|
كلنا مصابون بحول في العقل !
قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)
الحوار المتمدن-العدد: 2564 - 2009 / 2 / 21 - 09:37
المحور:
كتابات ساخرة
الحول في العين أمره معروف وهو على نوعين : داخلي وخارجي . ومع أن الحول العقلي شائع بيننا أكثر من حول العين ، فان أمره غير معروف ، وهو على نوعين ايضا : داخلي : ويعني أن عقلنا يرينا ما هو ايجابي في الجماعة التي ننتمي اليها ، ولا يرينا ما هو سلبي فيها . وخارجي : يرينا ما هو سلبي في الجماعة الأخرى ولا يرينا ماهو ايجابي فيها . وكانت هذه العملية الادراكية هي التي تحكمت بالسنّة والشيعة في سنة الفتنة 2006. كان الشيعي يرى كل ما هو جميل في جماعته الشيعية ولا يرى فيها عيوبا ، ونفس الحول تحكّم في السنّي .لا أحد من الطرفين يريه عقله أن في جماعته من العيوب والسلبيات ما قد يزيد على الموجود منها في الجماعة الأخرى . وخذ الأحزاب الدينية والعلمانية ايضا ، كل منها مصاب بحول ادراكي . الكل يرى في نفسه أنه الأجمل ويرى في الآخر ما يعدّه قبحا ، مع أن الآخر قد يكون أجمل . حتى الأشخاص ..من السياسيين الى المثقفين الى العاديين ، مصابون بهذا الحول .من منكم رأى في منافسه أنه أجمل منه ..أعني في أفكاره ..في شخصيته ..في أسلوبه ، واعترف له ؟. ولأزيدّن في زعلكم عليّ فأقول : أنني أجد " علامات " شيزوفرينيا في هذا السياسي أو ذاك . ذلك أن المصاب بالشيزوفرينيا اذا اعتقد بفكرة فانه لن يتخلى عنها حتى لو اعطيته مال قارون ، لأنه يرى في نفسه أنه العاقل وأنت المجنون ..وتأملهم بيننا لتعرف واحدا من أسرار بلوانا . وتأمل المتحاورين في القنوات الفضائية فانك لن تجد بين المئات منهم حالة واحدة يقول فيها المتحاور لنظيره : انك على صواب . لا أحد يجرؤ على الاعتراف بأن رأي المقابل صح ورأيه خطأ . لا أحد يشكر الآخر اذا أفاده بفكرة جميلة أو نبهه الى ما كان غافلا عنه . كلنا عقولنا " محولّة " والاختلاف بيننا في الدرجة ليس الا . وأسألكم بالله : من منكم جاءه شاب يخطب ابنته ولم يسأله عن طائفته ؟. نعم من حقك أن تسأل عن اخلاقه وسمعة أهله ، لكن أن ترفض مصاهرته لأنه من طائفة أخرى فهذا حول عقلي .قبل ربع قرن شاركت في وفد جامعي خليط من الطائفتين لنقنع والد طالبتنا بالزواج من طالبنا الذي كان من طائفة أخرى ..واعتذر !. و" حولنا " هذا ليس وراثيا ، مع أن المكتسب قد ينفذ الى الجينات ويصير وراثيا اذا طال أمده ، وظلم السلطات التي توالت الحكم في العراق زاد عن ألف سنة . لقد اكتسبناه ونحن صغارا ، تعلمناه من تنشئتنا الأسرية ..وأفدح الخسائر أننا أعدنا انتاجه بأردأ الصيغ وأقبحها في عامي الفتنة 2006 و2007 ..لدرجة أن أطفالنا صاروا يلعبون " سنّة وشيعة " بديلا للعبة " عسكر وحرامية ". حتى الماركسيون الذي يوصفون أنهم من المثقفين الأكثر وعيا ، مصابون بهذا الحول . في العام 2004 كنت اتمشى مع صديق شيوعي في ساحة الأندلس فعرض عليّ أن نزور مقر الحزب الشيوعي الذي صار على بعد خطوات . دخلنا فوجدنا كرويتات خشب عادي مفروشة بحصران " بروليتاريه " .جلسنا فرأيت في السقف ( فوق رأس القهوجي ) ثلاث صور كانت لماركس وانجلس ولينين . طلبت من صاحبي أن أرى المسؤول الثقافي .قلت له : لو أن شابا جلس هنا وسألك عن أصحاب هذه الصور فستتدفق عليه بالكلام : هذا ماركس ..ألماني صاحب النظرية الماركسية ، وهذا لينين ، روسي قائد الثورة البلشفية ، وهذا أنجلس ..وتفترض فيه أنه سيعجب بهم مع أن جيلا كاملا من الشباب كان بين مغيب الوعي عن الماركسية وبين من تلقى محاضرات في ( الثقافة القومية ) جعلته ينفر منها . وقارن الأمر لو أن الصور كانت لفهد وسلام عادل وجمال الحيدري ، وتروي له كيف ضحوا بحياتهم من أجل الشعب والوطن ، فأيهما أبلغ ؟.لكنكم كالآخرين مصابون بحول ادراكي مع أنكم من أنزّه السياسيين وأشدهم حرصا وأكثرهم تضحية ..وأبأسهم حظا! . والمفارقة أن المصاب بالحول العقلي لا يدرك حالته الا اذا أتته صفعة . ومع أن الانتخابات الأخيرة وجهت صفعة لبعض الأحزاب الدينية والعلمانية ايضا ونبهتها الى " حولها- بكسر اللام " لكن اللطمة الأقوى التي ستعمل على تصحيح أعوج ما في حولنا العقلي ..جميعنا من الأفندية الى المعممين ، ستكون في انتخابات البرلمان المقبلة ..اذا ما صار شي !.
#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)
Qassim_Hussein_Salih#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ضمير..سز
-
عبود ..والشطره ..وحال ما تغير
-
في سيكولوجيا الناخب العراقي- قراءة نفسية سياسية -
-
اسطورة أوباما ..هل ستنتهي بانتصار الوطن ام بموت البطل ؟!
-
ثقافتا الفرد والدور ..واشكاليه السلوك
-
في سيكولوجيا تصرّف منتظر الزيدي - ثقافة التعليق
-
في سيكولوجيا تصّرف منتظر الزيدي
-
تهنئة ,,وملاحظات واقتراح
-
أمسية ..في شارع أبي نؤاس
-
مخطوطة للدكتور علي الوردي معروضة للبيع
-
تنبؤ سيكولوجي بفوز أوباما
-
الارهابيون بعيون أكاديمية - ايضاح ..واقتراح-
-
الارهابيون .. بعيون أكاديمية
-
سيكولجيا الصراع في المجتمع العراقي
-
كنت في الجولان
-
في سيكولوجيا الفساد المالي والاداري 3-3
-
الى الشاعرة لميعه عباس عماره
-
في سيكولوجيا مسلسل الباشا
-
أمسية دمشقية مع ..مظفر النواب
-
حملة الحوار المتمدن - البديل المنقذ ..مرّة أخرى
المزيد.....
-
وصف مصر: كنز نابليون العلمي الذي كشف أسرار الفراعنة
-
سوريا.. انتفاضة طلابية و-جلسة سرية- في المعهد العالي للفنون
...
-
العراق.. نقابة الفنانين تتخذ عدة إجراءات ضد فنانة شهيرة بينه
...
-
إعلان القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2025
...
-
بينالي الفنون الإسلامية : مخطوطات نادرة في منتدى المدار
-
ذكريات عمّان على الجدران.. أكثر من ألف -آرمة- تؤرخ نشأة مجتم
...
-
سباق سيارات بين صخور العلا بالسعودية؟ فنانة تتخيل كيف سيبدو
...
-
معرض 1-54 في مراكش: منصة عالمية للفنانين الأفارقة
-
الكويتية نجمة إدريس تفوز بجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربي
...
-
-نيويورك تايمز-: تغير موقف الولايات المتحدة تجاه أوروبا يشبه
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|