|
أهمية الإنتخابات..!
باقر الفضلي
الحوار المتمدن-العدد: 2542 - 2009 / 1 / 30 - 09:06
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
ثلاثة أيام تفصلنا عن موعد إنتخابات مجالس المحافظات، وأنا أرقب وأتفحص النشاط الكبير والتحمس الذي يبديه السيد عدنان المالكي الأمين العام لحزب الدعوة الإسلامية، وبشكل لم يتوفر لغيره من قادة القوائم الإنتخابية ورؤساء الأحزاب العراقية الأخرى، فطلعته الكريمة لم تفارق شاشات تلفزيون العراقية يوماً وخطبه النارية لم تنقطع ، وهو يحث المواطنين على الذهاب الى صناديق الإنتخابات زرافاتا ووحدانا، بالرايات والأهازيج، وسيل الوعود الذي لم يتوقف؛ عن العمران وزيادة الرواتب وإنهاء البطالة، وتوفير السكن والخدمات العامة وتوفير الماء الصحي والكهرباء وكل ما لذ وطاب مما به الظن خاب..!
وتستحضرني صورة الحماس والخطب النارية المزدحمة بالإتهامات المبطنة لآخرين عجزوا عن الإيفاء بتعهداتهم ووعودهم، أو إستغلوا مواقعهم في دست السلطة، فإستغنوا واساءوا الى القانون والدستور، وإستحوذوا على ما أؤتمنوا عليه من المال العام وغيرها من الإتهامات التي تشكل حلقات متواصلة من سلاسل الكلام المتواصل، حول سيادة القانون ونشر العدالة وتكريس الديمقراطية مبدءً في التسلك اليومي للمسؤولية، وبناء الحكومة القوية التي تضمن لحكومات المحافظات الظمان الكافي لتسيير أمور محافظاتها، والدعم المالي المركزي للإستثمار وغيرها الكثير والكثير من الوعود والتعهدات، مقرونة بالإستطراد بتعداد المنجزات على كافة الأصعدة وفي جميع الميادين ، من القضاء على الإرهاب الى سنوات الإعمار الماضية والقادمة..!؟
من خلال هذه المتابعة المتصلة يومياً لخطب السيد المالكي المتواصلة بين المحافظات، والمنقولة عن طريق قناة العراقية الفضائية الحكومية مع التعليق والإيضاح والندوات الهامشية؛ من خلال ذلك يدرك المرء ما لهذه الإنتخابات من أهمية بالغة بالنسبة للعراقيين، فالخطيب رئيس حزب لا زال في موقع المسؤولية الحكومية ويمثل فيها رئيساً للوزراء، وحزبه ينخرط ضمن مجموعة من الأحزاب الإسلامية الأخرى ويشكل معها إئتلافاً سياسياً يتصدر مجموعة الكتل البرلمانية في مجلس النواب، وبالتالي، فليس من باب العجب والإستغراب أن تعكس خطب السيد المالكي الإنتخابية كل هذا الحماس المنقطع النظير، وأن تتناول الكثير والكثير من شكاوى الناس المرة ومعاناتهم المستديمة، التي تواصلت طيلة السنوات الخمس الماضية ولا زالت، ومنها سنوات حكم السيد المالكي نفسه كرئيس للوزراء، لتشكل ليس فقط أدلة فشل لسياسة الحكومة القائمة وعجزها من تلبية إحتياجات الناس المادية والروحية في ظل مسلسل الأزمات المعاشية والحياتية اليومية غير المنقطع، وإدانة للتخبط الذي طال السياسة الحكومية على مختلف الأصعدة، رغم ما يشار الى التحسن الأمني الذي طرأ على المستوى العام في أغلب المحافظات..!
من هنا تمتلك إنتخابات مجالس المحافظات أهميتها الواقعية، لكونها تمثل من جهة، مرحلة مهمة في تأريخ تكريس أسس الدولة المدنية الحديثة، وتثبيت المؤسسات الدستورية والحقوقية المعبرة عن هذه الأسس، وإرساء قواعد القاعدة المادية للإقتصاد العراقي بما فيها طرق ووسائل إستثمار الثروات الوطنية في كافة الميادين، وتنمية الإستثمار الوطني الخاص، في القطاعين الصناعي والزراعي، من جهة أخرى، في وقت تضع فيه، كافة القوى السياسية أمام إمتحان جدي أمام مسؤوليتها في مدى قدرتها على تحمل مثل تلك المهام، لفترة اربعة سنوات أخرى..!
فرئيس الحكومة، وهوممثل لحزب سياسي في السلطة، وإذ يخوض هذه الإنتخابات في قائمة مستقلة، لم يأل جهداً في بذل كل مساعيه وبإستخدام الدعاية الإنتخابية في أعلى مستوياتها ومن خلال أجهزة الدولة، إدراكاً منه لأهمية ما ستسفر عنه هذه الإنتخابات من نتائج على صعيد إعادة التوازن السياسي، وما سيترتب عليها من تبدل في خارطة القوى السياسية للفترة اللاحقة، وما ستمنحه من فرص جديدة أمام الآخرين في التحكم بالسلطة، إذا ما جرت الأمور وفقاً لما خطط لها من قبل مفوضية الإنتخابات المركزية..!
وعلى نفس الشاكلة تنشط الأحزاب الأخرى وخاصة منها الإسلامية، شيعية أو سنية، ومن تسخر الدين وأماكن العبادة من مساجد وحسينيات، وبعضها ممن له نفوذ في مؤسسات الدولة، للدعاية الإنتخابية وللتأثير في مشاعر المواطن الإعتقادية، من خلال إستغلال الدين، لشراء صوته، فتراها تتنابز بالألقاب وتكيل الإتهامات بعضها للبعض الآخر وتتعكز على مساويء ومفاسد الأجهزة الحكومية، وأغلبها يشكل جزء من هذه السلطة، وكأنها لم تكن مشاركة في كل هذه المصائب، وهي تتبارى الآن ومن خلال جولات وخطب قادتها بين المحافظات لتبريء ذمتها من كل ما حصل للواطن من معاناة وحرمان وخسران ، بسبب تمسك تلك الأحزاب بالمحاصصة وبالطائفية السياسية والمذهبية والإثنية، فإذا بها اليوم تروج الى عكس ما تمارسه يوميا، وبين ليلة وضحاها، تراها تدعو الى نبذ الطائفية والمحاصصة والفساد، وتمسكها بالعدالة، وتنتقد بشدة مغلظة مساويء السلطات الحكومية، ناهيك عن ما يشاع عنها من خروقات وتجاوزات لنظام الإنتخابات، وإستخدامها لوسائل الترغيب والتهديد والشعوذة والخداع لكسب أصوات المواطين، بما تقدمه من الرشاوى والهبات، وحسب ما تكرره وسائل الإعلام، وما تسوقه من الوعود والمحفزات..!
فإنه ومن الأولى أن تتجه الجماهير المتذمرة والمتشكية من مسيرة ذلك المسلسل، بإتجاه تصويب مسيرتها في إنتخاب ممثليها، وأن تستفيد من تجربة السنوات الخمس الماضية، وأن لا تقع في الخطأ نفسه، (فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين)، وأن تتجه الى تلك الجهات التي لم تتلوث أياديها في مسلسل الفساد الإداري والحكومي، التي شاركت فيه معظم هذه الأحزاب، وأن تبتعد عن كل من كان سبباً في ما آلت اليه الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية، نتيجة للطائفية السياسية والمحاصصة المذهبية والإثنية، وان تولي ثقتها بمن خبرتهم من أبنائها من أولئك الذين يدعون الى بناء عراق ديمقراطي موحد، بعيد عن كل آفات الطائفية والمحاصصة المقيته، ومن ذوي التأريخ الطويل في النزاهة ونظافة اليد والتضحية من أجل الوطن والوطن وحده..!
ايها العراقيون، ولّوا وجوهَكم شطرَ الإنتخابات، وضعوا ثقتكم بالمرشحين من القوائم التي تؤمن بقيام الدولة المدنية الديمقراطية، مثل مدنيون والقوائم الديمقراطية والشيوعيون، فهي الفرصة للعودة بالعراق الى الطريق الديمقراطي من خلال الممارسة الديمقرطية بالإنتخابات؛ بالتصويت الى ممثليكم من ديمقراطيين ومواطنين لا يستخدمون الدين وسيلة للمتاجرة بمعتقدات الناس من أجل مكاسب سياسية، ومن علمانيين وشيوعيين ومن شخصيات (مدنيون) الوطنية الديمقراطية ومستقلين من الشخصيات الوطنية المعهود عنها الصدق والوطنية والنزاهة والعدالة نساء ورجالا. أعيدوا للعراق وجهه المشرق، بعد عقود من السنين العجاف، وإنهضوا به موحداً معززاً بأبنائه وبناته الخيرين، لتستكملوا الطريق الى حرية العراق وتحريره من الإحتلال وبناء مستقبله الزاهر..
#باقر_الفضلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اللعب على حبال غزة..!؟
-
القرار 1860 والموقف الإسرائيلي..!
-
غزة والطريق الى الحل..!
-
يعترفون بالمجزرة ويعاقبون ضحاياها..!؟
-
أوقفوا العدوان على غزة..!؟
-
غزة تقطر دماً..!
-
العراق: الإتفاقية الأمنية والبدائل..!
-
العراق: ملاحظات سريعة حول الإتفاقية الأمنية..!
-
ومع ذلك فهي تدور..!
-
الإتفاقية الأمنية والمأزق المزدوج..!
-
-البداوة - وسرقة التراث..!
-
العراق: توافق الكبار هدر لحقوق الصغار..!؟
-
الديمقراطية التوافقية- والدستور..!؟ 2-2
-
الإغتيال السياسي: من المقصود..؟!
-
صدى العراق
-
ثورة الرابع عشر من تموز/1958..! اليوبيل الذهبي
-
فريدمان: -صديق- العراقين..!!؟
-
الإتفاقية الأمريكية – العراقية..!* -بين التنويم الإيحائي وال
...
-
الإتفاقية الأمريكية – العراقية: بين الرفض والقبول..!2-2
-
الإتفاقية الأمريكية - العراقية في الميزان..!؟
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
|