|
مالذي على الحزب الشيوعي العراقي أن يفعله الآن؟
ياسين النصير
الحوار المتمدن-العدد: 2561 - 2009 / 2 / 18 - 09:53
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
1 يزداد حماس المثقفين والسياسيين هذه الأيام لنقاش نتائج الإنتخابات المخيبة للآمال، والحرص باد على الجميع من أن ما آلت إليه النتائج لا يساوي حق الوطنيين فيها، ويبدو أن العراق في طريقه إلى الإنهيار- لا سمح الله- إذا بقيت أحزاب الإسلام السياسي مهيمنة على الشارع بأسماء واقعية ومزيفة، وبحجج دينية ومليشياوية، وبسرقة قانونية لأصوات الناخبين من الأحزاب الأخرى،- وقد أعلنت المفوضية المنحازة اليوم النتائج فكانت خيبة أمل لمن استمع للمتحدثين الذي أصروا أن لا قيمة تذكر للأعتراضات؛ أحمرها وأخضرها وأصفرها وأبيضها- وأن النتائج تبقى كما هي مجيرة رغما على العراقيين للقوائم الدينية. إذن فهذا مؤشر واضح من أن العراق في طريقه إلى الإنهيار إن عاجلا أو آجلاً،- بالرغم من الإشادة بطريقة الإنتخابات دوليا- وما الصحوة الأمنية المؤقتة إلا كمن يستعد للموت، ومع الأسف سيكون الإنهيارعلى يد الماسكين بالعملية السياسية حاليا، ما لم يغيروا نهجهم وطنياً، ولذلك شرعوا لأنفسهم القوانين وحموا المفسدين من بطانتهم من أية مساءلة قانونية ، معتمدين على مقولة نابليون " إن التاريخ لا يعطي فرصتين للمفسدين" فأستغلوا الفرصة إلى أقصاها، ليمعنوا بتدمير بنية العراق الإقتصادية والسياسية. ومن هنا فالإنهيار الذي نعنيه هو جرثومة الفساد التي ترعاها الدولة ومؤسساتها السياسية وأحزابها الإسلامية تحديدا. وتاريخيا لم يدركوا حجم التأثير السلبي عندما تُغيب القوى الوطنية من الشارع والدولة ومؤسساتها عمداً، عراق اليوم ليس في وضع ديمقراطي حتى يكون تبادل السلطة والأخذ بصناديق الأقتراع مقنعة وواقعية، نحن في مجتمع عشائري حتى في العقائد الدينية والدنيوية، ولذلك لا ديمقراطية متقدمة مع مثل هذه البنية المشوهة للمجتمع، ومن يدعي الديمقراطية الكاملة في مجتمعنا لا يفهم أن تركيبة المجتمع ليس ديمقراطية، لا بنظامه التعليمي، ولا بتوجهه الثقافي، ولا بتركيبة مؤسساته الرسمية، ولا بنوابه العشائريين والحزبيين. 2 ويبدو من سياق الوضع الحالي، وما آلت إليه نتيجة الإنتخابات، أن السيد المالكي وحزب،ه ليس في نيتهم الأستماع لنبض الشارع الوطني، وهم الأقرب من غيرهم إلى تشخيص هذا النبض وأهميته، لأن لبعض القوى التي ساندته في الإنتخابات أجندات غير وطنية، ولذلك فهو عاجز تماما أن يضربها أو يلغيها والأيام الماضية شهدت على تقارب مخجل معها، أن ما آل إليه الوضع حاليا لا يبشر بخير- ومع الأسف نقول ذلك ونحن من أشد المتفائلين بشخصية السيد المالكي- فالحزب الشيوعي العراقي لا يستجدي عطية من أحد، كأن يمنح له مقعد أو أكثر في هذه المحافظة أو تلك، كي يخفف مطالبته باصلاح حقيقي للعملية السياسية كلها، لذلك على الحزب الشيوعي العراقي أن يكون واضحا في خطواته القادمة، من أنه يرفض أي تزييف لإرادة المجتمع ولتفصيل قوانين الإنتخابات على مقاسات العمامة والكشيدة والشروال، وعلى القوى الإسلامية والقومية والظلامية مجتمعه، أن تعي أنها تقود البلاد إلى أنحدار محتوم، ما دامت تعتمد في أمن البلاد وحكمه على القوة العسكرية، وعلى الهبات والعطايا من أموال الدولة للمليشيات وأشباهها، إن مثل هذا الحبل قصير جداً، ومرحلي، والتجربة الصدامية واضحة حتى للأعمى. عندما اشترك الحزب الشيوعي العراقي في الحكم كان هدفه أن لا يترك المجتمع بيد القوى الإسلامية والطائفية فقط، وهذه القوى تعرف جيداً أن عدم أشتراك الحزب ولو شكليا بالحكم سيؤدي إلى عزلها وتهميشها حتى لو وقفت أميركا خلفها، ونعد مثل هذه المشاركة العرجاء صوابا في بداياتها، ولكن الأستمرا بها بحاجة إلى مراجعة مدروسة،ليس شرطا أن تقترن الوطنية بالمشاركة السياسية بحكومة شبة معطله،،بالرغم من أن الحس الوطني لدى الحزب يغلب الموقف المبدأي أحيانا، وهذا ما فعله الحزب على أمل أن تقدّر الأحزاب الأخرى موقفه المضحي من أجل الوطن، في حين أحتسب إشتراكه تزكية لقوى لا يتناسب حجمها الفكري في الساحة السياسية مع وجود الحزب وتاريخه، ويبدو أن هذه المشاركة الشكلية قائمة على حقيقة واحدة وهي: أن الحزب لا يملك مليشيات ولا أموال ولا أسلحة كي ينزل للشارع ويقطع الطرق ويسيطر على بنوك ووزرات سيادية كي ينهب ما يجعله قويا ومخيفا في المجتمع. لذلك بقي بحجمه الفعلي، مهمشا من قبل القوى الإسلامية المليشياوية في حين أن ما أحدثه تاريخيا في المجتمع لا يناسب وحجم حضوره الفعلي سياسيا في مؤسسات الدولة .وحتى لا يصار إلى إستغفال الوطننين مرتين، يمكن للقوى الوطنية أن تمارس دورها الفعلي وتتخذ خطوات من شأنها أن تعيد الأمور إلى نصابها وفق ما يلي: 1- على الحزب الشيوعي والقوى الوطنية الأخرى أن تدرس قضية المشاركة في السلطة دراسة وطنية وفيما إذا كان بقاؤها لصالح العراق أم لصالح قوى الإسلام السياسي المليشياوية. فمثل هذا الموقف يجعل قوى الحزب الشيوعي ملتصقة بالشارع أكثر من ألتصاقها بالسلطة. فالإنسحاب من الوزارة ووكلاء الوزرات ومجلس النواب لا يعني إلا مراجعة لمواقف لم تحصد القوى الوطنية من إيجابياتها شيئاً يليق بحضورها وتاريخها وسمعتها، فالبقاء ضمن هذه التركيبة المهمشة هو إساءة تاريخية للحزب الشيوعي. ونحن نعرف، كما يعرف العدو الطبقي للحزب، أن الإنتخابات السابقة والحالية شابها التزوير والتهديد ؟!! 2- أن يعيد الحزب والأحزاب الوطنية الأخرى؛ الكردية والعربية، تصوراتهم عن طبيعة المرحلة القادمة التي تفصلنا عن الإنتخابات البرلمانية، وأن يضع الحزب هذه القوى أمام مسؤولياتها التاريخية، فالوطن ليس لمن فازفي انتخابات مزورة فقط، الوطن للجميع وما تضحيات الحزب الشيوعي تاريخيا إلا لمصلحة الجميع ، لذلك عدم التفريط بهذه التضحيات لتصب في صالح قوائم تتنكر للوطنيين.. 3- أن يعيد قراراته المتسرعة بشأن كركوك والفدراليات حتى ولو كانت مثل هذه المواقف مبدأية، فليس كل مبادئ الحزب يعمل بها دفعة واحدة،والنضج الوطني لم يكتمل، والتجربة السايسية في مد وجزء والمتغيرات ترسم من خارج الحدود، فبدون أن تنضج آليات العمل تاريخيا وواقعياً، لا يمكن لأي مبدأ أن يعمل به. 4- أن يسعى الحزب إلى فك أي تصور جامد مع تركيبة المجتمع العراقي السابقة، بمعنى أن يعيد تشخيص فئات وطبقات المجتمع الجديدة، وأن يعمق صلته الفكرية بمواقف وشرائح اجتماعية لم يكن لها حضور قبل اليوم. وهذا الموقف يتطلب دراسة ميدانية لتركيبة المجتمع العراقي وقواه الجديدة، المشوه منها والحقيقي. وعندي أن هذه النقطة من أهم النقاط التي على الحزب أن يوليها أهتماما، فمن يعايش الشارع العراقي وقواه الإقتصادية الجديدة، يجد أنه مع أي تقدم يوفر له عيشا كريما، وأن هذا النبض الجديد يعني حقيقة واحدة، وهي ثمة تغيير جذري يحدث الآن، لكن التغيير قد أنشأ أيضاً طبقة مافيوية كبيرة وقوية ومسلحة ولها نفوذ في كل أحزاب الغسلام السايسي ولها قدرات هائلة على أحداث التغيير لصالحها، وهذه الطبقة المافيوية الجديدة تحتمي بمؤسسات الدولة وأحزابها الإسلامية والقومية، وأن ما تقوم به من نهب وفساد بقوانين تدعو إليها قوى الإسلام السياسي وتشرعها وتصوت لها في البرلمان، هذا الوضع الجديد هو ما يجب أن يسلط الضوء عليه، خاصة إذا عرفنا أن هذه المافيات السياسية هي التي تقود البلاد، وهي التي تسيطر على تجارته ونفطه وبنوكه وسفاراته ومؤسساته المالية والقضائية، وأن لديها قوى خارجية مسلحة يمكن أن تتدخل في الوقت المناسب لمنع تحجيمها أو إنهيارها وما زيارة عمائم إيران إلا من هذا القبيل. :ما أسس لها متكئات قوية وأخطبوطية في دول الجوار تحميها قانويا من أية مساءلة لقانونية. هذه التركيبة الجدية ليست طارئة ولا عشوائية بل لها تنظيمها المتكامل وهيآتها المتحكمة بقرارات الدولة والإقتصاد. 5- أن يقف الحزب الشيوعي العراقي موقفا واضحا من تدخل دول الجوار وبخاصة إيران. في الشؤون الداخلية للعراق، وأن يكون صريحا مع هذه الدولة التي أمعنت في تدمير العراق، وها هي تستعد لنهب حقول نفطه وحدودة ومياهه الإقليمية إضافة لتكبيله بديون حروبها. 6- على الحزب الشيوعي العراقي أن يقف موقفا واضحا أيضاً من قضايا آبار النفط التي تنهبها دول الجوار بمساعدة الإمبريالية الأمريكية وقرارات اتخذتها الدول بغياب الموقف الوطني.. 7- وأخيرا أن يكف قادة الحزب الشيوعي عن التصريحات المستعجلة، برفع الأصابع الملونة وصناديق الأقتراع لم تفرغ بعد، والإعلان بأن الشعب قد إنتصر، في حين أن هذه الإنتخابات قد جيرت مسبقا لصالح القوى الإسلامية المافيوية، وأن يكفوا عن الظهور الممل في موقع الحزب على الأنترنيت. 8- أن يغير الحزب من كوادر جريدته المركزية ومن هيأة تحرير الثقافة الجديدة التي لم تقدم أية دراسة نظرية تتلاءم وسياق تطورات العراق، إضافة إلى أحتوائها أسماء تهاجم يوميا سياسة ومواقف الحزب وتشكك بمصداقيته ومواقفه الوطنية، لقد ملَّ الكثيرون من الثبات على آليات بالية في البنية الثقافية للحزب.
#ياسين_النصير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المالكي بين الخيار الوطني والخيار الطائفي
-
بناء الجملية الفنية في مسرح محيي الدين زه نكه نه
-
متى يصدر المالكي قانونا لمكافحة المفسدين؟
-
الأمية وقانون الإنتخابات
-
بسام فرج فنان كاركتير الفكاهة
-
الكلب الذي لم ينبح ليلاً
-
لنقرأ ماركس
-
اليأس الذي بدأ ينخر قوانا
-
شكد حلوة بغداد ..مو
-
الصورة مبهرة لكن الضوء يهتز
-
ملفات عن مبدعي المسرح العراقي
-
إنهم يغتالون المواهب الكبيرة
-
لا تتركوا المالكي وحده أيها العراقيون
-
أحزاب الإسلام السياسي ونغمة الوطنية النشاز
-
هل بدأ ت مرحلة الأحتواء العربي لإيران؟
-
غياب فلسفة الدولة العراقية
-
لمن تتوجه حركة -مدنيون-؟
-
دور الإعلام في نداء قوى اليسار الديمقراطي
-
لينهض اليسار العراقي ولكن دون تهميش للإسلاميين المعتدلين
-
كيف ينتفض أهلنا في الجنوب
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|