أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إدريس جنداري - طابور الهزائم : تاريخ من الشعوذة و السحر














المزيد.....

طابور الهزائم : تاريخ من الشعوذة و السحر


إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)


الحوار المتمدن-العدد: 2548 - 2009 / 2 / 5 - 09:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


خلال تاريخ الأمة العربية الطويل حورب صوت العقل؛ و حوكم؛ و تعرض أصحابه لشتى الاتهامات من زندقة و كفر و عمالة و خيانة لقضايا الأمة ؛ و في المقابل بورك صوت اللاعقل ؛ و حصل السحرة و المشعوذون على شارات النصر ؛ و أقيمت لهم التماثيل .
لكن لا يجب أن نستغرب من هذا الوضع؛ لأن الفكر العربي الإسلامي ما يزال يعتقد في المعجزات و الخوارق؛ و ما يزال يواجه التحديات المفروضة عليه بفكر خرافي ؛ قطعت معه البشرية منذ القرن الخامس عشر .
لذلك يجد السحرة و المشعوذون الطريق مفروشة بالورود ؛ و يكفيهم صوت جهوري قوي ؛ و بعض أبجديات الخطابة لينطوي سحرهم على شعوب ؛ تحارب العقل و العقلانية في كل شيء و تقيم القداس تلو القداس لاستقبال الجن و الملائك ؛ الذين يسيرون هذا العالم .
لقد برز الآن و أكثر من أي وقت مضى على الساحة السياسية و الإعلامية العربية صراع جلي المعالم بين فريقين:
فريق من السحرة و المشعوذين ؛ زاده الوحيد تجييش الشعب و الخروج به إلى الشوارع للصياح و العويل و إفراز المكبوتات صوتيا ؛ و هذا الفريق يقود منذ عقود حروبا فاشلة ؛ لا يجني من ورائها المواطن العربي إلا الخزي و العار ؛ منذ جمال عبد الناصر و مرورا بصدام حسين و انتهاء بالمشعوذين الإسلاميين من حسن نصر الله و خالد مشعل ... و هؤلاء جميعا يشتركون في أنهم آلات خطابية ؛ تعزف على الوتر الحساس للشعوب العربية من دين و قومية ... باعتبارها شعارات تمكن من التجييش ؛ و تساعد على صناعة الأصوات الصادعة و على ترديدها في الشوارع و المنتديات و ووسائل الإعلام ؛ للتسويق للوهم ؛ الذي ينقشع في لمح البصر .
نتذكر جميعا كيف هيج الناصريون الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج؛ و كيف أوهموهم بقوة الجيوش العربية؛ و قدرتها على تحقيق النصر.
نتذكر جميعا الخطابات النارية للصداميين ؛ و هم يتوعدون الأمريكان و الإسرائيليين بمحارق غير مسبوقة ؛ و يتوعد الصحاف الجيش الأمريكي بالقتل و الذبح و الحرق ..,. و تصرخ الجماهير العربية مهتاجة ؛ و يصيح المذيعون و المعلقون في القنوات المهيجة مهللين و مكبرين واعدين الأمة بالنصر و التمكين و متوعدين العدو بالخزي و العار .
و نتابع الآن مواسم النصر و التمكين الإلهي في لبنان و غزة؛ و ما أشبه اليوم بالأمس؛ نفس الشعارات و نفس الأوهام؛ و نفس الصياح والعويل؛ و نفس الأشخاص؛ و نفس الحروب الخاسرة؛ و نفس الفشل الذر يع؛ نفس الموت و نفس الدمار... يؤطر كل هذا تاريخ من الأوهام و الأساطير التي ترسخت في المخيلة العربية ؛ و انتزعتها من الواقع المعيش ؛ لترمي بها بين أتون الوهم .

و الفريق الآخر من نخبة الأمة العربية : يمتلك تكوينا علميا رصينا ؛ يرفض كل الأوهام و الأساطير ؛ يتعامل مع القضايا من منطلق عقلاني ؛ لا يسعى إلى بيع الأوهام لأمته ؛ و لكنه يصارحها بحالتها ؛ مثل الطبيب الذي لا يتآمر على المريض ؛ حينما يخبره بالمرض .
هذا الفريق من خيرة العقول العربية هو المتهم الآن بخيانة قضايا أمته و التآمر عليها ؛ و هو الذي يسميه المشعوذون السحرة بالطابور الخامس ؛ و هو الذي يتهم بالعمالة مع إسرائيل ... و لا تنتهي التهم و الإشاعات؛ لأن صانعيها من المشعوذين لا يمتلكون غير ذلك؛ فلنعذرهم و لنبارك لهم شعوذتهم و سحرهم.
لكن من حقنا أن نوضح لهؤلاء بأن مواجهة التحديات في الحاضر و المستقبل ؛ لن تنجح ما لم يتم القطع مع تاريخ الأوهام و الأساطير ؛ الذي سيج العقل العربي لقرون ؛ و قتل فيه روح التفكير و الإبداع و الخلق .
إن الانتصار لقضايا الأمة العربية لا يكون عبر إصدار الأصوات المجلجلة؛ و الخطب المزلزلة؛ و لا يكون عبر التسويق للخرافات و المعجزات؛ التي قطع معها العقل البشري الحديث؛ و لا يكون عبر نسج التهم الجاهزة بالخيانة و التآمر و لكن على العكس من ذلك يكون الانتصار لهذه القضايا عبر التهييء الجيد للمعركة ؛ و عبر النجاح في التموقع الاستراتيجي في العالم ؛ و عبر حسن التعامل مع نتائج المعركة ؛ سواء كانت نصرا أو هزيمة ؛ لاستثمارها في المعارك القادمة .
ننصح طابور الهزائم مرة أخرى بأن يغير تفكيره و استراتيجياته الفاشلة ؛ و أن يستحضر العقل في كل ما يقدم عليه ؛ و أن يتوقع نتائج ما يقدم عليه ؛ لأن الأمة العربية غير مستعدة مرة أخرى لتجرع هزائم مشابهة لهزائم الماضي ؛ و غير مستعدة كذلك لسماع خطب عنترية لا تسمن و لا تغني من جوع ؛ وهي غير مستعدة للخروج إلى الشوارع مرة أخرى للعويل و الصراخ ؛ لكن نخبة هذه الأمة على كامل الاستعداد لفضح سحركم و شعوذتكم على الملأ ؛ والتشهير بكم ؛ لكن عبر التحليل العلمي الرصين ؛ و التواصل الحضاري .



#إدريس_جنداري (هاشتاغ)       Driss_Jandari#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بين خالد مشعل و محمود عباس : صراع التصريحات في وضع فلسطين ...
- بعدما فشلت في الخارج صواريخ القسام تسعى إلى قلب المعادلة في ...
- الدرس الذي يجب أن يستوعبه العرب :العثمانيون الجدد أصحاب مصال ...
- بداية انكشاف أسطورة النصر الإلهي الحمساوي
- الأصولية الدينية: الإعجاز في خدمة الأجندة السياسية
- القضايا العربية و الرهان الخاطئ على إدارة أوباما
- حزب الله لم يكن يتوقع قوة الهجوم و حماس لم تكن تتوقع استمرار ...
- نخبة محور الممانعة : العمى الإيديولوجي في خدمة تاريخ من الهز ...
- أحداث غزة و معجزة النصر الإلهي : الأصولية الدينية و التسويق ...
- ما بعد أحداث غزة: في الحاجة إلى استلهام روح فكر التحرر الوطن ...
- من نتائج أحداث غزة : حماس قوية داخليا ضعيفة خارجيا
- الانفتاح الروائي كخطة لمساءلة الراهن السياسي المغربي : رواية ...
- الأدب وسؤال المؤسسة في الممارسة الأدبية العربية المعاصرة
- شركة ماكنزي للتنافسية ترسم مستقبلا سوداويا للمصارف (الإسلامي ...
- إيديولوجيا الاقتصاد الإسلامي : محاربة الفكر الاقتصادي الحديث ...
- إيديولوجيا الإعجاز العلمي في القرآن و السنة : نشر الخرافات ل ...
- من دروس أحداث غزة : العلاقات الدولية تقوم على المصالح لا على ...
- أحداث غزة : صراع الأصوليات الدينية لنشر الدمار و الموت .
- في حاجة النشر الإلكتروني إلى الأقلام العربية المتنورة
- نموذج التدين المغربي سلاح لمواجهة التطرف الديني الوهابي


المزيد.....




- عطلة لأبناء المكون المسيحي بمناسبة عيد القيامة
- القوى الوطنية والإسلامية في القطاع: أهل غزة يمثلون طليعة الج ...
- قراءة في خطاب قائد الثورة الإسلامية حول المفاوضات النووية
- جماعة الإخوان المسلمين في الأردن تصدر بيانا حول الأحداث الأخ ...
- الأردن يعلن إحباط مخطط -للمساس بالأمن وإثارة الفوضى- وأصابع ...
- ممثل حماس في إيران: يجب إعلان الجهاد العام بالدول الإسلامية ...
- نحو ألفي مستوطن يستبيحون الأقصى وبن غفير يقتحم المسجد الإبرا ...
- بابا الفاتيكان يضع المعماري الشهير أنطوني غاودي على مسار الت ...
- حزب الله اللبناني يدين اقتحام المستوطنين لباحات المسجد الأقص ...
- المئات من الكاثوليك في بيرو وغواتيمالا يحتفلون بأحد الشعانين ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إدريس جنداري - طابور الهزائم : تاريخ من الشعوذة و السحر