سعد البغدادي
الحوار المتمدن-العدد: 2551 - 2009 / 2 / 8 - 00:52
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
هل الكتابة نوع من الترف الفكري؟ او هي نوعا من شحذ الذاكرة لاجترار الماضي وتوثيقه بشكل نستطيع معه استمرارية العيش، وسط مجتمع طبقي، تارة ومتزمت الى حد التطرف اخرى. حقاً انه
سؤالٌ ملتبس..و لعل جزءًا من هذا الإلتباس ينبع من أداة الاستفهام ذاتها،
لماذا نكتب؟ بعضنا يكتب ليغير العالم على نمط "دون كيخوت" وهو يصارع طواحين الهوا ء، ولا نستغرب فهو حالم الى حد انه فعلا يغير العالم وخرائطه، ولعلي لا اذكر لك اسماء كثير من المفكرين الذين اعتقدوا بشكل جازم انهم غيروا العالم، ربما يكون صاحب نهاية التاريخ احدهم؟ فيما كتب.
وبعضنا يكتب لغريزة حب الكتابة التي تنشا معه، فلا يستطيع تركها ولا هي تفعل ذلك ،والأصل في غرائز الإنسان واحتياجاته أنها مفيدة… لماذا تريد الزواج؟ وبعضنا يكتب لاثارة الاعجاب ، طالما انه يعتقد بانه اديب حقيقي ، وعلى الجميع ان يقرء له .
والكتابة – شأنها في ذلك شأن سائر الأشكال الفنية – تتطلب قدرا كبيرا من الحرفية ، وفي الوقت الذي يمكن أن نجزم فيه أن لكل منا قصة شيقة يود أن يرويها أو قصيدة عالقة في ذهنه وفي قلبه ، وأن بعضنا ربما يود أن يدون مذكراته في يوم من الأيام . والكتابة ودلالالتها، إحد أهم وأبرز مراحــــل تحول الإنسان الحضاري، وأولى النقلات النوعية التي منحته صفته الإنسانية عبر التواصل الذي حققه هذا الكائن مع سائر الموجودات من جهة ومع البعد الزمني والتاريخي من جهة أخرى. حيث أن هذا الربط هو من عوامل التوسع المعرفي للإنسان وتراكم خبراته.ومما يؤكد أهمية الكتابة، هو التصنيف التاريخي الذي أعطاه علماء التاريخ والجيولوجيا للمراحل التي قطعها الإنسان في حياته عبر العصور، حيث يطلق على بعضها عصور ما بعد التدوين أو ما قبله، ولم تسجّل لنا حضارات الأمم السابقة إلا من خلال لغة التدوين والكتابة ،وسواء كان هذا التدوين وهذه الكتابة بالرموز أو بالأحرف وأياً كان التاريخ الذي بدأت منه، فان هذا الشكل الحضاري للانسان، احدث ثورة حقيقية في حياة هذا الكائن الأرضي الذي لم يتوارث مخزونه الفكري الا من خلالها. فالكتابة اياً كانت دواعيها او اسبابها تبقى هي العلامة المميزة لنا ككائن حي وليس غير ذلك.
#سعد_البغدادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟