أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - كيف صار الديك فيلسوفا ؟














المزيد.....

كيف صار الديك فيلسوفا ؟


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 2544 - 2009 / 2 / 1 - 09:58
المحور: الادب والفن
    



انطلق صوت الديك عاليا معلنا فجرا جديدا . احتجت احدى الدجاجات ان الوقت ما زال مبكرا على الصياح ، وان ساعة نوم قبل صعود الفجر أفضل من نوم الليل كله.
ولكن ما أخرس ألسنة الاحتجاج كان االلمعان الغريب في عيني الديك ، فأيقنت المتثائبات انهن أمام حدث كبير.
ولم تتأخر المفاجأة .
قال الديك ، بعد ان اتخذ مكانا مرتفعا يرى منه كل دجاجاته:
- أمس ، وأنتن نيام لا تدرين من أمور دنياكن شيئا ، دعيت الى اجتماع قمة طارئ عقد في خم جارتنا ام كميل .. حضره الأشقاء ديوك الجيران من المشرق والمغرب ، لبحث موضوع أشغل تفكيرنا . والهدف هو الوصول الى موقف ديكي مشترك واتفاقية تعاون مشتركة ، نطرح فيها المصالح الاستراتيجية لنا جميعا ، بحيث لا نبقى مستبعدين من مراكز القرار ومستهدفين من شعراء ديوك غرباء ، لا هم لهم الا نتف ريشنا الملون والجميل. وكان موضوع البحث يتعلق بالفكرة التي خطط بها الله جسم الطيور.. وخاصة نحن معشر الديوك ، المسؤولين عن تحسين النسل واكثاره لنشبع البطون الجائعة .. لنضع خطة تحمي ريشنا الجميل.
وتوقف الديك مستعرضا بنظره جمهور الدجاجات ، متذكرا وقفة ابن جلا في العراق...
همرت بعض الدجاجات احتجاجا .. وتجرأت الدجاجة الغبراء المعروفة بلسانها الطويل ، وقالت :
- ولكن يا سيدي لحومكم انتم معشر الديوك مطلوبة دائما على موائد الطعام .. بل والبعض يفضلها عن لحومنا.
- اخرسي .. انت مجرد وجبة دسمة ، وبدوننا لن يكون وفرة في انتاج الفراخ ....لا تقاطعنني والا أشغلت منقاري بكن ، القصة يا سيداتي المبجلات أن الله كرس فكرا كبيرا في تصميمنا. ووصلنا الى قناعة انه مهندس ماكينات.. انظرن المفاصل التي زودنا بها كيف تعمل بليونة وبدون تعقيد ( وعرض حركة ساقيه ) .. ولكن ديك خم ام كميل أصر ان الله مهندس الكترونيكا، اذ زودنا بأجهزة أعصاب مع الاف الوصلات المعقدة. وهذا كان موضوع بحثنا ودراستنا ، وأخيرا اتفقنا انه يحمل شهادتين ، الأولى بالهندسة الميكانيكية ، والثانية بالهندسة الألكترونية . وهكذا انتهى اجتماعنا وجئت لأبلغكم بالقرارات الجديدة لتعرفوا مبنى هياكلكم ومن وهبكم اياها . لذلك أطلقت صياحي أبكر من المعتاد كي لا يسرقني النوم ، وتبدأن نهاركن وانتن على استمرار بجهلكن بحقيقة خالقكن ودوركن في هذه الفانية.
- وبماذا سيفيدنا هذا الاكتشاف .. اذا اختارونا لوجبة اليوم أو غدا أو بعد غد ؟ همهمت الدجاجات بغير اهتمام للإكتشاف الجديد .. ابحثوا كيف تمنعوا ذبحنا ومعطنا وسلقنا وشوينا .. ذلك أفضل . قمتكم تشبه قمم العرب .. كلها خلافات وتراجعات وبيانات تضامن واتفاق.
- ولكن قبل ذبحكن يا جاهلات يذكرون اسم الله .. فذبحكن اذن شرعي من ناحية الدين .
قالت الغبراء محتجة :
- لا نريد هذه الشرعية الدينية .. نقدمها لك ولسائر الديوك على صحن من ذهب. . لتذبح انت ولنبق نحن ، حتى بلا دين .. وبلا فلسفة الديوك .
غضب الديك من الاهانة المباشرة التي وجهت له . وخاصة من الغبراء أم لسان طويل ، وصاح :
- انتن قليلات عقل وقليلات دين.. ومصيركن الحرق..
قهقهت الدجاجات .. بغير اكثراث من هذه التهم الخطيرة . وعلت أصواتهن :
- وماذا ينفعنا عقلنا وديننا بعد ذبحنا والتهامنا ؟
- وهل من مصير آخر في عالم يسيطر عليه الديوك ؟
وتحينت الغبراء ام لسان طويل ، الفرصة لترمي بقنبلتها .
- ونسيت أن أقول لك انكم يا معشر الديوك مغرورون ومخطئون في اكتشافكم .
- هذه دراسة وجهد تفكير طال لأيام .
- طز بهكذا تفكير ، يجعلنا ما دون مستوى الديوك وينتقص من حقنا في الحياة.
وقام الضجيج ، والديك يحاول اخراس المحتجات والمعلقات بغضب. ولكن الحبل قد فلت . ولولا دجاجة تجلس في القرنة ترفض ان تترك بيضاتها ، لوقع ما لا تحمد عقباه ولتمرمغت عنجهية الديك بالتراب. قالت الدجاجة بصوتها الرخيم والهادئ :
- بحثكم يا ديكنا العزيز يثبت كم انتم بلا علم وذكور مغرورون .. لو استعنتم بمعلوماتنا ( نحن المتهمات بقلة العقل ) لتغيرت نتيجة قراركم .
- نستعين بالدجاجات ؟
صرخ الديك مذهولا من المفاجأة .
- أجل أيها مدعي .. الا تعرف ان الله مهندس شبكات ، من يستطيع ان يخلق جسما مثل الماسورة ، يدخل شيئا من جهة ويخرجه من الجهة الأخرى مختلفا ؟ .. حتى شهوتك يا مغرور تدخل الى مواسيرنا فنخرجها بيضا وفراخا ... فأي مهندس هو اذن ؟
وفهم الديك انه هزم .. ولكنها أنقذته من غضب الدجاجات . كيف لم يفكروا بهذا الأمر الأساسي؟ وهو الآن ، رغم فشله يشعر بالسعادة والانتصار ، اذ قوي يقينه انه سيصير فيلسوف ديوك الحارة وكبيرهم عقلا وتأثيرا. وسيدعو الليلة أصحاب الفخامة والجلالة الديوك الى اجتماع قمة طارئ جديد ، يبلغهم فيه انه بعد تفكير فلسفي استغرقه ساعات يومه ، دون أن يقرب أي دجاجة اليه حتى لا تتفركش أفكاره ، توصل الى الحقيقة بأن الله هو مهندس شبكات وليس مهندس ميكانيكيات أو الكترونيكا .. كما يدعي الضالون. ويكلف شاعر القمة ، ديك خم أم يوسف ، بصياغة اتفاق جديد بلغة الشعر حتى يرسخ في عقول قليلات العقل أيضا.

* * *
* قصص الديوك لا تنتهي .. فهي تظهر في الحياة بأشكال متعددة ،أحيانا تظن نفسها أقرب للبشر ، وأحيانا اقرب للضباع . والنتيجة تبقى واحدة : ظاهرة صوتية !!


نبيل عودة – كاتب ، ناقد واعلامي فلسطيني
[email protected]



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاعلام كمقياس للرقي المجتمعي والحضاري
- جوهر حرية الرأي .. ومشاكل أخرى في طريق الثقافة العربية !!
- انتصار السوبرمانية...
- حرب جميع المهزومين
- الاعلامية ياسمين صلاح الدين تحاور الكاتب والاعلامي نبيل عودة ...
- يوم في حياة ديك ..*
- لسنا عابرين في وطننا...
- مستقبل الوضع في الشرق الاوسط بعد غزة ؟؟
- حلول حجرية .. في عصر الكلمة !!
- انه زمن البول فوق المناضد والبرلمانات والوزراء
- حكاية البطة النافقة...
- تهافت الحوار او تهافت المثقفين ؟
- ترانسفيرية جديدة اسمها تسيفي ليفني ؟؟
- كيف صار المستشارون أكثر من حمير مملكة واتا...
- قصة : أفروديت لا تنفع طه ...
- الحوار المتمدن : بارومتر فكري وسياسي للواقع العربي
- يوميات الفلسطيني الذي لم يعد تائها
- -ملتقى ادباء ومشاهير العرب- في حوار مع نبيل عودة
- ايران نووية .. مقبرة للحلم القومي العربي !!
- مهازل فكرية في الصحافة العربية...


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - كيف صار الديك فيلسوفا ؟