|
عيد المرأة العالمي.. ضرورة تحققت في صدفة تاريخية
نجاة الموسوي
الحوار المتمدن-العدد: 2579 - 2009 / 3 / 8 - 11:02
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
يبدو أن أكثر المناسبات الكبرى جاءت عن طريق الصدفة، لكن الصدفة لا تأتي إلا لمن يستحقها، وصدفة عيد المرأة تمثل حادثة خلال حركة التاريخ في تحقيق إنجازاته.
حركة التاريخ التي لا تتوقف في البحث عن الحرية، سواء في الحقول أو في المصانع أو الأسواق، البحث عن الحرية هذه المرة حدث في مصنع نسيج، حيث أحرق بالكامل مع العاملات اللواتي شكلن إضرابا وكتبن مطالب إلى رئيس المصنع، ورفضها على الفور، حيث كان عددهم 72عاملة.
لقد قامت هؤلاء النسوة بتشكيل إضراب هو الأول من نوعه في تاريخ النساء وفي مدينة نيويورك بالتحديد عام ,1909 لقد أضرمت النيران في أجساد هؤلاء النسوة من قبل مالك المصنع نتيجة إضراب قامت به العاملات هناك.
وبعد سنة تقريبا من الجريمة التي وقعت على هؤلاء النسوة العزل من حرق أجسادهم وتيتيم أطفالهم، قررت الأمم المتحدة دعوة نساء الدول المشاركة لاجتماع عام، حيث عقد في كوبنهاجن بالدنمارك. وأهم قرار اتخذ في هذا الإجتماع هو اعتبار يوم الثامن من شهر مارس (آذار) من كل عام عيداً لجميع نساء العالم.
ومنذ ذلك اليوم والدول العربية الراقية تحتفل بهذا اليوم كـ عيدا للمرأة ، على المستوى الرسمي والشعبي. وتتذكر فيه الإنجازات العظيمة التي تقوم بها المرأة من إدارة الأسرة إلى تربية الاولاد إضافة إلى الإنجازات الوطنية سواء في الاقتصاد أو السياسة أو الإجتماع.. الحقيقة أن ما أقر في كوبنهاجن قليل في حق المرأة، لأنها عماد الأسرة والمجتمع. ورغم جهودها الحقيقة والمتواصلة على أرض الواقع، إلا أن العالم لا يأبه بها. ويعتبرها ضعيفة ويضاعف من استغلالها، فهناك ألف ومائتي مليون امرأة فقط حصلن على عمل مقابل ثلاثة آلاف مليون عامل، أي 40٪ من عدد العاملين الذكور. هذا يعني أن 60٪ من النساء عاطلات عن العمل. مما يجعلهن فقيرات تمتد أيديهن إلى العوز، فإذا كان العدد الإجمالي لسكان العالم 6 مليارات فإن 3 مليارات إمرأة على حافة الفقر..
وهذا ينطبق تماما على وضع المرأة في الدول العربية والخليج الذي يبدو أن موضوعها يتراوح مكانه منذ أن تنبه قاسم أمين إلى موضوع المرأة وتحريرها الإجتماعي.. لقد دعا قاسم أمين منذ مائة عام إلى أهمية هذا الموضوع ومخاطره الاجتماعية واصطف حوله تلامذته، ثم جاء من بعده فلاسفة وكتاب كثر، لكن نصيبهم كان مثل نصيب غيرهم، فقد خسروا معركة المرأة في تحررها الاجتماعي والسياسي بسبب مصالح الذين يقرون ويمارسون الزواج من أربع نساء. ولا يخجلون من إطلاق الصفات السيئة على المرأة التي ولدتهم من بطنها، كأن يسمونها ضعيفة عاجزة وعورة.
إن تقدم المرأة كموضوع أدبي واجتماعي يتراوح مكانه في دولنا وهذا يضاعف من تأخر الدول العربية سواء في الاقتصاد أو في الحصول على الحرية. العادات والتقاليد هي التي تتحكم في الوطن العربي، وليس هناك بادرة أمل من الإعتراف بحقوق المرأة إلا في جانب واحد وهي أن تذهب إلى صناديق الاقتراع لكي تصوت إلى الرجال، خاصة رجال الدين وأتباعهم بحجة أنهم حماة الأمة، والسبب في ذلك هو الأمية التعلمية والأمية السياسية والأمية الثقافية. والأمية بشكل عام تبدو متعمدة ومبرمجة من قبل السلطات الدينية والسياسية.
ففي الوقت الذي بدأ تعليم المرأة في لبنان عام 1826 على يد امرأة مبشرة للدين المسيحي! لم تصل بشائره إلى الخليج إلا بعد مائة عام!، وفي وجود الاستعمار البريطاني، الذي كان يخطط إلى الحصول على عمالة رخيصة متحضرة وواعية، والذي يستحيل الحصول عليها بدون أن تتعلم المرأة. لكن التعليم لوحده لم يدفع المرأة تجاه الحرية، إلا بعد أن قامت الحرب العالمية الأولى 1914-1916 حيث كانت الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية متردية جدا. لقد دفعها عامل الحاجة إلى لقمة العيش، لها ولأطفالها بأن تقف في طوابير طويلة حتى تحصل على بطاقة التمويل. هذا الوضع الطاريء خلق لديها نوعاً من الوعي بالوجود. فاندفعت تفتش عن أي عمل تقتات به، تاركة التقاليد جانبا ومغلبة الجانب الحياتي.
لقد كتب الفيلسوف الفرنسي فرانسوا رينيه عن أن علامة تقدم أي مجتمع كان يتم من خلال النظر إلى تقدم المرأة فيه، وعلى هذا المنوال كانت الأمور تسير في العالم العربي ببطء شديد، وكثيرا ما شبه العالم العربي في الأدب والنظرية بالسلحفاة بسبب تراوح المرأة وموضوعها الرئيسي ما بين مؤيد ومعارض.
سليم البستاني في القرن الثامن عشر انتقد الوضع العربي قائلا إن الشــــــعب الذي يحـــــــاول ذكوره التقدم دون نسائه كالشـــخص الذي يحـــاول السفـــر ماشيا برجل واحدة .
#نجاة_الموسوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة في افتتاح أول مدرسة في الق
...
-
النصائح العشر للنساء لكسب المعركة الانتخابية
-
رصد لتاريخ حرية المرأة من خلال التحرر الإقتصادي والإجتماعي
-
الساعة الأخيرة للأنظمة الدكتاتورية
-
السلام العالمي في خطر
-
إشكالية الحرية في التاريخ العربي وآفاق التغيير
-
على هامش الذكرى الأربعين لوفاته كلمة صادقة في استشهاد جارالل
...
-
رصد لتاريخ حرية المرأة من خلال التحرر الاقتصادي والاجتماعي
-
المجتمع القوي يقود إلى دولة قوية
المزيد.....
-
الحياة الواقعية تحت وطأة الصراعات.. المرأة اليمنية في أدب وج
...
-
سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024 الجريدة الرسمية بعد أخر ال
...
-
المجلس الوطني يدين جرائم الاحتلال ضد المرأة الفلسطينية ويطال
...
-
وزارة المالية : تعديل سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024.. تع
...
-
المرأة السعودية في سوق العمل.. تطور كبير ولكن
-
#لا_عذر: كيف يبدو وضع المرأة العربية في اليوم العالمي للقضاء
...
-
المؤتمر الختامي لمكاتب مساندة المرأة الجديدة “فرص وتحديات تف
...
-
جز رؤوس واغتصاب وتعذيب.. خبير أممي يتهم سلطات ميانمار باقترا
...
-
في ظل حادثة مروعة.. مئات الجمعيات بفرنسا تدعو للتظاهر ضد تعن
...
-
الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|