أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - معلمة الكمنجة














المزيد.....

معلمة الكمنجة


خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)


الحوار المتمدن-العدد: 2552 - 2009 / 2 / 9 - 08:47
المحور: الادب والفن
    



إلى غزة حيثما تكون
أينما ولّيتَ وجهكَ كلُّ شيءٍ قابلٌ للإنفجارِ [محمود درويش]

يفتح البحر زرقته على المدينة* يتباهى بنعومة الهواء المتسلل من روائح نساء بعيدات* يقدم فجره بسفورٍ لا يؤجَّلُ* تلعبُ بناتٌ صغيراتٌ على حافةِ الموجةِ الناشئةِ من خللٍ صغيرٍ في توازن الماء مع الضحك* خفيفات مثل جملة شعريةٍ قصيرة* جميلات مثل تعريف الجمال في المعجم* ذاهبات إلى الأنوثةِ في تحدٍّ للوقت والمكان* يبدأُ النهارُ كلما نظّفَ الدوريُّ ريشَهُ من ضوء الأمسِ بندى الصباح* ينظرُ إلى الصغيراتِ بحُبٍّ وريبةٍ هما في طبيعتهِ*
الغارةُ تفسخُ الدوريَّ والموجةَ والبناتِ والندى والضوءَ والأمسَ واليوم* يتعثرُ رجلٌ بالظلمةِ كي يفهمَ فصلاً في روايةٍ طويلة* تخذله الكهرباء وزوجته والطحين* جثةُ الوقتِ ملقاةٌ على حبل التلفزيون كأيةِ جثةٍ أخرى* الوقتُ لا يفهمُ لماذا أصبح جثةً والرجلُ لا يفهمُ الوقتَ والعتمةُ لا تفهمُ الرجلَ ورأسُ السنةِ لا تفهمُ العتمةَ والطائراتُ لا تفهمُ رأس السنة*
انتظار طويل يمنهجُ الليلَ والنهار* أغانٍ كثيرة تنعفُها الإذاعات* البطلُ لا يستطيع أن يخلع بطولته* أزواج من حمام ولغة تتبخترُ على الأسفلت* تصابُ اللغةُ في مقتلٍ وتموتُ بعيدةً ووحيدةً وباردة مثل ماموثٍ مدفونٍ في ثلجٍ مصنوعٍ من ثلج*
في المشهد لغةٌ مبتورة الساعد* أخرى بسلمٍ موسيقيٍّ مكسور* ولغةٌ ثالثة ماتَ متكلمُها الوحيد* بأم عيني رأيت عشرة مفردات يتسللن إلى قاموسي دون أن أحرك إصبعاً كي أمنعها* المدينةُ تتباهى في مهرجان المدن* عروساً مخضّبةً بحناءَ من سلالمَ إلى سماءٍ بغيومٍ حنونةٍ تخفي بشاعةَ الصوتِ الذي يشبه ألعابَ الكومبيوتر الحديثة في يد طفلٍ جامحٍ يقتلُ ما لا حصرَ له فيختفي القتلى مباشرةً فلا يعيقونه عن الأهداف القادمة* الأب يضحك لأن إبنه الصغير أنهى جزءاً من اللعبة دون أن يخسر* تنقطع الكهرباءُ لكن غريزة الطفل لا تنطفيء فيبدأ بالصراخ*
يجلسُ شاعرٌ وحده محاط بالهواء الساخن* أمامه برتقالتان هما كل ما تبقى من مظاهر الحضارة* يغامرُ فيأكلُ واحدةً فتشعر الأخرى بالوحدةِ وتقول لنفسها: هذا القاتلُ لا يرحم*
تعلِّقُ امرأةٌ رعبَها على الشبّاكِ كي لا يراهُ الصِّبيةُ الذين يعللونَ ارتجافهم بالبرد لا بالخوفِ* يسقط الرعبُ عن حافة الشباكِ* يتكسّرُ في أرضِ الغرفةِ فتصيبُ شظاياه كلَّ شيء وكلَّ وقت* الساعةُ على الجدار قررت أن تستريح بعد أن أصبح عملها لا ضرورة له* يقول ولدٌ جملةً فلسفيّةً لا تتناسبُ مع عمره* يندهشُ الأبُ ويتمنى لو استطاعَ الخروجَ ليبلغَ الجيران بفخرٍ عن ابنه* الشارعُ مسدودٌ بهواءٍ ثقيل* البحرُ مسدودٌ بفكرتين متضادتين* والأفقُ مخزوقٌ كعلبةِ صفيحٍ صدئةٍ* والنايُ لم يعد يعني ما يقولْ*
معلّمةُ الكمنجة الوحيدة تترك وحدتها وكمنجتها وتغلق نوتاتها على أصابع تلاميذها وترحلُ* تلقي نظرةَ وداعٍ على آثار خطواتها* تقبّلُ الرملَ الساخنَ وتمضي دون أن تنظرَ خلفها*
أحتمي بفكرةٍ وتحتمي الفكرةُ بالجدار:
يا ربُّ:
بشّرنا بنبيٍّ مهما يكنْ اسمه*

3 كانون ثاني 2009




#خالد_جمعة (هاشتاغ)       Khaled_Juma#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فضة المكان
- ذاكرة قصيرة
- أبعد مما يحق لك
- المساء مساء
- كبرت وحدها
- الليل
- الريح في جنازة
- نصف قصيدة
- مرآة على الحائط المقابل
- عن اللغة
- الحواجز
- عن موت الإله الصغير
- فيلم قبل المونتاج
- الأعمى
- الكابوس
- إلا قليلا
- كما تتغير الخيول
- عن سيجارة في منفضة
- فراغ في الخارطة.. فراغ على الخارطة
- الدول والشعوب والطوائف والديانات والمذاهب في التاريخ الفلسطي ...


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - معلمة الكمنجة