أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - نضال نعيسة - لماذا تقتلون النساء؟















المزيد.....

لماذا تقتلون النساء؟


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2585 - 2009 / 3 / 14 - 09:43
المحور: ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
    


يتبين في خلفيات غير جريمة نسائية وقعت بدافع "الشرف"، وبعد الكشف الطبي والتحقيقات، أن الضحية ما زالت عذراء، وهي بالتالي بريئة مما نسب إليها وقتلت بسببه، ومع ذلك يطلق سراح الجاني بكفالة وضمانة القوانين البدوية التي ما زالت تحكم العدالة وتتحكم بها في منظومة الشرق الأوسط الاستبدادية. وقبل الولوج في الموضوع لا بد من التذكير أن مفهوم الشرف يختلف بين أمة وأخرى، ومن المفيد التذكير، أن الشرف في محيطنا الاستبدادي البدوي الشرق أوسطي ما يزال محصوراً في فرج المرأة، وكل القيم الأخرى كالصدق والبذل واحترام المواعيد وتقديس العمل وخدمة بني البشر والتضحية وقيم الإنتاج والإبداع...إلخ، لا يلتفت لها ولا يعيرها أحد أي اهتمام، بل ربما تكون مجلبة للعار والشؤم في كثير من الحالات، وليس هناك ثمة أي داع ليموتن أحد من أجلها.

وللحقيقة فإن لتلك الجرائم أبعاداً، وخفايا،ً أخرى غير معلنة، وغير الجنس، وما اتفق عليه بمفهوم الشرف الضيق. فقد تقع تلك الجرائم لغايات أخرى غير ما يسمى بـ"الانحراف الأخلاقي"، مع التحفظ الشديد على هذا المفهوم، ومع التأكيد على حق المرأة الكامل بممارسة حريتها وسلوكها والتصرف بجسدها وحياتها واحترام خياراتها الشخصية التي قد تكون في الغالب جينية محضة، ولا يمكن التحكم والسيطرة عليها، أحياناً، وألا تجبر على أي فعل، أو عمل أو تقوم به إلا بمحض إرادتها، ومنع ورفع، كافة أشكال الوصايات القانونية والأخلاقية والشرعية عنها، نقول أن هناك أبعاداً أخرى غير المعلنة تقف أحياناً خلف جريمة قتل النساء، ومن هذه الأبعاد مثلاً، في هذه العجالة:

1- الأول، والأهم، وفي المجتمعات البدوية، هو قضية وجود ملكية وميراث قد يكون عرضة للتنازع عليه، والخشية من مغبة انتقال أملاك العائلة لعائلة الزوج . وتحتل الملكية، واستمرارية تناقلها عبر الأجيال، حيزاً هاماً في الثقافة البدوية التي تقع معظم جرائم القتل في أوساطها، وتتخذ ذريعة الشرف كأحد أهم الوسائل للتخلص من شبح ضياع الملكية وانتقالها للغير، ولاسيما حين تصر الفتاة، أو المرأة على الاحتفاظ بحقها من ميراث أبيها.

2-العامل الآخر والأهم الذي يدفع البعض لارتكاب جرائم الشرف، وبسبب من الكبت والتابوهات الجنسية الصارمة والمقيدة في الثقافة البدوية، هو تعرض الفتاة لعمليات اعتداء جنسي واغتصاب من قبل أفراد في العائلة، أو ما يعرف بسفاح القربي، وبالإنكليزية Incestuous Love, or Sex وغالباًً ما يكون المرتكب هو الأب، أو الأخ، أو الخال، والعم، وتحدث هنا جريمة القتل النسائية بغية التعتيم على الفضيحة، وتغطية الجريمة بجريمة أخرى، لا تقل فظاعة وشناعة وبشاعة عن الجريمة الأولى.

3- وفي ثقافتنا البدوية المتواضعة التي تـُستمد منها جميع تشريعاتنا، ودساتيرنا، وتهيمن على تصرفاتنا، وجل منظوماتنا السلوكية والمعرفية، تـُحتكر الفتاة منذ ولادتها لابن عمها أو قريبا "اللـَزَمْ"، ويحرّم عليها التطلع عاطفياً خارج أسوار مملكة الدم العائلية والقبلية أو العشائرية التي تنتمي لها، وفي حال حصل وأطلقت العنان لعواطفها ولحقها في ممارسة إنسانيتها، ستلفق لها تهمة الشرف، وعندها سيكون الموت جزاءها، والذريعة والمشجب جاهزان لتبرير تلك الجريمة، وغالباً، ما يحصل الجاني على البراءة أو الأحكام المخفـِّفة، وتذهب المسكينة في "شربة ماء"، كما يقال.

4- ولا يـُنكر ما للعامل الطائفي والمذهبي من قوة ضاغطة تضعه في حكم التابو والمقدس في الثقافة البدوية، ويتحكم بالعلاقات الإنسانية والروحية والعاطفية. فقد يحصل أن تجتمع روحان، وقلبان، من غير المذهب والملة، وهذا ما يثير حراس وسدنة الثقافة البدوية وأنساق مصفوفاتها المذهبية، فتشرئب الأعناق، وتستثار النخوات، وترمى "العُـقـْل" على لأرض، ولا ترفع إلا بعد أن تذبح تلك "العائبة" و"الساقطة"، التي خرجت عن أطوار الثقافة البدوية، وعرّضت تقاليد العائلة للانتهاك وللمساس، وعندها لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى تراق على جوانبه دماء الحريمات.

5- وبسبب من العامل المادي والفقر تقوم فئات غير قادرة على الكسب والإنتاج، أو الأزواج، والإخوة بإرسال الفتيات إلى سوق الدعارة لجني المال، وحين يتم افتضاح الأمر، وبعد أن يأكلوها "لحماً ويرموها عظماً"، يتظاهر نفس أولئك الذين غضوا الطرف عن ذاك "الإثم"، يوماً ما، بالشرف وغسل والعار، فتقع الواقعة، وتكون المسكينة قتلت مرتين، مرة برميها في ذاك الطريق المزري، ومرة أخرى بزهق روحها على ذاك النحو المرعب المريع.

6- وبسبب من الفقر والعنوسة، أيضاً، والتي هي ظاهرة مستفحلة، تصبح المرأة أو الفتاة غير المنتجة عبئاً اقتصادياً في محيط العائلة البدوية والمحافظة عموماً، وحيث لا يسمح لها بالتعلم والخروج والعمل والإنتاج وتبقى أسيرة تلك المفاهيم البدوية، وتضيق بها الصدور، وتلاحقها العيون، وتصبح بوضعها ذاك مجلبة للعار، وعندئذ، تعمد بعض العائلات، إلى التخلص منها، عبر تلفيق جريمة شرف بحقها.

7-في أحيان كثيرة، وقد حصل هذا الأمر كثيراً، تفقد بعض الفتيان عذريتهن بسبب ممارسة رياضات وحركات عنيفة، وتكون غالباً،ً في الصغر، وقد تحصل من دون وعي أو شعور منهن، كركوب الدراجات مثلاً، وحين يتم اكتشاف هذا الأمر، وترتكب الجريمة ويغسل العار، يكون من قد مات مات، وما قد فات فات.

8- والأهم من ذلك كله، أنه في أحيان كثيرة، وبسبب أيضاً، من هيمنة الثقافة البدوية وتداعياتها المجتمعية الكارثية، وانعدام التوعية الجنسية تربوياً، وحين تبدأ الغريزة الجنسية لدى الفتاة وطاقاتها الجنسية بالتفجر والفوران والغليان، وبسبب من انعدام الاختلاط والحجر والحجز وتحريم أي نوع من اللهو البريء، واللعب الذي يفرغ طاقاتها الجنسية، ومحاربة أي نوع من العلاقات العاطفية حتى البريئة منها، فإن الفتاة غالباً، ما تلجأ للإشباع الجنسي الذاتي عن طريق مداعبة أعضائها التناسلية، أو ما يعرف بالعادة السرية الـ Masturbation ، وقد يقع المحظور، والأكبر، في حالات كثيرة، وتفقد الفتاة عذريتها بشكل غير مقصود، وحين يتم اكتشاف هذا الأمر، من قبل الزوج أو الإخوة وبطريقة ما، تكون الواقعة قد وقعت، وسلمت المسكينة روحها إلى باريها. السؤال الأهم، هنا، ماذا عن اللواتي يشبعن لهواً، و"صرمعة" وانحلالاً، وانحرافاً، ومن ثم يقمن بإجراء عمليات ترقيع للبكارات، ليظهرن، بعد ذلك، أمام المجتمعات والثقافة البدوية، في قمة الشرف والاحترام والالتزام والأدب والحياء؟ ولدينا عشرات القصص الواقعية، من الحياة، في هذا الصدد، بالذات، نترفع عن ذكرها، ونشرها. إنه المجتمع المفتون والمحكوم بثقافة الرياء والمظاهر والخداع، وتجارة الكلام.

الجهاز القضائي، والبوليسي، المشرف، والحارس والقيـّم على الثقافة البدوية، متهم هو الآخر، ومتورط في هذه الجرائم التي تأخذ طابع الإبادة، والجريمة المنظمة والمحمية شرعاً وقانوناً، جنباً إلى جنب مع أولئك المرتكبين والمنفذين للجرائم الـ Perpetrators. ولا يخفى تواطؤ هؤلاء جميعاً المباشر، وغير المباشر، حين يتم التعامل مع تلك الجرائم، وفق المنظورات والمعايير والثقافة البدوية، إياها، ولا يـُتعامل معها وفق معايير الدساتير والقوانين الإنسانية المحدثة التي أسقطت الخزعبلات والأساطير من حسبانها. ومن هنا يتوجب على ذاك الجسم القضائي وآلياته، ومن ورائه الجهاز الأمني والبوليسي، ومجالس ما يسمى بالشعب والشورى، تعديل كل القوانين والدساتير البدوية، بما لا يسمح البتة لأي كان من الانتقاص، والنيل من حياة أي كان، وإنزال أقسى العقوبات المطبقة عالمياً ضد جرائم القتل. لأن حياة الإنسان، أقدس وأسمى ما في الوجود، وأغلى مما يخطر في بال، ولذا لم يكن عبثاً، البتة، أن يتربع حق الحياة على قائمة حقوق الإنسان في الميثاق الدولي للإعلان العالمي المعروف ذي الصلة بهذا الشأن.

ليست كل من فقدت بكارتها، خارج مؤسسة الزواج عاهرة، أو فاقدة الشرف، ولا ساقطة، أو عائبة، فهناك ألف سبب وسبب لذلك، وعلى الجميع التريث قبل إطلاق أية أحكام، وما قد يترتب عليه من عواقب كارثية بحق النساء.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التغريبة العيدية من العقلانية إلى الهاويات الفكرية
- الممانعة والاعتدال: ولادة نظام عربي جيد
- المحاكم الدولية والشرق أوسطية
- سُحقاً للثّقافة الَبدويّة
- لماذا يَسْجِدون؟
- محاكم وتقارير أي كلام!!!
- المطلوب رأس العرب فقط
- هَذه بَضَاعَتُكُم رُدّتْ إِليْكُم
- هل يتكرر سيناريو العراق في إيران؟
- سنة إيران وشيعة الخليج الفارسي
- رداً على فؤاد الهاشم
- حروب خمس نجوم
- العرب وتركيا: القرعاء وبنت خالتها
- لماذا لا يرحّب العرب بإيران؟
- نضال نعيسة في حوار صحفي عن ادراج اسمة ضمن قائمة الكتاب العرب ...
- هذا هو مقال الخارجية الإسرائيلية!!!
- القوميون العرب: تاريخ أسود وفكر خبيث
- مَن هُم الكتاب العرب الصهاينة ؟
- تعقيب على رؤية إسراطين للعقيد معمر القذافي
- نقد للنظام أم جهل بموقع الذات؟


المزيد.....




- وزيرة الخارجية الألمانية: روسيا جزء من الأسرة الأوروبية لكنه ...
- الوكالة الوطنية توضح حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في المن ...
- ما حقيقة اعتقال 5 متهمين باغتصاب موظف تعداد في بابل؟
- مركز حقوقي: نسبة العنف الاسري على الفتيات 73% والذكور 27%
- بعد أكثر من عام على قبلة روبياليس -المسيئة-.. الآثار السلبية ...
- استشهاد الصحافية الفلسطينية فاطمة الكريري بعد منعها من العلا ...
- الطفولة في لبنان تحت رعب العدوان
- ما هي شروط التقديم على منحة المرأة الماكثة في البيت + كيفية ...
- الوكالة الوطنية تكشف حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في البي ...
- تحديد عيب وراثي رئيسي مرتبط بالعقم عند النساء


المزيد.....

- جدلية الحياة والشهادة في شعر سعيدة المنبهي / الصديق كبوري
- إشكاليّة -الضّرب- بين العقل والنّقل / إيمان كاسي موسى
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- الناجيات باجنحة منكسرة / خالد تعلو القائدي
- بارين أيقونة الزيتونBarîn gerdena zeytûnê / ريبر هبون، ومجموعة شاعرات وشعراء
- كلام الناس، وكلام الواقع... أية علاقة؟.. بقلم محمد الحنفي / محمد الحنفي
- ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر / فتحى سيد فرج
- المرأة والمتغيرات العصرية الجديدة في منطقتنا العربية ؟ / مريم نجمه
- مناظرة أبي سعد السيرافي النحوي ومتّى بن يونس المنطقي ببغداد ... / محمد الإحسايني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - نضال نعيسة - لماذا تقتلون النساء؟