاره الانكليز من الجزيرة العربية ليحكمهم ، و أعاد التاريخ نفسه مرة أخرى عام 2004 عندما شكل الحاكم الإداري الأمريكي للعراق بول بريمر مجلس حكم بصلاحيات محدودة جداً يكون الى جانبه عند الحاجة في أدارة البلاد 0 وعندما طلب بول بريمر من أعضاء هذا المجلس ان يختاروا رئيساً للمجلس واغلبهم من كبار زعماء الأحزاب السياسية التي كانت تقود المعارضة العراقية في الخارج فشل هؤلاء في اختيار رئيساً لهم وابتكروا طريقة لتناوب رئاسة المجلس شهرياً وحسب الحروف الأبجدية وهذه الطريقة لم يسبق ان ابتكرها احد من سياسي العالم قبلهم وسيسجل التاريخ السياسي براءة اختراع لهم لاختراعهم هذا الأسلوب في تناوب السلطة في ظل حاكم أجنبي ، لذا فأن مشكلة العراقيين في اختيار حاكماً عراقياً من بينهم بالتراضي ( مشكلة عويصة تاريخياً ) اذا جاز التعبير ، وكما فشل السياسيون العراقيون في اختيار الحاكم بالتراضي فأنهم فشلوا ايضاً في اختيار شكل الحكم بالتراضي ايضاً .
وكما هو معروف ان شكل الحشكم الذي رسمه دستور 1925 صممه الانكليز وليس العراقين في حينه ، وحقيقة ان هذا الدستور لم يتطرق الى حقوق الأقليات في العراق وسكت عنها سكوتاً تاماً وهذه كانت من أهم عيوب هذا الدستور مع انه يعد من افضل الدساتير التي اعقبته في حقبة الجمهوريات المتعاقبة بعد الاطاحة بالحكم الملكي وبالدستور معاً في 14 تموز عام 1958 .
إن الفترة التي أعقبت سقوط الحكم الملكي في العراق لم تشهد صدور أي دستور دائم تم إقراره بالانتخابات أو بالاستفتاء او بالتراضي بين أطياف الشعب حيث يجرى عادة ان يقوم كل انقلاب عسكري بإصدار دستور ينسجم مع إرادة القابضين على السلطة في توجيه سلطتهم بإدارة البلاد والانتقام من مناوئيهم شر انتقام وكانت النتائج التي تمخضت عن دساتير الجمهوريات المتعاقبة ولاسيما جمهورية صدام كارثية بكل المقاييس ولم تنتج سوى الويلات تلو الويلات للشعب حروباً وإعداما وفقراً ويتماً وترملاً وتخلفاً فاق أكثر بلدان المنطقة فقراً في الوقت الذي يعد العراق من أغنى بلدان المنطقة في الموارد البشرية والمادية .
اما دستور 2005 ولا نريد الخوض في الأحداث التي سبقته خلال الفترة من 9/ 4/ 2003 الى تاريخ إصداره حيث ان تناول هذه الفترة يتطلب منا بحثاً خاصاً أو عدد من المباحث لذا سنتناول مشكلة توزيع السلطة في دستور 2005 الذي تبنى نظاماً فدرالياً وسَع بإفراط شديد صلاحيات الأقاليم و المحافظات غير المنتظمة بإقليم على حساب صلاحيات الحكومة الاتحادية فاقت هذه الصلاحيات صلاحيات الولايات في الدستور الأمريكي حيث أقترب كثيراً في بعض مواده من النظام الكونفدرالي الذي هو إتحاد بين دول ذات سيادة و ليس إتحاد بين إقليم أو ولايات ، وتجسد هذا الاتجاه بالمواد ( 110 ، 114 ، 115 و 121 ) سنتناولها في أدناه تباعاً .

أ_ المادة ( 110 ) :_ حددت هذه المادة الاختصاصات ألحصرية للحكومة الاتحادية و كما يلي :_
اولاً :_ رسم السياسة الخارجية و التمثيل الدبلوماسي و التفاوض بشأن المعاهدات و الاتفاقيات الدولية و سياسات الاقتراض و التوقيع عليها و إبرامها و رسم السياسة الاقتصادية و التجارية الخارجية السيادية .
ثانياً :_وضع سياسة الأمن الوطني و تنفيذها بما في ذلك إنشاء قوات مسلحة و إداراتها لتأمين حماية و ضمان أمن حدود العراق و الدفاع عنه ُ.
ثالثاً :_ رسم السياسة المالية و الكمركية و إصدار العملة و تنظيم السياسة التجارية عبر حدود الأقاليم و المحافظات في العراق ووضع الميزانية العامة للدولة و رسم السياسة النقدية و إنشاء البنك المركزي و إدارته .
رابعاً :_تنظيم أمور المقاييس و المكاييل و الأوزان .
خامساً:_تنظيم أمور الجنسية و التجنس و الإقامة و حق اللجوء السياسي .
سادساً:_تنظيم سياسة الترددات البثية و البريد .
سابعاً:_ وضع مشروع الموازنة العامة الاستثمارية .
ثامناً :_تخطيط السياسات المتعلقة بمصادر المياه من خارج العراق و ضمان قياس مناسيب تدفق المياه إليه و توزيعها العادل داخل العراق وفقاً للقوانين و الأعراف الدولية .
تاسعاً :_الإحصاء و التعداد العام للسكان .
إذا أمعنا النظر في هذه المادة ، نجد أولاً إنها حددت صلاحيات أو اختصاصات الحكومة الاتحادية على سبيل الحصر بمعنى إن كل ما عداها يقع ضمن اختصاصات الأقاليم و المحافظات غير المنتظمة بإقليم و بتقادم الزمن ستصبح صلاحيات هذه الأقاليم و المحافظات أوسع ، و بالتالي سيجعل من الأقاليم أقوى من المركز و هذا سيكون عامل خطر يهدد وحدة العراق في أي وقت يرى احد الأقاليم ان الفرصة مواتية للانفصال ، حيث ستكون له مؤسسات مستقلة عن المركز في كل شؤونها ولم يبق له سوى اعلان الانفصال هذا أولاً أما ثانياً فإن إلقاء نظرة سريعة على الاختصاصات الحصرية الواردة في الفقرات التسعة نجد ثلاث صلاحيات مهمة فقط وهي تلك التي تتعلق بالتمثيل الدبلوماسي والعلاقات الخارجية وتلك التي تتعلق بالكمارك والسياسة المالية والثالثة المتعلقة بسياسة الأمن الوطني والدفاع – اما الاختصاصات الواردة في بقية الفقرات هي اختصاصات شكلية – ومع ذلك فإن المادة (121) الفقرة رابعاًً والفقرة خامساًً منحت الأقاليم صلاحيات قريبة من صلاحيات الحكومة الاتحادية في مجالي السياسة الخارجية والدفاع وكما سيتم تناوله لاحقاًً عند مناقشة المادة المذكورة 0

ب – المادة (114) :_ حددت هذه المادة الصلاحيات المشتركة بين السلطات الاتحادية وسلطات الاقاليم وكما يلي :-
أولاً:_ ادارة الكمارك بالتنسيق مع حكومات الاقاليم والمحافظات غير المنظمة بإقليم وينظم ذلك بقانون0
ثانياًً:- تنظيم مصادر الطاقة الكهربائية الرئيسية وتوزيعها 0
ثالثاًً:- رسم السياسة البيئة لضمان حماية البيئة من التلوث والمحافظة على نظافتها بالتعاون مع الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة بأقليم 0
رابعاًً:- رسم سياسات التنمية والتخطيط العام 0
خامساًً :- رسم السياسة الصحية العامة بالتعاون مع الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة بأقليم 0
سادساًً:- رسم السياسة التعليمية والتربوية العامة بالتشاور مع الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم 0
سابعاً :ً- رسم سياسة الموارد المائية الداخلية وتنظيمها بما يضمن توزيعاً عادلاًً لها وينظم ذلك بقانون 0
اذا امعنا النظر في هذه المادة نجد ان كل هذه الاختصاصات في الغالبية العظمى من الدول التي اخذت بالنظام الفدرالي هي من الاختصاص الحصري للحكومة الاتحادية ومع ذلك تم ادراج هذه الاختصاصات ضمن الاختصاصات المشتركة وليت الامر توقف عن هذا الحد حيث جاءت المادة (115) لتضع هذه الاختصاصات من الناحية الواقعية و الفعلية بيد الأقاليم و المحافظات غير المنظمة في إقليم كما سنتناوله في مناقشتنا للمادة ( 115 ) .

جـ _المادة ( 115 ) :_ نصت هذه المادة التي تعد أخطر مادة وردت في دستور ( 2005 ) تهدد مستقبل العراق ووحدته على[ كل ما لم ينص عليه في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية يكون من صلاحية الأقاليم و المحافظات غير المنتظمة في إقليم و الصلاحيات الأخرى المشتركة بين الحكومة الاتحادية و الأقاليم ، تكون الأولوية فيها لقانون الأقاليم وا لمحافظات غير المنتظمة في إقليم ، في حالة الخلاف بينهما ] .
إذا أمعنا النظر في هذه المادة نجد إنها أطاحت بالكامل و مرة واحدة بكل الاختصاصات المشتركة و أودعتها للأقاليم و المحافظات غير المنتظمة بإقليم و كان من الأجدر عدم درج هذه الصلاحيات ضمن الصلاحيات المشتركة و إنما درجها ضمن صلاحيات الأقاليم و المحافظات غير المنتظمة بإقليم طالما إنها في النهاية تعود لهذه الأقاليم و المحافظات ، و إن إدراجها ضمن الصلاحيات المشتركة بهذه الطريقة لا يمكن تفسيره إلا بأنه نوع مبتكر من أنواع الضحك على الذقون فلا ندري ما هي الحكمة من ذلك ؟ إذا كانت هناك حكمة !!!...
إن هذه المادة باختصار شديد تؤسس لتمزيق وحدة العراق و تؤسس كذلك لحكومة مركزية ضعيفة عاجزة عن بسط نفوذها على الأرض و تمنح الأقاليم و المحافظات سلطات واسعة جداً تجعلها أقوى من الحكومة الاتحادية و قادرة في أي وقت تشاء على إعلان استقلالها .

د_المادة ( 121):_ رابعاً :_ نصت هذه الفقرة على [ تؤسس مكاتب للاقاليم و المحافظات في السفارات و البعثات الدبلوماسية لمتابعة الشؤن الثقافية و الإنمائية ] .
من هذا النص يتضح إن اختصاصات الأقاليم و المحافظات امتدت أيضاً الى العلاقات الدبلوماسية من خلال إبتكار هذه المكاتب ذات الصفة الدبلوماسية لتمثيل الاقاليم و المحافظات في الشؤون الثقافية الاجتماعية و الانمائية و هذه الاختصاصات تكاد تغطي كافة الاختصاصات الدبلوماسية للسفارة الاتحادية عدا الدفاع ، وحتى الدفاع يمكن أن يجتهد الاقليم و يفسرها على إنها تقع ضمن مصطلح الانمائية و هو الوظيفة الثالثة لهذه المكاتب ، من هذا يتضح إن منح الاقاليم و المحافظات إختصاصات دبلوماسية بفتح مكاتب لها في السفارات يشكل أولاً سابقة في العلاقات الدولية لم يسبقنا فيها حتى الولايات المتحدة الامريكية التي تبنت نظاماً فدرالياً كان يعد قبل أن يشرع دستور 2005 من أكثر الانظمة الفدرالية منح الولايات صلاحية واسعة ، فلن نسمع إنه هناك مكتب في السفارات الأمريكية لكالفورنيا أو نيويورك أو فيلادلفيا ...إلخ .
كما يشكل ثانياً تعارضاً مع نص المادة ( 110 ) الفقرة أولاً من الدستور نفسه التي حصرت التمثيل الدبلوماسي بيد الدولة الاتحادية و بذلك تعرض أول اختصاص حصري للحكومة الاتحادية الى الانتقاص من قبل الاقاليم و المحافظات كما يشكل ذلك ثالثاً تأسيساً و تمهيداً لقيام سفارات للاقليم في حالة إقدامه في أي وقت على إعلان الانفصال ، حيث من الممكن رفع درجة هذه المكاتب الى سفارات بمعنى آخر إن الإقليم لديه مؤسسات دبلوماسية في دول العالم بغض النظر عن تسميتها .

المادة ( 121 ):_خامساً :_ نصت هذه الفقرة على [ تختص حكومة الإقليم بكل ما تتطلبه إدارة الإقليم و بوجه خاص إنشاء و تنظيم قوى الأمن الداخلي للإقليم كالشرطة و الأمن و حرس الإقليم ] .
وهنا تثور ثلاث ملاحظات حول هذه الفترة :_
الملاحظة الاولى :_ تعني هذه الفقرة إن الأمن الداخلي من الاختصاص ألحصري للإقليم لا يشاركه أحد .
الملاحظة الثانية :_إن الحكومة الاتحادية لا يحق لها بتاتاً أن تتدخل في أي أمر يتعلق بالشأن الأمني للإقليم ولأي سبب كان.
الملاحظة الثالثة :_إن هذه الفقرة لم تكتف بحصر شأن الامن الداخلي بيد الإقليم حيث من المعروف إن الامن الداخلي هومن إختصاص الشرطة و الامن أما حرس الاقليم فأن واجبه دفاعي صرف لذا فأن ، منح صلاحية الاقليم إدارة و إنشاء و تنظيم الحرس الوطني للاقليم ، فهذ يعني بوضوح تام إن الاقليم يتولى شؤون الدفاع أيضاً و هذا يتناقض إضافة الى ما ذكرنا مع نص المادة ( 110 ) ثانياً التي أوكلت مهمة الدفاع بالحكومة الاتحادية ، وهكذا أمتدت مرة أخرى سلطة الاقليم لتتعرض على ثاني إختصاص حصري للحكومة الاتحادية و هو الدفاع .

هـ_ المادة ( 121 ) :_ثانياً :_ نصت هذه الفقرة على [ يحق لسلطة الإقليم تعديل تطبيق القانون الاتحادي في الإقليم في حالة وجود تناقض أو تعارض بين القانون الاتحادي و قانون الاقليم بخصوص مسألة لا تدخل ضمن الاختصاص ألحصري للحكومة الاتحادية ] .
و هنا تثور على هذه الفقرة ملاحظتان هما :_
الملاحظة الاولى :_إن هذه الفقرة تعني إن القانون الاتحادي في غير الاختصاص الحصري لم يعد له أي قيمة في الاقاليم حيث بأمكان سلطة الاقاليم الغاء أي مادة او مجموعة مواد او فقرة من القانون الاتحادي متى شاءت سواء كان القانون الاتحادي سابقاً او لاحقاً لقانون الاقاليم
الملاحظة الثانية : _ ان هذه الفقرة تهدد وحدة القانون في البلاد حيث ان المادة التي تعاقب على جريمة قتل الموظف اثناء تأدية الوظيفة بعقوبة الاعدام وهي ( 406 ) الفقرة (5 ) فأن بأمكان سلطة الاقاليم ان تخفف العقوبة الى (15 ) سنة على سبيل المثال ، لذا فأن هذه الفقرة تمس بشكل مباشر وحدة القانون في البلاد وتجعل بالامكان ان يكون الفعل الذي يعاقب عليه القانون الاتحادي لايعد جريمة في قانون الاقاليم 0 ولتوضيح ذلك نضرب المثل التالي 0 يعاقب القانون الاتحادي على جريمة الاجهاض حسب ظروفها بعقوبات قد تصل الى عشر سنوات وعلى فرض ان قانون الاقاليم لم يجرم فعل الاجهاض ماذا يحصل 0
سيكون بأمكان أي أمراة حامل ترغب في اجراء عملية اجهاض أن ترقد في احد مستشفيات ذلك الاقليم وبذلك يفرغ القانون الاتحادي من محتواه

ثانياً- مشكلة توزيع الثروة :_
انصافا" لابد ان نشير ان دستور 2005 هو الدستور الوحيد الذي تناول توزيع الثروة مع مالدينا عليه من ملاحظات وتتلخص هذه المشكلة دستورياً بالمواد 111و 112 و 113
أ_ المادة ( 11 ):_ نصت على [ النفط والغاز هو ملك الشعب العراقي في كل الاقاليم والمحافظات ]
على هذه المادة تثور ثلاث ملاحظات هي :_
الملاحظة الاولى : _ نرجح ان يكون هناك خطأ غير مقصود حيث جاءت عبارة النفط والغاز هو والصحيح هو النفط والغاز هما فأذا كان المقصود هو فأن مابعده لاينصرف الا للغاز فقط دون النفط اما اذا كان المقصود هما فأن مابعده ينصرف للنفط والغاز معا ً .
الملاحظة الثانية :_ وردت في أخر المادة عبارة في كل الأقاليم والمحافظات الحقيقة هذه العبارة لا يوجد أي موجب لذكرها إلا اذا كان هناك مقصد أخر لذكرها – حيث ان بالإمكان القول النفط والغاز هما ملك كل الشعب العراقي – اما اذا أضفنا إليهما عبارة ( في كل الأقاليم والمحافظات ) فأنه يمكن ان تفسر على ان النفط والغاز هما ملك الشعب العراقي في الاقاليم او المحافظة 0 بمعنى ان هذه المادة يمكن تفسيرها ثلاثة تفسيرات الاول النفط والغاز ملك الشعب العراقي بأسره الثاني ملك لشعب الاقاليم الثالث ملك لشعب المحافظة لذا فأننا ندعو الى حذف هذه العبارة والاكتفاء بـ (النفط والغاز هما ملك كل الشعب العراقي ) تجنبنا للتفسيرات المختلفة .
ب- المادة (112 ) :_ اولا ً:_ نصت على [ تقوم الحكومة الاتحادية بأدارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع جكومات الاقاليم والمحافظات المنتجة على ان توزع وارداتها بشكل منصف يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع انحاء البلاد مع تحديد حصة لمدة محددة للاقاليم المتضررة والتي حرمت منها بصورة مجحفة من قبل النظام السابق ، والتي تضررت بعد ذلك بما يؤمن التنمية المتوازنة للمناطق المختلفة من البلاد وينظم ذلك بقانون ]
لدينا الملاحظات التالية على هذا النص :_
الملاحظة الاولى : _ ان هذه الفقرة لا تنصرف إلا إلى النفط والغاز المستخرجان من الحقول الحالية
الملاحظة الثانية :_ ان هذه الفقرة لا تنصرف الى الحقول غير المنتجة 0 بمعنى ان الحقول الجديدة لا تنطبق عليها هذه الفقرة
الملاحظة الثالثة :_ بما ان ادارة النفط والغاز لم ترد ضمن الاختصاصات الحصرية للحكومة الاتحادية فأن بإمكان سلطـة الأقاليم ان تشرع قانونا" ينظم إدارة النفط والغاز في الإقليم وبما ان الأولوية لقانون الإقليم فأن تشريع مثل هذا القانون لا يعد مخالفا" للدستور وانما موافقا" له 0 وهذا بالضبط ما احتجت به حكومة إقليم كردستان عندما تعاقد مع شركات كوريه لاستثمار النفط0
والحل الأمثل لمشكلة توزيع الثروة في العراق هو النص على [ تكون الثروات الوطنية كافة بما فيها الثروات الطبيعية كالنفط والغاز وغيرها من الاختصاص الحصري للحكومة الاتحادية على ان تقوم بتوزيع هذه الثروات بشكل عادل على كل الشعب العراقي وحسب نسبة السكان ]0
ثالثاً:_ مشكلة كركـــــوك :_
تعد مشكلة كركوك المشكلة الأخطر التي تواجه العملية السياسية برمتها وتواجه البرلمان والحكومة ورئاسة الجمهورية 0 إضافةً الى ذلك فأن لهذه المشكلة هواجس من اغلب دول الجوار العربي و الإسلامي وخاصة تركيا 0
لذا فأن هذه المشكلة مركبة وبالغة التعقيد وهي من اكبر التحديات التي تواجه العراق منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 الى يومنا هذا ولا نرى في الأفق ان هناك إمكانية لحل هذه المشكلة بالتوافق في ظل التركيبة الحالية للكتل المؤلفة للبرلمان في دورته الحالية فقد يتمكن البرلمان من إصدار قانون انتخابات مجالس المحافظات بحلول توافقية الا انه لا يمكن ان يتمكن هذا البرلمان او الأحزاب السياسية ذات النفوذ الأكبر في العملية السياسية من حل هذا الأشكال الوطني الكبير والخطير، إلا إذا أراد ذلك الإخوة الكورد وتدخلت الولايات المتحدة الأمريكية الدولة صاحبة النفوذ السياسي الكبير في العراق وبخلاف ذلك ستبقى هذه المشكلة قائمة ومرشحة للانفجار في أي لحظة وقد تطيح شظايا هذا الانفجار بالعملية السياسية برمتها وتدخل البلاد مرة أخرى في نفق مظلم ودافع الثمن دائماً و أبداً هو الشعب 0
إن حلاًً لا يأخذ بنظر الاعتبار المصلحة الوطنية العليا وطبيعة التركيبة الاجتماعية والقومية والتاريخية وتفاعلاتها الإقليمية والدولية والهواجس التاريخية بين مكونات هذه المحافظة وان ربطها بغير الحكومة الاتحادية سوف لن يكتب له النجاح وسيكون الشرارة التي تشعل حرباً أهلية لا يعلم مداها إلا الله وسيخسر الجميع وسيندم الجميع ولكن بعد فوات الاوان0
إن مشكلة كركوك دستوريا" تتلخص بالمادة 140 من الدستور الذى جاء في الفقرة الاولى منها0 تتولى السلطة التنفيذية اتخاذ الخطوات اللازمة لاستكمال متطلبات المادة (58) من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية بكل فقراتها.
كما جاء في الفقرة الثانية ان المسؤولية الملقات على السلطة التنفيذية في الحكومة الانتقالية والمنصوص عليها في المادة (58) من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية تمتد وتستمر الى السلطة التنفيذية المنتخبة بموجب هذا الدستور على ان تنجز كاملة ( التطبيع 0 الاحصاء) وتنتهي بأستفتاء كركوك والمناطق الاخرى المتنازع عليها لتحديد ارادة مواطنيها في مدة اقصاها 31/12/2007 0
من مضمون المادة اعلاه يتضح ان المادة (140) هي وريثة المادة (58) من قانون ادارة الدولة العراقية التي رسمت آلية أكثر تفصيلاً للتعامل مع مشكلة كركوك حيث تضمنت ثلاثة فقرات عالجت الفقرة الاولى موضوع تغيير الوضع السكاني وعالجت الفقرة الثانية موضوع تغيير الحدود الادارية اما الثالثة فأحالت التسوية النهائية الى الحكومة الدائمة التي يتم انتخابها بموجب الدستور الدائم 0
من هنا نجد ان الموعد الذي حدده الدستور لاجراء استفتـاء في كركوك قد انقضى منذ سبعة اشهر لذا ترى بعض الكتل في مجلس النواب او بتعبير ادق اعضاء في بعض الكتل انه طالما ان الموعد المحدد في المادة 140 قد انقضى في اليـــوم الاول لسنة 2008 فأن المادة لن تعد عامله ، والحقيقة ان هذا التفسير اذا تم الأ خذ به فأن هناك اكثر من مدة تم تحديدها في الدستور وانقضت الا انها ما زالت عاملة ولم يعلن احد من موتها على سبيل المثال لا الحصر المدة التي حددت للجنة مراجعة الدستور البالغة اربعة اشهر قد انقضت منذ اكثر من سنة الا ان اللجنة لم تلغ اضافة الى ذلك لايوجد نص في الدستور ينهي عمل المواد التي انقضت المدد المحددة لها دون ان تنفذ حيث ان الدستور سكت عن ذلك ولم يعالجه ولكن جرى العرف البرلماني ان البرلمان عندما يفشل في تنفيذ نص دستوري فأن يحل نفسه فهل يجرؤ مجلس النواب على حل نفسه ؟
صفوة القول ان المشاكل الثلاث التي اشرنا اليها وهي توزيع السلطة وتوزيع الثروة وكركوك لا يمكن حلها إلا إذا اظهر الإخوة الكورد مرونة وتفهماً عاليين ووضعوا في حسابهم الحقائق و الأمور التالية : _
1- ان ضعف الحكومة الاتحادية ليس في مصلحة الشعب العراقي عموماً وليس في مصلحة الإخوة الكورد 0 لذا فأن تحديد صلاحيات الحكومة الاتحادية الى هذا الحد سيمنعها من بسط سلطتها على الأرض وهذا سيؤدي الى تفكيك الدولة العراقية وبالتالي ضياعها وعندما يضيع الكل يضيع الجزء .
2- ان ضعف الحكومة الاتحادية سيشجع دول الجوار على التدخل في الشأن العراقي الداخلي وبالتالي تأزيم الوضع الداخلي العراقي سيكون ممكن بفعل هذه التدخلات والشأن الكردي ليس استثناءً من هذا التدخل واثاره المدمرة على مستقبل العراق بمافيه مستقبل الكورد .
3- ان بقاء المشاكل الثلاث بدون حل ربما تكون من نتائجه فشل العملية السياسية برمتها واذا فشلت العملية السياسية سيعود الجميع الى المربع الاول وسيفقد الجميع مكاسبهم التي تحققت .
4- ان الدستور ليس الضامن للمكاسب التي تحققت للإخوة الكورد فالدستور متغير ووعي الشعب متحرك فالشعب هو الذي يصنع الدستور وهو القادر على تغيييره فأذا لم يكن هناك إحساس عام بعدالة الدستور وضمان وحدة الوطن فأن هذا الدستور سيتغير بإرادة الشعب وان الشعب الذي صوت عليه سيصوت ضده وان وعي الشعب بالدستور في عام 2005 غير وعيه في عام 2010 لقد تحرك الوعي العام بهذا الاتجاه حيث بدأ السواد الأعظم من الشعب يدرك بأن هذا الدستور بقي مختلاً فبدلاً من تعسف العاصمة بالأطراف ( الأقاليم أو المحافظات )في الدساتير السابقة فأن هذا الدستور أسس لتعسف الاقاليم والمحافظات بالعاصمة 0 واذا وجد الشعب ان تصحيح الدستور غير ممكن بالوسائل الدستورية فأنه سيبحث عن وسائل أخرى تكون نتائجها بالتأكيد باهضة الثمن على الجميع .
5- يبدو ان الأخوة الكورد في موضوع كركوك يكيلون بمكيالين ففي الوقت الذي يرفضون فيه ان ينص الدستور على كون العراق جزء من الأمة العربية على اعتبار انهم يشكلون القومية الثانية في العراق يصرون على ان تكون كركوك جزء من كردستان مع وجود مكونين رئيسين الى جانبهم في المحافظة .
و أخيراً فأن الأخوة الكورد إذا أصروا على موقفهم من المشاكل الثلاث فأن العملية السياسية برمتها مهددة بالفشل وسيطاح بالدستور سواء من خلال الآليات الديمقراطية أو بغيرها إلا اذا تدخلت الولايات المتحدة ( الراعي الأكبر للعملية السياسية ) لتفرض حلولاً لهذه المشاكل لأنها بدأت تدرك ان الدستور الذى انتجته العملية السياسية بعد احتلالها للعراق و إسقاط النظام فيه ولد مشوها" ولا يمكن ان يؤسس لدولة عراقية ديمقراطية كما يعلنون وانما يؤسس لتفكيك دولة تعود حضارتها الى آلاف السنين وهي التي علمت البشرية كيف تكتب وكيف تزرع وكيف تحكم ، وتدرك ايضاً إنها اذا خرجت من العراق دون ان تجد حلولاً لهذه المشاكل الثلاث فأن كل ما تم بناؤه في العراق بعد الاحتلال ربما سيطاح به قبل ان يصل أخر جندي امريكي يغادر العراق الى الكويت .



#اسماعيل_علوان_التميمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مراجعة لتقرير لجنة مراجعة الدستور
- الكونفدرالية والفدرالية
- حقوق الانسان في الدساتير العراقية
- تعديلات مقترحة لقانون المحافظات غير المنتظمة في اقليم


المزيد.....




- الكرملين يكشف السبب وراء إطلاق الصاروخ الباليستي الجديد على ...
- روسيا تقصف أوكرانيا بصاروخ MIRV لأول مرة.. تحذير -نووي- لأمر ...
- هل تجاوز بوعلام صنصال الخطوط الحمر للجزائر؟
- الشرطة البرازيلية توجه اتهاما من -العيار الثقيل- ضد جايير بو ...
- دوار الحركة: ما هي أسبابه؟ وكيف يمكن علاجه؟
- الناتو يبحث قصف روسيا لأوكرانيا بصاروخ فرط صوتي قادر على حمل ...
- عرض جوي مذهل أثناء حفل افتتاح معرض للأسلحة في كوريا الشمالية ...
- إخلاء مطار بريطاني بعد ساعات من العثور على -طرد مشبوه- خارج ...
- ما مواصفات الأسلاف السوفيتية لصاروخ -أوريشنيك- الباليستي الر ...
- خطأ شائع في محلات الحلاقة قد يصيب الرجال بعدوى فطرية


المزيد.....



الصفحة الرئيسية - ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق - اسماعيل علوان التميمي - توزيع السلطة والثروة وكركوك...مشاكل كبرى...البرلمان الحالي عاجز عن حلها