أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميه عريشه - أدب الحـــــرب















المزيد.....

أدب الحـــــرب


سميه عريشه

الحوار المتمدن-العدد: 782 - 2004 / 3 / 23 - 07:25
المحور: الادب والفن
    


سألني صحفي وأديب شاب : أين أنت من أدب الحرب ؟؟ والحقيقة أنني فوجئت بالسؤال وفهمت مقصده ، بمناسبة حرب الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها على العراق ، ولقد فتح لي ذلك السؤال باب المواجهة مع النفس المتعبة من حرب مختلفة ، يعيشها المبدعون وخاصة الجدد على ارض الوطن ، وصباح مساء وفي كل لحظة يتساقطون، البعض صرعى بلا أمل تحت وطأة قسوة الحياة ، والاحتياج ، يسلمون إبداعاتهم لغيرهم من الأسماء الأكبر ،والمتميزين لأنهم أعضاء في مافيا الكبار كي يضع هؤلاء الكبار المزيفون أو المفلسون فكرياً أسماءهم على إبداعات الصغار ، المحكوم بموتهم مسبقاً عبر اللجان العديدة المتشابكة ، والتي يسيطر عليها ذات الكبار وأعوانهم ، وقد اتفقوا على عدم السماح لأي موهبة حقيقية جديدة على أن تجنح إلى الظهور ويرضخ المبدع الجديد المحتاج المقهور ، أن يمد يده ليتناول ما تجود به يد الكبير من تحت الترابيزة ، وينصرف بعد ما تنازل قهراً عن فكره وإبداعه وكيانه وشخصيته وحاضره ومستقبله لذلك العجوز المهيمن على كل منافذ الاعتراف بالمبدعين الجدد ن ويفترقا مؤقتاً كل يحمل جريمته وذنبه وجرحه!
وفي المساء يعود المبدع الجديد المقهور ليطالع وقائع إعدامه عبر شاشات التليفزيون في مشهد الكاتب المزيف المفلس المهيمن على كل مناحي الحياة ن وهو يتحدث عن أحدث أعماله التي كتبها ، ويحكى عن معاناته في إبداعها ، مع إيماءات المذيعة وتعاطفها وعبارات ثناء وإشادة به وبجيله الكبير العظيم المستمر في الإبداع منذ ما يقرب من نصف قرن بلا وهن ، وكيف أنه (بتاع) كل الأزمنة ، و برغم عمره المعروف، فإنه مازال شابا وسيظل فتتسع ابتسامته الزائفة ، محاطة بتجاعيد الغش التي تخفيها المساحيق في حال الصمت ، فينهض المؤلف المبدع الشاب مهرولاً إلى مرحاض بيته ، ليفرغ من جوفه كسرة الخبز التي تناولها مع أطفاله الجياع ، ليبقى بجوفه طعم المر الممزوج بعصارة معدته. يقرر أن يقلب القناة التليفزيونية فتطالعه تباشير التصريحات المبشرة بعهد جديد ، وفكر جديد ويفرح قلبه للحظة، وينشرح ويعاوده الأمل في أن يجد في ساحة الإبداع موضعاً لقدمه، لكنه يعود إلى انحساره ، ويأسه عندما تطالعه نفس وجوه المبدعين الكبار الذين يعرفهم فرداً فرداً.. ويعرف كتابات بعضهم لأنه هو ذاته الذي يكتبها ، ويندهش من قدرتهم علي كل هذا الكذب. ويستمر هو في مشاهدة اغتياله من أجل كسرة الخبز.
بينما البعض الآخر - وأنا منهم - نرفع سيوفنا الخشبية لنحارب مافيا الكبار المتوحشة ، فهم المنافسون لنا ، وهم أعضاء اللجان التي تقيم أعمالنا ، ودوماً ما يختارون لنا الموت قهراً وصمتاً وغيظاً وكظما، ويسموننا مبتدئين – سذج ، غير مؤهلين ، غير صالحين للإنتاج .. وللتسويق .. وفي التقارير الشفهية يسموننا مشاغبين ، متمردين ، لا يجب إغلاق الأبواب في وجوههم، في حال تقديم الأفكار الجديدة كي تستفيد مافيا الكبار من معالجتها بالتعديل والتحوير والتحايل لتصبح أعمالاً جديدة ، تصلح لأن تنتسب هي وميلادها إلى العظماء الكبار، والويل للمبدع الجديد الصعلوك ، لو فتح فاه فهو قد تطاول وعاب وناب في الثوابت. ولكل المبدعين الجدد الملاعين المتمردين الذين لا يقدرون التاريخ!

وفي حالتي ظللت أحارب بسيفي الخشبي ، وهم يضحكون ، ويسخرون ، ويتفننون في إذلالي وقهري ، وأنا أؤمن بمبدأ ثابت وهو أنه لا يموت حق وراءه مطالب .. وأن الشر لابد وان يعقبه خير، وأن زمن المعجزات – حقا - انتهى بالأنبياء ، لكن الله مازال وسيظل موجوداً ، يسبب أسباباً نابعة من ذواتنا ، أو من آخرين لتكون سبباً يقنعنا أو يجبرنا على التغيير، لأن الله خلق الكون والبشر أجيالاً متتابعة، ولم ينه الحياة بعد بقيام القيامة وديمومة الحياة أن يأخذ كل جيل حظه وزمنه وفرصه ..
وحينما يتحد جيل قديم على إيقاف عملية الزمن لمصلحة الأنانية ويتفق اتفاقاً إجرامياً مع أقرانه في كل مناحي الحياة في مجتمع ما ليكونوا "مافيا إيقاف الزمن" وقتل عدة أجيال قادمة يصبحون كالفيروسات المبيدة للحياة، والتي تجعل وتخلق بها خلل لم يخلقه الله لكن خلقه المفسدون في الأرض ولأنه الله وكذلك الطبيعة تؤمن بقانون التوازن والاستمرارية فإنه يصبح ضرورياً أن يتم إزالة العوائق أو الفيروسات البشرية التي جمدت الحياة وأوقفت صيرورة دورانها وتقدمها وهذا هو عصب مشكلة العالم الثالث كمجتمع وكإنسان .. حيث أصبحت المجتمعات المتخلفة التي سماتها الديكتاتورية والفساد والكذب .. تصبح كالجلطة في شرايين تدفق الحياة الاقتصادية والاجتماعية وأيضاً السياسية .. ويصبح الحل في خيارين لا ثالث لهما " إما أن تتغير بشكل حقيقي طواعية .. وأما أن يتم إجبارها على التغيير" لصالح إفساح المجال للجديد وللتطور وللعدل والشفافية وذلك لن يتأتى إلا بالديمقراطية الحقيقية.. لحظتها ستدور عجلة الحياة والمجتمع والفرد الذي سيهرع لتحقيق ذاته دون اضطراره إلى خوض حروب غير متكافئة مع مافيا محلية مهيمنة تفسده أو تقتله ولن يكون هناك مهزوماً ولا مظلوماً إلى الحد الذي يدفع به إلى الانتحار أو إلى الإرهاب ضد نفسه أو ضد الآخرين.
كل هذه المعاناة اليومية ليل نهار تجعل منا - كجيل - بل كأجيال جديدة نعيش حرباً يومية بين مفاهيم وسلوكيات وثوابت يتعامل معها المجتمع كالتابوهات غير القابلة للمساس بها. ومن ناحية أخرى فمتطلبات الحياة وتمرد العقل الإبداعي واحتياجه لمساحة أكبر من الحرية التي بالضرورة سوف تمس بعضاً من الثوابت تجعل المبدع في حالة تردد وتذبذب وخوف، والإبداع عامة أفضل لحظة لميلاده هي لحظة الإحساس به وتدفقها والاحتياج لإنجازه.. وحالة التردد والخوف هذه نتيجة الرغبة في التوازن ضد المحظورات تتسبب في إجهاد ذلك الفوران والميلاد ، أو في افضل الظروف يخرج مولوداً غير محدد ، واللامنطق يغلف مناحي الحياة التي تتحدث عن الحرية بينما كل الأشياء فاسدة ، ومراوغة ، ومحتالة وشخصيات الحياة مرتدية ملابس تنكرية ، فرجل الأمن يرتدى ثياب الموظف ، ويطالعك من شبابيك الحياة بابتسامة باهتة ، وعيون ساخرة ، وأنت بعين إبداعك تدرك الحقيقة ولا يحق لك النطق تعيش خرساً اختيارياً أو جبرياً لا يهم فاللافتة فوقك تقول ابتسم أنت في وطن حر، وتعيش أنت حرباً سرية تهزم فيها نفسك ، وتبتسم لأنك في وطن حر.



#سميه_عريشه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل سنتغير طواعية أم ؟!!
- الأمن القومي المصري


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميه عريشه - أدب الحـــــرب