أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد صيدم - نوار ( قصة قصيرة ).














المزيد.....

نوار ( قصة قصيرة ).


زياد صيدم

الحوار المتمدن-العدد: 2584 - 2009 / 3 / 13 - 23:15
المحور: الادب والفن
    



اجتمعت العشائر المتناحرة في مضارب شيخ القبائل، لعقد صلح شامل يوحدها تحت راية واحدة، كان قد تأجل بحث ألوانها وشعارها لليوم التالي، كان هذا رأى شيخ القبائل بعد احتدام الجدل فيما بينهما ،فخشي أن تفشل مساعيه، فيتجرع الجميع من جديد، مرارة قهر السنين وعصبية الجاهلية الأولى، فيجروا رداء الكرامة على طريق الخيبة، فهم يطمحون إلى الوحدة طلبا للحماية من أطماع وشرور زعيم شرس الطباع، استقر ليس بالبعيد عن مضاربهم، يحب سفك الدماء وسبى النساء، لا يعرف للرحمة طريقا ، كأنه القادم من صحراء جرداء قاحلة توسعت في فكره، أومن جليد وصقيع طغى على قلبه، لغته الانتقام والبطش، لم تنفع في صده دعوات الثكلى من النسوة، أو توسلات الأيتام من الصبية، ولا دموع العذارى من الفتيات السبايا ..

تقاطر زعماء العشائر على مضافة الشيخ الأكبر، فهذا يحمل على كتفه صقر يعتز به ، متفاخرا بأنه الصديق الصدوق وقت اشتداد الخطب والحاجة... وذاك يجر قرد يحدث بأنه سبب مُلكه وغناه... وثالث يتبعه كلبه أينما ذهب، متباهيا بصفاته وشجاعته فقد أنقذه ذات مرة من هجوم الذئاب بينما كان عائدا من رحلة صيد له... ورابع لا يترك مهرته أن يسوقوها أحد إلى مرابط الخيول المعدة خصيصا للوفود الزاحفة ركوبا، مصرا على أن تكون أمام نظره أينما ارتحل... وخامس لا تفارقه زوجاته وما ملكت أيمانه، وقد أحصى عددهن بأربعين إلا واحدة،كان يطمح في رحلته هذه بأن يصاهر شيخ القبائل، فيصبح صاحب الأربعين خمارا أسودا ...وأما السادس فكان يحمل على ظهره كيس ثقيل جمع فيه كثير من السيوف والخناجر المتميزة بندرتها، فكان يتباهى بها ولا يأتمن أحد عليها، فينام بجواره ويجالس الآخرين والكيس إلى جانبه مرافقا له...

عندما اقترح شيخ القبائل إقفال باب النقاشات في اليوم الأول، لعدم إحراز نجاحات حول موضوع الراية الموحدة لهم، كان الوقت متأخرا وسرعان ما حضر المساء يجر ظلاله التي سرعان ما صبغت الأرض بحلكة ظلماء، فعوت الذئاب،ونبحت الكلاب، وبدأ عرير صرصار الليل يخرق الأذان، فأشعلت النيران في كل مكان استعدادا لتجهيز ولائم العشاء، حيث شواء الخراف قد بدأ ينفذ برائحته الزكية، يداعب أنوف الرجال، فتزداد شهواتهم على اختلافها وما أكثرها..!

كانت نوار الغجرية، التي لم يتساءل احد عن سر ظهورها واختفائها طوال السنوات الأخيرة ، قد نصبت خيامها ليست بالبعيد عن الخيمة الكبرى، وأشعلت شعلة من الزيت المتوهج على كل باب خيمة، ورفعت راية حمراء على مدخل كل منها.. وفى الداخل أوعزت إلى كل غانية تسكنها بان تلبس ثوب فاقع بلون وحيد، يختلف عن زميلاتها في الخيام المجاورة ، حتى بلغت ألوانها بعدد زعماء العشائر المتواجدين ..

بدأت الاحتفالات.. وقدمت الذبائح المشوية، ودارت كؤوس النبيذ المعتق، وانتشت رؤوس المحتفلين، فكانت تضل طريق عودتها من الخلوة المعدة لقضاء حاجات البشر على أطراف الخيام، فتتلعثم خطواتهم في طريق عودتهم، فيدخلون تلك الخيام المصطفة هناك، ويختفي أثرهم في داخلها... استمر الحال على هذا حتى خيوط الصباح الأولى، عندما صاح ديك الفجر، فخرج الرجال يتسللون من خيام الغانيات وقد اعتمر كل منهم عباءته على رأسه، لم يكن يظهر منه سوى عين واحدة يتلمس بها طريقه إلى الخيمة الكبرى، التي بدأ يسمع بالقرب منها أذان الفجر أقامه مؤذن الشيخ الأكبر، انتظر ساعة فلم يظهر احد للصلاة، وانتظر ساعة أخرى دون أن يجد أي منهم قد اصطف خلفه ؟!، فصلى وحيدا قبل لحظات من بزغ نور الشمس، تعلن قدوم يوم آخر للمجتمعين، حيث تقاطر الجميع وكأن أمرا لم يحدث ليلة البارحة ...بعد حضور الجميع قام شيخ القبائل بفتح نقاش ما تم تأجيله بالأمس، سائلا كل منهم باختيار لونه المفضل، فوجد الجميع يتسابق في اختيار اللون المفضل عنده ، فكان أن أحصى ستة ألوان مختلفة، ابتسم الشيخ الكبير وقد هز برأسه منتشيا ؟، فاقترح أن تحاك على الراية ست نجمات، تحمل كل واحدة اللون المفضل لكل واحد منهم.. فتعالت الأصوات مرحبة بهذا الحل، و اثني الجميع على رجاحة وحكمة شيخهم الأكبر، وصل خبر اختيارهم للألوان إلى مسامع نوار فابتسمت ؟...

بقى الشعار يشكل موضع الاختلاف بينهم وهاجس يقلقهم، فقد انقضى نهار كامل في المداولات والسجال العقيم فيما بينهم، حيث أراد احدهم بان يكون الصقر شعارا للراية ، فصاح أخر يريد القرد شعارا ، بينما وقف ثالث من بين الجمع يمدح الحصان مشيرا إلى مكانته وأهميته فهو يستحق بان يكون شعارا للراية ، فاحتد رابع يريد السيف والخنجر... في نهاية المطاف عندما لم يهتدوا إلى حل يقتنع به الجميع، أعلن الشيخ اقتراحه بتأجيل البت في أمر الشعار إلى الغد .. فوافق الجميع بصوت واحد، بأن يرتاحوا ليلة أخرى قبل مغادرتهم، ففي السفر عناء كبير ومشقة .. تهامسوا فيما بينهم ، و دعوا الله أن يُلهم الشيخ الأكبر صواب الرأي والمشورة.. انفض القوم، وعاد الشيخ إلى خيمته يهز رأسه ...

بعد وليمة العشاء من شواء وشراب النبيذ المعتق، راح كل شيخ ينسل إلى خيمته بلونه المفضل حيث تقبع خيام نوار الغجرية وغانياتها... بينما كانت نوار تُعد نبيذ ليلتها مع الشيخ الأكبر في خيمتها، وقد تزينت لابسة ثوبها، كان ثوبا غريبا بلا ألوان !، وقد حيكت على مقدمته ما يشبه تلك المشاعل، بزيتها المتوهج على أبواب الخيام الغارقة في الشهوات، فأفصح لها عن فكره خطرت إلى ذهنه في الحال.. فابتسمت نوار، وانتابها شعور بالظفر والانتصار.!!

إلى اللقاء.



#زياد_صيدم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خبر وصينية كُنافة (قصة قصيرة).
- أمنيات رجل مختلف (1،2،3 ).
- هستيريا على أطلال الموت (4) الحلقة الأخيرة .
- هستيريا على أطلال الموت (3) قصص قصيرة.
- هستيريا على أطلال الموت (2) قصص قصيرة
- هستيريا على أطلال الموت (1)
- المهرطقة في زمن اليأس/ قصة قصيرة.
- هستيريا في الظلام ( 4 / قمة العبث )
- هستيريا في الظلام (2) قصص قصيرة


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد صيدم - نوار ( قصة قصيرة ).