أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - زهير دعيم - وانتصرتِ الانسانيّة














المزيد.....

وانتصرتِ الانسانيّة


زهير دعيم

الحوار المتمدن-العدد: 2545 - 2009 / 2 / 2 - 08:25
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


وكنْتُ هناكَ في غزّة "
في منتصف الليلة الماضية ، دكَّ صاروخ " بالخطأ !! " انطلق من طائرة مغيرة بيتا في "بيت لاهيا " في غزّة ، فلم يُبقِ منه شيئًا ، وحوّله إلى كومةٍ من الأنقاض.
وفي ساعات الفجر الباكر، كان على أربعة من الجنود الإسرائيليين المشاة المتواجدين بالقرب من المبنى ، أن يُمشّطوا البيت والجوار بحثًا عن رجال حماس .

تحرّك الجنود بحيْطةٍ وحذر شديدين ، خوفًا من قنّاصٍ هنا او مُنتحر هناك، وجابوا أركان البيت المُهدَّم يزرعون أنظارهم وآذانهم في كلّ حجرٍ وجدارٍ .
ورغم أنّ التعليمات تلزمهم بعدم الابتعاد عن بعضهم البعض ، الا أنّهم توزّعوا وتفرّقوا بحثًا عن ٍ " المُخرّبين ".
وفعلا كان حظّ عُمْري ؛ ذاك الجندي الشّاب " يفلق الصّخر "، فقد سمع أنيناً خافتًا يصدر من خلف أحد الجدران، فأنصتّ وتقدّم بحذر، ليشاهد فتىً جريحًا ينزف الدم من رجله اليسرى، وما أن رآه الفتى لأوّل وهلة ، حتّى انكمش في مكانه يرتعد ويرتجف ، ثمّ ما لبث أن حدجه بنظرة ملأى بالغضب واللوم والعتاب ...
وتراجع عمري إلى الخلف ، وكأنه لم يرَ أحدًا ، وانضم إلى رفاقه عائدًا إلى ثكنته القريبة .
كثيرا ما بكى عمري في الليالي السابقة ، وهو يرى الطائرات الإسرائيلية تزرع الدّمار والقتل في كلّ مكان في غزّة ، انّه يكره الحرب ويمقتها ،و يكره على وجه الخصوص قتل الأطفال ، ويحبّ الإنسان ويتألم مع كلّ مظلوم .
ولكن ماذا يفعل والقانون هو القانون ...كم تمنّى أن تتوقف الحرب وأن يسود السِّلم ربوع الشرق والغرب ، ولكن ظلَّ حُلمه حلمًا !!
ظلّت صورة الفتى الجريح القابع خلف الجدار تُهيمن عليه ، حتى أنّ حربًا ضروسًا قامت في داخله . هل يخبر قائده بما رأى ؟ أم يمتنع ويقف هو وحده على سرّ الفتى ؟ خاصة وأنّه يُتقن اللغة العربيّة المحكيّة ، فقد تعلّمها في المدرسة.

وفي ساعات الظهيرة ، لم يأكل عمري كعادته حصّته كاملةً من الطعام ، بل أبقى نصفها جانبًا ، وتذرّع بأنه يريد أن يرميها في سلّ المهملات .
وأسرع عمري إلى المبنى المًهدّم ، وهو يلتفت يسرة ويمنة ، حاملا الطعام وضمادة في جيبه .

انّه يخاف الآن من الطرفين!!! من هنا ومن هناك ، ولكن لا بأس فالإنسانية المُعذّبة تؤرّقه وتشدّه.

ووجده ما زال في مكانه ، مُلتصقًا بالجدار!! .
وعرف عمري وبعد جهد جهيد، أنّ صاحبه يُدعى عمرًا ، وأنه الوحيد في البيت ، فقد أخلى أهله لحسن الحظّ البيتَ قبل تفجيره بنصف ساعة ، وأمّا هو فعاد ليأخذ رسالة عزيزة على قلبه ، وكان أن جاء الصّاروخ في تلك الأثناء فسحق البيت سحقًا.

وضمّد عمري الجرح ، وأكل عمر "علبة سردين و" خبز يهود"
وهو ينظر إلى عمري تارة وتارة إلى الأرض .
أحقيقة ما يرى ؟ أم أنه في حُلمٍ ؟ ..أيمكن أن تنموَ في تلّ الحقد زنبقة المحبّة ؟ ، أيمكن أن تُزهر فوق تلّ الجماجم نرجسة الأمل ؟!!

.....وعاد عمري إلى ثُكنته بعد دقائق ، وكأنّ شيئًا لم يكن ...عاد بعد أن ربطت الصّداقة بين قلبيْن .
غدًا سأعود يا عمر في مثل هذه السّاعة ...ابقَ هنا، فالخطر يتجوّل في كلّ مكان.
وهزّ عمر رأسه وابتسم ، وربتّ عمري على رأس صديقه الجديد.

ولم يبكِ عمري في تلك الليلة .

بينما انتظر عمر الظهيرة التالية على أحرّ من الجمر ، ولم يكن السردين والخبز الإفرنجي هاجسه ، بل عمري ، هذا العدو الصّهيوني ...هذا العدو الصديق !!

وتعانقا ...ولملما الجراح واقتسما سريعًا الأمنيات ، على أمل اللقاء في الغد .
وجاء الغد بطيئًا إلى أن انتصف ، وعمري بذريعة أخرى يترك رفاقه ويقطع الأمتار القليلة التي تُبعده عن صديقه الجديد ....وتأبى رصاصة القنّاص إلا أن تخترق ساقه اليمنى فيسقط على الأرض صارخًا ، ليس بعيدا عن الجدار إيّاه .
ويهبّ عمر والدّموع تملا عينيه ، فيجرّه بسرعة إلى خلف الجدار، وهو يطمئنه ، ثمّ يسارع إلى تمزيق قميصه هو ، ويروح يلفّ به الجرح النازف .، ثمّ يروح يجرّ رجليه جرًّا ويركض إلى هناك ، إلى العدو ، إلى الصهاينة !! وهو يصرخ ويشير إلى الجدار الواقع في البيت المُهدَّم ..عمري ....عمري .!!!




#زهير_دعيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحبّوا أعداءَكم- قصّة للأطفال
- قلاّمة ظِفر-قصّة للأطفال
- اوباما الملاك الاسود
- ماذا دهاكَ يا قلبي ؟
- أتوقُ إليْكَ
- صرخة مجنونة
- ماريو وأندرو والخرّوب
- الكتاب الأروع
- حَلّوا يتغيَّر
- بالرُّوح إملا أيامَك
- صلّوا معي
- عيد يسوع لا بابا نويل
- صاحبة الجلالة
- ما بركَعْ عَ بابَك
- رسالة الى يسوع الفادي الحبيب
- عروسة الطّنبوريّ
- الحِصار - قصّة للأطفال
- مدينة النجّار
- حوّاء الجديدة
- يلا نغنّي سوا


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - زهير دعيم - وانتصرتِ الانسانيّة