|
المبالغة في مصروفات اجراءات الانتخابات في العراق
فاطمة العراقية
الحوار المتمدن-العدد: 2545 - 2009 / 2 / 2 - 08:25
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
من تابع ما جرى هذه الايام من عمل الاحزاب و التيارات العراقية ،و تركيزهم بكافة الوسائل لنشر الدعايات ، و تعريف الذات امام الناخب ، و كان اداء الواجبات مبنية فقط على تعريف الكتل و رؤسائها قبل المرشح عند انتخابه، و كان الانتخابات للكتل و ليس للمرشحين ، و لم يلتفت اي تيار او حزب او كتلة اومرشح للظروف الموضوعية المحيطة باداء عمل عضوالمجلس ، و اختلط بين واجب عضو مجلس المحافظة و البرلمان و التمييز بينهما ، و لم نر في اي برامج ما يقيٌم الوضع استنادا على وسط و ظروف واساليب العمل ، و ما في صلاحيات عضو مجلس المحافظة الخاص و غير واضحة المدى و الافق ، و كيفية تقاطعها مع المركز ، و لم نسمع عن الحلول للقضايا و المسائل الشائكة العائقة للعضو ، و ان كان مخلصا و خبيرا و متمكنا و كفوءا ، و لم نسمع عن الفجوات التي سمعناها من قبل في الصلاحيات و العلاقات مع المركز، و لم نسمح الحلول العلمية بين المدعين للمركزية او اللامركزية وفق قوانين و قرارات توضح الصلاحيات و اطر عمل المحافظة و حدودها لتحديد المهامات ، وكذلك حدود صلاحيات المركز و اين تتوقف ، و هل تختلط مهام عضو المحافظة مع نائب البرلمان ام ماذا، و لايزال الصراع محتدما بين التوجهين المعاكسين بشكل مطلق ، وهذا ما يدع اي مراقب ان لا يهتم باي برامج في ضوء الواقع غير المحسوم من النظام المبني عليه الديموقراطية العراقية حتى اليوم . اما لو نظرنا الى ما صرف من الاموال و الامكانيات على هذه العملية و المبالغ بها من قبل العديد من الجهات المتمكنة ، و ما ورائها يستوقفك العجب، بحيث اصبح انتخاب عضو مجلس المحافظة التشريعي و المراقب لعمل الجهات التنفيذية ضمن حدود المحافظة صراعا سياسيا حول القضايا الكبرى ، و يُقرا منها الكثير من المرامي و الاهداف الخفية كما يعلمها الجميع ،و لذلك نرى ان الجهات تصرف ما لديها و تعمل بكل قوتها و حتما ورائهم القوى الخارجية بالدعم المالي و الخبرة و بكافة الوسائل الاخرى المتاحة لديهم من اجل اجندات معينة ، باعتبار هذه الانتخابات تظهر ثقل و قوة كل كتلة و تعيٌن خارطة طريق سياسية جديدة، و كل جهة تحاول ان تكون لصالحها في الصراعات الدولية و الاقليمية الكبرى، و تنظر الاطراف لهذه الانتخابات كبداية و مثال لانتخابات البرلمان المقبل ، والنتائج تعطي روحية و معنويات للاطراف الفائزة ، لترسيخ ما تفكر فيه ، و به تظهر من الافق ملامح السياسة و الوجه العراق المستقبلي . لذلك نتلمس المبالغة الفائقة جدا في صرفيات الكتلة على هذه العملية الديموقراطية ، و يساعدهم من ورائهم بسخاء كبير . و يسال المواطن كيفو تكون حال انتخابات البرلمان القادم؟ و من جانب اخر نرى ان المفوضية العليا بدورها تصرف ما تشاء من الميزانية التي وفرتها لها الحكومة العراقية و من اموال ابناء العراق ، و نلمس هنا ايضا المبالغة المفرطة في الصرفيات و اداء بعض المهام الكمالية ، التي هي الضرورية ، و ليست جوهرية لاداء عمل المفوضية، و يدخل من باب التبذير كما هو حال صرفيات الكتل السياسية ، سوى على حملات الدعايات او توزيعها كهدايا لتامين الاصوات ، والتي تدخل من باب الرشا لشراء الاصوات . لو تعمقنا جيدا في جوانب هذه العمليات الديموقراطية ، والتي تعتمد على ميزانيات و اموال فائقة و اكثرية اطر اداء العملية و الاجرائات مظهرية و يمكن ان تسير العملية بدونها والتي تدخل الى مساحة التبذير، و في المقابل نرى الفقر المدقع لنسبة غير قليلة من شرائح المجتمع العراقي ، وبامكان الزهد و التقشف و التقنين والترشيد في كافة مجالات صرفيات السلطة العراقية ان تسد ثغرة و فجوة هنا و هناك، و به يمكن خدمة المجتمع، و ليس التبذير و المبالغة في التصريف والغلو في اداء العمل من اجل اهداف سياسية بعيدة عن مصالح الطبقة الكادحة ، و يمكن استغلال الديموقراطية و تنفيذها من اجل خدمة كافة الطبقات و الفئات و الشرائح ، وليس كما نلمسه اليوم من الديموقراطية و الليبرالية والراسمالية التي تزيد الفقر فقرا و توسع الهوة بينه و بين الغني . و العراق بحاجة الى عقد اجتماعي يضمن حقوق جميع المواطنين ، و من يراقب الوضع المعيشي و مايجري عن كثب يرى التخلخل الظاهر في المستوى المعيشي و الوضع الاجتماعي ، و اصلاحه يتطلب العقل المدبر واجرائات عملية من الدقة في العمل و الادارة وليس التبذير والاهتمام بالاشكال المظهرية والابتعاد عن الجوهر . ليس هناك من احد لم يقتنع بالديموقراطية كوسيلة هامة وآلية لضمان حكم الاكثرية ، و لكن في المقابل بمكن استغلالها لوصول و العبور الى غايات لا يضمن حقوق الشعب. ان اعتمد الشعب على عقد اجتماعي مقنع مع السلطة و تنازل عن مجموعة من حقوقه من اجل ضمان العدل و الحكم بالتساوي و تامين القدر الممكن من العدالة الاجتماعية ، ويمكن تسهيل اداء العملية الديموقراطية بشكل سهل و سلس، و بزهد وتقشف في وضع اجتماعي و اقتصادي صعب كما يمر به العراق . و من يتابع ما ينهمك فيه الشعب، و الطريقة التي تسلكها الكتل السياسية والتيارات ، لم نكرر ان قلنا ان المواطن يحس بالمبالغة المفرطة و التبذير في الصرفيات من قبل بعض الكتل المدعومة ، وهذا كله يكون على حساب المواطن البسيط . و نسبة كبيرة منهم تحتاج الى لقمة العيش ، و الانفع ان تصرف هذه البالغ الخيالية في توفير الخدمات العامة التي يفتقدها اكثرية ابناء الشعب، من النواحي التربوية و الصحية و ما يحتاج اليه من الضروريات اليومية كالماء و الكهرباء و و المجاري و الطرق و المواصلات . على الرغم من كون الانتخابات من الركائز الرئيسية لترسيخ الديموقراطية ، الا ان تثبيت القانون الاساسي ، و موافقة الشعب على بنوده ، وتحديد الاليات لتنفيذه و عدم خرقه ، ومحاولة اتباع المؤسساتية في الحكم اَولى و اكثر ضورية من الخطوات الاخرى . و هذه الخطوات البدائية لا تحتاج الا الى عمل و قيادة مخلصة و متابعة من الشعب بحيوية . و هذه المبالغات و المظاهر الراسمالية ليست ضرورية و لا تدخل في جوهر مصلحة المواطنين بقدر ما تهم الفكر الراسمالي و تداعياته على الارض . و يمكن تجسيد الديموقراطية الحقيقية من دون بذخ و ترف .
#فاطمة_العراقية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قوة النبل
-
هل عام جديد
-
عرس الكراكي
-
الى رحمة الله وجناته الخالدة ياشيخنا وعالمنا واستاذنا ((حسين
...
-
على ضفاف دجلة
-
ملكوت غزة
-
غزة والعرب
-
المواطن والانتخابات
-
سياط محملة بسمومهم
-
احب الاسماء ماشابه اسمك
-
المقام العراقي في بغداد
-
مساواة في الرأي
-
لما ينهجون طريق الخيانة
-
لاتعرف الهزيمة
-
وهم عذب الرؤى
-
اكمام الورد
-
مقاطع لنازك والعراق
-
تأثير الحوار المتمدن على التيارات اليسارية الديمقراطية والعل
...
-
هناك مقولة تقول الانسان حريص على مامنع
-
امانة بغداد صح النوم l (لخاطر الله )
المزيد.....
-
الجيش الأمريكي يعلن استهداف -أحد كبار قيادات- تنظيم تابع لـ-
...
-
مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تعيين دوغ بورغوم وزيرا للداخلية
-
مباحثات إيرانية قطرية حول اتفاق وقف إطلاق النار بغزة ولبنان
...
-
ترامب يعلق على تقارير سحب القوات الأمريكية من سوريا
-
روبيو: ترامب مقتنع بضرورة حل الصراع في أوكرانيا بالوسائل الد
...
-
واشنطن: استمرار الصراع يدمر أوكرانيا ويفاقم خسائرها في الأرا
...
-
المغرب.. تفاصيل دقيقة حول الآليات والمواد والمساحيق التي تم
...
-
الولايات المتحدة تخطط لفرض رسوم جمركية على الصين بسبب -شحنات
...
-
روبيو: عرض ترامب شراء غرينلاند -ليس مزحة-
-
العثور على الصندوقين الأسودين للطائرة المتحطمة في واشنطن وإر
...
المزيد.....
|