عزيز الحافظ
الحوار المتمدن-العدد: 2546 - 2009 / 2 / 3 - 03:40
المحور:
الادب والفن
لقاء يرتدي ناقوس وداع
ترّجل مسرعا من سيارة الأجرة.. اقترب موعد القطار، زحام وحقائب.. قبلات ووداع.. دموع وتحسر وأحزان تغزو بعض المقل..كانت المحطة كعادتها مرفأ مجانيا لعبور الذكريات ومنبعا للأشواق التي تمتطي حزن الرحيل يحملها المسافر والموّدع..دخل في الزحام وكتلة الأجساد الصاخبة وهو يتأمل ما يرتسم في وجوه الناس وفجأة تسمرت قدميه!
كانت تهدهد طفلها بترنيمة شجية وترتدي ثوبا ازرقا ملائكيا وتقيد خصلات شعرها الغجري الأخاذ بوشاح اصفر يسّر الناظرين ، هتف لما رآها بأقصر كلمة للتذوق العذابي... آه .. وعادت به الذكريات للحوارات اللاهبة وذاك الحب الجارف المنطفيء وتشهد له الأغصان والضلال الوارفة التي جمعت قلبيهما قبل تقارب الجسدين... سهم طرفه..نبهته صفاّرة القطار المغادر فارتسمت في مآقيهما سوية دهشات نواقيس الفراق المفترس لحظات اللقاء... هدهدت طفلها وانطفأت نغمة الترنيم... حمل حقيبته التي فرّت من قبضة يديه.. لم يعي أكانت مغادرة أو مودعة أو مستقبلة.. وقتها غادرت محطة عيونهما عربات قطار خاص ترتدي أزياء دموع!!
تنّهد
في جلسة عمل مكتبية..كانت الأوراق والإحصائيات تتراقص على الطاولة بينهما، وأناملها الرقيقة تشق ّ عباب الورق بلهفة الانجاز ،تصفف شعرها الغجري الأسود بين الفينة والأخرى دون أن تخفي خصلات خطّ فيها الشيب مخالبه!
ينبعث من عينيها شغف زاه للعمل يغلّف ذاك الشغف الرهيف حزن دافق يوقد في عينيها بريق يتلألأ!!
كان صمتها يحاورني! وحزنها يجاورني وشغفها يناورني، تأملت ذاك الوجه البريء المعذبّ فتنهدت بعمق ساطع.. مزّق التنهد صمتها ألقسري.. فشرعت أناملها بمغادرة ميناء الأوراق وبدأت الشفاه برضابها، ترسم لي بحرقة وألم،لوحات حزنها المطوية في الأحداق والمعلقّة في تيه المحاجر والوجنات التي يأسرها العبوس.. تقّادمّ صوت غريب.. غاصت من جديد في بحر الأرقام وظل الحزن الباقي سامدا يبحث عن رقم دمعة لم تسجله مع أوراق طاولتها!!
عزيز الحافظ
#عزيز_الحافظ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟