أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إدريس جنداري - في الحاجة إلى نبذ ثقافة الشيخ و المريد : تعقيبا على مريدي وفاء سلطان الأوفياء - ليس هكذا تورد الإبل .. يا سادة















المزيد.....

في الحاجة إلى نبذ ثقافة الشيخ و المريد : تعقيبا على مريدي وفاء سلطان الأوفياء - ليس هكذا تورد الإبل .. يا سادة


إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)


الحوار المتمدن-العدد: 2556 - 2009 / 2 / 13 - 08:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


النقد آلية في التفكير؛ ترتبط بطبيعة التكوين الثقافي للشخص؛ كما ترتبط بالمنظومة الثقافية التي ينتمي إليها هذا الشخص. و بتوفر هذه الآلية في التفكير تصبح جميع المواضيع و القضايا قابلة للقراءة النقدية؛ خارج أي قدسية يمكن أن تدعيها.
يذهب الأستاذ محمد عابد الجابري في كتابه (الخطاب العربي المعاصر) إلى أن آليات صناعة الخطاب في الثقافة العربية لا تختلف بين السلفي و الليبرالي و القومي و اليساري ؛ و لذلك لا توجد حدود فاصلة بين أنواع الخطابات ؛ على الرغم من الاختلاف في مرجعياتها . إن طبيعة الخطاب ترتبط جوهريا بآليات صناعة هذا الخطاب؛ و ما دامت الآليات واحدة؛ فإن الخطاب سيكون بالضرورة واحدا.
من هذا المنظور يمكن أن نتعامل مع الخطاب الذي ينتجه العقل العربي بمختلف مرجعياته ؛ و الذي يؤكد بالملموس أطروحة الأستاذ الجابري ؛ حول وحدته رغم تعدد المرجعيات . إنه عقل سلفي بتلاوين مختلفة ؛ لا يقوم على النقد ؛ و يشخصن الأفكار محولا إياها إلى أشخاص ؛ إنه عقل يتميز بالإمعية ؛ يمكن أن يساند الفكرة و يعارضها في نفس الآن ؛ كما يمكنه أن يقع في حب نرجسي لذاته أو في كراهية مطلقة لها في الآن ذاته
و لعل هذه الخصائص هي ما ينعكس على طبيعة الخطابات السائدة ؛ و هي خطابات سلفية ؛ سواء رفضت ذاتها أو دافعت بشكل نرجسي و عدواني عن هذه الذات ؛ و لذلك لا يختلف خطاب السلفي الديني عن السلفي الليبرالي و السلفي القومي ؛ فجميع هذه الخطابات تعاني حالة مرضية مستعصية ؛ ترتبط بآليات إنتاج الخطاب .
و يمكن أن ننتقل من مجال التجريد النظري إلى مجال الدراسة التطبيقية ؛ لتنجلي لنا عوارض المرض بشكل واضح ؛ لنتوضح أن العقل العربي يقيم علاقة عاطفية حميمة مع الأفكار التي يطلع عليها ؛ كيفما كانت مرجعيتها ؛ فهو لا يتلقاها من منظور نقدي متسائل ؛ حتى يقيم بينه و بينها مسافة فاصلة تمكنه من قراءتها بشكل موضوعي ؛ يستحضر المرجعية الفكرية التي ترتبط بها أكثر مما يسقط في عشقها للصدمة الأولى .
لقد حاول الأستاذ محمد عابد الجابري في كتابه المؤسس (نحن و التراث) ملامسة هذا الإشكال من منظور ابستمولوجي ؛ قاده في الأخير إلى صياغة مجموعة من القواعد التي يمكنها أن تخلص العقل العربي من البطانة الوجدانية ؛ التي توجه قراءته لتراثه ؛ و من بينها الانفصال عن التراث ؛ ليس بمعنى القطيعة النهائية ؛ و لكن من أجل التخلص من البطانة الوجدانية في تلقيه ؛ و ذلك تأسيسا للاتصال به من جديد ؛ أي تلقيه و لكن من منظور عقلاني .
و ما ينطبق على تلقي التراث يمكن أن ينطبق كذلك على تلقي العقل العربي للمنظومات الثقافية المغايرة ؛ فهو يتلقاها باعتبارها مشخصنة ؛ و لذلك فهو إما يقع في عشقها للصدمة الأولى ؛ و إما يقع في كراهية مطلقة لها ؛ و ليس هناك أية مسافة فاصلة بين الوضعيتين ؛ لأن نفس المتلقي يمكنه أن يعيش الوضعيتين معا ؛ و هكذا تحضر البطانة الوجدانية ؛ و يغيب التلقي العقلاني القائم على النقد و المساءلة .
بالاعتماد على هذه التوطئة النظرية ؛ يمكن أن نستوعب بشكل أعمق الحالة المرضية التي تعيشها الثقافة العربية ؛ من المشرق إلى المغرب ؛ حيث يسود التطرف الفكري بمختلف أنواعه ؛ و بمختلف مرجعياته كذلك ؛ إذ لا فرق بين الأصولية الدينية ؛ و مثيلتها الليبرالية أو القومية أو اليسارية ؛ ففي كل منها تحضر المذهبية مرتبطة بالبطانة الوجدانية ؛ و تغيب المنهجية التي يجب أن تقوم على أساس عقلاني نقدي .
و هكذا لا تخرج مجمل الخطابات السائدة عن ثنائية الشيخ و المريد بتعبير الباحث الانطربولوجي عبد الله حمودي ؛ فلكل مرجعية فكرية شيخها الذي ينتج الأفكار و يوزعها على مريديه ؛ و الواجب على هؤلاء الالتزام بالسمع و الطاعة العمياء ؛ و ترديد الشعارات التي ينتجها الشيخ .
إن السؤال الذي يفرض نفسه في وضعية ثقافية مزرية مثل هذه؛ هو كيف يمكن الانتقال من المذهب إلى المنهج؛ من البطانة الوجدانية إلى المنظومة العقلانية؛ القائمة على النقد كممارسة عقلية ؟
و يمكن اعتبار هذا الانتقال من الأمور المصيرية التي يرتبط بها مستقبل الثقافة العربية ؛ التي يجب أن تدخل ضمن فكر المؤسسة ؛ كبديل لفكر المشيخة ؛ الذي يكرس التبعية العمياء ؛ و يحول الأفكار إلى شعارات ؛ يركبها الكثير من الانتهازيين ؛ الذين يتحولون في لمح البصر إلى زعماء سياسيين أو دينيين أو فكريين ؛ تقدم لهم القرابين ؛ و تقام لهم التماثيل ؛ و تحفظ دروسهم البسيطة عن ظهر قلب ؛ و تتلى في المحافل و المنتديات بخشوع .
و لذلك لا نستغرب أن تظهر على الساحة الثقافية العربية بعض الأسماء التي تدعي التفكير؛ بينما هي لا تمتلك أبسط مقوماته؛ لكنها تقود قطيعا كبيرا من النعاج؛ يثير بجلبته الغبار؛ و يهلل باسم الراعي الذي يوجهه أنى يريد. و لعل الأغرب من هذا أن تختلف مرجعيات الرعاة / الشيوخ ؛ كما تختلف تبعيات النعاج/ المريدين ؛ و مع ذلك يتماثل المشهد إلى حدود التماهي .
فهل نلمس فرقا بين خطابات عمرو خالد العاطفية ؛ التي تقتل في المريدين روح التفكير و النقد ؛ و بين خطابات وفاء سلطان التجييشية و العدوانية ؛ التي تقتل نفسها في المريدين روح التفكير و النقد . قد يقول قائل بأن هناك فرق شاسع بين الخطابين ؛ فالأول أصولي ديني و الثاني حداثي علماني ؛ ينتقد هذه الأصولية ؛ لكن التحليل الابستمولوجي القائم على تحليل آليات صناعة الخطاب و ليس شكل هذا الخطاب يقول العكس تماما ؛ فكل من عمرو خالد ووفاء سلطان يدعيان المشيخة الفكرية ؛ و لكل منهما قطيعه الخاص من الخرفان ؛ و خطابهما معا يقوم على الاندفاع العاطفي ؛ و يسعى إلى قتل روح التفكير و النقد في المتلقي .
و إذا كانت الثقافة العربية لم تنتج لحد الآن سوى المريدين و القطعان البشرية ؛ التي تقاد فكريا و سياسيا و دينيا ؛ فإننا يمكن أن نفهم منذ البداية الإقبال الكبير على مثل هؤلاء السحرة و المشعوذين ؛ الذين لا يمتلكون سوى خطابة ؛ تقوم على سجع الكهان ؛ و بما أن خطابهم بسيط و سهل على التلقي ؛ فإن قاعدة جمهوره تتوسع كل يوم .
و في المقابل يمكن أن نستوعب كذلك غربة الكثير من المشاريع الفكرية العربية الرائدة ؛ سواء مع محمد عابد الجابري أو مع محمد أركون أو مع حسن حنفي أو حسين مروة أو مع عبد الله العروي أو مع عبد الكبير الخطيبي ...التي لا تقل أهمية عن المشاريع الفكرية المؤسسة للحداثة الغربية مع هيجل و كانط و ديكارت و ماكس فيبر ... و هي غربة تجد تفسيرها في فشل الثقافة العربية في بناء العقلنة و الفكر النقدي ؛ و يرتبط هذا الفشل بالمنظومة التربوية العربية ؛ التي تقوم على بيداغوجيات قديمة ؛ تكرس عمل الذاكرة ؛ و تقتل في الناشئة كفايات الملاحظة و الفهم و التحليل و التركيب ؛ التي تعتبر من أهم ما ينتجه التعليم الحديث .

إن الأكيد هو أن فكر الحداثة و العلمنة و التمدن في ثقافتنا العربية؛ لا يمكن أن يشيده عقل سلفي ( ديني أو ليبرالوي أو يساروي ) ؛ بضاعته الوحيدة بطانته العاطفية التي تقوم على الترويج للمذهبية بدل المنهجية ؛ و الذي يسعى إلى تهييج المريدين من منطلق مشيخي ينتج الشعارات أكثر مما يفكر ؛ وسيلته الوحيدة لغته السحرية ؛ التي توقع العوام في شراك الأدلجة .
و من هذا المنطلق فإن الواجب يفرض على النخبة المثقفة العربية محاربة كل أشكال السحر و الشعوذة التي تتخذ مرونة العلوم الإنسانية طريقا للترويج للجهل المؤسس ؛ و في نفس الآن يجب التفكير في قيم الحداثة و العلمنة و العقلنة و التمدن ؛ من منطلق فكري عميق ؛ يستحضر المرجعيات الفكرية المؤسسة .



#إدريس_جنداري (هاشتاغ)       Driss_Jandari#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعد الحلقة الأخيرة من سلسلتها : وفاء سلطان امرأة عابرة في كل ...
- الظاهرة الحمساوية و الظاهرة الليبرمانية : لا بد من تدارك الخ ...
- العراق الجديد : الفينيق ينبعث من رماده
- طابور الهزائم : تاريخ من الشعوذة و السحر
- ما بين خالد مشعل و محمود عباس : صراع التصريحات في وضع فلسطين ...
- بعدما فشلت في الخارج صواريخ القسام تسعى إلى قلب المعادلة في ...
- الدرس الذي يجب أن يستوعبه العرب :العثمانيون الجدد أصحاب مصال ...
- بداية انكشاف أسطورة النصر الإلهي الحمساوي
- الأصولية الدينية: الإعجاز في خدمة الأجندة السياسية
- القضايا العربية و الرهان الخاطئ على إدارة أوباما
- حزب الله لم يكن يتوقع قوة الهجوم و حماس لم تكن تتوقع استمرار ...
- نخبة محور الممانعة : العمى الإيديولوجي في خدمة تاريخ من الهز ...
- أحداث غزة و معجزة النصر الإلهي : الأصولية الدينية و التسويق ...
- ما بعد أحداث غزة: في الحاجة إلى استلهام روح فكر التحرر الوطن ...
- من نتائج أحداث غزة : حماس قوية داخليا ضعيفة خارجيا
- الانفتاح الروائي كخطة لمساءلة الراهن السياسي المغربي : رواية ...
- الأدب وسؤال المؤسسة في الممارسة الأدبية العربية المعاصرة
- شركة ماكنزي للتنافسية ترسم مستقبلا سوداويا للمصارف (الإسلامي ...
- إيديولوجيا الاقتصاد الإسلامي : محاربة الفكر الاقتصادي الحديث ...
- إيديولوجيا الإعجاز العلمي في القرآن و السنة : نشر الخرافات ل ...


المزيد.....




- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إدريس جنداري - في الحاجة إلى نبذ ثقافة الشيخ و المريد : تعقيبا على مريدي وفاء سلطان الأوفياء - ليس هكذا تورد الإبل .. يا سادة