سلام كوبع العتيبي
الحوار المتمدن-العدد: 790 - 2004 / 3 / 31 - 08:48
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يوما بعد يوم تزداد مصائبنا ومعاناتنا والسبب مايرتكبه الكثير من الذين ادعوا لأنفسهم صفات الألوهية وقد سلبو الله عنوة حق الوراثة في الأرض , فراحوا يقتلون ويدمرون ويذبحون من الوريد ألى الوريد , ويكفرون ويشخصون , هذا زنديق وهذا مارق وذاك ملحد , بدون أي مبرر لذلك سوى اشباع رغباتهم الدموية وجموحهم نحو السيطرة وفرض لون الدم المترافق مع رائحة البارود وأصوات سيوف قديمة وبنادق ومتفجرات حديثة , يدفهم الى ذلك من مرحلة تغيير المنكر بالقلب في أوقات لم يتمكنوا فيها من امتلاك السلاح والمال الى مرحلة تغيير هذا المنكر بأيديهم بعد أن أصبح متاحا لهم المال والسلاح عبر خطوط ملتوية خطيرة , بمساعدة كاملة من أهل الحل والعقد .. !! في هذه الامة العقيمة . وهذه الحالة التي نحن فيها الآن ليست جديدة وأنما هي تواصل مع ماضي دموي كان بطله الحاكم بأمر الله في الأرض وحاشيته , حيث كان هذا الحاكم مستعدا لأبادت أي مخلوق يختلف معه أو يهدد مصالحه ويفضح بذخه وترفه وسرقته لبيت مال المسلمين والتهمة جاهزة دوما ( فهذا الذي قتل مارق وكافر ومشرك ) وقد وجب قتله تنفيذا لكتاب الله وسنة نبيه ..!! ولقد كانت أول حرب يشنها الحاكم ضد المعارضة في الاسلام بعد وفاة النبي محمد مباشرة أبو بكر الصديق ضد ما أطلق عليهم حين ذاك بالمرتدين . !! عن دين محمد , وهم في الحقيقة لم يكونوا سوى قوم رفض مبدأ الخلافة من أساسه , ورفض أن ينصب أي أحد نفسه حاكما عليهم , في حين أن قلة قليلة من هؤلاء من الذين ادعوا أن الدين الأسلامي قد انتهى , مما أعطى لهذا الحاكم والمنتفعين من حوله مبررا لأن يحارب كل من رفض مبايعته تحت تهمة الارتداد عن دين محمد . كانت تلك المحاولة الأولى لاسكات المعارضة والصوت الآخر بعد دعوة النبي محمد الى دين الاسلام , وقد تبعتها كثيرا من المحاولات والافعال والجرائم البشعة التي يندى لها الجبين وتقشعر منها الابدان حتى لتبدوا مرحلة مابعد الرسول محمد حتى يومنا هذا عبارة عن كتاب كامل كتب بمداد من دماء الناس الابرياء هم صفوة المجتمع ونخبته , ناس هم نور هذا المجتمع في طريق الظلام الدامس الوحشي الذي نسير فيه . فلا أحد يستطيع أن ينكر الحجاج بن يوسف الثقفي وكيف قتلبطريقة وحشية ( الجعد بن درهم ) حين قطعه أوصالا ورماه في النار لاغيا بذلك دور الله في الحساب والعقاب .. وكيف أن أمير المؤمنين أبو العباس السفاح قتل أول روائي عربي وعالمي ( عبد الله بن المقفع ) صاحب كتاب كليلة ودمنه بذات الطريقة التي قتل بها الحجاج الجعد بن درهم . فأن كان هؤلاء صادروا دور الله , فقد تحول غيرهم الى الاه , لاغين بذلك الذات الالاهية ليحلوا مكانها , حين خاطب الشاعر أبن هاني الأندلسي هارون الرشيد .
ماشئت لاماشائت الاقدار
احكم فأنت الواحد القهار
كأنما أنت النبي محمدا
وكأنما أنصارك الأنصار
ومن بعد وفاة الرسول محمد الى هارون الرشيد حدث الكثير من جرائم القتل والاغتيال والنفي والتشريد لكل صوت حر أراد لهذه الأمة ان تنهض بنفسها ونسلك الطريق السديد , طريق الحرية والمساواة والتقدم لكي يحفظ لها تاريخ اجدادها وحضارتهم العريقة , فهم أول من أخترع الكتابة الهيروغرافية والمسمارية وهم أول من صنع وسائل النقل ( ولكن ما أقصد المارسيدس ) وأول من سن القوانين الناظمة لحياة البشر مما مهد لولادة أول مجتمع مدني على وجه الأرض وهم أصحاب المعجزات المادية الملموسة والباقية حتى يومنا هذا , من أهرام مصر الى جنائن بابل المعلقة .
ولم تتوقف حفلات الدم والتكفير . حيث كفر ونفى الطبيب الفيلسوف أبن سينا وحرق كتب الفيلسوف أبن رشد وقتل محي الدين بن عربي , وأستمرت هذه الحملات التكفيرية الى يومنا هذا حيث تم في الربع الاول من القرن العشرين عزل الشيخ علي عبد الرزاق من جميع مناصبه لانه تجرأ وقال أن لااصل لنظام الخلافة في الاسلام وان من حق الشعوب المسلمة اختيار أي نظام حكم ترى فيه هذه الشعوب مايحقق مصالحها وسعادتها , وذلك من خلال كتابه ( أصول الحكم في الأسلام ) وفي الثلث الاخير من القرن تطورة هذه الهجمة وأتخذت أبعاد خطيرة , فقط تم تكفير الدكتور صادق جلال العظم بسبب كتابه ( نقد الفكر الديني ) وتم تقديمه لمحكمة هي نسخة طبق الاصل عن محاكم التفتيش التي كانت سائدة في القرون الظلامية في أوربا , وقتل الدكتور فرج فوده وأمتدت الايادي الغادرة الوقحة الى الروائي العالمي صاحب جائزة نوبل للاداب نجيب محفوظ , واغتيال المفكرين حسين مروة ومهدي العامل , وحكم الاعدام العابر للقارات بحق الروائي سليمان رشدي بعد ان كرم عن روايته( اطفال منصف الليل ) من قبل نفس الذين كفروه .. وكذلك تقديم الفنان مارسيل خليفة لمحاكم التفتيش في لبنان , وهنالك الكثير من الاسماء الامعة في سماء الفكر والمعرفة .. وبين هذا كانت المجازر الجماعية في الجزائر حيث يذبح البشر كما تذبح الخراف على الطريقة الاسلامية الشهيرة ..ولكن لم نسمع يوما عن هؤلاء الظلاميون أنهم كفروا حاكما أو سلطان يوما , في الوقت الذي يمارس هؤلاء الحكام القتل والتشريد والذبح والتسفير القسري في حق شعوبهم المسلمة ..!! والسبب هو أن هؤلاء الظلاميون يتقاسمون رقاب البشر مناصفة مع الحكام والسلاطين , لم يكفروا صدام حسين لقتله اللافمن الشعب العراقي والكويتي والايراني واستباحته لك مقدس ..ولم تكن هنالك اشارة الى الملك حسين بن طلال عندما قتل الفلسطينيين في ايلول الاسود .. ولكنهم كفروا نصر حامد ابو زيد وطالبوا تفريقه عن زوجته عبر محكمة شرعية ..!! , وتكفير المفكر الليبي المرحوم الصادق النهيوم .. وهاهم الظلاميون اليوم يقتلون العشرات من العراقيين المسلمين الابرياء بعد أن سقط نظام شريكهم في القتل صدام حسين ( جريذي تكريت ) صاحب المقابر الجماعية وجبال الجماجم البشرية التي اراد ان يصنع منها كراسي جديدة لطيور الظلام .. جماجم لشعب لاذنب له سوى مطالبته في الحرية والعيش الكريم ..
#سلام_كوبع_العتيبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟