|
بعد انتخابات مجالس المحافظات.. الوضع العراقي الى اين ؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2557 - 2009 / 2 / 14 - 09:33
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
تعايشنا لمدة غير قليلة مع الترويجات الانتخابية من الدعايات و الادعائات ، من الندوات و الزيارات و المناقشات و الجدالات و الانقعالات ، كل كتلة او حزب او قائمة روجت السلعة التي طرحتها الى السوق السياسية ، و هدفها الفوز و ازاحة و الغاء الاخر ، و الهدف المعلن خدمة الشعب ، و تضمن افعالهم و تحركاتهم عدة نوايا مبحوثة من قبل المدعين و الداعمين لهم ، و النظر الى الافق بمنظور اكثريته تقليدية ، خلفيتها عقائدية و ايديولوجية راسخة في عقلية المسيطرين على زمام الامور و ما سار معهم ، و بوسائل قديمة جديدة ، و الجميع اعتمد على التكتيك مبعدين الاستراتيجية لحين السيطرة الكاملة الشاملة و تحين فرصة الغاء الاخر . المحيٌر في الامر ان مجالس المحافظات و صلاحياتها تخص الناحية الخدمية اكثر من السياسية الايديولوجية ،الا ان المتنافسين صارعوا و نافسوا اعتمادا على المواقف و الاراء والخطط والاستراتيجية السياسية والايديولوجية و الفكرية فقط ، و في المقابل صوٌت الشعب استنادا على الافكار و السياسات و نوايا رؤساء و مروجي و داعمي القوائم قبل ان يفكروا في قدرتهم على خدمة محافظتهم ، و كيف تسير الامور عند تسلمهم المنصب لاداء المهام . و المستغرب في ادعائات و ترويجات بعض القوائم العريقة ، انها مسحت و ازاحت من دعاياتها اهم الاهداف التي ناضلت ورائها و ضحت و قدمت دماءا ليست بقليلة تاريخيا، و ادعت ما لا ينسجم مع نهجها و خطاباتها المعلوم للمعنيين ، و مررت تناقضاتها في القول و العمل على الشعب المغلوب على امره لاهداف و مقاصد سياسية مرحلية ، و انكشف الخداع بعد ظهور النتائج مباشرة و مرحلة مابعد الانتخابات و ما ظهرت في الافق من التحالفات و الائتلافات بين اعداء الامس واحباء اليوم ، و هم قريبون من الاستراتيجية الفكرية و المبدئية ، و هذا يوضح مدى تضليلية اللعبة من قبل من لم يعلن الاستراتيجية في برامجه و يطبق غير المعلن عند تسلمه للسلطة ، و على هذا يجب ان ينتبه المواطنين الى الانسجام مابعد الانتخابات بكل معنى الكلمة لتحقيق اهداف غيبية و على حساب الشعب. و هناك من جانب اخر ، شاهدنا من الادعائات و الانتقادات والترويجات و المغازلات الوقتية و التشدد و التعصب و الحنين الى الماضي و محاولة استمالة موالي المرحلة ادكتاتورية المقيتة الى جانبهم، و من اجل صوته فقط و ليس لخدمته ، و ربما مدفوعين من الاتجاهات و الدول ااقليمية التي لها المصالح من هذا الجانب ، و بهذا الفعل دغدغوا عاطفة المعنيين و نجحوا الى حد كبير و احتلوا موقعا من المجالس كما راينا ، و استنادا على الممنوع المرغوب . و بعد اجراء الانتخابات اعلنوا التحالف مع من اعتمد المناطقية و الطائفية و العشائرية ، و كانوا هم يتكلمون باسم العراق الواحد الموحد البطل الشهم !و لم يمر يوم و هم لم ينتقدوا المحصصاتية و المنسوبية و المحسوبية. و اليوم يمدوا ايديهم اليهم مخنوعا من اجل منصب والموقع البسيط، و ادعوا العلمانية و فصل الدين عن الدولة ، و اليوم يتحالفون مع عقليات الزمن الغابر ، تشدقوا بالوحدة الوطنية و عدم اعتماد الافكار التي تؤدي الى تكريس المصلحية و صنع الحدود بين المكونات و بين المحافظات ، و هو اليوم يتضامنوا معهم من اجل السلطات الفرعية ، فكيف بهم لو كانت المواقع و المناصب العليا و ملذاتها . صوروا للناخبين ان المعركة الانتخابية بين توجهين تجيشوا العاطفة بين المركزية القوية و الشيمة و النخوة و الى ما ذلك من الصفات، و بين اللامركزية و الانفكاك و الفوضى و امكانية سيطرة العدو المتملص . استغلوا ماهومترسب و متراكم في العقل الباطن للمواطن العراقي نتيجة المراحل التاريخية الغابرة ، و ما يتسم به المجتمع من الاعتماد على قوة السيف و الفكر الابوي البطريركي المتسلط على عقلية المواطن البسيط المغلوب على امره ، من دون ان يعلم ان الديموقراطية هي المؤسساتية و توزيع السلطات و التساوي و عدم تجميع الصلاحيات في موقع واحد ، و بالاخص في هذا الشرق الذي يسيطر على اي شخصية مهما كانت ثقافتها ، النرجسية و حب الذات، و الدكتاتورية مزروعة في كيانها و عقلها الباطن ، و تحتاج لوقت و ارضية و سماح للانطلاق و العمل بها ، مهما كان تاريخها و فكرها و صفاتها واخلاقياتها و مبادئها و قيمها و عقائدها و ثقافتها ، ان كانت من رحم هذه المنطقة و مترعرعة في احضانها . و اليوم بعدما ظهرت ما في الافق و بانت سيطرة اية قوة على الوضع ، و ان كانت ورائها مصالح خارجية ، اننا لم نبالغ ان اعلنا بان هذه الانتخابات وما جرى ورائها و ما لُعب و من هم اللاعبين وراء الستار ، و حتى القوى الغربية و في مقدمتها امريكا ، كانت تهدف الى سيطرة مدعي القوة المركزية و السلطة بيد القوة ، و باساليب و ادعائات مكشوفة ، و على العلن بانها ضد التشدد الديني و مع فصل الدين عن الدولة و العلمانية و الديموقراطية، الا انها ساعدت بشكل كبير من كان في مصلحتها فقط و ليس مشروطا باي فكر او ايديولوجية او عقيدة ، و كان هدفها سيطرة الحزب او الشخصية الموالية لها مهما كانت عقائدها و شعاراتها ، و لو كان بمقدورها ان تعيد اي دكتاتور شبيه لما سبق لما ترددت في سبيل انقاذها من الوحل الذي تعلقت فيه ، على الاقل لفترة معينة لحين تعيد انفاسها و تخرج من ازماتها الداخلية و الخارجية و من ثم تعيد الكرٌة من اجل نشر ثقافتها العالمية المعلنة و ما تعمل من اجلها و ما تريدها للمنطقة ، من تثبيت اسس العولمة و الشرق الاوسط الجديد . اي ان التوجهات الشاملة نحو السيطرة المركزية ، و تبدا التحالفات المتنوعة في المحافظات و تنقسم الائتلافات ، و تعاد الحالة بدافع المصلحة الى سابق عهدها مع التغيير المواقع و التسلسل، و هنا يبدا التراجع عن الخطوت القليلة من العلمانية والتقدمية التي خطاها الشعب العراقي ، الى ان تنجلي القوات الامريكية من العراق ، و ان لم تسيطر الفوضى سوف نعود الى نقطة البداية ، و تبدا المعادلات المتفاعلة مع بعضها من ظهور نتائجها على الواقع . و ان لم نكن متشائمين ،نعلن ان التاريخ يعيد نفسه في العديد من جوانبه و بشكل و محتوى و مظاهر اخرى ، وسوف تؤثر مطالب و مصالح الاقليم في اعادة ترتيب الوضع الداخلي للعراق ، بعد ان بان من يكون اللاعب الرئيسي و مستوى اللعبة السياسية و المتغيرات على الارض . و بما ان الانتخابات البرلمانية في العراق على الابواب ، فان نتائج انتخابات مجالس المحافظات تجبر جميع القوى في اعادة النظر في عملها السياسي الفكري العقيدي مؤقتا ، وسوف تعمل باساليب و طرق اخرى ، و تبدا تحالفات مختلفة ، و من غير المتوقع ان تستقر الاوضاع بشكل نهائي ، و القوى تعتمد في عملها القادم على كيفية حصولها على الاصوات و محاولاتها تسقيط نجاحات انتخابات المحافظات و من خلال انتخابات البرلمان العراقي و هو الاهم ، ومن خلال العمل التنافسي في المرحلة القادمة ، ويبدا استغلال نقاط ضعف بعضهم للبعض . و مستندين على هذا الاستقراء والاستبصار ، نعتقد بان الوضع العراقي يتحه نحو الصراعات الشديدة و الاكثر انفعالية ، و من المحتمل ان تحدث الشروخات والانشقاقات في الاصطفافات و في داخل الاحزاب ، و لكن كل المؤشرات تدلنا على ان الواقع الاجتماعي الثقافي يضل متراوحا نتيجة سيطرة التنافس السياسي البحت ، وسيظل الفكر و العقلية الدينية و العرقية هي المهيمنة الى المستقبل القريب . و هناك من الواجبات الهامة التي تفرض نفسها على القوى اليسارية و العلمانية التقدمية الديموقراطية و الوطنية بشكل عام ، و من الوهم ان يعيدوا حساباتهم هم قبل الاخرين و عليهم قراءة الواقع بشكل دقيق و البحث عن السبل الملائمة لاعادة الهيبة و الكفاح باسلحة فكرية تكتيكية من اجل زيادة القوة و الامكانية و القدرة في الصراع ، و امكانية المنافسة و وضع الخطط و البرامج الاستراتيجية البعيدة المدى لها ، و المهم عدم التصلب في المواقف و الالتزام بالنصوص فقط ، والاهم هو معرفة الواقع كما هو و ما يتطلب و كيف السبيل الى الهدف الذي يفيد المجتمع و طبقاته الساحقة و مستقبل اجياله قبل اي شيء اخر.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
استمرارية الاصلاحات دليل تطور و تقدم اي بلد
-
اوجه التغييرات المحتملة بعد انتخابات برلمان كوردستان المرتقب
...
-
اوجه التغييرات المحتملة بعد انتخابات برلمان اقليم كوردستان ا
...
-
الدور التركي بعد حرب غزة و تلاسنات دافوس
-
دور النقد البناء في بناء الاحترام المتبادل بين السلطة و المو
...
-
مكامن عمليات اعداد القرارات السياسية و امرارها في العراق
-
تعتمد التحالفات السياسية على ظروف المرحلة و الوضع السياسي ال
...
-
من هم المعارضة و ما هي واجباتهم ؟
-
اوضاع العراق بعد تنفيذ اجندة الادارة الامريكية الجديدة
-
الاليات المناسبة لمشاركة الشباب في اداء الواجبات العامة
-
الفضائيات وسيلة عصرية لتمدن الشعوب
-
المحافظة على سلامة عقلية الاجيال القادمة من واجبات المخلصين
...
-
تقديس القائد من الخصائص السلبية التي يتصف بها الشرق الاوسط
-
الديموقراطية الحقيقية لا تحتاج الى رموز لترسيخها
-
صراع الاحزاب بحرية و سلام تنافس مقبول لقطف ثمار الديموقراطية
...
-
صورية تركيب ومهام برلمان اقليم كوردستان
-
الوعود الخيالية في خطابات وبرامج مرشحي مجالس المحافظات
-
سبل استنهاض الشعب العراقي من الاحباط الذي اصابه
-
الفساد فاض عن حده المعقول في اقيم كردستان (3)
-
عدم تاثير مواقف الاحزاب الصغيرة على سياسة اقليم كوردستان
المزيد.....
-
وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
-
مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي
...
-
ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
-
-تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3
...
-
ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
-
السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
-
واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
-
انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
-
العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل
...
-
300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال
...
المزيد.....
المزيد.....
|