من غزة هاشم إلى ذكرى الشهيدة الليبية الماجدة سعاد بوشيبة

أسعد أحمد الشقيري

الحوار المتمدن-العدد: 2583 - 2009 / 3 / 12 - 08:48
المحور: القضية الفلسطينية
    

التحية والإجلال والإكبار والرحمة لروح الشهيدة سعاد بوشيبة التي جاءت للمساهمة في كسر الحصار عن قطاع غزة والمجد لروحها في السماء التي فارقت جسدها دون أن تعلم إن ما يطلق عليه كسر الحصار هو الحصار بعينه ، يا سيدتي الشهيدة : إن حصار سكان قطاع غزة يقوى ويصبح أكثر ظلماً وأشد فتكاً كلما ازداد الدعم المادي والإعلامي لسكان قطاع غزة لسبب بسيط هو إن كل القائمين على التطبيل والتزمير والتزوير والزعيق بان قطاع غزة محاصر كلهم وجميعهم إما أن يكونوا لا يعلمون خطورة تشبثهم بفكرة إن قطاع غزة محاصر أو أنهم يعرفون لكنهم يمعنون في الخطأ ويوغلون في التخريب على شعبهم وقضيته ، سيما وان إمكانية إقناع العالم بان قطاع غزة ليس محاصر بل محتل باتت ضعيفة جداً ..

أيتها الشهيدة : إن هذا الضجيج الهائل الذي يضخمونه هو من المسائل القليلة المحببة لقلوب ونفوس الساسة في إسرائيل ومموليهم أقطاب وعباقرة الحركة الصهيونية ، لان المنطق يقول بان العاقل لا يجلب العمى لنفسه ، أي لا يوجد في الكون من هو عاقل ويقوم باقتلاع عينه بيده ، أو لا يرضى العاقل ولا يقبل أن يتسبب بتشويه سمعته بمحض إرادته ودون إكراه أو إجبار إلا إن كان يتوقع أرباحاً مضاعفة من خلال مجازفته بسمعته .. نكرر العاقل .. والكل يسلم أو يكاد يجزم بان ساسة دولة إسرائيل ومن ورائهم أقطاب الحركة الصهيونية الجهنمية هم أناس دهاة وحكماء وعقلاء دون منازع .

وقبل أن يتمرد احد القراء على كلامنا هذا ويقول إن أقطاب الحركة الصهيونية أغبياء وساسة إسرائيل مجانين نقول بالفعل هؤلاء الناس في منتهى الحكمة ولا يفعلون شيئاً إلا ويكون لهم أهداف كبيرة يضمنون تحقيقها من وراء قيامهم بذلك العمل وتجاربنا معهم لا حصر لها ابتداءً من استطاعتهم هدم كيان الشعب الفلسطيني وطرده في العام 1948م وإقامة كيان إسرائيل على أنقاضنا وإرغام العالم اجمع بسبل يعجز الشيطان عن اجتراحها بقبول إسرائيل كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة مروراً بسيطرة اليهود على المال والذهب والاقتصاد ووسائل الإعلام في معظم دول العالم ، ومقدرة الصهاينة العجيبة على التدخل شبه العلني في الانتخابات الرئاسية لكبريات الدول في العالم ومثل الرئيس الفرنسي الدمية ساركوزي لا زال وسيبقى ماثلاً في الأذهان على أكودية كونه ألعوبة صغيرة في يد الحركة الصهيونية قاموا بتنصيبه على عرش فرنسا الحرة .. وانتهاءاً بضربنا وسحقنا في غزة تحت سمع وبصر العالم بطريقة مريبة وكأن كل حكومات العالم قد أصبحت تابعاً ذليلاً للحركة الصهيونية .

هؤلاء الصهاينة لا يمكن أن يكونوا أغبياء ويساهمون بإراداتهم في تشويه سمعة إسرائيل وجعلها قاتلة نساء وأطفال إلا إذا كان الثمن الذي سيقبضونه باهظاً وهو علاقات طبيعية متطورة سياسية واقتصادية وثقافية وحتى أمنية وعسكرية إسرائيلية مع أكثر من خمسين دولة عربية ومسلمة في العالم وذلك مباشرة بعد المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية التي لا عاقل ينكر بأنها قريبة وبسبب ما أصبح قانوناً اممياً بان أي حرب لا بد أن تتبعها مفاوضات وحلول بين الطرفين الذين خاضا تلك الحرب .

هؤلاء الصهاينة يفركون أيديهم فرحاً كلما طبل العالم وزمر بأن غزة محاصرة ، لأن الحصار يعني إن هناك كيان سياسي فلسطيني قائم على الأرض وعلى قطعة محررة من أرض فلسطين اسمها غزة قام الثوار والمجاهدين بطرد الجيوش الإسرائيلية منها عنوة وبقوة السلاح قبل ثلاثة أعوام ، وشدة الضربات التي جعلت جنود إسرائيل يهرولون هاربين من غزة وتحت وابل الرصاص والصواريخ الفلسطينية والقنابل كما تدعي كل المنظمات الفلسطينية المسلحة وغير المسلحة الوطنية والعلمانية والإسلامية دون استثناء .

كلهم لم يكونوا صادقين مع شعبهم ولم يصدقوا خالقهم سبحانه وتعالى لأنهم لم يطردوا الجيش الإسرائيلي عنوة وهو لم ينسحب من غزة حتى الآن بل قام قادة الجيش الإسرائيلي بإعادة تموضع قواته في قطاع غزة وحولها كتطبيق حرفي لخطة وضعها شارون لتنفيذ هدف تضليل العالم اجمع برلمانات وحكومات وشعوب بان للفلسطينيين وطن صغير اسمه غزة انسحبت منه دولة إسرائيل ويقول شارون بالحرف الواحد في خطته : (( إن خطتي هذه تزيل الاعتقاد لدى كل العالم بان إسرائيل ما زالت تحتل قطاع غزة )) ، ويؤكد شارون في نقطة أخرى من خطته ب (( ضرورة أن لا يكون هناك أي عامل من قطاع غزة يمكنه العمل في إسرائيل بحلول العام 2008م ))

نحن نقول بأن الادعاء بان قطاع غزة محاصر مع المعرفة الأكيدة بأنه محتل وما تمارسه إسرائيل في غزة وحول غزة لبس حصاراً أبداً بل هو عسف وطغيان ضد شعب محتل وما تمارسه إسرائيل وما مارسته فيما طبل الجمع واعتبروه حرباً ضد غزة هو حفلات جهنمية من التعذيب والقتل الهمجي البشع وليس حرباً بل يجب أن يحاسب كل من يسمي البشاعات والفظاعات التي فعلتها إسرائيل في غزة حرباً.

إن ما حدث ليس حرباً أيها السادة .. أيها العقلاء إن ما حدث هو حفلات جهنمية من التعذيب والقتل الهمجي البشع ضد شعب ما زالت إسرائيل تحتله بالكامل أرضاً وهواءً وبحراً وسماءً .

نحن نقول شكراً لك أيتها الأخت العربية الليبية سعاد على قافلة المساعدات لنا لأهلنا في غزة التي قدمت روحك الطاهرة من أجلها .. شكراً ، لكن الواجب الإنساني وكعرفان منا بالجميل لك ولذكراك يحتم علينا أن نوضح لروحك أيتها الشهيدة إن قطاع غزة هو كان وما زال قطعة ارض محتلة ويحتلها الجيش الإسرائيلي حتى هذه اللحظة بالكامل من البر والبحر والجو وبطاقات الهوية التي يحملها سكان قطاع غزة في جيوبهم هي بطاقات إسرائيلية وبنفس التسلسلات الرقمية الإسرائيلية وبالمصادفة ها هي الآن دنيا الوطن الغراء تنشر أسماء الناس الذين وافقت دولة إسرائيل على السماح لهم بالتواجد في قطاع غزة تحت مسمى جمع الشمل العائلي ومنحتهم أرقام بطاقات هوية إسرائيل وحدها هي التي كتبتها وسلسلتها بطريقتها الخاصة .

نؤكد لك أختنا الشهيدة سعاد بأن قطاع غزة ليس محاصراً ومن العار أن نسمي المسائل بغير أسمائها .. قطاع غزة هو قطاع محتل ، تحتله إسرائيل بالكامل منذ العام 1967م وحتى الآن والجيش الإسرائيلي الآن وبمساعدة كل من يدعي إن قطاع غزة محاصر يقوم بقصف قطاع غزة المحتل بالطائرات الحربية وبأسلحة متطورة تحت بصر وسمع العالم .

. يا سيدتي الشهيدة لك الرحمة والمجد والخلود ، يخاطب روحك أطفال غزة الشهداء منهم والأحياء وأرواحهم تخاطب روحك الساكنة الآن في حواصل طيور خضر تطير حول عرش الرحمن .. أطفال غزة يصرخون يا سيدتي الشهيدة وبصوت واحد يقولون إن عدم صدق المنظمات الفلسطينية كلها ودون استثناء الوطنية والعلمانية والإسلامية عدم صدقها ـــــ في اعتبار خطة شارون خطة جهنمية قذرة أوجدت المبرر لجيش إسرائيل أن يضرب أطفال ونساء غزة بأكثر المعدات الحربية تطوراً ولم يصدقوا شعبهم القول ولا العالم ـــــ هو السبب المركزي في مأساتنا أيتها الشهيدة .

قطاع غزة يبكي سيدتي ليس لأنه ضرب وما زال حتي هذه الليلة يضرب بالأف 16 ، لكنه يبكي لأن المنظمات الفلسطينية تدعي انه محاصر مع إنهم يعرفون انه ليس محاصر أبداً .. قطاع غزة ليس محاصر سيدتي .. قطاع غزة محتل وإسرائيل تمارس ضد هذا القطاع المحتل حفلات جهنمية من التعذيب والقتل الهمجي البشع .

يجب أن يخجل كل قادة المنظمات الفلسطينية من روحك الطاهرة ويعلنون الحقيقة الغالية الغائبة التي فيها تكمن بداية إزاحة التضليل عن وجه قضيتنا الفلسطينية المقدسة ، لنعلن للعالم أجمع أننا في قطاع غزة لسنا محاصرين بل نرزح تحت نير الاحتلال الإسرائيلي بصورة أكيدة وكاملة وشاملة وبكل ما في كلمة الاحتلال من معنى ............. وإسرائيل تمارس ضد هذا القطاع المحتل حفلات جهنمية من التعذيب والقتل الهمجي البشع ، أما تزييف واقع قطاع غزة بحجة تثبيت سيادة الفلسطينيين على جزء من الوطن فهذا هو اللا منطق واللا معقول .. لأن كل من يحبو في مجال السياسة يعرف والأطفال الصغار يعرفون بأن قطاع غزة لن تكون له سيادة أبداً وأقصى ما يمكن لإسرائيل منحه لقطاع غزة هو إدارة شبه ذاتية كما هو حادث الآن ، وهذا هو السقم وهذا هو الاستهبال بعينه . . لك المجد يا ابنة ليبيا العربية .. . لك المجد أيتها الشهيدة الحرة الماجدة .
8 ــ مارس ــ 2009م

#أسعد_أحمد_الشقيري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات