أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - جعفر الغرابي - كيف نفهم التاريخ؟















المزيد.....

كيف نفهم التاريخ؟


جعفر الغرابي

الحوار المتمدن-العدد: 2586 - 2009 / 3 / 15 - 01:20
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


يُعرف التاريخ على انه سجل يمثل المحاكاة الحقيقية والحرفية للاحداث التي استوقفت انظار الشعوب والمجتمعات بكافة مكوناتها,وطبيعة هذه السجل هو حفظ الوقائع على مر الزمن من اجل تناولها ودراستها وفق انحاء متعددة ,اهمها الفائدة من التجارب الماضية والاطلاع على المعارف السابقة والتي تشكل جملة من معطيات نعيش ثمراتها في الحاضر.الا ان هذه الطبيعة لاتلزم بالضرورة حمل التاريخ للحقيقة المطلقة والمطابقة الواقعية,كون كثير من الاساطير والخرافات انمزجت بين صفحات التراث, بالاضافة الى اختلاق النصوص والنظريات التي كُتبت من اجل مآرب سياسية وسلطوية,ناهيك عن الاخطاء والاضافات التي وضعت سهوا من قبل الحفاظ والكتبة ,او عدم ايراد بعض القضايا لظروف واسباب موضوعية.وفي حال استبعاد وجود الحقيقة التامة في حُزم التاريخ يظهر امامنا الموقف التشكيكي السلبي والذي يرمي بالمعارف في قاع النسبية,ويفرض علينا البحث والتدقيق من اجل التحصيل والوقوف على الحقائق ,وفرزها عن غيرها ممن لاينطبق مع الحقيقة.وعلى ضوء هذا الامر يُطرح السؤال الذي يشكل العقبة الاولى في حلقة البحث الا وهو كيف يتم لنا معرفة وتمييز الحقيقة من الوهم في التاريخ, ثم كيف يمكن الفصل بينهما.؟ وفي الحقيقة ان هذا السؤال يقودنا الى مسألة اخرى اهم في تصدر اساسيات البحث ,وهي موضوع مرجع الاسناد, والموقع الاساس الذي نستمد منه العلوم من اجل مطابقتها من ثم افتراض صحتها.ولاجل الوصول الى رصد الحقيقة بالصورة الاوضح علينا ان نفهم قواعد علم التاريخ, والادوات العلمية التي يستند عليها المؤرخ,وطرائقه في تحصيل التراث بكل جوانبه..



علم التاريخ


قد يختلف علم التاريخ عن كثير من العلوم والفنون في العالم المحيط بنا- في طريقة تحصيل الحقائق والكشوفات العلمية- كونه يعتمد على مسلك,يحوي الكثير من الصعوبات والمشقة,وهذه الصعوبات يفرضها العلم ذاته, من خلال الاطار الفكري الذي يحيط بمواضيع التاريخ ,والذي يحدد اتجاهاته في تحصيل المعرفة الخاصة.وهذا الاخير يحصر العلم في مجال الاعتماد على الاخبار والامثلة فقط ,او بما يسمى قاعدة التعداد البسيط .ولايملك علم التاريخ اي سلطه على ابحاثه,او قدرة على اخضاعها الى التجربة.بوصفه مجال لايسعه المدى لبسط التجربة وجعلها مقياس للمصاديق, بل يكون مبدأه على اساس جمع اكبر عدد ممكن من الاخبار والادلة التراثية, المتمثلة بالالواح او المنحوتات.و اريد هنا ان اشير الى نقطة مهمة في ملخص البحث,وهي ان المنحوتات والاثار المادية كالتحف وغيرها من التراثيات,لاتسمى دليلا علمياً مادياً,بل تبقى دلالتها ذات طابع اخباري.ويبقى محتواها يحمل المنقولات التي تعبر عن واقع خاص او دلالة معينة .الا ان اختلافها عن باقي الادلة الاخبارية و الشفهية,يكمن فقط من ناحية بروزها المادي المحسوس, والذي يعطي قيمة اكبر للقضية ويضيف على محتواها بُعدا اخر, يمكن من خلاله الاسترشاد بصورة اوضح واصح عن التاريخ .ولنوضح هذا الامر بدقة اكثر نورد هذا المثال البسيط.-.لو وجد احدهم تحفة اثرية تمثل صورة لانسان يعود تاريخها الى الحقبة الاكدية وكتب عليها (فلان ملك اكد )فهل نستطيع ان نجزم من خلال هذه المنحوته ان المذكور اسمه هو يمثل حاكما فعليا لاكد.؟في الواقع ان الاجابة على هذا السؤال بسيطة جدا وهي لا! .لانه لايمكن لنا ان نصدر حكما ايجابيا بهذا الموضوع مالم توجد لدينا قرائن اخرى تشير الى نفس المدلول.فقد يكون شخصا كان يتمنى ان يكون ملكا وصور امنيته على شكل هذه المنحوته ,او ربما كان هناك شخصا مقدساً للبعض, لدرجة كانوا يتمنونه ان يكون حاكما عليهم, او قد تكون منحوته صُنعت من اجل الطرفة او محاكاة بعض الخيالات الشخصية.ومن هنا نفهم ان الاثار المادية لاتشكل دليلا جازماً مالم توجد هناك اخبار تعاضدها وتناظرها في نفس النتيجة,فلو توفرت هذه الاخبار بصور اخرى وبحسابات جيدة ,نستطيع ان نحكم على هذه المنحوته بانها تحمل طابعاً حقيقياً.اما اذا لم تتوفر لدينا القرائن الخبرية ,فليس للباحث سوى طريقة واحدة والتي يمكن من خلالها اعطاء نتيجة صحيحة بهذا المضمون ,وهي حصر جميع الاحتمالات التي تنضوي تحت هذا المدلول ,من ثم نفيها نفيا قاطعا..


مشكلة مرجع الاسناد

تبرز قضية مرجع الاسناد الخبري كعائق صعب في طريق كثير من الابحاث التي تتعلق بالتاريخ,وقضية فرض وجود هذا المرجع من ثم الانطلاق لتحصيل الحقائق,يُعتبر امرا معقدا الى حد ما,كونه يحتاج الى بذل جهود كثيرة وبحوث تفصيلية شاقة,قد تنتهي الى نهاية غير ايجابية,لذالك نجد كثير من الحقائق مازالت غائبة ويستصعب الوقوف عليها. والسبب يعود لجملة من الامور,منها الكوارث الجيلوجية التي ادت الى زوال كثير من هذه المراجع, بالاضافة الى الحروب الكارثية,
والتي ادت الى دمار الكثير من الوثائق والدلائل التي يستوفي محتواها جملة من القضايا.ونستطيع ان نطلق على هذه الاشكالات بالفراغات التي يُصعب ملأها,والتي لاتملك اي بديل ليحل مكان الاصل المفقود,وطريقة معالجتها تعُتبر من الامور المستحيلة. اما من ناحية وقوعها فان اغلبها يقع من ناحية العلم التفصيلي دون الاجمالي,كقضية الانجيل مثلا ,فنحن نعلم بوجود مرجع اسناد يمثل الانجيل وهذا علم اجمالي بالقضية ,لكننا لانملك تفاصيل هذا الكتاب من ناحية المحتوى ,وهذا يمثل فقدان العلم التفصيلي,وفقدان هذا الاخير يخلق فجوة تبقى حلولها مستعصية


الخلاصة

رأينا ان التاريخ علم لايعتمد على التجربة في التوصل الى استدلالاته, كما يعتمد الكيميائي والفيزيائي على ذالك, لتحصيل نتيجة مباشرة ويقينية.وبُعد التجربة عن علم التاريخ ليست الا جعل مقترن بذات العلم,ولاتشكل اي نقص له, لكنها قد تكون كمالا في حال اقترانها وهذا محال.وعلى ضوء هذا الامر يبقى استمداد التاريخ لمعارفه المنوعة بالاعتماد على الاخبار والملاحظات بطرائقها المختلفة.ويقينية الاخبار تتلخص بعدة نقاط نذكر اساسيتها العلمية

ان الاخبار بحد ذاتها مصدر من مصادر المعرفة
ان المتواترات مصدر من مصادر المعرفة
ان المسلمات مصدر من مصادر المعرفة


وبناء على هذه الاساسيات العلمية يجري اطراداً تتبع حقيقة الاخبار من خلال الاساسيات المذكورة انفا, ,هذا بالاضافة الى اشتراك الباحث التاريخي في طرح ارائه العلمية والتي يغلب عليها طابع الحدس والرؤية الخاصة التي تُخلق من خلال الموارد التي حُظي بها المؤرخ,كابيات الشعر مثلا والامثال والاقوال والتي تشكل جانبا مهما في تحصيل حقيقة معينة.فقد تكون قرينة تعاضد مسالة اخرى او تثبت وجودها,او تكون مصدر يشكل مبحثا ودافعا للحصول على حقيقة معينة.ومن هنا يُلزم على الباحث التاريخي الالتفات الى كل الجوانب التي تخيم على القضية مهما كانت تفاهتها من ناحية المدلول والاهمية,على اعتبار ان علم التاريخ علم استقراء واسترشاد بالمصاديق بالصورة الكمية التصاعدية,وعملية تأريخ الاحداث تجري حسب الحصر الاستقرائي الذي يبقى مداه مفتوحا للدراسة والبحوث المستمرة..




#جعفر_الغرابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النظرية العلمانية وفق الرؤية العلمية
- كيف تفكر؟
- كيف تكتب مقالا.
- احمد الكاتب ونكران التاريخ
- احمد الكاتب والوهابية ومشكلة الحواس الخمس
- سبات الماركسية الأبدي
- نظرية الأنفعال
- سلبيات المذهب التجريبي الماركسي على المجتمع


المزيد.....




- الكرملين يكشف السبب وراء إطلاق الصاروخ الباليستي الجديد على ...
- روسيا تقصف أوكرانيا بصاروخ MIRV لأول مرة.. تحذير -نووي- لأمر ...
- هل تجاوز بوعلام صنصال الخطوط الحمر للجزائر؟
- الشرطة البرازيلية توجه اتهاما من -العيار الثقيل- ضد جايير بو ...
- دوار الحركة: ما هي أسبابه؟ وكيف يمكن علاجه؟
- الناتو يبحث قصف روسيا لأوكرانيا بصاروخ فرط صوتي قادر على حمل ...
- عرض جوي مذهل أثناء حفل افتتاح معرض للأسلحة في كوريا الشمالية ...
- إخلاء مطار بريطاني بعد ساعات من العثور على -طرد مشبوه- خارج ...
- ما مواصفات الأسلاف السوفيتية لصاروخ -أوريشنيك- الباليستي الر ...
- خطأ شائع في محلات الحلاقة قد يصيب الرجال بعدوى فطرية


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - جعفر الغرابي - كيف نفهم التاريخ؟