|
كارل ماركس والثورة الاشتراكية
يوحنا بيداويد
الحوار المتمدن-العدد: 2583 - 2009 / 3 / 12 - 10:51
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
مقدمة اختير كارل ماركس مؤسس الفكر الاشتراكي كاعظم مفكر لهذه السنة في استفتاء جرى في بريطانيا. وبهذه المناسبة وجدت من المفيد تسليط بعض الضوء على حياته وفكره.
كارل ماركس قليلة هي الشخصيات التاريخية التي وصلت مكانة كارل كاركس، فهو المفكر الذي غَيرَخارطة العالم السياسية خلال مدة دامت اكثر من قرن، عالم ومصلح اجتماعي كبير اوجد النظام الاشتراكي في زمن كانت الاقطاعية مثل مرض السرطان تنخر شرايين المجتمع ومفكر وفيلسوف معاصر لاز ال العالم يفكر في اطروحاته الاقتصادية التي كانت بلا شك السبب في الاصلاح الاجتماعي في المجتعمات الغربية المتقدمة الموجودة حاليا، هو الرجل الذي طالما حلم الفقراء والمثقفين ومتوسطي الحال بوصولهم الى شاطئ الامان عن طريق تطبيق مبادئ نظريته الاقتصادية
تنحدر عائلة كارل ماركس من الفئة المعلمة في الدين اليهودي (رابي) التي اعتنقت المسيحية عندما كان طفلا، وتربى على مذهب البروتستانت المهتم بقراءة الانجيل وسماع الوعظات كثيرا ولد سنة 1818 م في ترفيس (Treves ) الالمانية مدينة القديس امبرس التي كان لها صيت ونفوذ كبير في المانيا في زمن نابليون. حصل على الدكتوراه في الفلسفة من جامعة برلين وكانت اطروحته تحمل عنوان( الفرق بين الفلسفة والطبيعة عند ديمقريطس وابيقور ). تزوج من امراة استقراطية التي كان لها اثر كبير في حياته كلها
سنة 1843 ذهب الى فرنسا لدراسة علم الاجتماع، ,هناك التقى بانجليز الرجل الانكليزي الذي كان له خبرة واسعة في ادارة المصانع في مدينة ماجستر البريطانية ومن خلاله تعرف الى الكثير عن حالة الطبقة العاملة وحقوقها المهضومة ونظام الاقتصاد البريطاني. شارك في كلا الثورتين الفرنسية والالمانية سنة 1848 اللتين جعلاه اخيرا يبحث عن حالة اللجوء في بريطانيا سنة 1849 فقد قضى هناك معظم حياته مع تنقلات بسيطة بين حين اخر بسبب حالة الفقر والمرض. كان لموت اولاده اثر كبير عليه مما جعله يتعمق يوما بعد يوم في فكره الاشتراكي الذي قضى حياته يكتب ويبحث ويحاضر ويناضل من اجل حصول التغير وقيام الثورة الاشتراكية ومن ثم العدالة الاجتماعية .
اما فلسفته فهي وليدة من فكر الفيلسوف الالماني الكبير هيجل ونظام الاقتصاد البريطاني حين ذاك تبنى التعارضية او الديالكتيكية الهيجلية في تفسيره لحركة التطور الحاصلة في العالم عبر التاريخ . فقد اعتقد ان العالم في تطور مستمر حسب نفس الفكرة الديالكتيكية ، لكنه بصيغة معاكسة تماما ، حيث لم يتفق مع هيجل بان القوة الدافعة لتطور العالم هي الروح او الفكر بل اعتقد بان الوجود كله هو وجود مادي لا غير. ولذلك لم يؤمن بوجود الحقائق الخالدة مثل الموت والملكوت والدينونة والخير والله بالنسبة لماركس كان العالم كله مادة ولا يوجد شيء اسمه الروح فيه، لذلك انكر وجود الله واعتبر مقولات الدين اكاذيب، وهو صاحب المقولة المشهورة ( الدين افيون الشعوب)، وحسب ارائه ان الدين يعمل على اغتصاب دور العلوم الانسانية وهي رجعية تريد التسلط والاستبداد وحرمان الانسان من حريته الفكرية . امن بان المادة هي القوة الدافعة لتطور العالم عن طريق علاقة الانسان بمنتوجاته المادية والفكرية وبهذا اصبحت مادية ماركس عمليا، هي مادية اقتصادية ان اي انجاز عظيم حصل في تاريخ الانسان سواء كان في الفلسفة اوالدين اوالسياسة اوالفن حسب ماركس هو انتاج لعقل الانسان ويكمن فهمه الا ضمن مفاهيم المجتمعات التي ولدت فيه. فالحياة وحاجاتها هي التي تقوده لانتاج هذا الابداع كما هي حالة ابتداع الالة. الشيء الاخر المعروف عن فلسفته انهاعرفت بالمادية ما توحي للقاريء بانها لا تهتم الا بحاجيات الانسان المادية كالاكل والشرب ولا تهتم فلسفته ابدا بحاجات الانسان الروحيه ؟ !! الحقيقة ليست كذلك فجدليته تقول لكي يشعر الانسان انه موجود وله الحرية الكاملة للممارسة رغباته الشخصية يجب ان تكون له امكانية اقتصادية ، لان العامل الاقتصادي في النظام الاقطاعي ينزع من الانسان انسانيته ويعيق فكره وحريته وطموحاته وبالتالي تعمل على تأخر وعيه وحركة تطوره. يرى ماركس ان الاشياء المادية هي في تغيير مستمر لان وجودها مرتبط بالتاريخ، لذلك لا وجود لحقائق ثابتة بل اشياء مستمرة في التغيير وكذلك المجتمع مستمر في التغيير ، ولذلك عند محاوله فهم اي مجتمع يجب الرجوع الى تاريخيه لانه هو المرجع الوحيد يحوي على كل الحقائق عنه، اي ان ماركس ركز على النشاط العقل الانساني عبر التاريخ لكن بنظرة مادية خالية من مفهوم الروح او الفكر الروحي الذي قصده هيجل.
ان الاختلافات بين الناس حسب ماركس تعود الى الاختلافات في اعمالهم، فالانسان لا يستطيع التخلي او الاستغناء عن العمل من اجل تلبية حاجاته الاساسية في الحياة اليومية وليس كما يعتقد تعود الى قوانين اساسية ثابتة فيه. بالنسبة للفكر يعتقد ماركس انه ليس مفصول عن نشاط الحياة اليومية . فالفكر هو سلاح او اداة مثل الادوات الاخرى التي يستخدمها الانسان والمجتمع معا في هذه الحياة كي يصل الى غايته. عند ماركس الحاجة هي التي تأتي بالفكر وليس العكس اي الفكر يعي او يدرك الحاجة اما جدلية ماركس هي مكتسبة من نفس النظام او الفكر الذي وضعه هيجل. فالموضوع ونقيضه في صراع الى حد ولادة المركب الجديد منهما ، حسب ماركس ان طبقات المجتمع المختلفة في امكانياتها الاقتصادية التي هي في صراع فيما بينها. فحسب ماركس في كل مرحلة يتم تخطي خطوة نحو تلاشي هذا الاختلاف او التناقض اي ولادة مجتمع جديد يحوى على اقل تناقض الى ان يصل هذا المجتمع الى المرحلة النهائية اي مرحلة عديمة التناقض وهنا يكون مجتمع مثالي فيه تكتمل الحقوق والواجبات بين المواطن والمجتمع ويكون الاستقرار والامن و........الخ
نقد فكر كارل ماركس ماركس وقع في تناقض مع ذاته فمن جانب لم يؤمن بوجود حقائق ثابتة مستقرة في العالم ومن جانب اخر حلم بنظام اقتصادي ثابت ومستقر يلغي كل الفروقات والاختلافات والصراعات بين افراد وطبقات المجتمع. ناسيا دور الدين والقومية في الشعوب وكذلك هاملا موضوع اخر مهم وهو الطبيعة الانسانية المستمرة في التطور، فعبر ولادة الاجيال الجديدة تزداد الامكانيات الفكرية الغريزية من جيل الى جيل اخر حسب البيئة . والخطئ الثاني كان غرقه في مفهوم الفلسفة المادية و الواقعية بحيث نكر وجود اي شيء غير مادي. لكن كلمة الحق يجب ان تقال، لقد كافح ماركس كل حياته من اجل زيادة انسانية الانسان باتجاه اخيه في مفهوم العدالة الاجتماعية .
#يوحنا_بيداويد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف يصبح المالكي قائداً خالداً للعراقيين؟
-
حركة العصر الحديث الى اين تقود مجتمعنا ؟
-
الصراع الفكري بين الماديين والمثاليين حول طبيعة الكون
-
الصراع بين الموضوعية والذاتية
-
اسهامات فلاسفة العرب الاوائل في تطوير الفكر الفلسفي
المزيد.....
-
تظاهرات حاشدة في ألمانيا ضد صعود اليمين المتطرف
-
الجبهة المغربية لدعم فلسطين تعتز بالفلسطينيين وتدين تصرح ترم
...
-
الامراض النفسية وعلاجها من منظورين مختلفين
-
ما بعد تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق مرحلة جديدة في
...
-
حکاية لا نهاية لها
-
لقاء السوداني و كيير ستارمر- والنفاق الذكوري!
-
تقرير عن رحلتي إلى سوريا ما بعد الأسد
-
هل يمكن للنظام الرأسمالي أن يحترم السياسات الإيكولوجية ؟
-
الميثاق الجديد للاستثمارات بالمغرب، هل يصلح الخلف ما أفسده ا
...
-
شاهد.. متظاهرون غاضبون في الهند يحرقون دمية للرئيس الأمريكي
...
المزيد.....
-
نظرية التبادل البيئي غير المتكافئ: ديالكتيك ماركس-أودوم..بقل
...
/ بندر نوري
-
الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور
...
/ فرانسوا فيركامن
-
التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني
...
/ خورخي مارتن
-
آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة
/ آلان وودز
-
اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر.
...
/ بندر نوري
-
نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد
/ حامد فضل الله
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|