أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رابحة الزيرة - شفاه أطفال غزّة ترتّل مزامير الرجولة














المزيد.....

شفاه أطفال غزّة ترتّل مزامير الرجولة


رابحة الزيرة

الحوار المتمدن-العدد: 2548 - 2009 / 2 / 5 - 03:40
المحور: الادب والفن
    


على مساحة ضيقة من نفس المكان الواسع الذي وقعت فيه المأساة، وبعد مرور عامين على المجزرة التي اغتيل فيها أبوها وحُصد - أمام ناظرها - أرواح سبعة من أفراد عائلتها على شاطئ البحر، تقف (هدى غالية) في عمر السادسة عشر لتبثّ الأمل في نفوس الأطفال الذين يصغرونها سنّاً من أبناء بيت لاهيا في مخيّم صيفي، لتكون اليوم هي المسئولة عن تدريب وتعليم "ألعاب الصيف البحرية" لأطفال اللاجئين في غزّة بعد أن كسرت حاجز الرعب ونزلت الشاطئ لأول مرة منذ مجزرة عائلتها وتعلمت السباحة وأصبحت قائدة في فعاليات الأطفال، هذا الوضع الخاص لهدى أهّلها لتكون خير مربٍّ في هذا المجال، ومثلها إلهام، التي قُتلت والدتها وثلاثة من أشقّائها في اعتداء صهيوني غاشم، حين كانت في الحادية والعشرين من عمرها، فاستطاعت أن تعرف طريق النجاة والسلامة من هذا الألم، لتقول بتحدٍّ وإصرار: "سنواجه مأساتنا بالعطاء وسنجعل من فجيعتنا جسراً للنجاح والفرح".

إلهام وهدى بالأمس القريب، واليوم لُؤي الصغير الذي فقد عينيه وشُوه وجهه البريء في القصف العشوائي على غزة ورغم ذلك استطاع أن يشرح بكل هدوء ما حدث له، ولم ينسَ أن يشكر من أتاح له فرصة التعبير عن نفسه، ولم يتلفّظ ولو بكلمة واحدة تعبّر عن حنق أو غيظ أو كراهية لأحد، ولم يكن ليلام لو فعل، فحقّ لمن ذاق ما ذاقه أن ينقم على العالم من حوله، ولكنه لؤي، ابن الصمود والمقاومة، لا لقيط العنف والرذيلة.

وجميلة الجملية التي بُترت ساقاها إثر قذيفة طائشة (أو موجّهة) أصابتها، ومع ذلك لم تفارق الابتسامة وجهها وهي تصف ما جرى عليها ولما يندمل جرحها بعد، كما لم تنسَ أن تعبّر عن أمنيتها في أن تكون إعلامية في المستقبل لتستكشف ما يجري وراء الكواليس ... ودلال، وأمل، ورامي، وأحمد، ومحمد، وغيرهم العشرات من الأطفال الذي عاينوا أبشع جرائم الحرب ولكن لم نرَ إلا دموعهم الممزوجة بإصرارهم على الصمود والتحدّي والبقاء.

وأعجب والله من رباطة جأش بعضهم ممن لم يتجاوز العشر سنوات وقد فقد كل عزيز من أسرة وأهل ومتاع، فيذهب وحده ليعاين أطلال بيته ليبحث عن لعبة هنا أو يلتقط كتاباً من هناك، وربما عثر على أشلاء أمه المتناثرة، أو ملابس أبيه المقطعة، ورغم ذلك يقف أمام الكاميرا ليعبّر عن آلامه، ويستنكر، ويناشد، ثم ليعود أقوى من ذي قبل، وأشدّ إصراراً وتحدّيا مما ذهب.
*********
"أنا طفلكم .. هذا الذي يتّمتموه بهجركم
فلسوف أحفر في حجار الأرض رغم الموت أنشودة البقاء ..
ولسوف أروي من دمائي زيتون هذي الأرض ..
كي تُجنوا بعزّتي الفخر..
فتَفرَّجوا .. يا سادتي .. وتأمّلوا فعل الصغار
ثم اكتبوا عني وتبتّلوا بقصيدكم ..
كي يستريح على شقاء حكايتي إنسانكم وضميركم" ..
*******
"أبي، إني أموت" ..
يهرع إليه والده ويضمه بين أحضانه، يتحسس نزيفاً من بطنه، ينادي على زوجته لمغادرة المكان، تهرول الأسرة إلى الخارج، فيزداد وابل الرصاص، رصاصة تشلّ حركة الأم فتعجز عن السير، وأخرى تتمكن من خاصرة الأب فتطرحه أرضاً، ويسقط إبراهيم إلى جواره لتباغته رصاصة دامية تسكت آخر أنفاسه، ويحتمي الطفلان المتبقيان خلف كومة من ركام المنزل .. يهدأ ضجيج الموت هنيهة، ليبدأ من جديد .. جنود قادمون، يراهم الأب فيتظاهر بالغيبوبة، يقترب أحدهم من جسد إبراهيم ويقلّبه بقدمه يميناً ويساراً، ترتفع ضحكاتهم، ويصوّب أحدهم رصاصة إلى رأس إبراهيم، تتبعها قهقهة تنزل سكيناً حاداً في قلب والده، يسحبون الطفل إلى مكان مرتفع، يرمونه برصاصات المباهاة، ويتسابقون في القنص على الطفل الشهيد، دقيقة، فعشرة، فساعة، وصدر إبراهيم ورأسه لوحة متحركة لقنصهم، يضحكون، يلهون، ويتسابقون، ثم ينسحبون ..

وتبقى العائلة - رغماً عنهم - على قيد الحياة, ويبقى شهود عيان كُثر ليكونوا شهداء على زمانهم وعلى الدمار الشامل الذي تسبّب فيه الصهاينة، ولتبقى وصمة عار على جبين مدّعي التقدّم والحضارة والرقي، ولوثة خسّة وخذلان في تاريخ ساسة الأنظمة العربية الذين يفتخر أحدهم بالتبرّع بزجاجة من دمه الملوّث لضحايا الحرب (!)، ويتبجّح الآخر بأنه تكفّل بعلاج طفلة أو طفل من ضحايا الصهاينة، ويدّعي الثالث بأن محاولته إصدار قرار وقف إطلاق النار (غير المعتبر) هو أهم إنجاز قام به لحقن دماء الأبرياء، والقائمة تطول من مواقف خزي للأنظمة العربية في ملحمة الشرف والكرامة التي تعيش مخاضها الأمة، ويأبى هؤلاء إلاّ أن يكون رصيدهم فيها صفراً، أو دون الصفر.

"فيا أبناء غزة علّمونا بأن نصبح رجالاً ..
فلدينا الرجال صاروا عجيناً ..
قد لزمنا جحورنا وطلبنا منكم أن تقاتلوا التنّينا
قد صغرنا أمامكم ألف قرن وكبرتم خلال شهر قرونا
يا أحباءنا الصغار.. سلام ..
جعل الله يومكم ياسمينا ..
أمطرونا بطولة وشموخاً ..
واستعدوا لتقطفوا الزيتونا ..
إن هذا العصر اليهودي وهْمٌ .. وهم ..
سوف ينهار لو ملكنا اليقينا .."



#رابحة_الزيرة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الملك العضوض حين يُعضّ عليه بالنواجذ
- إعلان حقوق الإنسان في عامه الستين
- القانون نصير الحقوق أو سوط الاستبداد
- عيد التضحية عيد التحرّر من الموبقات
- الحبّ الزوجي .. كاستحواذ وكعنفٍ مخملي
- رحيل بوش .. فرْحةٌ في ذاتها
- التسامح والسلام ثقافة وممارسة
- فتاوى نوادر لكن للنوادر!
- في ذكرى استشهاد أبي اليتامى والمساكين
- تنويم غير مغناطيسي لسرقة الجيوب
- الارتقاء بمستوى الوعي


المزيد.....




- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رابحة الزيرة - شفاه أطفال غزّة ترتّل مزامير الرجولة