عساسي عبدالحميد
الحوار المتمدن-العدد: 2567 - 2009 / 2 / 24 - 08:52
المحور:
الادب والفن
كان في عينيها نور الصباح المتمايل فوق تلالنا المخضرة ورفرفة الظهيرة فوق كرومنا المثقلة بقطاف وحصاد أيلول، كانت ديهيا كسنديان "عنابة" العتيق وكصفصاف "قرطاج" اليانع وكينبوع الجبال البعيدة، لم تكن سيدة الكينونة ملكة فحسب بل مملكة شاسعة بصروح وقلاع عالية،عالــــــــــية... وكانت قمما متوجة تعكس خطوطا ودوائر متناسقة فوق بحيرات وأنهار تامازغا، كانت صلاة مجنحة في هيكل الرب، ؟أما عن حديثها ففيه عبق نبوة مازغ وسير الأقدمين وملاحم فرسان الأوراس الأشاوس المدافعين عن شرف الغابات والجبال.
صحيح أنه كانت لديهيا ابتسامة بريئة كتلك المرتسمة على شفاه صغار تامازغا في غرة عيدنا الأكبر asseguas amguaz وكانت تعشق القمر المضيء وعطر الورد وبرتقال"تيــبسة" كما كانت ترقص في الأعراس والأعياد على إيقاع أناشيد أجدادنا العتيقة تماما كما تفعل بنات مازغ في الصحاري البعيدة وعلى ضفاف ملوية، ورغم كل هذا لم تتردد في حمل سيفها بشجاعة ناذرة لتواجه جيش الأشرار ببطولة لم تعهدها الأزمنة ولهذا قاموا بنحرها وفصل رأسها عن جسدها انتقاما على صمودها وعدم الخنوع ليحملوا ذلك الرأس نحو مضارب بني يعرب عربونا عن قتل عدو، و أي عدو!!! ؟؟ امرأة.... وملكة... وحكيمة.. و قلب سماوي يفيض حبا وعطاء ...
يوم رحيلها سالت دمائها بغزارة وكأن الأرض قد تشققت لتطوق بئرا عن كاملها بدماء قانية غزيرة، ويوم رحيل سيدتي وحبيبتي تمخضت الأرض بموتاها واهتزت الجبال وعصفت الريح بشدة وأمطرت على غير العادة، ورغم مرور كل هذه السنين فان ذكرى ابنة الشمس ما زالت تنتابني من حين لآخر لأنفرد بنفسي في زاوية البيت وأبكي بكاء حارا مريرا على سيدة تامازغا، وكلما أردت أن أقدم النصيحة لأحد أحفادي الصغار تكلمت لهم طويلا عن ديهيا ابنة الشمس و شقيقة الجبل وسيدة هذه الأودية الناطقة، نعم ديهيا الحية التي ستنهض من وراء الفصول والسنين لتسكن قلوب إيمازيغن على مر الدهور .
#عساسي_عبدالحميد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟