|
الشيوعيون العراقيون وانتخابات المحافظات
صابر معروف
الحوار المتمدن-العدد: 2550 - 2009 / 2 / 7 - 08:59
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
العمل السياسي في العراق مختلف عن مثيله في كل بقاع الارض ,ليس الان فقط بل منذ نشأة الاحزاب في بدايات القرن الماضي ,وقد زادت وتنوعت هذه الاختلافات بعد تسلط حكم البعث في السبعينات ووصلت الى ذروتها باستلام صدام حسين دفة القيادة بكل تفاصيلها وتفرعاتها في عام 1979وبدء تفرد غريب في كل اشكال العمل السياسي في عموم المنطقة من خلال دكتاتوريته التي استحق عليها الاصطفاف مع اعتى الدكتاتوريين في العالم بل فاقهم في بعض التفاصيل ليكون العراق في عهده عنوانا للدمار ومصدرا للتدمير من خلال الحروب التي كان مسرحا لها طوال عقدين ,ورغم ان المنطقة اكتوت باثار تلك الحروب الا ان المتضرر الرئيسي فيها كان الشعب العراقي الذي قدم مئات الالاف من الشهداء والمعوقين والارامل اضافة الى تدمير النسيج الوطني العراقي من خلال تفكيك النسيج الاجتماعي الذي عاش فيه العراقيون بمحبة ووئام منذ نشأة الحياة على هذه الارض الغنية بكل تفاصيل الحياة وحاجاتها. منذ نشأة الدولة العراقية ونشوء الاحزاب في بلد يكتنز الثروات الطبيعية والانسانية كان الاستهداف الخارجي مخططا له اعتمادا على التاريخ العريق للعراق الذي نشأة على ارضه اولى الحضارات وكان للموقع الجغرافي نصيبا متقدما في ذلك اضافة للاحداث الجسام التي مرت بها البشرية طوال العقود الخمسة الاولى من القرن الماضي التي تشكلت في اثرها القوى الغربية والشرقية متمثلة في المعسكرين اللرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة والاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفيتي . وكان اكتشاف النفط وتصدره على الفحم في توفير الطاقة اساسا جديدا للصراع العالمي ولايخفى بان التطور العلمي وتحديد مكامن النفط التي كان للعراق نصيبه الاكبر فيها جعل الاهتمام في السيطرة عليه يأخذ الجانب الاكبر من التخطيط في الدوائر العالمية ,لذلك نصبت بريطانيا ملكا في العراق وعملت على ادارة العراق باشرافه من خلال حكومات عميلة وبرلمان صوري كانت من اكبر مهازله طريقة انتخاب اعضاءه ,وفي ذروة المد التحرري والانعتاق من الاستعمار التي عاشتها المنطقة كان نشاط الاحزاب الوطنية في العراق ومنها الحزب الشيوعي العراقي الذي قاد نضال الفقراء من اجل حياة افضل وشكل خطورة متنامية على تركيبة الحكم الملكي المدعوم من البريطانيين باساليب كانت منسجمة مع مستويات الوعي الجماهيري انذاك من خلال اجتهادات قادته وعلى رئسهم مؤسس الحزب فهد الذي لم تكتفي السلطة الحاكمة بقيادة نوري سعيد باعتقاله بل انها تحركت بسرعة للتخلص منه ومن رفاقة في قيادة الحزب بتنفيذ حكم الاعدام بهم لانهى استشعرت خطورة الالتفاف الجماهيري الكبير حولهم وصواب منهجهم في قيادة تلك الجماهير المتنامية وعيا وعددا فكانت خطوة اعدامهم المسمار الاول في نعش الملكية الذي اكتمل في صباح الرابع عشر من تموز بثورة وطنية قادها الضباط العراقيون المنتظمون في الاحزاب المعاضة واكبرها كان الحزب الشيوعي العراقي الذي اصطف مع الثورة منذ ساعاتها الاولى وكان سندها في سنوات البناء التي اشاعت الخير والطمئنينة في نفوس الفقراء من خلال انجازاتها المتعدده التي لم يستطع حتى اعدائها التغاضي عنها ,لكن الاطراف العالمية استشعرت الخطر وجندت عملائها ومن يتناغمون مع سياساتها في اجهاض الثورة بعد ان دفعت باتجاه تخريب العلاقة بين الشهيد عبد الكريم قاسم والحزب الشيوعي العراقي وهذه الاطراف معروفة ولاحاجة بنا لتفاصيل اضافية عن انشطتها في تلك السنوات ومابعدها,لكن المهم في ذلك ان تلك الاطراف هي نفسها التي دمرت العراق في عقود البعث الاربعة التي حكم بها والتي استخدم خلالها سياسة معاداة الشيوعية اولا والتقرب في سنواته الاخيرة من الذراع الاخر في تلك السياسة وهو اسلمة المجتمع العراقي من خلال الحملة الايمانية التي تبناها كاخر طريق للبقاء في السلطة . بعد سقوط سلطة صدام وتعرض العراق لسيناريوهات متقاطعة نفذتها اطراف اللعبة السياسية في الداخل والخارج وهي ماجرت البلد الى حمامات الدم التي استمرت طوال سنوات استحكم الحل واجبرت نفس الاطراف مجاميعها على الانتظام فيمايسمى بالعملية السياسية والاحتكام للانتخابات في تمثيلها فكان ان جرت اكثر من انتخابات كانت نتائجها لاتشكل وليدا صحيا نتيجة للظروف التي رافقتها ,لكنها في كل مرة تتحرك باتجاه الافضل ولو بخطوات بطيئه لاتتناسب مع حجم التضحيات التي قدمها ويقدمها العراقيون طوال سنوات القهر وحتى بعد سنوات من سقوط السلطة الدكتاتورية المقيتة. لقد اشترك الشيوعيون العراقيون في كل الانتخابات التي جرت في العراق من منطلق ان الحزب موجود عالساحة العراقية لكن هذا الاشتراك لم يكن مدروسا بدقة لواقع العمل السياسي في العراق ولنوع وحجم التحديات التي يتعرض لها الحزب ولم تكن القراءة السياسية لقادة الحزب مناسبة لما مطلوب بالفعل من اعضاء الحزب ومناصرية فكانت النتائج في كل مرة مخيبة للامال ومحبطة للنفوس ولم ترقى الى تاريخ الحزب ولاالى قوافل شهداءه ولاالى صفحاته البيضاء في النزاهة والوطنية التي يشهد لها القاصي والداني بل ان الاسوء هو ان البعض يشير الى ان بعض الشيوعيين ينتخبون قوائم اخرى لاسباب متعدده ومعروفة اضافة الى ان ابتعاد كوادر واعضاء واصدقاء كثيرون عن التنظيم لاسباب لم تعد خافية وهي نتيجة للخلافات التي اكثرها شخصية تتعلق بالمحاباة والعلاقات الخاصة المبنية على اساس الخارج والداخل وكيف ان القادمين بعد غربة طويلة تصدروا مواقع المسؤولية في جميع المحافظات واللجان القيادية ان كان ذلك بشكل مباشر او باشرافهم عليها وكأن شيوعيو الداخل تنقصهم مواصفات القيادة التي اكتسبها القادمون من دول متطورة. في واقع كهذا كان لزاما على قيادة الحزب ان تعالج تلك التقاطعات بحكمة ومسؤولية ومن مفهوم ان الحزب الشيوعي العراقي هو حزب للجميع وان استمراره وحجم بناءه مسؤولية الجميع وان معالجة مشاكل الحزب الداخلية هي اهم من الاشتراك في الانتخابات في هذه المرحلة . اضافة لكل ماتقدم فأن على القيادة المنتخبة للحزب ان تقدم قراءات دقيقة وحاسمة لطبيعة وظروف العمل السياسي الحزبي وتؤسس عليها اساليب العمل الجماهيري واذا كان العراق الان اكثر استقرارا في الجانب الامني فأن الشيوعيون يعرفون تماما طبيعة مايجري في الشارع العراقي من انشطة الاسلام السياسي الذي هو المهيمن عالساحة الان ويجب ان تعرف القيادة السياسية للحزب بان التصدي لمنهج الاسلام السياسي في الاقصاء القسري للاخر وخاصة الشيوعيين يحتاج الى اساليب نضال مبتكرة وفاعلة وليس الى خطاب اعلامي احتفالي من اجل المحافظة على جماهير الحزب ومناصرية بعيدا عن التصفيات الجسدية التي اودت بحياة الكثير من الرفاق وهي مستمرة ومخطط لها في دوائر داخلية وخارجية. على هذه الاسس كان الاجدى للحزب الشيوعي العراقي ان يختار شخصيات وطنية معروفة في كل محافظة ويفاتحها في ان تشترك في الانتخابات اما بصورة منفردة او ضمن مجموعة لكن الاهم ان تختار اسما لقوائمها يكون لافتا للجماهير دون ان تضع اسم الحزب لكي تقطع الطريق على الذين يرعبون الناس من الشيوعية وهؤلاء المشتركون في الانتخابات ليس بالضرورة ان يكونوا شيوعيين بل ممكن ان يجد الحزب الكثير من الاسماء المعروفة في مدنها ويثقف اعضاءة ومناصرية بالتصويت لهؤلاء بدلا من ان يشترك الحزب بشكل علني ويحصل على ماحصل عليه من نسب متدنية ادخلت الخيبة في نفوس الناس ,وفوق كل ذلك فان المستقلين المدعومين من الحزب لن يكون لخسارتهم اي تاثير اعلامي تستخدمه الاطراف المناهضة لسياسة الحزب وفي حالة فوزهم فان وجودهم في مجالس المحافظات سيكون افضل والشئ المفيد الاخر في مثل هكذا سياسة ان لايقدم الحزب قراءة لحجم قوته وتنظيماته عالساحة ونحن نعرف جميعا ان ظروف العمل في العراق في غاية الصعوبة تحت تاثير السلاح التي تحمله المليشيات وفي ظل سلطة احادية الجانب . المطلوب الان هو تقييم تجربة السنوات الماضية في العمل العلني وبين صفوف الجماهير وقراءة الوضع بشكل اكثر واقعية واتخاذ قرارات جريئة ودقيقة لتصويب الاخطاء والعمل على الاعتراف بها دون تلميع وترميم لان البناء الان لايحتمل الا تبيان الحقائق والمشاركة الجماعية .
#صابر_معروف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
المزيد.....
|