عبد صموئيل فارس
الحوار المتمدن-العدد: 2572 - 2009 / 3 / 1 - 01:03
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
أيام مرّت كالبرق كانت رحلتي التي جمعتني مع أحبائي من قريتي في سيارة خاصة وذلك لزيارة الأديرة القبطية التي تملأ جوانب صعيد مصر كانت بمثابة عودة إلى الجذور، فكم كان الحنين يئن عليه في كل ديار أدخله وكأنني تربيت في هذا المكان، ولِما لا فهذه ديار أجدادي التي روتها دمائهم؟ كم كان إعجابي الشديد بعمل الله في النهضة الرهبانية التي شهدتها هذه الأديرة في الفترة الأخيرة وما جنته من انعكاس ايجابي في إحياء الأديرة القديمة والتي كانت مندثرة ولكن في كل هذا استوقفني أحد الأديرة في مدينة أخميم وهو دير الشهداء.
وهذا الدير يمثل متحفاً مفتوحاً للشهداء، فكم أجساد الشهداء بداخله وما تحمله من تنوع من كل الأعمار فمن الطفل الرضيع إلى الشيخ الوقور تمثل الأمة القبطية بكل أطيافها وما تحمله من تنوع في تقديم أبناءها للشهادة دون تمييز بين امرأة ورجل أو بين ولد وبنت، فالكل واحد في المسيح يسوع أمام معمودية الدم التي قدموها محبة في اسم المسيح يسوع والتي مازالت باقية إلى الآن.
مع احتفالنا بذكرى شهداء الكشح والتي روت دمائهم الألفية الجديدة في تواصل بين الأجيال عبر السنين دون انقطاع، هؤلاء هم الأقباط هذه هي حياتهم هذه هي ثمار إيمانهم أجساد باقية رغم هول التعذيب شعور رؤوسهم مازالت حية دمائهم تتساقط إلى الآن دون توقف إحياء داخل توابيت الموت، من يصدق هذا سوى من يعرف من هو المسيح؟ وما هو طريقه الضيق المؤدي إلى طريق الحياة كلها؟؟
لم تقتصر أجساد الشهداء في هذا الدير بعينه بل امتدت إلى حدود مدينة أسوان والتي كانت نهاية رحلتي، فمهما اختلف المكان أو الزمان هناك إيمان واحد يجمع الكل ومعمودية واحدة جمعت هذه الأجيال هي معمودية الدم والتضحيات التي قدمتها هذه الأمة العظيمة والتي رغم مرارة وقساوة مضطهديها وما ذاقته من ويلات ولكنها مازالت حية نابضة تشهد للعالم عن ظلم الإنسان لأخيه الإنسان حتى الآن لمجرد الاختلاف معه في المعتقد.
فتحية إلى أجدادي العظام الذين بدمائهم حافظوا على تراثنا وإيماننا ولغتنا، تحية إلى أرواحكم الحية التي تشفع فينا صارخة إلى الله أن يرفع الغرباء أيديهم عن بلادنا وديارنا وحرماتنا وأطفالنا.
ولكن إن كانت هذه هي الطريقة التي ستجمعنا في حضن المسيح فمرحباً بهذا الطريق الذي سلكه أسلافنا دون خوف أو ترهيب، وإلى كل إخوتي الأقباط في كل مكان سيروا على درب أجدادكم، لا تخشوا إنسان في قول الحق ارفعوا أصواتكم عالياً في وجه الظلم فمهما طال ليله ستأتي بعده شمس الحق فلي الحياة هي المسيح والموت هو ربح عيشوا رجالاً أشداء حتى تفرح بنا أرواح أجدادنا.
#عبد_صموئيل_فارس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟