أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حاتم الربيعي - حكاية من ذلك النظام















المزيد.....


حكاية من ذلك النظام


حاتم الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 2586 - 2009 / 3 / 15 - 08:43
المحور: الادب والفن
    


ألإهداء
إلى كل من ذاق مرارة ألآلام من
أولائك أو من هؤلاء إلى كل من
عاشوا أمل أللقاء ولــم يــــجدوا
حتـــى رفات أبنائهم وإخوانــهم


ايقضني من نومي صوت رعد شديد منتصف لــــيلـة شتاءيه باردة .
حاولت النوم مجددا لكن دون جــــدوى .
طرقت سمعي (طقطقة) في دارنا ,كــان مصـــــدرها مطـبخنا ,ظننت بادئ الأمر إن شباكه قد فتح نتيجة الرياح الـــــقوية . نهضـت مرتجفا قاصــدا إحــكامه وســــرت متعثرا بأشياء لم أبصرها لانقطاع ألتيار ألكهربائي . وحال دخــــولي المطبــــخ أبصـــرت والدتي وهي منهمكة بإعداد وجبــة طـعام لأكثر من شخــص , على نور (فانوس) ضعيف ألإضاءه , وكانت بالنسبـة لـــــي مفاجأة أن أرى والدتي في المطبخ في مثل هذا الوقــت .
قلت لها: ماذا تفعلين ياوالدة ونحن في منتصف اللـــيل ؟
قـالت بصوت لا يخلو من الحدة :ألا تراني أطبخ ؟
قلت هل أنت جائعة ؟
قـالت كلا
قلت إذن لمن هذا الطعام ؟
قالت (بصوت غضوب) إنه لأشقائك الــــثلاثة المبــــعدين عني قسراً .وقد يأتون الليلة وهم جياع .
قلت ياوالــــدة اتقي ألله في نفسك ,وحاولي أن تــنسي ,
ألا تعتقدين إنهم قد رحلوا فلم يصلنا عنهم خبر مــنذ عشرين عاما .
قالت وهي تطالعني بعينيها العسليتين الذابلتين من كــثرة البكاءالمتقطع بين فترة وأخرى مع المناسبات الحزينة وحتى المفرحة منها لأنها تتذكرهم دائما .
صرخت بــــي: إنهم أبنائي .
قلت: نعم وهم أشقائي رحمهم الله فلا جدوى من إعــــداد الطعام لهم يا والدة .
قالت بأسى لايوصف: نعم إنهم أشقاؤك وأعلم إنك تحبهم لكنك لم تحملهم في أحشائك سبعة وعشرين شهراً ولـم ترضعهم خمـــس سـنوات عجاف ولم تسهر عليهم مثلي .
صمتت قليلاً ثم قالت .
هل تعرف كيف هم كانوا ينادونني ؟
فإن مهدي كان يناديني ويقول لي (امـي) .
أما مـــحـمــد فكان يناديني يا (أم) .
وشقيقك علــي ألحبيب ألمدلل فكان يناديني بصوته الطفو لي ويقول لي (يوم) . ....
فمــــــاذا تريدني أن أفعل وأنا لم أسمع مناداتهم لي بأصــوات ألأمومة منذ حوالي العشرين عاما .....هــــا .؟
قلت: حاولي يا والـدة أن تنسي فألنسيان نعمــــة ورحمة لي ورحمة بصحتك .ولم يبق لي سواك بـــعد أن توفي والدي بحسرته وألمه عليهم بعد الشلل ألذي أصابه رغم انــــه كـــان يتمتع بصــحة جيــده وشخصية قوية ونظرة ثاقبة في أمور ألحياة .
ألا تتذكرين كيف كان يتصدر المجلس .
ويوجه بكلمات لطيفة وحنينه ,ويدعوا الناس للتسامح وحب الخير, ونسيان آلام ألماضي .
قا لت كيف أنسى؟
وحتى لو نسيت والدك ومهدي ومحمد ..
كيف لي أن أنسى ابني ألصغير علـي ألذي كان عمره يقـــارب الستة عشر عاما .كيف أنساه ويقال إن من كان عمره أقل من ثمانية عشر عاما (فأنه لا يعدم) سكتت عن الحديث فترة ليست بالقليلة وهمست في أذني .
قالت فان أملـي باق بعودة ولدي علـي وهذا الطـــعام له وعلـى شرف أشقائه مهـدي ومحمد.
أخذ ألفضول يدب في أوصالي وبات علي أن أعـــرف مـــــاذا يجول في خاطرها وماذا تعتقد بشأنهم هل إن جل تفكـــــيرها إنهم أحياء أم غير ذلك فقررت أن أسأ لها ..
قلت لها ألا تعتقدين إن أشقائي الثلاثة قد اعدموا مــن قــــــبل ألنظام ؟
لم أسمع منها جوابا , بل إيمائه تدل على استهجان مــــــــــن رأسها ذي العنق الطويل تحت (الفوطة) السوداء الملفــــوفة حوله .
واستدارت حول الطباخ النفطي الموقد لتدفئ يديها وهــــي واقفة ترتجف من شدة البرد وتبكي بصوت خفيض, في هذه أللحظات أنا أيضا شعرت بالبرد .
حاولت إيقاد المدفأة إلا إنـــــها أشارت بيدها النحيلة إلـــي فهمت منها إن كــــــل خزيننا من النفط قد نفذ وذلك لأنــــها وضعته في خزان الطباخ لإنضـــــاج طعــــــام الوليمة..
بعد دقائق من الصمت طلبت مني أن أدنـــــو منها لأدفئ نفسي فاصطففت معها واقفا ..
تركتني فجأة وحيدا مذهولا وسط المطبخ لفترة قليلة عــــادت بعدها وهي تحمل رزمة من الأوراق والصور والمستمسكات..
حاضنة إياها بكلتا يديها وهي تضمها إلى صدرها الخافــــــق الذي كدت أن اسمع من خلاله دقـــــات قلـــــــبها المتسارعة المجنونة.
جلست أرضا وأمرتني باستحياء عطوف أن أجلس بقربها .
ففعلت ذلك ناسيا البرد .
بدأت تسرد لي قصة أشقائي رغبة منها هي ......
قالت كنا عائلـــــــة ميسورة الــــــــــحال يمـــلؤها الفـــــرح والسعادةوألحب .
وكذلك المال والجاه , وأنت تعلم إن أبــــاك هو رب الأسرة وانأ وأولادي والبنات .
والدك رجـــــل قنوع كـــان شاكراً حامـــــــداً النعمة التي هوفيها..
ويردد دائماً المال والبنون زينة الحياة ألدنيا ..
في العام 1978 انتقل شقيقك (مهدي) إلى مدينة النجف الأشرف وكـــــــان في الصــــــف الخامــــس العلــــمي يتلقى دراسته في الإعدادية المسائية, وبعين الوقـــــت بــــدأ دراسته في الحوزة العلمية لمـــدة عامــــين ورغم صــــعوبة الدراستين إلا إنه بإصراره ومـــثابرته تفـــوق في الدراستين أي دراسته الإعدادية وكذلك تتلــمذه على يد السيد محمد باقر الصدر وقد تشرف أخوك (مهدي) بان وضع الســــيد الصدر العمامة بيده الكريمة على رأس (مهدي) وفــــرح بذلك فرحاً كبيراً .
وكذلك أنا ووالدك وشقيقاك ...
عدلت من جلستها وتلحفت بدثارها بشــكل محــكم حــــول جسدها المبراد وتنهدت ثم قالت :
عاد شقيقك (مهدي) إلى دارنا باجازة , وكــــــان شقيقاه فــي معيته كظل له في الدار والشارع والمسجد .
ذلك أغاظ أزلام النظام لأنهم كانوا يعتقدون إن الذي يصـــلي بالمسجد يعــد مجرما أو عميلا أو حاقدا على الحزب والثورة كما يحلوا لهم أن يسموه آنذاك , لاسيما شاب صاحب مبدأ مثل (مهدي).
بدأت بنوبة بكاء ...
بعدها حدقت بعينين جاحظتين صوب بـــاب المطبخ وكأنها تنتظر من يفتحه .. ثم ابتسمت
قالت: طلب مني (مهدي) أن أخطب له فتاة من المنطقة ,بقصد الزواج خوفا على نفسه مــن إغواءالشيطان .
وكما يقول لإكمال نصف دينه .
أفرحني طلبه كثيرا وبدأت مثل كل أم تحس بفرحة كونها كبرت ولدا وأصبح رجلا يطلب الزواج .
وبدأت أفكر, من هي الفتاة التي أخطبها وكيف تكون ومــنهم أهلها وما هو رأيه باختياري .
هذه الأفكار بدأت تشعرني بفرح غامر..
لكن ياولدي قام أزلام النظام في هــــــذه الفترة بإلقاء القبض على شقيقك مهدي وأربعة من زملاءه .
و لم يكفهم ذلك بل بعد أشهر قليلة وبجريرته عادوا لنا مرة أخرى والقوا القبض على شقيقيك ألآخرين كل مـــــن محمد وعلي .....
في تلك الفترة كان من يلقى القبض عليه مـــــثل حال أشقائك يتهمه النظام بتهمة الانتماء إلى حـــــزب الدعوة ألإســـلامية والذي يطلق عليه النظام آنذاك (حزب الدعوة العميل) ..
ومن يذهب معهم لا يعـــــــــود إلى ذويه ولم نعلم سبب عدم عودتهم بادئ الأمر وبالرغم من إننا بدأنا نسمع بأن هناك مقابــــر جماعية بدأت تعمل .
إلا إني ومنذ يوم إلقاء القبض على أشقائك كنــــــــــت انتظر رجوعهم لي كي أشم هــذا وأداعـب ذاك واسألـــــــهم مــــاذا جرى لهم ..
ومرت أيام وشهور وسنين طوال وأنا أنـــــــتظر رجـــوعهم عسى أن يأتوا لي يوما ما ...
كانت تأخذ أنفاسها العميقة بقوة ,واني أرى حركة كتفيها من قوة التنفس ..
نهضت واقفة رامية ما بحجرها من أوراق, لاطمة صــــدرها الخسوف بقوة .
بعد برهة رفعت رأسها داعية الله سبحانه وتعالى أن يصبرها وتعيش لكي تراهم .
هذا كان ديدنها فهي كانت دائما على أمل أن تراهم ...
بعد مرور فترة ليست بالبعيدة من هذا الحـــــديث سقط النظام ..
فرحت أمي وزغردت ,لا للتغيرات السياسية الحادثة لأنــــها ليست سياسية بل هي اعتقدت إنها ستجد ابنائها وتتحقق أمنية عمرها التي كانت تنتظرها سنين وسنين .
كلفتني بالبحث عنهم , وبالفـــــعل حاولت مع أقاربي بالبحث عن أشقائي في سجون النظام .
وكنت أرى معي عوائل أخرى تبحث عما يدلهم عـــن أبنائهم لكننا لم نجد أحدا من أشقائي في أي من السجون ..
إلا إننا وجدنا إشعاراً صادر من مديرية الأمن ألعامة موجـــه إلى مديرية امن ألمحافظة يشعرهم بإعـــــدام كل من مــهدي ومحمد وحتى الحدث علي عام 1982 بتهـــــمة الانتماء إلى حزب الدعوة ....
في هذا الوقت أثارت شجوننا قضية جــــديدة وهي كيف ومن سوف يخبر (أم) بإعدام أبنائها الثلاثة .
اننا حاولنا إخفاء الأمر عنها لكن ذلك ليس الحـل الأمثل لأنها تريد منا النتيجة وهي في الانتظار .
بعدما تجاذبنا أطراف الحديث المحزن وبطريقة ما سمــــعت أمـي بذلك , سقطت على الأرض مغشياً عليها ,من اثـــــــــر الصدمة .
ذهبت في غيبوبة ,لم نعرف هل هي على قيد الحياة أم لا.
بعد ساعات أفاقت من صدمتها ورددت كلمـــــات لا زال لها صدى في أذني !
قالت هــل جـاء مـن ينـصفنـا !؟
جلست وهي تعدل من هندامها ثم أتمت كلامها وقالت:
(ياولدي إن من لم يساهم في رفع الظلم عن الناس فهو ظالم)
هذا الموقف المؤثر لوالدتــــي أعادني إلى أيام النظام السابق وما أصابني من ألم وظلم ..
أما أنا كنت في تلك ألفترة العصيبة في عز الشبــــاب وما يرافقه من تطلعات ألشباب وآمالهم وتخطيطهم لمستقبلهم وكــــــذلك أحلامهم ألوردية .
شاب ابتدأ الحياة الجامـــــعية , إلا إن النظام لم يرق له ذلك فأبعدت عن الكلية وبدأت ألمضـــــايقات من قبل أزلام ألنظام كوني أخ لثلاثة أشقاء اتهــــــموا بانتمائهم إلى حـزب الدعوة الاسلامية.
وآنذاك كانت الملاحقات تطال قريب المـــــــتهم بالانتماء الى حزب الدعوة , حتى الدرجـــــة الرابعة فكـــيف بأخ لثـــلاثة أشقاء !!؟
فقد وضعت في دائرة الشبهات ..
بعد ذلك واجهتني الحرب المشؤومه ..
كنت أنظر إلى نفسي فأجد على كاهلي حــــــــملاً ثقيلاً, فلي أم مثقلة بآلامها ,وأب عليل هو عزيز قوم , ولأنـــه لم يبق من
الأخوان أحد آنذاك ,لكن لي خمـــس شقيقات علـــي تربيتهــــن ومواكبة حياتهن ودراستهن ,والحفــــاظ عليهن من مزالــــق الحياة ,لأن الأمور بدأت تسير إلى الهــــــاوية ,فساد أخلاقي ونساء مرملات و(شهداء) بالتتابع وخوف وفقر ..
فكرت أن لاأذهب إلى الحرب (الجبهة) ,ازدادت ملاحقــــتي من قبل ألنظام بالتهديد والوعيد والتربص لي في ألطرقــــات ,كان علي أن أتحفـــــظ في مســـيري وفي تصرفاتي , وفي كل حركة أقوم بها حتى لا تفسر سلباً ضدي .
في يوم من الأيام وعند عودتي إلى داري وعند الباب وجــدت شقـــيقتي الكـــبرى في حركــة دؤوبه فـــــي رواح ومجــيء ,وفكر مشوش , وحركات انفعالية لم أفهم منها للوهلة ألأولى ماذا تريد .
قالت: جاء أزلام النظام يبحثون عنك .
قلت هدئي من روعك فلابد من وجود طريقة ما للـــــخلاص منهم .
قالت: اسمع لم يبقى لنا سواك في البيت لأن والدي رجــــــــل مريض (ذلك قبل وفاته) ولا نريد أن نكون لقمة ســــائغة لهم بعدك .
لذا علينا أن نحافظ على ما تبقى لنا .
قلت: سوف أغادر البيت على أن أكون قريباً منكم بطــريقة أو بأخرى واتفقنا على ذلك .
اضطررت أن اترك دياري التي عشت وترعــرعت فــــــيها وكذلك أحلامي ,وذكريات الطفولة والصبا .
مغادراً إلى أرض الله الواسعة ,أتنقل داخل العراق مـــــــــن منطقة إلى أخرى .
فكنت أسكن هنا سنة وأسكن في منطقة أخرى سنة أخــــــرى بمساعدة من بعض الأقارب .
طفت مناطق ومناطق وأنا أحمل آلام سنين ,وحسرة وحــزن وفراق وحنين ,وأشواق لاتهدأ, وجراح لاتندمل , وابتـــعاد عن ألعز وانتقال إلى غربه لا تخلو من ألذل .
وكنت أراقب عائلتي عن بعد وأتابعهم وأزورهم في الخـــفاء والعلن بـــين فتـــــرة وأخرى .
عندما مرت ألسنين وانتهت الحرب مع إيران فإنني اعتقــدت إن النظام غير فكرته عن أقارب حزب الدعوة الموضوعــين في دائرة ألشك عندهم , وأن المضايقات قد انتهت .
فسكنت في دارإشتريتها, سكن ثابت هذه المرة .
لكن بعد فترة بدأ(مختار المحله) وكذلك (ألرفاق) بالســـــؤال والاستفسار مــــن أين أتيت , وكيف سكـــــنت , وبناءً على معلومات من المنطقة ألتي سكنت فيها سابقاً اتضح لهم إنـــي أخ لثلاثة أشقاء متهمين بانتمائهم إلى حزب ألدعوة .
وبدأت ألمضايقات من جديد .
فكنت دائماً (ضيف) على الفرقة الحزبيه ومرة أخرى ضيفاً على أمن ألمنطقه .
وفي يوم عدت إلى داري ,فسلمــتني زوجتي طلباً مــــن الأمن بالحضور إلــى دائرتهم .
ذهبت في صباح اليوم التالي إلى أمن المنطقه .
وبعد أن قدمـــت لهم نفسي قالوا لـــي إن ضابط الأمن حالياً غير موجود .
أجلسوني في غرفة في نهاية الممر , أحــــد عناصرهم أوقد مدفأة كانت بقربي رغم إننا كنا في الصيف .
كان ذلك شياً بسيطاً من الحرب النفسيه التي يعـــــاملون بها أمثالي .
بعد ساعات من الانتظار إستدعـــــــــوني إلى غرفة الضابط استقبلني (بترحاب) .
قال إنك مواطن ولا نريـــــد أن نؤذيك ولكن عليك أن تتعاون معنا .
بعد نقاش عقيم خرجت من دائرة الأمن لكن تلك كانت حالة مستمرة ,وهذا كان ديدنهم معي فأنا كنت دائماً (ضيفاً)عليهم بطلب منهم .
كنت أتحدث إلى صديق لي في هذا الموضوع .
قال لي صديقي أنصحك أن ترحل إلى خارج الوطن وتبتـعد عن هذه الملاحقات ,وتعيش حياة هادئة في بلاد أخرى .
ولو ذهبت إلى هناك فإنك ستجد من يحتضنك ويهيئ لك ما تحتاجه (هذا كان رأيه) .
أجبته وعائلتي كيف أحافظ عليها ؟
لا, سوف أبقى وأقاتل من أجل البقاء .
ياصديقي إن هذا وطني , وهذه عائلتي .
وأنا تعلمت المجابهة وتحمل الضغوطات وليـــس هذا فحسب بل إنني تعلمت ألانتــقال مــــــن مكـان إلى آخر وأصبـــحت كألبدوي..
يا صديقي لي أمــــل في يوم ما إنني سأجد شقيقي (علي)كونه كان حدث يوم القاء القبض عليه ..
ولهذا إنني أفكر دائماً في أن أهيىء له سكناً لأني أعرف ذلــــك الطفل المدلل الحالم ألبريء لا يستطيع العـــــيش مع صعوبة هذه ألحياة ألقاسية .
أحياناً أتساءل مع نفسي هــــل إن (علـــي) باق علـــــى وضعه الأول أم إنــــــه قــد تغير ....؟
بــــعد سقوط النظام وعندما إتضح إعدام أشقائي مــــن خلال كتب النظام المبعثرة ألتي تركوها في دوائرهم .
عاد صديقي مرة أخرى وكأنه يريد تأكيد مصداقية نصــيحته ألسابقه .
فقال لي لو إنك أخذت بنصيحتي ورحلت مع الراحــــلين إلى الخارج لعدت أليوم ووجدت منصبك في الدولة محجوز مـثل من عادوا .
ثم أردف قائلاً , اسمح لي أن أسألك !
قلت له تفضل .
قال هل طرق بابك أحد من رجال ألنظام ألجديد !؟
قلت له لا .
قال هذا أيضا ديدنهم .
سألته ماذا تقصد .
تبسم برياء واضح .
وقال: اسأل غيري عسى أن تجد الجواب الشافي .
أرقني كلامه وأحسست بصداع ودوار .
ذهبت إلى داري اتكأت على أريكة أفكر فيمــــــا قاله, لم أنتبه لنفسي فأخذتني غفوة .
فإذا بشاب معمم مقبل علي من أفق بعيد حول وجهه وعمته هالة من شعــاع رغم سمـــرة وجهه إســــتبينته جيداً فإذا هو شقيقي ألشهيد الشيخ مهدي .
قال لي هل أنت راض عن وضعكم هذا ؟
قلت له بصراحة لا .
قال لا تستغرب فهذه هي ألدنيا وهؤلاء بعض أهلها .
قلت له وهل أنتم راضون عما يفعله هؤلاء بإسمكم .
قال لا ولكن نحن لسـنا هؤلاء ...
إستيقظت على صوت مذياع كان بقربي ,سمــــــــعت أحد ألمسؤولين يقول بصوت أبح من كثرة ألكلام وعلوه .
نحن ذوي ألشهداء .
نحن أصحاب المقابر الجماعية.
نحن المتضررين .
نحن ....نحن ....
فتساءلت في نفسي , هل أنتم أم نحن ....!!؟



لله دركم يا من صبرتم



#حاتم_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الفنان جمال سليمان يوجه دعوة للسوريين ويعلق على أنباء نيته ا ...
- الأمم المتحدة: نطالب الدول بعدم التعاطي مع الروايات الإسرائي ...
- -تسجيلات- بولص آدم.. تاريخ جيل عراقي بين مدينتين
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- السكك الحديدية الأوكرانية تزيل اللغة الروسية من تذاكر القطار ...
- مهرجان -بين ثقافتين- .. انعكاس لجلسة محمد بن سلمان والسوداني ...
- تردد قناة عمو يزيد الجديد 2025 بعد اخر تحديث من ادارة القناة ...
- “Siyah Kalp“ مسلسل قلب اسود الحلقة 14 مترجمة بجودة عالية قصة ...
- اللسان والإنسان.. دعوة لتيسير تعلم العربية عبر الذكاء الاصطن ...
- والت ديزني... قصة مبدع أحبه أطفال العالم


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حاتم الربيعي - حكاية من ذلك النظام