|
الافلاس السياسي سبق الافلاس الانتخابي !
جمال محمد تقي
الحوار المتمدن-العدد: 2581 - 2009 / 3 / 10 - 08:21
المحور:
كتابات ساخرة
" عندما يفلس التاجر ، يقلب دفاتره القديمة ! " هو مثل شائع بين العديد من ابناء شعوب المنطقة ، ويقال بطرق مختلفة ، مثلا عندنا في العراق يقال : " عندما يفلس اليهودي يقلب دفاتره القديمة " عسى وعلى ان يجد فيها دينا قديما يستعين به ،، ربما ارادوا منه ايضا الاشارة الى اهمية عامل التعويض وان كان وهما ضالته في الماضي او في الاحلام ، وعليه وضعوا الدفاتر كرمز لسجلات وحسابات الماضي ، ربما يتذكر امجاد الامس عسى ان ترفع من اسهم معنوياته المنهارة ، بحيث لا تجعله يفكر بالانتحار مثلا ، بعد ان بارت تجارته ،، وربما هو اشارة ايضا الى انه يبحث في ماضيه عن اسباب حاضره ، او يحاول استعراض ماضيه كجزء من عملية المتاجرة التي يبتغي بها تحسين وضعه ، بالاستدانة من المقتدرين مثلا بكفالة ماضيه ! اعتقد ان هذا المثل لا ينطبق اليوم فقط على التاجر ، فأي كان من اصحاب المهن عندما يتعرض الى فشل غير طاريء في صميم عمله ، فانه حتما سيراجع نفسه وسيراجع حساباته وعلاقاته وما له وعليه فيها ، ليعالج الاسباب عن دراية ومعرفة ، وهكذا الحال بالنسبة للافراد والجماعات ، وشؤون حياتهم العامة ، بما فيها السياسة ، والاحزاب ، والتحزب ، والانتخابات ، والخسارة والربح والافلاس وارقام القياس ، ومؤشرات الاحساس وانعدامه بالناس ، وما العمل عندما يقع الفاس بالراس ؟ شاهد الموضوع هو كسر حاجز الصنمية عند مايسمى بالنخب السياسية العراقية الحالية ، وخاصة عند قيادة الحزب الشيوعي العراقي كمضرب للامثال الذاهبة والقادمة للاجيال ، لكونها عينة حية على حالة افلاس الحاضر ـ رغم ادعاء وراثتها هي لماضي غني عريق ـ سُوف جله مابين عقوق وانتقائية وانتهازية وانبطاحية وخواء ، حتى تحول الشيوعي عندها الى نمط عشائري ، اي ان الشيوعية في عهدها تخلقت بحالة التقهقر في محيطها ـ عشائريا وطائفيا وعرقيا ـ وانساقت الى حيث يساق المحيط وليس كما كان الحال ايام كانت الشيوعية اختراق لكل بال ومتخلف وداعية لكل جديد ومشرف ، فعندما تقول شيوعي الان لا تقصد به ذاك الرائد والطليعي فكرا وممارسة طبقيا ووطنيا وامميا ، وانما هو احد منتسبي عشيرة مستحدثة لها شيخ ومجلس للحل والعقد ولها افخاذ من بيوتات وافراد يسهل على زعيم كل فخذ فيها معرفتهم واحدا واحدا وبالاسماء والانساب ـ التزكيات بالولاء للشيخ وطريقته ومجلسه واحكامه ـ ومقرات العشيرة هي مرابعها حيث لا مرابع غيرها ، وبما ان عشيرة الشيوعية لا تستطيع حتى مجاراة اصغر العشائر ـ الاصيلة ـ فانها لا تجد لنفسها مطرحا غير ذيل القائمة ـ خانة الشواذي ـ التي تتتصدرها عشائر الامية والزبيدية والربيعية والجبورية والساعدية والجنابية والوائلية والعنزية والشمرية والمالكية والطالبانية والبرزانية ! اخذت بنظام تزاوج المحاصصات الداخلي ليعادل ـ كصة بكصة ـ نظام المحاصصات الخارجي ، وليتكاثر منتسبيها على حسبة النسب الجديد ، وهي منفتحة كالعشائر الاخرى على الاحلاف والتوسع ، ولكنها وبسبب قلة خبرتها بالمشروع العشائري ايضا ، وضعف صيرورتها وضحالة امكانياتها لحماية من ينتسب لها ـ يذب جرش معها ـ فانها تعاني عشائريا ايضا من انحسار وتمييز بسبب من قلة اعداد منتسبيها ، لان الانتساب للعشائر الكبيرة والقوية هو الاضمن لكل باحث عن ضمان عشائري ، ناهيك عن العدة حيث لا راية خفاقة ولا افق ولا رأي سديد ولا خيالة او هجانة تحمي مرابع العشيرة !
الانخراط تحت خيمة المؤتمر الوطني العراقي بقيادة احمد الجلبي وبتنسيق كامل وشامل مع الطالباني والبرزاني ثم قيام الحزب الشيوعي الكردستاني وفصله عن الحزب الشيوعي العراقي يشكلان علامتان بارزتان في مسلسل التخلي عن النسغ الشيوعي واستبداله بماء مغذى امريكيا وعبر وسطاء كثر ، نعم كان تقسيم الحزب عنصريا هو اول الغيث في مسلسل التفصيص الجاري الان على قدم وساق تماهيا مع رغبات القادة العشائريين المتحكمين في شمال العراق وبعدها تهل عليك الاستهلالات ، دخول قيادة الحزب في الكوتا الشيعية ضمن نظام المحاصصة الطائفية والعنصرية ، وقبلها دخولها في احضان المشروع الامريكي لغزو العراق ـ زيارات خاصة ولقاءات وتنسيقات مباشرة وغير مباشرة كشف عن بعضها السيد محمود عثمان في معرض دفاعه عن ضرورات التنسيق مع الامريكان قبل غزوهم للعراق ، حيث قال : لا احد من كل الموجودين في مجلس الحكم يستطيع ان ينفي تعاونه مع الامريكان قبل دخولهم العراق من عجيل الياور الى حميد موسى . . ثم وفي سياق حديثه عن زياراته المكوكية لواشنطن والاتفاق على تشكيل مكتب متابعة في شمال العراق قال انه التقى في البنتاغون مع حميد مجيد حيث كان ينتظر دوره بالدخول ! كتاب بول بريمر عامي في العراق يتابع سرد البقية ، وقبل الكتاب وما قيل فيه ، لنطالع مواقف قيادة الحزب خلال الستة اعوام الماضية هل فيها شيء ينفي عنها المشاركة من قبل وبعد ؟ هل وجدتم موقفا واحدا حقيقيا وواضحا يدين ويناهض الاحتلال الامريكي ؟ هل وجدتم ادانة صريحة وعلنية وفعلية للممارسات الطائفية للاحزاب الاسلامية الحاكمة ؟ هل وجدتم ادانة واستنكار واستهجان للممارسات الخاطئة والعنصرية لحزبي الطالباني والبرزاني بحق ابناء شعبنا العراقي بعربه وكرده وتركمانه ومسيحييه وشبكه ويزيدييه ؟ هل وجدتم ادانة واضحة لحكومة علاوي وفسادها ايام حكمها ؟ هل وجدتم ادانة صريحة وواضحة للتدخل الايراني في الشؤون العراقية ؟ هل وجدتم نقدا للممارسات المتخلفة والمشعوذة باسم الدين والفروض ؟ لا اعتقد هناك شيء يذكر سوى بعض نتف من التمتمات لتي لا يراد لها ان تسمع وغرضها هو سد للذرائع هنا وهناك بحيث لا يسمعها ذوي الشأن ! في البرلمان هل سمعتم موقفا مبدئيا وحكيما من الاتفاقية الامنية غير الموقف المسخرة المعروف ـ بافضل السيئات ـ ؟ هل سمعتم موقفا حازما في قضية ما ؟ هل سمعتم شيء عن قانون انتخابات اقليم كردستان الجديد ؟ هل سمعتم اعتراض ما ؟ هل سمعتم عن الفساد الشامل في حكومات اربيل والسليمانية ؟ هل سمعتم احتجاج ما ؟ تصوروا المستقلون فقط هم من يصرخ دفاعا عن الحقوق المهدورة ! هل سمعتم موقفا مشرفا ازاء انشغال البرلمان برواتبه العالية وحماياته الجرارة والناس تتضور جوعا ؟ هل سمعتم موقفا قويا ازاء مرتكبي جريمة اغتيال كامل شياع مستشار وزير الثقافة وهو محسوب على عشيرتهم ، علما ان القتلة معروفون ؟ ربما قبلوا ديتة لا ادري ! اعتقد ان الجميع قد سمع بغفران الساعدي البرلمانية الصدرية الصادقة مع نفسها والوفية لمنتخبيها ، سمع الجميع بدورها في المناقشات وسمعوا بمقترحها لخفض رواتب اعضاء البرلمان 30% ، سمعوا صرخاتها من اجل رعاية اجتماعية كريمة للارامل العراقيات ، والله ان غفران السعدي اكثر شيوعية من شيخ الطريقة الجالس في المجلس ! لا اريد ان اطيل ، لذلك لم اطنب في توضيح لماذا كانوا كالببغاوات يرددون مايقوله المحتل واعوانه بصدد عودة السيادة والدستور والاتفاقية الامنية ، وغيرها ! كل ما يقوله سلبا وايجابا وبالترتيب : البرزاني والطالباني والحكيم والمالكي سوف لا تجدون من يخالفه بمواقف جادة في قيادة الحزب الشيوعي العراقي ! لقد تقدم المالكي في الانتخابات المحلية وسيتقدم اكثر في الانتخابات العامة القادمة لانه تقدم اكثر باتجاه مطالب الناس وهواجسهم الحقيقية ، وهكذا الحال بالنسبة للصدريين ، وقائمة الحدباء ! اما لماذا افلست قيادة الحزب ولماذا ستخسر اكثر في الانتخابات العامة القادمة ؟ لانها وببساطة بعيدة كل البعد عن الناس وهمومهم وهواجسهم ، نعم الناس تريد كهرباء لكنها تريد ايضا بقاء كركوك عراقية قلبا وقالبا ، الناس تريد أمنا نعم لكنهم يريدون ايضا عراق خالي من دعاة التقسيم والفدراليات ، نعم الناس تريد رعاية صحية وتعليمية لكنهم يريدون ايضا طرد الاحتلال ومحاربة الفساد ، الناس تريد بقاء البطاقة التموينية نعم وتريد ايضا تغيير الدستور الغبي الذي مرر بالتزوير ، وتريد دولة مركزية مؤسساتية تحكم بشرعة المواطنة الواحدة فيها حكم محلي لتسهيل امور المواطنين لا لتعقيدها طائفيا وعنصريا والنتيجة يكون عراقا ضعيفا مفصلا لحكم عشائر فدرالية واحزاب عشائرية ! كنا وكان ماض مبني على شيوعية تسقي الفولاذ ، اما الان فانها عند شيوخ العشيرة شيء اخر ليس له علاقة بها ، غير علاقة تشابه اسماء ، والعبرة لمن يعتبر !
#جمال_محمد_تقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الراسمالية نهاية طريق لا نهاية تاريخ !
-
الفكر الفاعل اكثر خطورة من جيوش جرارة !
-
كوتا ام ارستقراطية مطلوبة لاستكمال اكسسوارات المشهد ؟
-
روجيه غارودي تجاوز فلسفة الكورس !
-
الحزب الذي لا يشور يدعى ابو الخرك !
-
علي بابا والاربعين حرامي !
-
يا عمال العراق صلوا على النبي وال بيته !
-
برلمان العراق لا يسير نفسه بنفسه !
-
بودلير زجج ازهار الشر داخله وغادرها !
-
تعزية ليس لها عنوان !
-
لاتدخل حزبا الا والعصمة لك ان الاحزاب مقالب قد تخذلك !
-
الحزب عندنا فاقد لحياء الحاء !
-
معبر رفح ثغر غزة العابس !
-
أعداء الشيوعية في العراق يحكمون اليوم !
-
يسار الجامع ويمينه !
-
رأي في التصميم الاخير لموقع الحوار!
-
الاناء ينضح بما فيه واواني اوباما مستطرقة !
-
البرزاني تهديد دائم وخوف دائم !
-
ثلاثية جية !
-
استمرار حصار غزة جريمة اخرى ضد الانسانية !
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|