أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاروق صبري - انهض يا انكيدو العراق ..انهض ايها القرمطي..انهض يا قاسم محمد















المزيد.....

انهض يا انكيدو العراق ..انهض ايها القرمطي..انهض يا قاسم محمد


فاروق صبري

الحوار المتمدن-العدد: 2554 - 2009 / 2 / 11 - 11:00
المحور: الادب والفن
    


ممتع ومهيب التحدث عن المسرح في العراق فإلى أي مدى ترتقي المتعة وتنجلي الهيبة ونحن نتوقف في حضرة مبدع خلّاق من مبدعي هذا المسرح ، مع قاسم محمد .
حقاً ليس من السهل قراءة حياة و تجربة الفنان المسرحي العراقي قاسم محمد ،أو التوقف عند شخصيته الزاهية بالابداع والمعرفة ، فطوال أيام حاولت اعادة البحث عن هذه الشخصية المتعددة المواهب والصفات في ذاكرتي ، فهي كانت تفتح شاشتها لي في أوقات مختلفة بمن فيها تلك الساعات التي أوصل فيها بسيارتي أقراص ( بيتزا) إلى بيوت طالبيها وكم مرّة عبرت وتجاوزت عنوان بيت ما وقفلت راجعا اليه معتذرا من الزبون عن التأخير !!!!
******
كانت شاشة ذاكرتي تنبض بالصور ، صور يصعب عدّها لكنها دوما تنفلت من تلك الشاشة وتخلع جلباب الماضي لتتعايش _أتعايش معها_ مع تفصيلات الحياة اليومية- وخاصة تلك تولد وتتوالى في يوميات المسرح - ولتجعل منها حيوية ورقراقة ، صاخبة ومغايرة :
أراك الأن ، اللحظة وأنت تعلمنا أوليات لغة الجسد ، كيف نعيد الفعل اليه ، نحركه ، نزيل الصدأ عنه ، نتشله من لحظة الجمود والسجود إلى أفق الفعل والتأثير والتأثر.
نعم الجسد يلمِّح ، ينطق ، يروي ، يشخِّص .
وتارة يرافق ، يعانق ، يقاطع ، يعاكس الكلام ومرات ينأى عنه بعيداً في فنتازيا الصورة البصرية .
******
لم أر ، أتخيل ، أتوقع ،قاسم محمد هادئاً ، قابعاً في ركن ، زاوية ، جالساً على كرسي ، متمدداً فوق سرير فان جلس على الأول فيحوّله إلى أرجوحة تحوم حولها الفراشات وأيضاً تحاصرها العقبان ، وان تمدد على الثاني فيجعلها عاصفة وجد ومساحة فعل يتجاوز المالوف والمهترئ .
*****

أذا كان بدر شاكر السيّاب منقذ القصيدة من صحرائها ومبدع نبضها وتجددها فإن قاسم محمد مؤسس الحداثة والمشاكسة المسرحية هو لا غيره قد أنهض المسرح في سبعينيات القرن الماضي العراقي من ركودها ومألوفيتها ليفتح الافق أمامه سبلا متباينة كفضاء بصري ممتع ومعرفي متوهج بالمعرفة وذائقتها الشعبية ومتعمق في لحظتها الراهنة ومستقرأ لإرثها التاريخي ومستنطق لحلمها القادم.
ٍ حداثة أو مشاكسة قاسم محمد بدأت وبل تأسست مع نص الروائي الخالد غائب طعمة فرمان ، " النخلة والجيران" فهو اي قاسم محمد صاغ نص فرمان صياغة بصرية وفكرية فيها متعة الرؤيا ولذّة التساؤل .
فهذا النص " الواقعي الاشتراكي" نص " النخلة والجيران" بما يحمله من البعد الجمالي الماركسي يمكن قراءته ومناقشته ونقده ، لكن صياغته بصريا وخاصة للمسرح لم تكن مقترحا ابداعياً مألوفاً وأنما بالعكس جاء كتأسيس لطقس مختلف ، مغاير بصري وفكري لم يقبل التجاوز على وعي الناس ، بل جاورهم وتحاور معهم وتشاكس ركودهم وبنيتهم وطرح تساؤلات عليهم ، لذلك اقترب الجمهور ، المشاهدون من منجز قاسم محمد القادمة وبل تداخلوا فيه وتواصلوا معه ، هنا خلق هذا المبدع المتفرد معادلة سهلة ، صعبة هي كيف يبقى الخط ساخنا ، متفاعلاً ، شاخصاً ، مشاكساً بين المتلقي والخشبة ، كيف يصاغ فضاءات المسرح بحس وجمال وهم شعبي ؟

هذا التأسيس البصري تصاعد في تألقه ومقترحاته البصرية في التأليف والتمثيل والاخراج والتي تجلت عبر عروضه " بغداد الازل بين الجد والهزل" و"كان يا كان"و"ولاية البعير" و"الضمير المتكم" وووووووووووو منجزات لايمكن نسيانها ولكن لابد من التوقف عندها كونها أجابت بصريا وفكريا على تساؤلات مازالت تنطرح : اين تكمن أزمة المسرح !؟
في النص
في الاخراج
في التمثيل
في الجمهور
في الإنتاج
في الهوية
تجربة قاسم محمد المسرحية ورؤيته الفكرية وانشغالاته في قراءة الوقائع وما مستور عنها ، ما مضى وتابواته وفضاءاته المتنوّرة ، أن هذه التجربة المتفردة لقاسم محمد المتواصلة عبر خمسين عنفواناً من البحث والمشاكسة والتجدد أزاحت السؤال المتكرر البليد : أين تكمن الأزمة!!!!!!!!!!!!؟
وبل تجاوزتها وطرحت أمامها مقترحات متجددة في الهوية وماهي بعدها البنيوي الفكري بشقيّه ، المعنى والمبنى.
في تاسيس طقوس ، أمكنة ، أزمنة ، بيئة ، شخصيات عراقية النكهة والوجع والحلم .
في انتاج مسرح فقير في تأسيسه وغني في بصرياته.
في خلق تواصل مع المتلقي وبل التداخل معه وجعله بعداً حيويا من ما يشاهده كونه جزء من سياق يومياته وعمره وهذا ما شهده عرض الضمير المتكلم في صالة مسرح بغداد ، _وهو ليس الوحيد بل قبله وبعده من عروض لقاسم محمد_ اذ اضطرت ادارة فرقة المسرح الحديث وخاصة العاملين فيها إلى طرق ابواب الجيران وجلب الكراسي من بيوتهم لقاعة العرض وتجليس الناس المتعطشين لمشاهدة العرض و للقادمين من محلات بغداد وضواحيها وقراها ، من جغرافية العراق البعيدة والقريبة.

في اعتبار الممثل خالق وليس المنفذ والمؤدي والمؤدى به صوب النجومية الفارغة الا من ضوضاء الاعلام وهتافات الوعي الهابط ! وهنا نرى أن قاسم محمد ما الذي فعله في عرض "البيك والسايق" والذي عرض في احدى دورات مهرجان دمشق المسرحي ، ما فعله هذا المبدع في عرض بغدادي ما يلي :
البيك وكان يشخصه الممثل يوسف العاني يظهر في مشهد فيه يسكر ويتجلى في سكره وينسى أنه متلسط و مسئ لمن يعمل في حقوله الزراعية ، يسكر ويطلق انسانيته ويحررها من عبودية المال ويطلق شعارات المحبة والدعم والمساعدة للعمال والفقراء .. في هذه اللحظة اشتعلت قاعة الخلد وجمهورها بالتصفيق للبيك الثوري !!!!!!!!!!!
وفي نفس هذه اللحظة أوقف الممثل المبدع قاسم محمد العرض وتوجه للجمهور في سابقة سجلت انتصارات للتغريب البريشتي في المسرح ولكنه ايضاً دوّنت وكرست طاقة ممثل مبدع يجعل فضاء المسرح متعة وجمالاً ، تساؤلاً وطاقة للتواصل مع الحياة ، وناشد الجمهور مباشرة بما معناه : ليش تصفقون للبيك ، خدعكم بشوية كلام حلو وثوري ، نسيت ما يفعله من أعمال شريرة ضد الفقراء والذين يعملون معه !!!!!!!!..
هنا كانت الصدمة للمتلقي كي ينهض من استرخائه وتجمد وعيه ، صدمة خلقها قاسم محمد كممثل في لحظتها وكانت مبدعة بحق .
في كون الاخراج رؤية وتجدد وحلم وهكذا قال قاسم محمد :العرض المسرحي يبدأ عندي حلم أحياناً وأراه في اليقظة وأنا دائم حلم اليقظة باستمرار وأحياناً اراه في المنام ".... وهكذا أسسه بصرياً في عرضه المسرحية.
وفي نصه ايضاً لم يكن مؤلفا بالمعنى المعهود والمتعارف , وهو يكتب النص ، يصبح النص نفسه ، ولكنه يستقرأ مرجعياته ، بنيته ، جماليته ، سياقاته الشكلية والمعرفية ، لا يدع النص أن يمتلك قداسة ما وبل بالعكس يعطيه نشوة التأويل والتفكيك .

***********
ما يميّز قاسم محمد قدرته على خلق مسرح مرجعيته من الحياة اليومية للعراقيين ، وهذا امر ليس بسهل ، من فنان درس وتعلم وشاهد تيارات مسرحية واجتهادات اخراجية ومقترحات فكرية مختلفة أوبعيدة عن سياق الفعل الثقافي العراقي ومن ضمنه المسرح .. فهو اي مبدعنا قاسم محمد خلق ما يسمى بمسرح البيئة ، بيئة العراقيين ، لغتهم ، مشاعرهم ، همومهم ـ احلامهم ، اوجاعهم ، خساراتهم ، شجاعاتهم ، خيباتهم ، طقوسهم ، قناعاتهم ، سفالاتهم ، أوهامهم، حروبهم ، المستبدين بهم والذين استبدوا فيهم ، وبذلك اكد قاسم محمد كونه لا يسير مثلما تشتهي سفن تيارات وعباقرة مبدعة تتلمذ بها وعبرها وانما بالعكس يفضل ويكرس فعله المسرحي عبر شجن وسفر وزمن اسمه العراق.
في نصه أو عرضه المسرحي امتلكت اللهجة العراقية طاقة معرفية هائلة في الجمال والمتعة وتواصلت لغة الفصحى مطواعة مع حاجات الذائقة الشعبية وجمالياتها وهذا الامر سبق ابداعي سجله قاسم محمد بجدارة .
*********
شكرا لدولة الامارات التي اكدت أنها ليست نفط وعمارات وشركات وشعوب تأكل وتشرب الأخرين النفط وتوزع العطف والهبات والشعارات القومجية
الامارات وشيوخها أكدوا أصالة حلم لشعوب تنهض من غفلة ونشوة النفط صوب توظيف هذا النفط للحياة ، للشوارعها ، لقصائدها ، لاحلامها ، للخلجانها ، لمبدعيها ، لطيورها ، لسفنها ، لعشقها العربي ، لاغانيها وشعرائها وممثليها ، ولعقلها المتجدد في سباق الزمن ، لمبدع مسرحي خص عمره للابداع والتجديد ن للعراقي قاسم محمد ، فتحية لكم ايها الشيوخ المبدعون ولكم الجمال والشجاعة والأقدام وانتم تعانقون العراق ، تعانقون قاسم محمد اليوم وتحرضونه للنهوض وتتصرخون بعلو وقامة سفنكم وعقالكم وأحلامكم :
أنهض أيها القرمطي
أنهض يا أنكيدو العراق
أنهض عراق
انهض يا قاسم محمد



#فاروق_صبري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سبعينيّات حسن العلوي:زيف التنظيرات وسفاهة االتاريخ
- دمعة العراق على غياب منقذ سعيد!!!!!!
- محاولة لإعادة انتاج ( ثقافة) سكين الثورة البيضاء!!!!!!!! محم ...
- حبيبتي كركوك ...الى سيف الخيّاط ... لن يستطيعوا إطفاء قوس قز ...
- رفقاً به ... يا حفار القبور
- حوار مع الفنان المسرحي فاروق صبري أجرته جريدة الاهالي العراق ...
- لا ل(ثقافة) الطاغية والمراقد والتديّن المتحفي
- هلاهل فوق- سطوح- بيوت العراق
- الغوص في ابعاد التعصب في عرض مسرحي
- بعد رحلة عرض -أمراء الجحيم- :عودة الغربة
- المسترزقون الجدد
- فيما يستدعي المتثاقفون طاغيتهم لأنفلة الكورد.....لابد للمثقف ...
- حينما صرخ والدي-الارهابي- : أنا عراقي
- يا سيّد نصرالله أحييّك بسعف النخيل ....ولكن .....؟
- سيادة الرئيس الطالباني! !!!! لاتهملوا ابن- مدينة الضوء- جليل ...
- فيما الكلبة الديمقراطية تفتك بالعراق ..... برلمانيو الحسيّني ...
- وهل ( ثقافة) الّلطم على الأطلال والقتل في الشوارع على الهوية ...
- سيادة الطالباني..كي نميّز بين عصر (تحريركم) للعراق وبين ما ق ...
- يواصل بروفات مسرحيته(أمراء الجحيم) ...الفنان فاروق صبري: حلم ...
- بعد الجريمة الوحشية في اغتيال الصحفي شمس الدين:: ..ليقدم الق ...


المزيد.....




- خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع ...
- كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟
- Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي ...
- واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با ...
- “بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا ...
- المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...
- -هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ ...
- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاروق صبري - انهض يا انكيدو العراق ..انهض ايها القرمطي..انهض يا قاسم محمد