أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبداللطيف الحرز - الحروفي: مصالحة الشاعر والنقد














المزيد.....

الحروفي: مصالحة الشاعر والنقد


عبداللطيف الحرز

الحوار المتمدن-العدد: 2545 - 2009 / 2 / 2 - 08:25
المحور: الادب والفن
    


أقول مصالحة الشاعر مع النقد وليس مع الناقد، لكون مصالحة الأشخاص والأفراد أمور تخصّ السيرة والتاريخ ولا علاقة لمثل هذه المصالحة بالنص الأدبي.

وأقول مصالحة الشاعر مع النقد وليس مصالحة الشعر مع النقد, لكونه لم يقع تنافر وخصام ما بين الشعر وبين النقد, رغم تباين مناهج النقد واختلاف طرائق مدارسه, وعلى الرغم من الاختلافات الشاسعة بين تجربة شعرية وأخرى. المشكلة ظلّتْ هي مشكلة الشاعر مع النقد. هذا ما تشهد له كل تلك الاحترابات والخصومات والتهجّمات من قبل الشعراء (الحقيقيين أو المدّعين أو المحترفين أو الهواة أوالمتطفلين) حتّى أدتْ سلاطة اللسان ولغة الكراهية إلى أن يبتعد ثلّة من النقاد صوب نصوص تراثية أو اجنبية, فكان النقد في أغلبه مسلّطاً على الماضي إذا كان يريد التماس نصّ عربيّ .أو كان النقد في أغلبه مسلّطاً على الأجنبي إذا كان يبتغي المعاصرة, وتبقى نصوص الشاعر العربي المعاصر في الهوة فيما بين المشغلين.

ونحن إذ نطالع كتاب (الحروفي) الصادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر 2007 يظهر أديب كمال الدين, استثناءً في إنطولوجيا الشعر من زاويتين: زاوية كون الشاعر أديب كمال الدين ينفصل بشكل لافت عن عباءة التجربة الأودونيسية. فرغم أن كمال الدين جزء من مرحلة كان الصخب التجديدي فيها مستنداً إلى كتابة أودنيس شعراً ونقداً, الا أن جميع نصوص كمال الدين لم تتأثر بهذا الصخب. فكأنّ أحد مصادر الغنى فيها هو هذا الابتعاد نفسه. ولعل هذه الميزة هي إحدى المميزات التي حرّضتْ وأغرت المتابعين إلى تفحّص هذه التجربة التي تمرّدت على مسار التمرد وراحت تبحث عن خصوصيات أخرى بعيداً عن حمّى وطيس النقد والنقد المضاد من قبل المحافظين والتغييريين.

الميزة الأخرى التي تهمّنا هنا والتي يمثلها كتاب (الحروفيّ) بشكل عملي، هي أن أديب كمال الدين حظي باهتمام واسع من قبل النقاد. ولم يؤثر هذا الاهتمام- رغم اختلاف وجهات النظر حد التناقض في كثير من الأحيان- على علاقة الشاعر مع النقد. وبعيداً عن ذكر أسماء عديدة من أسماء شعرائنا من العراق والعالم العربي, فإننا بالمقارنة نجد أن هذه ميزة تستحق وقفة أطول مما نوجزه هنا. فحينما راح بعض الشعراء يعادي النقد اذا لم يكن احتفاءً, انزلقت التجربة الشعرية لدى هولاء إلى التعمية اللغوية إنسياقاً خلف عمى المجاز المحض أو السقوط في المحاكاة الصحفية لتجارب سالفة هي أجنبية في الغالب. وهذا ما لم يلتفت إليه الأستاذ حسن ناظم في كتابه (أنسنة الشعر), فأنسنة الشعر لا تتحقق عبر الجدل بين الشاعر والشعر وإنما بين الشاعر والنقد أيضاً. وأحد أسباب ضمور البعد الأنسني في جملة التجارب في العقود الأربعة الأخيرة من القرن العشرين, مردّها إلى غياب العلاقة الإنسانية بين الشاعر والنقد, إذ الشاعر أخذ يصنّف الشعر على أساس الأشخاص وليس النصوص, على أساس التجمّعات والبيانات وليس على أساس صدق التجربة. وهو صدق لا يمكن التحقق منه بدون النقد.

لا يستطيع النقد أن يشتغل بدون نص إبداعي منجز. كذلك لا يستطيع الشاعر المعاصر أن يسير منساقاً خلف توهيماته الوجدانية وخبرته الشخصية فقط, فلقد ولّى زمن إنتاج الشعر عن فطرة وسليقة بالولادة كما كان يقول الاقدمون. النقد يقدحه الشاعر بتجربته الإبداعية. والشعر يثريه ويعدل مساره النقد بقوة كشفه عن المخبوء والمسكوت عنه, وصدّ المحاكاة الفجّة والمجازات المتخشّبة والسياقات المتكررة. ومن هنا أستطيع القول: إن كل هذا الاختلاف لدى بعض الشعراء وتلوّن تجربتهم بألوان شتى, ومنهم أديب كمال الدين, مردّه إلى تلك العلاقة الايجابية ما بين الشاعر والنقد.
بالطبع لا أريد لكلامي أن ينزلق في الإطراء والتقييم المطلق, فتلك فجاجة لا يطيقها كاهل النقد والفعل النقدي المنصف, خصوصاً وأن بعض الدراسات التي تصفحتها في كتاب (الحروفي) أشعرتني بإحساس مؤلم لكثرة ما تخلق لدى القارئ العادي من مسافات وهمية وصورة مغلوطة لتجربة أديب كمال الدين. خصوصاً ذلك النوع من الكتابة الذي حينما يتطرق لمجموعة قصائد لشاعر ما فإنك تقرأ كل شيء وتقرأ عدداً وافراً من معلومات تاريخية وأدبية واصطلاحية, لكنك لا تقرأ أيّ شيء له ارتباط حقيقي بتلكم القصائد بالذات. فالبعض إذ تستعصي عليه قراءة قصيدة أو تجربة أدبية, يذهب إلى تكويم معلومات خارجية تتحول إلى ما يشبه الأدخنة التي تحوم حول سور النص الادبي بدون القدرة على العثور على مفتاح مناسب للدخول إلى مملكة القراءة والفهم. ومثل هذه الأمر وقع فيه أكثر من واحد ممن شارك في كتابة كتاب (الحروفي) الذي أعدّه وقدّم له الناقد د. مقداد رحيم.

على أيّة حال فإن انجاز كتاب بهذا الحجم وبهذا الكم والكيف المختلف لأسماء ومناهج متباينة, يستحق الكثير من التأمل والاعتناء, وهو فضلاً عن ذلك يختصر للمتابع الكثير من العناء والجهد.

********************************

الحروفي: 33 ناقداً يكتبون عن تجربة أديب كمال الدين الشعرية- إعداد وتقديم الناقد: د. مقداد رحيم - المؤسسة العربية للدراسات والنشر- بيروت 2007 – 368 صفحة من القطع الكبير.



#عبداللطيف_الحرز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبداللطيف الحرز - الحروفي: مصالحة الشاعر والنقد