جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 2573 - 2009 / 3 / 2 - 03:20
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
أكثر من أربعين ألفَ كتابٍ تتحدث عن التوراة دون أن تعطي إجابة مباشرة حول التوراة ومصدرها ومن أين جاءت ,أو من أين جاء بها كُتابُها .
وأكثرُ من أربعين ألفَ كاتبٍ لم يقولوا الكلمة الأخيرة بحق التوراة , ومعظم الكُتابُ العرب عن التوراة تكرار ٌ لمسبات وشتائم دون أن يطرحوا نظرية علميةً واحدة ً, وأكثر من 1000عنوان عربي لكتب ٍ متعددة المؤلفين لم يقارنوا بين التوراة وبين القوانين الحمورابية أو السومرية أو الفرعونية , إلا نادراً ما ندر منها ندرة الذهب والزئبق الأحمر , أمثال طه باقر , وفاضل عبد الواحد , وفراس السواح , وكمال الصليبي ..إلخ .
وفي كل عام كان الفرات يفيض مشكلاً السهول والإنجرافات , والطوفان , وهذه أصبحت في بغداد قصصاً يرويها الكهان حين جاء يوماً فيضاناً كبيراً وصل حتى المرتفعات الجبلية العالية , فكتبوا عنه قصص الطوفان والتي سرعان ما نقلها اليهود وجعلوها مركزاً دينياً هاماً , ورواية توراتية , صدقوها همخ أنها من عند الله , ومن ثم أخذتها الكتب السماوية ُ التي جاءت بعد التوراة , ولم يكن يخطر ببال بعض الدجاجلة ان علم الآثار سيأتي يوماً ويكشف النقاب عن أصول القصص التوراتية التي أقلق اليهودُ بها العالم .
هذا الشعب اليهودي المُتعب والمُثقل بالجراح كان في كل فترة يُسبى ويعذبُ ويُنكلُ به , مرة على يد (رعمسيس) ومرة على يد ملك (عجلون) الذي منع موسى وجماعته من سلوك الأراضي الأردنية للعبور إلى أريحا , فقد قاومهم هذا الملك بشراسة عنيدة , ولكنهم بالنهاية دفعوا لخلفه ثمن عبورهم (فضة) وسأتحدثُ عن الملك عجلون في مقال خاصٍ به .
التوراة مثلها مثل كل الكتب وحضارة اليهود مثلها مثل أيَُ حضارة ٍ , فقد مرت بمرحلة التدوين الشفهي لأسفارها وآدابها الدينية , وهي ليست منزلة من عند الله وهي ليست التابوت الذي به سكينة ورحمة , بل هي آدابُ البابليين والمصريين , فقصة يوسف كتبها كُتاب مصريون مبدعون وهي تعود إلى ليتورجيات المصريين المكتوبة على أوراق البردى , وكذلك إسم يعقوب فلا يوجد شخص ٌ إسمه يعقوب , وإنما هو لقبٌ لكل بدوي وراعي يتعقبُ الماشية والأغنام والجمال ومناطق الرعي بالصحراء وكذلك إسم (خليل) فهو إسم مركبٌ من خل+إيل , كما كانت ومازالت غالبية الناس اليوم تقرنُ أسماء أبنائها بأسماء وصفات الله بالمثال على ذلك : عبد الله..وعبد المسيح ..وعبد الكريم , ومن هنا كان هنالك إله إسمه إيل ينسب له الناس أسماء أبنائهم ومن هنا أيضاً جاء إسم (الخليل).
ليس لليهود أدبٌ خاص بهم وليست التوراة منزلة من عند الله بل هي مجموعة أوراق حفظها الرهبان والربانيون في غرفهم وخيامهم , ومن ثم نسبوا القصص التي بها إلى أنبيائهم , إنها ثقافة الرعاة والبدو الصحراوية التي تهظم الثقافة والمخترعات ومن ثم تدعيها لنفسها .
وقصة صبر أيوب موجودة ٌ أيضاً في الأدب البابلي .
وكذلك قصة الطوفان وعمر نوح النبي الذي قيل أنه عاش 950عاماً وهذا مستحيل جداً ومن المحتمل أن السنة عند كتّاب هذه الرواية تبلغ أسابيع فقط لا غير , أو شهر واحد .
وقصة الطوفان هذه التي أقلق بها اليهود العلماء هم والمسلمين هذه القصة مسروقة عن اللوح 11الحادي عشر من ملحمة جلجامش وإسم بطل القصة (إنبوشتايم) الذي إلتقاه (جلجامش) أثناء رحلته للبحث عن الخلود وإمكانيته , فبعد أن مات(أنكيمدو) صديق الملك جلجامش حاول أن يبحث هذا الملك عن العشبة التي تجعله خالداً إلى الأبد , لأنه من الظاهر أن الطعام الذي يأكله الإنسان هو الذي يجعله في صحة جيدة لفترة محدودة وبعد ذلك يجعله في عداد الموتى , من هنا أراد الملك جلجامش أن يبحث عن عشبة يأكلها الإنسان فتجعله خالداً ضد كل أشكال الموت والمرض والتلف والنسيان .
إن هذا الكلام يؤيده غالبية الشيوخ الإسلاميين فهم متفقون معي في هذه النقطة من أن التوراة مزوره أو مسروقة , ولكنهم لا يعون معي الحقيقة الأكثر إيلاماً وهي أن القرآن أعاد تكرار مثل تلك القصص وقال أنها حقيقية .
ما هذا التناقض الفريد من نوعه , يعني إما كذا وإما كذا ..إما أبيض وإما أسود ..إللون الرمادي مش كويس ..والكذب مش كويس برضه على شان صحتنا جميعاً.
في التوراة التي أملكها أنا في مكتبتي المنزلية لا يوجد بها كلام محرفٌ عن موضعه بل به كل التوراة مسروقة عن الأدب البابلي والمصري .
فقصة كتابة التوراة إستمرت أكثر من 500عام على تدوينها , وحين كان الملوك يغزون العبريين لم يكونوا أولاُ يسبونهم بل كانوا يشردونهم ويطردونهم في شعاب الجبال والسهول الزراعية , خشية أن يتجمعوا مرى أخرى , ولكن هذه المرة سباهم البابليون سبياً مرتين , وكانت نسبة السبي لا تتعدى بعض النسب المأوية , فكان الملوك يسبون منهم 10% أو 7% أو 27% وهم كبار التجار والأحبار ُ والربانيون , ويجعلون الباقي منهم نهباً للصحراء وعمالاً بالسخرة عند المدن المجاورة لهم .
وحين ذهب العبرانيون إلى بابل , حين ذهبوا لم يكن بحوزتهم توراة !!!!!!1 ولكن حين عادوا إلى أورشاليم , عادوا ومعهم التوراة والأسفار القديمة والعهد القديم , وحتى لو كانوا حفظة ماهرين فلا بد أن يقع التغيير والتبديل في قصص التوراة لتناسب العقليات المنتصرة على اليهود , فقد عمد الأحبار على تفصيل قصص التوراة على حسب مزاج البابليين , لذلك نجد التوراة نسخة مطابقة للأدب البابلي .
والكتب السماوية حين نقلت عن التوراة قصصها , لم يخطر ببالها أن يأتي يوم يقرأ به (صموائيل نوح كريمر) الأدب البابلي والمسماري ليجد أن ألواح التوراة لا تختلفُ عن ألواح الأدب البابلي , قيمة ومعنى وتأليفاً وإيداعاً في المكتبات , ولو خطر ببال قادة الإسلام هذا الخاطر لما نقلوا عن التوراة قصة الطوفان , ذلك الطوفان الذي كان في كل عام يغرق السكان المزارعين الذين يسكنون أطراف دجلة والفرات وقد نسجوا بخيالهم عنه الحكايات المثيرة والتي تحولت يوماً إلى قصة طوفان دينية .
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟