أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - روبين قاسم - أنا شرقي آه يا نيالي














المزيد.....


أنا شرقي آه يا نيالي


روبين قاسم

الحوار المتمدن-العدد: 2556 - 2009 / 2 / 13 - 07:06
المحور: كتابات ساخرة
    



في الشرق الأوسط الثابت والغير متحول الللا متزحزح من مكانه، المحتفظ بأحجاره وأفكاره، بدمائه الحامية ومياهه الباردة، بشبابه وعواجيزه، والذي يتبوأ موقعا جغرافيا مهما ومرموقا جدا ذو مستوى رفيع في السلسلة الكونية، أنام في فراشي في زاوية من زقاقاتي القديمة، على صوت المزاريب الفلتانة والشوارع المتسولة والقمامات تزين باب داري وكتابات سريالية تخطط جدران حينا المضرج بحيائه، أجلس أمام مربع صغير ملون، لأضغط على أزرار قليلة فأجد نفسي أمام ناطحات السحاب أسبح، لأصبح وجها لوجه وندا لند مع الطرف الآخر من العالم أو بالأحرى أمام العالم برمته مذهولا بالتمدن والاختراعات المتتالية الحديثة وأمام فتيات جميلات جدا تُظهرن بلاهة فتياتنا المستحيات من أنوثتهن، يسيل لعابي وأنا اسمع أخبارا عن التنمية الاجتماعية والبورصة اليومية وعن رفاهية كلابهم ولا مبالاة شبابهم وبذخ من حريات متناثرة هنا وهناك في كل زاوية وحي .
وأصاب بخيبة الأمل والفزع وأنا اسمع وأشاهد الانفجارات اليومية ففي اعلام الغرب اسمع عن عدد النساء المنتحرات في بلادي وعن أطفال يموتون لرداءة العناية الطبية والفضائح الفوضوية تملأ اليوتيوب، التكنولوجيا أصبحت نقمة علينا، لنغوص في عوالم العولمة والبلاهة تكسو وجوهنا ونطبق كل ما نراه في سرنا، نمقت شرقنا وندينه ونجهد للهروب من أغلاله، لكننا في الوقت عينه نمارس العبودية الحزبية لنعلن عن انتماءنا إلى حزبستان بلد الاحزان مقر التوابيت والأكفان، شارع تخرم وتجعد وانكفئ على نفسه من الحرمان، الواحد يحكم والواحد واعظ، لنتوحد مع الواحد ولنقطع ألسنتنا ونهديها للواحد .
وأساطين الجدل ما أكثرهم في بلدي يبيعون الكلام و لا يشترون إلا الطاعة وخيبة الآمال
الهوة تكبر بين ما نتلقاه من الخارج وما نعيشه، هوة لا يمكن رأبها إلا بواسطة إنسان من نمط جديد يخلع عنه الشوائب والأصولية ويطهر نفسه من العبودية لتُكسر الأوثان البشرية ويكون الولاء لشرقنا بسحره بحبه بروحه بتلك العزة الجميلة والتي أيضا عرَّفنا عليها الغرب والغرب يتحدث عن أراضينا بنهم ويسيل لعابه عند الوقوف أمام حضاراتنا التي غمرتها أتربة التخلف، هم الذين يعيدون إحياء موسيقانا ويكشفون لنا الأثار القديمة والأفكار الرخيمة أفكار تتبلور وتنمو في مصانعهم فيفكرون عنا، ليصدِّروا إلينا أفكارنا وماضينا وأروقتنا وثوراتنا وابتهالاتنا الجميلة .
أما كفانا أن نكون مستهلكين، أما كفانا أن يفكر الغير عنا أن تُرسل إلينا الحريات في طرود البريد الالكترونية أن يلقنونا الحقوق والحرية، أليس حري بنا أن نمارس حرياتنا كما نمارس عاداتنا اليومية .
نحن شرقيون ولكن ...
نحن أدبيون ولكن ...
نحن متحررون ولكن ...
ولكن ماذا ؟؟ ولكن حزبستان العظيمة موجودة والتقارير سريعة مترامية على طاولات الأمن تشكل أهرامات أعظم من أهرامات الفراعنة وغرف التعذيب الباردة أكثر قدرة على التلفيق وعلى تثليج أدمغتنا وإصابتنا بالشلل والذعر وبلع الألسنة غدا شرقنا سجنا كبيرا وكل ينطوي على نفسه في زنزانته الفردية، وتاه سحر الشرق وفكره، وأنا لا زلت أفتخر بأني أعيش في وسط المآسي والحروب والاغتيالات المريرة، أعيش في وسط الشرق المدمى، اتخذ زاوية صغيرة في غرفة مركونة على هامش الكون لأقدم ولاءاتي القسرية لأصيح ملئ حنجرتي أنا عبد أنا لا أحتاج للتفكير لا أحتاج للقلم أنا إنسان أنا حر أنا لا شيء أنا كل شيء أنا مليء بالازدواجية أنا شرقي آه يا نيالي .



#روبين_قاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العالم كبير لكنه في داخلنا عميق كالبحر
- ازمة حريات
- تفاصيل
- انتخابات خارج دائرة التصويت.....!
- اجتماع تحضيري لحزب جديد


المزيد.....




- سربند حبيب حين ينهل من الطفولة وحكايات الجدة والمخيلة الكردي ...
- لِمَن تحت قدَميها جنان الرؤوف الرحيم
- مسيرة حافلة بالعطاء الفكري والثقافي.. رحيل المفكر البحريني م ...
- رحيل المفكر البحريني محمد جابر الأنصاري
- وفاة الممثل الأميركي هدسون جوزيف ميك عن عمر 16 عاما إثر حادث ...
- وفاة ريتشارد بيري منتج العديد من الأغاني الناجحة عن عمر يناه ...
- تعليقات جارحة وقبلة حميمة تجاوزت النص.. لهذه الأسباب رفعت بل ...
- تنبؤات بابا فانغا: صراع مدمر وكوارث تهدد البشرية.. فهل يكون ...
- محكمة الرباط تقضي بعدم الاختصاص في دعوى إيقاف مؤتمر -كُتاب ا ...
- الفيلم الفلسطيني -خطوات-.. عن دور الفن في العلاج النفسي لضحا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - روبين قاسم - أنا شرقي آه يا نيالي