محمود القبطان
الحوار المتمدن-العدد: 2563 - 2009 / 2 / 20 - 09:18
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
معظم الناس الذين تهمهم قضية اليسار العراقي كانوا قد كتبوا و صرحوا وتألموا وتفاءلوا وتشاءموا بسبب النتائج المتدنية التي حصل عليها الحزب الشيوعي العراقي منفرداً أو مع حلفاءه في القوائم المشتركة.وبغض النظر عن حجم التفاؤل الذي بني عليه العمل الدعائي للانتخابات لكن كان عملا كبيراً ضمن نطاق المتوفر من الامكانات المادية والبشرية.لقد كانت في العراق شبه قناعة أن الناخب العراقي وصل إلى نتيجة من أن الاشتراك في الانتخابات غير مجدي, وقد تطول فترة هذه القناعة السلبية إلى ما بعد الانتخابات البرلمانية القادمة بسبب الإحباط الذي منيّ به العراقي جراء الفساد الإداري والمالي والمحاصصة الطائفية والقومية والتي على أساسها سارت أو سيّرت أمور البلاد وبشكل كان الفرد العراقي يصرّح بأعلى الصوت من أنه لن يذهب إلى الانتخابات لأنها سوف تسير بنفس الخطى والأشخاص سواء في مجالس المحافظات أو البرلمان القادم.هذا ليس مبالغة أو تبريراً لفشل الحزب الشيوعي وحلفائه بفوز جيد في مجالس المحفظات كما كان متوقعاُ , وقد تكون كثرة المبالغة بهذا العزوف من الاشتراك في الانتخابات بأضعاف مما هو حقيقي يكون سر الوقوع في فخ التفاؤل الكبير.
لقد كان احتكاكي مع الناس الذي التقيتهم خلال 3 أسابيع في كانون 1 لم يشر الأكثرية منهم من أنهم سوف يشتركون في الانتخابات والنتيجة محسومة في التزوير والأغراء وكان هذا قول لأكثر من مثقف التقيته مما كان يدعو إلى التشاؤم فعلا حيث أن المسئولين لم يقدموا الحد الأدنى من الخدمات والتي هي من ضمن واجبات مجالس المحافظات التي يتنافسون عليها بكل السبل المشروعة وغير المشروعة,من شراء الأصوات والتي صرح عنها رجال الدين الكبار, إلى توزيع الوعود في التوظيف وقد صرح عنها رئيس الوزراء بنفسه,إلى توزيع البطانيات وأوراق مزورة لفئة 100 دولار وغيرها مما أثرت هي الأخرى في النتائج الأخيرة,طبعا ,ناهيك عن دور الفضائيات التي كانت تستغل المناسبات الدينية وتحديداً الشيعية في كسب الأصوات.إضافة إلى تصريح البعض الطائفي والتعصب من أن التيار الصدري سوف يتفكك ليدخل في أحزاب أو كتل غير طائفية,كما صرح بذلك بهاء الاعرجي ,والواقع هو لم يغالط الحقيقة كثيراً فنزل تياره باسم الأحرار المستقلين,وهل هم مستقلون أم ذر الرماد في ألأعين؟وهذا ما جرى على قائمة المالكي لينفي عنه تهمة الطائفية فصار من أنصار دولة القانون ,هل هناك إنسان لا يريد دولة القانون,هكذا كان الناس يقولوها قبيل الانتخابات,إضافة إلى إن آلة الدولة الإعلامية والمالية التي سخرت لكيانه الانتخابي كما لغيره من القوى الطائفية المؤثرة على الساحة السياسية العراقية..
أنا أعتقد أن التفاؤل بالحصول على أصوات بعدد جيد يؤهل الحزب الشيوعي وحلفائه إلى مجالس المحافظات كان في غير محله ولو أن الكثيرين ,وأنا منهم فعلا كنت متفائلا كثيراً بالنجاح الكبير, لكن هذا لم يرتقي إلى مستوى الواقع العراقي المتدين والمتعصب في كثير من ألأحيان,والتي مازالت الشعارات الدينية تسيره عبر عواطفه الدينية التي حرم منها دهراً من الزمن,وألان يريد أن يعوض عن الفترات السابقة بجموع الملايين التي تُسّير طائعة مئات الكيلومترات ومن مدن مختلفة ظناً منها أنها تقوم بواجب ديني شرّعه المعممون وإن لم يرتضيها الكثيرون منهم,وكما صرح به الشيخ المالكي قبيل الانتخابات أصلا وحيث طالب بعدم زج الدين بالسياسة واستخدام الشعائر الدينية لأغراضهم الخاصة.يقال أن في السنتين الماضيتين كانت مراسيم عاشوراء أكبر مما كان هذا العام ,حيث شاهد أن الشوراع تغلق في أية دقيقة ويتوقف السير لساعات ,وأما أجهزة الصوت فهي لا تعرف إن كان هناك مريض أم نائم,ومع ذلك فهي أخف عن الأعوام التي مضت.كل هذا لعب دوراً كبيراً في اختزال التفاؤل اليساري إلى نكسة مؤقتة قد تزول إذا تعلمت القوى الديمقراطية من أخطائها في المستقبل.وقد ذكر الأستاذ داود أمين والأستاذ ياسين النصير أسباب عدة للإخفاق الانتخابي الذي منيت به القوى الديمقراطية والبدائل مستقبلاً ,وهذا نابع من ألإخلاص في التغيير القادم وتلافي الأخطاء التي وقع بها الحزب وحلفائه.وهنا أضيف أن على الحزب الشيوعي أن يدرس العملية الانتخابية ألأخيرة دراسة جيدة ويدعو إلى اجتماع ل م وبسرعة لدراسة نتائجها و المقترحات بجدية وأخذ بنظر الاعتبار أفكار ومقترحات الجماهير في الداخل أولا ومن ثم الأصدقاء والرفاق في الخارج لوضع السبل الناجعة للانتخابات القادمة في نهاية هذا العام وليس هناك وقت للضياع ,إنما العمل ومن ألان وبجدية مطلقة لا تهاون فيها ولا وقت للتشاؤم والرجوع خطوتين للوراء.على الحزب أن ينزل بقائمته ,وهذا لا يمنع من تعاونه بعد أية انتخابات مع من يتفق مع طروحاته,وأن يختار أشخاص أهلا لان يمثلوا مدنهم ومناطقهم في البرلمان وعلى كفاءة عالية في الإخلاص والأداء والأمانة التي عرف بها الشيوعيون العراقيون وعلى مدى العقود.أن الريف العراقي يحتاج لهم مرة أخرى وهم أهلا لان يدخلوا إلى كل المدن والقرى.لا مكان لمن لم يمثل مدينته وبسمعة جيدة ,اختيار الأشخاص الذين لم يسلكوا الطرق الانتهازية وقت الحرج, لا مكان للانتهازيين والنفعيين في قوائم الحزب القادمة,فهذا هو طريق النجاح ,هو الفارق بيننا وبين القوائم النفعية التي اعتلت دست الحكم إضافة إلى برامجنا التي تحاكي الواقع أكثر من العواطف.على الحزب الشيوعي أن يتكلم بلغة الجماهير,أن ينتقد أية خطوة غير حكيمة من قبل الحكام وأن كان له وزير في الوزارة,أن يركز على الخدمات التي طال انتظارها وان يكشف وبالأسماء عن المتلاعبين بقوت الشعب,لا مهادنة ولا تنازل عن الثوابت,ليس هناك من وقت للانتظار,تشخيص الخطأ واقتراح البديل,أبعاد المفسدين,أن لا يوافق على اقتراح لا يلائم الناس,يمس حياتهم مباشرة,كشف الفساد الإداري ومن يقف ورائه, ليس المطلوب أن نسمع ونسكت أو نكتب بالرموز .لماذا اجتمعت ل م مع رئيس الوزراء مرتين قبل الانتخابات ألأخيرة,ربما مجموعة بسيطة تعرف ذلك لكن ألأكثرية المخلصة لا تعلم ماذا دار ولماذا ,ولو بالعموميات.أن يتحسن أداء الإعلام الحزبي,أن تخصص صفحات للآراء الحرة دون رقيب,لماذا لم تستغل الإمكانيات الحديثة في إعلام الحزب كما أريد لها من قبل البعض؟الناس تريد إعلاما نشطا مؤثرا يحاكي الناس.الإعلام بشكل عام في القنوات المختلفة,ربما ليس صدفة,يحاول عدم الالتقاء بالنائبين الشيوعيين,وحتى أن التقى أحدهم معهم فهو دون المستوى المطلوب حيث يلتقون السيد الالوسي ويظهر على الإعلام أكثر,وكل هذا من أجل طمس الحقائق التي يعمل مها النائبان الجزائري وموسى مما يعطي انطباعا سلبيا على أداءهم البرلماني.
قطار الحزب الشيوعي أن توقف في محطة قليلا لا ينسى أن أمامه محطات كثيرة وعلية مواصلة المسيرة,ولا وقت لإضاعته.
#محمود_القبطان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟